القارئ الأمازيغي والأنثروبولوجيا الثقافية المحلية ـ د. عبد الجليل غزالة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

Anfasse18074أوليات 
   تتعدد نظريات ومنهجيات التلقي والتأويل ( المستوردة ) التي تتصارع وتزداد تفاقما في ذهن القارئ الأمازيغي ( العليم ) ، حيث نجد أن سوادها الأعظم يرتكز على منجزات الأدب العربي والغربي المعاصرين بسماتهما وخصائصهما الجمالية ، والفكرية ، والمقامية ، والأنثروبولوجية الثقافية المتميزة . لذلك ، فإنه قد يتابع و يتشيع وربما يذعن أحيانا لبعض نزالاتهما وتحدياتهما وأطارحهما النقدية والتأويلية النصية التي تطمس شخصيته وملكيته الفكرية الخاصة ، وأحيانا أخرى يشق عليهما عصا الطاعة ويناصبهما العداء دون هوادة لإثبات وترسيخ هويته الأنثروبولوجية الثقافية المحلية .
  تتداخل المصطلحات والمفاهيم الإجرائية بين طيات نظريات ومنهجيات التلقي أو القراءة المعاصرة ، حيث نعانق جمهرة من المعارف والأفكار والرؤى والتيارات والاتجاهات والثنائيات المنطقية الوضعية والعبثية الوهمية المترفة :
 أ  _    القارئ / النص.
 ب   _ الاتصال / التأثير . 
  ج _   التبادل الفني / الجمالي .
  د  _   الإنجاز / التأويل .
  ه  _  أسطورة القارئ الضمني / الورقي / العبثي ...
   و  _  أفق الانتظار والتوقع .


ز  _    ملء الفراغات وإبراز النص الخفي .
ح  _    النص المفتوح .
 ط _   المسافة الجمالية . ..
  لا يوظف ( الأدب الأمازيغي المعاصر ) الموجود حاليا في بلدان شمال أفريقيا مقاربات ومنهجيات معاصرة كافية وشافية تكون عميقة متخصصة ومستشرفة ( futurist ) تساهم في تحليل وتقويم المكونات والعناصر المشكلة لنصوصه المختلفة الأنواع ( رواية ، قصة ، شعر ، حكاية ، زجل ، لغز ...) ، وتقنياته السردية المتميزة ( الشخصيات ، الأحداث ، اللغة الواصفة الفضاءات والأحياز الزمكانية ، السارد ، الحبكة ، رؤية المؤلف ...) . نجده يقدم مقاربات محتشمة وبسيطة أو متجاوزة ومستوردة بطريقة تعسفية / ممسوخة لتحديد هذه الركائز الأدبية الاتصالية الأمازيغية البانية :
     1_  المبدع الأمازيغي .
    2 _  النص المنبع المنجز بلسان تيفيناغ المبين .
    3 _  القارئ الأصلي بهويته وثقافته الأنثروبولوجية  .
     لا يمكن الاعتماد والاستفادة علميا من ( أدب أمازيغي معاصر ) يطمس شخصية القارئ الحقيقي أو يجعله ضمنيا / وهميا / خياليا / عبثيا ؛ لأنه العنصر المحرك والمفسر والناشر لهذا الأدب بمختلف أنواعه وتقنياته السردية ، ولا قيمة لأي عمل أدبي أو حياة فعلية من دون حضور واقعي للقارئ البشري الذي يكمل فراغات نصوصه وبعمِّرُ معانيه ويفَعِّلُها ، ويضبط مقاصدها ورموزها السيمائية .
   يربط القارئ الأمازيغي الأصلي عملية قراءته لنصوص أهله وذوي قرباه بفضاءات وأحياز زمكانية وسياقات محددة .
   ترتكز نصوص الأدب الأمازيغي المعاصر المنتشر في أصقاع شمال أفريقيا على عناصر محورية ومؤسسة :
    أ  _   دلالة النص ورؤية المبدع الأمازيغي وحنكته .
    ب _  شخصية القارئ وموقفه من النص المنبع .
    ج  _  اللغة الواصفة الأمازيغية  metalanguage) Amazigh ) لهذا النص.
    د   _  منهجية قراءة النص الأمازيغي التي تستورد وتحشد نظريات ومنهجيات التلقي المتنوعة .
   تستند عملية القراءة عند المتلقي الأمازيغي الأصلي على ثلاثة مسارات بارزة تخلق تغذية راجعة feedback ) ) تكون مباشرة أو غير مباشرة بين الأطراف العاملة والمتفاعلة بشكل كبير :
    1 _     الانطلاق من النص إلى القارئ .
      2_    البدء بالقارئ ثم النص .
     3 _    التركيز على الآثار الشعورية والفنية والجمالية النصية المثيرة .
