بين التخييل والمعاني الحسية : قراءة في بعض قصائد الشاعر العراقي حسن البصام ـ علاء حمد

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse25045الشاعر العراقي حسن البصام يتخذ من الاشياء أشياء القصيدة ويملؤها سحرا ، وهو الهائم مابين حسيته الداخلية وحسيته الخارجية ، لذلك ينتمي الى قصيدته الحداثوية وهو يعلن عنها من خلال المفردات التي يعتمدها ، فعوامل تحديث النص لدى الشاعر العراقي حسن البصام هو نصر الخيال لديه ومدى حراكه ضمن الحسية التي يرتديها في ذهنيته الشاعرية . والشيء الذي يلازم الشاعر حسن البصام انتباهه للعلاقة الضرورية بين التخيل أو التخييل والمعاني الحسية ، إذ يتوقف وجود أي منهما  ـ في الشعر ـ  على الآخر، وبالتالي يتوقف وجود الشعر على تحققهما معاً فيه .  فالعلاقة بين التخييل والحسية علاقة ديمومة والإبحار في النصّ الشعري ، ومن خلال هذه الاستمرارية يستطيع أن يخرج خارج الذهنية ليلتقط الينا الحدث الشعري وتسخيره في عنصر الخيال .. فالتخييل هو مخاطبة لعناصر حسية تقع خارج الذهن ولكنها تتمثل فيه، إن  (( التخييل تابع للحس وكل ما أدركته بغير الحس فإنما يرام تخييله بما يكون دليلاً على حالة من هيئات الأحوال المطيفة به واللازمة له، حيث تكون تلك الأحوال مما يحس ويشاهد الصورة الفنية، د. جابر عصفور )).

تدخل قصيدة البصام ضمن اللذة الخيالية والتي لم تتوقف هنا بقدر ما تكون ذات ديمومة مع المعاني الحسية الواسعة والتي تعتمد هذه المعاني على البهجة والشاعر يجعلنا أن نحسّ هناك عملا آثر أن يكون ضمن الاعمال التي يتناولها بين الحين والاخر ، وأيضاً المعاني الحسية لا تؤدي وظيفتها الشعرية، أو التأثيرية في المتلقي دون أن تتجسد بصورة تخييلية في مخيلته، يعقبها إثارة تنتهي باتخاذه وقفة سلوكية إزاء ما يلقى عليه.
ويكاد يتأكد مفهوم لطبيعة الشعر الحسية عند شاعر (( أن الشعر ليس لغة تجريد، ولكنه لغة بصرية محسوسة تجسد  ـ دائماً ـ  الإحساسات، وتسعى دائماً إلى عرقلة المتلقي، وجعله يرى باستمرار شيئاً فيزيقياً يمنعه من الانزلاق إلى عمليات التجريد التي تؤدي إليها لغة النثر /  الصورة الفنية، د. جابر عصفور )) .
إنّ المدركات الحسيّة تصبّ عادة _ في معظمها _ تجاه حاسة البصر ، والذهنية التي يتحلّى بهما الشاعر ، وأهمية الحواس الأخرى لها دورها أيضا في إنتاج الصورة ومغازلة الحدث الواقع على الخيال لدى الشاعر ، وهذا مايمنح الطبيعة الحسيّة للصورة مساحة شمولية أكبر ، واقرب فأقرب الى روحية الفنّ الشعري ، لان الصورة ربما تستمدّ من الحواس الاخرى كالسمع واللمس والشمّ ( في حالة الحرائق مثلا ) والذوق مالاتستمدّه من حاسة البصر وتكون أكثر أهمية وفاعلية في بنائها ..
الشاعر حسن البصام يعدّ نموذجا شعريا من شعراء الحداثة الذين نتطرق اليهم ، والظواهر المنمذجة هو الاهتمام الشعري في الشاعرية التي يرتديها الشاعر وتجربته التي يتكئ عليها ، وسمة النموذج الفني الجديرة بالاهتمام تكمن في أنه يستطيع الشاعر حسن البصام من  احتواء ظواهر اجتماعية جديدة دائماً وخصوصا مايدور في بلدته الناصرية ، والمعروف عن هذه الماحفظة ، انجبت الكثير من الشعراء والكثير من المناضلين على مرّ العصور التي تمرّ بها المحافظة ، أمامي قصيدة تحمل عنوان ثلاثيات مرايا عاكسة ..