   يعانق القارئ الأمازيغي الحقيقي التاريخ والنص الإبداعي ومؤلفه دون أية وكالة أو تفويض عمله للقارئ الضمني الورقي العبثي ، فلا يمكن لقارئ إنساني بشحمه ولحمه أن يتحول إلى قارئ ورقي ، خيالي ، عبثي ؛ ساذج ...
   تحتاج أغلب أعمال مؤلفي الأعمال الأدبية الأمازيغية المعاصرة الموجودة في بلدان شمال أفريقيا إلى التركيز على أهم الأسس الرائدة والهادفة والاستشرافية  :
  1   _   ضبط أفعال وأعمال المؤلف الحقيقي للنص ، والتمييز بينه وبين العوامل الأخرى التي يصطنعها لتفعيل تقنياته السردية .
  2   _   تحديد السمات والهوية الثقافية للقارئ الأمازيغي من خلال النصوص المنجزة ، وتدعيم حريته .
     3_   بلوة التأثير المتبادل بين الطرفين .
    يتطلب الأمر وعي المبدع الأمازيغي وعيا عميقا بدور القارئ الأصلي لعمله ، وهذا ما سيجعل إنجازه ينفتح على تأويلات متعددة . لذلك ، فإن الظروف والسياقات المختلفة والبيئة المحيطة بهذا المبدع تؤثر في إنتاجه ، وتضعه في الغربال ، وفي أذهان أرباب التقويم .
   يستفيد ( النقد الأدبي الأمازيغي ) المعاصر من بعض النظريات والمنهجيات المتنوعة التي تضم الغث والسمين ، حيث نجده يهتم بعدة مظاهر وعناصر :
     أ   _    مضمون النص المحلي .
    ب  _    التجربة وفرضيات المتلقي الأصلي .
    ج  _    حوار الأجيال من خلال الأنثروبولوجيا التعاقبية diachronic) ) ، والربط بين المعرفة الجمالية والمعرفة التاريخية والجانب الإنساني .
     د _     تمتين العلاقة بين القارئ والنص من خلال ملء فراغات النص وفجواته ، وإدراك صيرورته الدينامية / المعمارية المتفاعلة .
ه   _       استشراف نظرية عامة للتواصل تعانق ضروبا من التناص والتداخل والشمولية .

القارئ الأمازيغي والانثروبولوجيا الثقافية المحلية
    يتعامل القارئ الأمازيغي الأصلي من خلال الأنثروبولوجيا الثقافية المحلية مع ثقافة أجداده وذوي قرباه بكل عدتها ، وأجهزتها ، وأدواتها الخاصة ، ونوع العمران والسكن ، والأزياء ووسائل الزينة ، والفنون ، والآداب ، والقصص ، والخرافات والأساطير ، والألغاز والنكت بكل تجلياتها . إنه يقتفي أثر كل تجليات هذه الأنثروبولوجيا المرتبطة بالاتصال الحضاري القائم بين أجيال الشعب الأمازيغي ، وكذلك الأنماط المتنوعة من المثاقفة ( interculturalism ) ، وحوار الحضارات الشامل والهادف .
    يعانق القارئ الأصلي في هذا المجال جمهرة الأعمال المتخصصة التي تدرس المُجتمع الأمازيغي القديم / المهد ، كما أنه قد يصادف بعض الدراسات التي تقارب المجتمع الأمازيغي القروي والحضري في جل أمصار وديار أهله وعرقيته التي تشهد أنواعا من النمور والتطور التعاقبي .
    يعالج هذا المجال الثقافي المبثوث بين طيات عدة أعمال أمازيغية متخصصة البنى والنظم والعلاقات الاجتماعية المحورية ( القبيلة ، العشيرة ، العائلة ، الفخذ ، القرابة ، الزواج ، الطبقات ، الطوائف ، النظم الاقتصادية ، كالإنتاج ، والتوزيع ، والاستهلاك ، والمقايضة ، والنقود ، والنظم السياسية ، كالقوانين ، والعقوبات ، والسلطة والحكومة ، والنظم العقائدية ، كالسحر ، والدين ، كما تعالج عناصر البيئة الأمازيغية ... ) .
   تقوم الأنثروبولوجيا الاجتماعيّة الأمازيغية المعاصرة الموجودة في دول شمال أفريقيا بتفسير سمات البناء الاجتماعي للمجتمع / المهد والمنبع ، حيث تبرز تكامل عناصر هذا البناء ومستودعه الثقافي والحضاري بشكل عميق ومتماسك ومتبادل ووظيفي بين النظم الاجتماعية .
    تمثل النظمَ الاجتماعية عند الأمازيغ الموجودين في أمصار شمال أفريقيا نسقا متداخل المكونات والعناصر المتفاعلة والمعمرة ، كما أنها تقوم بتحديد وظيفة النظام الاجتماعي الواحد في البناء الاجتماعي للمجتمع.