ينقلنا العنوان كعتبة للنص من المدار الخارجي الى المدار الداخلي للقصيدة ، وخصوصا أن الشاعر يستخدم جملة كاملة على هيئة عنوان كي يقودنا الى قصيدته ، ولو اعتمد بعنوان ظاهري ، لجمد العنوان عندنا ، ولكن اعتمد معان باطنية وهو ينسج عنونته للقصيدة ، ومن هذا المسلك الحداثوي للبنية التي اعتمدها الشاعر وإذا ما انتقلنا إلى الكتابة، بما هي تأسيسٌ للذات والعالم، وإلى الشعر، بما هو في جوهره اللامتناهي، يتوخى إعادة فهم الوجود ومساءلة الكينونة – فإننا واجدون أن الشعر يحاول أن يصغي إلى الكون، إلى الماقبل، ليؤوله من جديد، وكأن سؤال الشعر هو سؤال التأويل.ولما كانت مساءلة الكينونة تتطلب الوعي، فإن الوعي يعد أول شرط من شروط ولوج عتبة التأويل، متسلحاً بالرؤيا لفك لغز الوجود الذي هو بادارة الشاعر هنا وهو القائد العام للمفردات التي اعتمدها في نصّه الشعري .. لنقرأ :
-1-
عندما ينساب الدمع
من عيون خياراتي
فاني ألتجئ الى الشعر
-2-
عندما يتعلق الأمر بالموت
فان السلامة هي المرتجى
وجذور الحياة الحرية

إذن لكلّ رسالة شعرية لها وظيفتها الخاصّة والوظائف اللغوية أيا كانت تُستمدّ من القصيدة ذاتها ، وعلى هذا الاساس يشتغل الشاعر في ايجاد المتعة الفنية للقصيدة ورصد المعاني الجياشة لتصويبها نحو الاخر والمتلقي .. الشاعر العراقي حسن البصام ، لايلتجئ الا للشعر ، عندما تقع بصيرته الخيارية ، فالبصيرة لها منجمها وادارة الايقونة في الشطر الشعري ، لذلك نراه يغذّي متعته من الخيال البصري ، أي نقل المعاني / التعامد ، من الطبيعة الى الشعر ، ولو توقفنا عند مشهده الشعري سنلاحظ هذه المعاني متداولة بشكل يومي في عراق مابين خنجرين ، فالموت واحد ، في الناصرية والبصرة وفي بغداد وكربلاء والحلة ، والتطرق الى موضوعة الموت هي ليست حالة استثنائية ابدا ، ولكن نقل الواقع بمنظور شاعري ، هنا تكمن الشاعرية والفرق بين الاثنين ..
إنّ التعميم المجازي الذي يتصف به الشاعر حسن البصام ، دخل الى ذهنيته من خلال المحسوسات التي لامسها على الارض والمعاشة معه ومع اي شاعر يميل بشكله الحسّي الى وقائع ترمز وتوحي اليها ، وهنا تكمن الدلالات لدى الشاعر والانساق الشعرية / الداخلية والخارجية ، وبسبب اهتمامه بما هو جوهري في الظاهرة المنمذجة. ويمكن القول إن النموذج الذي لاينهض بذلك، لن يتملّك الظاهرة التي ينمذجها، كما لن يتمكن من الإيحاء الجمالي . مما يعني أن النمذجة الفنية لاتتم بمجرد إيجاد شخصية مختلفة عن شخصية الشاعر. فلابد من أن تكون هذه الشخصية ذات إمكانية تعبيرية عن موقف أو تجربة أو ظاهرة ما، وذات إمكانية إيحائية، يمكن بها أن تستوعب ظواهر أخرى مختلفة، وأن تتواصل وما يستجدُّ على صعيد الواقع. ولكن ذلك غير ممكن، إذا ماكان النموذج عبارة عن ادراكات حسيّة حدثت وستحدث ،  ان كان أمام الشاعر أو كلّ ماهو خلف الجدران .