الأنثروبولوجيا الأمازيغية التطبيقية
   تهتم بدراسة ثقافة الشعب الأمازيغي في مهده الأول من أجل الوصول إلى الفهم الدقيق ، واستشراف أنساق الحضارة والمدنية الهادفة ، كما تتم معالجة قضايا ومشاكل الاتصال بالمهد الأول لأمة الأمازيغ  ، ومعضلات إدارتها وتصريف شؤونها ووجوه تحسينها .
   لقد تطورت فروع الأنثروبولوجيا بعد الحرب الكونية الثانية في عدة أعمال أمازيغية راجت في أمصار شمال أفريقيا ، إذ سعت إلى خدمة الإنسان والمُجتمع المحلي .
 نجد في هذا الصدد عدة مظاهر جلية المعالم :
    1 _   حضارة وثقافة السُكان الأصليين .
       _ 2التربية والتعليم .
      _  3التنمية المحلية الاجتماعية والاقتصادية والطبية ، والنفسية، والعسكرية ، والإدارية والسمعية البصرية والإبداع الأدبي والفنية .
      خلق هذا التطور تداخلا وتكاملا بين عدة فروع علمية اجتماعية وإنسانية
كالاثنولوجيا التي تهتم بتأريخ حضارات الشعوب وعلاقاتها ، وتصنيفها وتوزيعها وانتشارها في العالم ، والأثنوغرافيا التي تصف حضارة المجتمعات وثقافتها ، والأركيولوجيا كعلم للآثار يدرس القضايا الاثنولوجّية والاثنوغرافية المتعلقة بمنبع الحضارة الأمازيغية وحفرياتها .
   نجد كذلك بين ثنايا هذا التطور المتداخل والسريع مجالا يختص بعلم الاجتماع الذي يعالج الظواهر النابعة من العلاقات القائمة بين المجموعات البشرية ، كما أنه يهتم بالعلاقة الموجودة بين الإنسان الأمازيغي ومحيطه . يركز جل الباحثين الأمازيغ المعاصرين على معالجة مشكلاتِ المُجتمعات المحلية ، خاصة المركبة والمتطورة .
   نشاط القارئ الأمازيغي المعاصر
     يقوم هذا النشاط على عدة ركائز ومعايير بارزة :
       أ   _     الأبعاد الأنثروبولوجية الثقافية المحلية .
      ب  _      نسق العادات والقيم والأدوات والفنون والمأثورات الشعبية .
      ج   _    الأبعاد الزمكانية للأنثروبولوجيا الثقافية من خلال أعمال المبدعين المحليين .  
       د   _    النشاط الثقافي بشكل وصفي ، واقعي ، محايد .
      والملاحظ أن القارئ الأمازيغي الأصلي الذي يعيش في بلدان شمال أفريقيا يربط بين جوانب وفروع الأنثروبولوجيا المحلية من خلال الإبداعات الفكرية ووثائق حضارة مهد الأجداد والأسلاف ؛ الأصيل والمتسق بالاعتماد على الفضاءات والأحياز الزمكانية ، كما أنه يقوم بالمقارنة بين الفروق والتماثلات البارزة .
    إن الأنثروبولوجيا الأمازيغية المعاصرة تبدأ حيث تنتهي الاثنولوجيا المحلية .
   تبرز لنا الأعمال الأمازيغية المتخصصة في هذا المجال وجود عدة أسس وضوابط :
    1   _   تجميع العينات والمدونات الثقافية الأصلية .
    2   _   تنسيقها والمقارنة بينها .
   3    _   تحليلها وتأويلها .
بناء النصوص الأمازيغية الفكرية
  يتطلب الأمر من القارئ الأصلي الإلمام بلغة تيفيناغ الواصفة التي يوظفها المبدع المحلي ، وربط الاتصال بمحيطه وثقافته الخاصة ، كما أن هذا الموضوع يحتاج أيضا إلى تعقب طريقة تعامل المبدع الأمازيغي مع واقعه المعيش ، وتأويل ملاحظاته وآرائه .
    يجب على المنهج الإثنوغرافي الموظف من طرف المبدعين الأمازيغ المنتمين  إلى ديار شمال أفريقيا التركيز على :
    أ   _   الملاحظة الحقلية الاجتماعية .
   ب  _   دينامية / معمارية العملية التلقائية .
   ج  _   الوصف الرصين .
   د   _  تحليل وتأويل المعلومات بشكل موضوعي .
   تساعد الأبعاد الانتروبولوجية الثقافية القارئ الأمازيغي على معرفة بعض السمات والقيم الخاصة بإبداعات المؤلفين المحليين :
1   _   اللطف .
2  _  الصداقة .
3  _  الأمانة .
   إن تتبع عمل المؤلف والقارئ الأمازيغيين يبرز لنا وجود بعض العلاقات الرابطة بينهما على مستوى نظريات التلقي ؛ فالأول ينتج النص والثاني يملأ فراغاته ويكملها ، ويحرك معانيه ومقاصده ، ولا يعطلها أو ( يُخْصِيهَا ) .

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