لنقرأ :
-3-
تشققت أقدام القلب
وماعثرت على ظل شجرة
تفئ تحتها سنواتي
-4-
مرّ هو طعم التوسل
والوقوف على باب حاجة
إلا عتبة الله
-5-
لنسافر جميعاً في قطار الحلم
وفي الطريق نفتح الشبابيك
ونشتم نساءنا بلسان رجل واحد

من خلال المنظور الفنّي الذي اعتمده الشاعر حسن البصّام  يتحدد الانزياح إلى معيار ثابت لا يجوز المساس به و من منظور تكويني ينظر إليه على أنه مسافة أو قطع في الزمان إزاء معيار تكويني تنشأ عنه الغرابة و البداهة و الابتكار، كما يتم تحديده بالنسبة إلى السياق المباشر المتصل به فيعطي الجسارة اللغوية أو الأثر الأسلوبي بإحداثه الانقطاع في نسيج المقاطع الشعرية أو اللوحات التي رسمها الشاعر ، لتوصلنا الى الية لغوية متجددة ، فالمعاني الجديدة المطروحة لدى أي شاعر ، يعني هناك أشكالا جديدة للقصيدة ، مع اللغة والتي تعتبر هي المنارة الاعلى لمؤذن الشعر ، من خلالها تنطق الالسنية في ايجاد المقصود وبيان ولادة أخرى ، القلب وأقدامه ، هذا يعني هناك مسيرة يعتمدها الشاعر ، هناك حراك لاتراجع عنه ، لذلك كان الله على العتبة ، وكان الشاعر الى جنبه غير متفرج ، وانما نطق بالمنطوق وكل ما رسمته الانامل ، وأن الاحلام غير مستعصية ، ومن خلال الاحلام تنطق الارادة الشعرية بالنزول الى العبقرية ، فالخيال الحسّي هو عنصر من عناصر القصيدة وكيفية الانتماء اليه ، ومن دونه أن ترتجّ القصيدة وتصبّ في السقوط والى مدارج لغة عادية قابلة للوفاة ، هذه هي الحداثوية وكيفية الانتماء اليها ..
لو شرّحنا في اللوحات التي أمامي والشاعر حسن البصّام نلمس نظام الايقاع والذي يعتبر من النظم الخاصة  في النقد ، وحالته لها توازنها وخصوصيتها وكيفية الدخول الى هذا النظام ، ولكن وما يجيده الشاعر من دربة للاذن ، جعلت من المفردة الشعرية تدخل ساحة التنغيم ، كي يعكسها من الذهنية الى الاخر ..
اذن نحن أمام شاعر يعرف كيف يصطاد المفردات والمعاني وتوليفها في القصيدة ...
(مرّ هو طعم التوسل ) لست أنا من ادخل التفعيلة هنا مثلا وانما دخلت بشكل غير مقصود من الشاعر نفسه لنحصل على : ( فعْلن فعِلن ) ، هذا الميزان أعطى للمفردات الشعرية حراكها ضمن قصيدة النثر الحديثة التي نكتب من خلالها ، ويتطلب لذلك تجربة والغوص في أعماق البحر وكيفية الابحار ...
الصور الشعرية هي خير سند للغة التي يحملها الشاعر وهذه الصور يجب أن تكون  ملائمة لصور الطبيعية لطبيعة الموضوع والتي احتفظت بها الذاكرة لوقت من الزمن أو التي دخلت الذهنية بشكلها المباشر وزمن القصيدة ، فزمن القصيدة من المهمات التي تجعل الشاعر أن لايغفو في الابداع أنما ينهض نهضته الفنية في ايجاد السنفسية الملائمة للكتابة ، والصورة الشعرية إذا لم تكن تلائم موضوعها لم تحقق أدنى فائدة، كما يجب أن تقع موقعًا فعالًا في عملية البناء، ولا يمكن ذلك إلا إذا كانت الصورة الجزئية مسايرةً للفكر والشعور في التجربة، مرتبطة ارتباطًا عضويًّا بالصورة الكلية، منسجمة معها في دلالتها .. هنا تكوّن الصورة الجزء الاكبر من جسد القصيدة ، وهي التي تحمل ثقل الجسد ، بل تكون جزءا منه ، ولن تتلخّص المهمة بشكل صناعي ن أنما من خلال دربة الشاعر وكيفية الدخول الى مطالع القصيدة ، فالشاعر الذي امامنا ( حسن البصام ) ليس شاعرا عاديا ، فهو ذلك المرء الذي يحمل الابتسامة والفانوس .. الابتسامة للمشهد الشعري الذي يقدمه هنا وهناك والفانوس للاضاءة ، فهل نحصل من منتجعه الشعري على القصيدة الضوئية مثلا ؟
((تؤدي بنية القصيدة دوراً مهماً في جذب المتلقي إلى منطقتها، واختراق طبقاتها الداخلية بحثاً عن سمات التفرد والخصوصية فيها / بنية القصيدة في شعر عز الدين المناصرة، د. فيصل القصيري ))
   وإذا كان ((الشعر قبل كلّ شيء تعامل خاص مع اللغة في مفرداتها وتراكيبها)) ، / بحسب ما يقوله الاتجاه البنائي المعاصر في الأدب / ، فإن مفهوم البنية يتركز في الشعر على نحو كثيف وحيوي وأصيل، على النحو الذي يتوجب عليه البحث في تشكيل البنية الشعرية كمبدأ أساس.
   من هنا يمكن أن نستنتج أن ((البنية إذن بوصفها نظاماً متكاملاً يحترم وسائله وأدواته، هي أساس الإبداع / البنى الشعرية، دراسات تطبيقية في الشعر العربي، عبد الله رضوان .. فلسطين )) ، وأساس فهم وإدراك العملية الإبداعية عموماً والعملية الشعرية على نحو خاص ،   ويسهم ذلك أيضاً وعلى نحو عميق وتفصيلي في إدراك خصوصية وطبيعة الخطاب الشعري .. الشاعر حسن البصّام ينازل بنيته الشعرية من ضمن الخصخصة التي يتبناها في خطابه الشعري ، وهي العامل المنفّذ بايجاد المطالع والسير نحوها نحو قصيدة تجذب الاخر لمراده الشعري .. لنقرأ :
-12-
عندما تنظر الى منازل الفقراء
وأنت تتبختر فوق الغيم
ستراها مقبرة متراصة
-15-
كفـّي أيتها السماء عن المجاملة
وامطري حجراً من سجيل
على كتل صلابتها تنادي هل من مزيد

عادة عناصر الصورة لاتكاد أن تخرج عن اساس التشبيه أو الاستعارة أو الكناية ، ولكن ما ألمسه لدى الشاعر العراقي حسن البصام ، أنه انحاز بشكل كلّي الى الصورة كجسد غير جامد له ساحله في الحراك اللغوي للقصيدة لخلق علاقات جديدة بين المفردات المنقولة من الواقع والى الخيال الذي يتمتع به الشاعر بمحسوسات يمتلكها وكيفية تدجينها في الشعرية ، فليس صدفة عند النظر الى منازل الفقراء في محافظته الناصرية ، وليس صدفة وهو يتمسّك بالمقبرة ، بشكلها المفرد .. فلو قال المقابر ، لكان شمولية المفردة أوسع من بيئته ، حيث الخروج الى خارج البيئة التي ينتمي اليها البصّام ، هنا اللغة وكيفية الانتماء اليها شعريا ، وبين الشاعرية والشعرية يكمن التخييل والنزول اليه بوسائل عدة ، تأتي من خلال منهج الشاعر وفكره الذي يتبناه ...
إن الوسائل الحسية في الصورة الشعرية غير كافية على الابحار بها في القصيدة ، هكذا المس من خلال متابعتي للشاعر حسن البصّام وهي في الوقت نفسه  لا تعين على كشف أبعادها وتأثيراتها، في حين أن ربط الصورة بالمشاعر وتشكيلها وفق هذا المفهوم عامل قوي في نجاح الصورة وصياغتها فنيًّا وكذلك دور اللغة الشعرية وكيفية استخدامها ضمن الخيال في رسم كلّ ماهو امامه وتحوله الى فن من الفنون التي ينتمي المء اليها ، كالشاعر البصّام مثلا أو غيره من القصاصين وكتاب المسرح .
ليست للوسائل القريبة في صياغة الحدث فعالية واضحة في ترجمة الأحاسيس والمشاعر، وإنما الوسائل غير المباشرة هي التي تحمل هذه الفعالية، وتولدها في مشاعر المتلقي وعواطفه لتنجب الينا التصوير الخيالي وعكسه على الورقة بصور شعرية تحمل الشاعرية في ذهنية الشاعر .
إن الكتابات المباشرة ماهي الا ضعفا واضحا لدى أي شاعر ينتمي اليها دون اسباب أو مبررات فنية ، وهذه الفنيّة تعتمد التجربة والخبرة وكيفية مراعاتها في الكتابة وحبس المفردات ربما لفترة طويلة وتفريغها مرّة ثانية ، الكتابة المباشرة ليس وسيلة فنية لتهيج بها المشاعر المحبوسة ولعلّ الأدب أبعدها جميعًا عن المسلك الشعري  ، لذلك فالشاعر هنا شاعرنا العراقي حسن البصام أبعد عن مخيلته من مثل هذا الحراك لينتمي الى قصيديته القصَدية وكيفية معالجتها والاجتهاد في تفريغ الخيال الذي يمتلكه عبر تجربته الشعرية .
ولا شك أنَّ التناسق التام بين الأدوات البيانية، وبين ما تصور من المشاعر والأحاسيس، وما تخلفه من الدلالات، هي إحدى الوسائل غير المباشرة التي أشرنا اليها عدة مرات من خلال دراساتنا لقصائد الشعراء ..
الشاعر العراقي حسن البصّام :
شاعر عراقي ينتمي بشعره الى الحداثة الشعرية ويمتلك ادوات شعرية فريدة ، من خلالها تبحر بصيرته نحو الابداع واتخاذ السبل الامثل في ايجاد القصيدة وحضوره المستمر ، وفي ظل هكذا نظرة تغدو التجربة الكتابية، سواء أكانت إبداعاً شعرياً أم نثرياً، تجربة وجودية، وتغدو الكتابة / النص مشاركة في الحياة (تجربة وجودية) تتجاوز إطاري الذاتية والموضوعية، إلى تقديم تصور أوسع لطبيعة الفن وماهيته، وطابعه الوجودي.وهو تصور قائم على رفض التعامل مع العمل الفني باعتباره شيئاً لا علاقة له بالعالم، ولكنه يؤمن باستقلال العمل الفني بنفسه وهذه خاصيته الأساسية، وهو في هذا الاستقلال لا ينتمي للعالم بل العالم ماثلٌ فيه، حيث إنه هو الذي يفصح عن نفسه.
هكذا هو الشاعر حسن البصّام الّذي يمتثل امامي من خلال قصيدة ..



ثلاثيات مرايا عاكسة
حسن البصام

-1-
عندما ينساب الدمع
من عيون خياراتي
فاني ألتجئ الى الشعر
-2-
عندما يتعلق الأمر بالموت
فان السلامة هي المرتجى
وجذور الحياة الحرية
-3-
تشققت أقدام القلب
وماعثرت على ظل شجرة
تفئ تحتها سنواتي
-4-
مرّ هو طعم التوسل
والوقوف على باب حاجة
إلا عتبة الله
-5-
لنسافر جميعاً في قطار الحلم
وفي الطريق نفتح الشبابيك
ونشتم نساءنا بلسان رجل واحد
-6-
تتلفت وتخفض صوتك
حين تشتم الخليفة
فلماذا لاتستجمع الحذر أمام الله؟
-7-
ماأقسى قلوبنا
ترمي بأرواحنا الى النار
لحظة عشق
-8-
منذ أكثر من خمسين سنة
كلما دنوت منه إبتعد
وهو متمسك بأغصان روحي
-9-
كلما طاردته إنتحب
وكلما إحتضنته تمرد
يالي من مشاكس
-10-
صديقي الذي أرهقني
تارة حسن وأخرى شيطان
أكيد لي العداء والحسد
-11-
دون جدوى حثونا فمنا بالنقاش
بين سِنّ المدرسة
وسِنّ المعاش
-12-
عندما تنظر الى منازل الفقراء
وأنت تتبختر فوق الغيم
ستراها مقبرة متراصة
-13-
تفتح فمها الأدرد جائعة
الى تساقط الأمهات جزعاً
لتبقى منطقةخضراء الدمن
-14-
أدعية سدنة الحروب المزيفة
تُمطرُ الأرضَ دماً على السماء
حياتنا تسير منذ سنين بالمقلوب
-15-
كفـّي أيتها السماء عن المجاملة
وامطري حجراً من سجيل
على كتل صلابتها تنادي هل من مزيد
-16-
لم تزل عينها تسأل الطرق
كل غيمة ؛ قطرة ؛برق
عن غائب منذ سنين ترتجي أن يعود


•علاء حمد : عراقي مقيم في الدنمارك