سيمفونية الرعب ـ شعر : عبداللطيف رعري

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

لشطارتي مزقت باقي الأشرعة
المتخلى عنها ببهو البحر
وكفكفت دموع التماسيح الكاذبة
بصفحات أشعاري حين تناثرت ألغازها
لأرى ومض عيونها تسرق حبات الرمل
وكسرت كؤوس الطلى على أرصفة الجنون
حتى أساوي تغريد شحارير الفيافي على
مقامات الاسى  التي تواتي تدرجي
لأعصر مدام أشجاني بين أظافر صقور أتاها
عبث البلادة على حين غرة
وسقتها  شجرة اللبلاب آخر السموم

فتصيّدتها سيمفونية غائرة كالحلم في السواد
كانت من نسج الأوهام الماطرة
حرقت أشجار القصيدة بشعاع البيادر الصفراء 
لما جاحت أوراقي باختناق جدث الاغنيات
على سطح الجمرات التي أبقتها العاصفة
فعشش عنكبوت اليأس في ترنيمات قيثارتي
وتزبّلت أصابعي معقوفة بنفث لعاب الكلاب
وخاصمتني فطرة انبهار ي للمجهول
لأقع على قطعة جليد لا تبتسم إلا عرقا
وشعلتي حامية بين أهداب أكلتها حمرة البكاء
وبين وردة تموت بالكرى في يد   تعس مخبول
   رسمت سمات الخلود برماد المقابر
فتعرت أحلامي على سهو النسيان
فأسكنت حرائقي دلال الاعشاب  ونداها قطرات
ورمتني سيول الاقداح من على أبراجي
تلقفتني المنية داكنة ترتعش للمصيدة 
وعيونها تراقص أهازيج الشيطان في محرابه
وبيدها مفاتيح المغارات  التليدة  وقماش  لليل
تلقفتني عاريا على شاكلة البوح الإجباري
وأمطرتني سلوى الخاطر المغبون
حتى أمر  بحلقها على مهل ...
أنا لا تخيفني مراسيم العزف بالأقداح
ولا أسخر من خيالي راقصا على عتبة الموج
لان طبول الفجر غالبا ما تصطاب الندى ..
ويترهل حلمها حين تختلط بصفقات العراء
ويموت كبريائها على مقربة من هوس النجوم
وتتجلد حناجرها بالصمت المخجل على إيقاع النفور
فلا سبيل لك أيتها الاعشاب سوى إنهاء مهازل الفرح
فهناك على أبعد مدى ....
ترقد أجراس الحيرة عائمة في صدى الاجفان
وأبجدية الحروف تستعد  لشنق الأعناق
وسيمفونية الرعب كلما سقط   طائر ارتفع إيقاعها
وتعالت صرخات الصخور مبلولة بوجع البطون
وصدى الاعالي  غزلته الثلوج صوفا  أحمر
هناك على أبعد مدى
حلم حزين يشكو  ضيق  الاعراس
وتنمو أشواك  باسم العشق مقتبل الاعمار
فلا تنجو من الوخز كبد....
ولا ينجو من الغرق عصفور بجناح مبتور
ولا يصعد السماء  دخان ناره باردة ...
ولا يرقص مخبول للنهر ويداه تعانق الجرة
هناك على أبعد مدى ...
أطياف تتلون كالضجر...
أشجار تتحول الى رماد ...
رماد يصير عاصفة ...
والعاصفة لا ترحم ..
هناك على أبعد مدى .....
اناس في لباسهم عرايا...
لكن شعراء والقصيدة بين أيديهم  مرايا..
أيتها السيمفونية المرعبة في بؤرة التجريد
خدي الطلائع من لمع الجبين
وارشقي مواطن الغدر بالأنين
واحضنيني فمواسم الصرر آتية تباعا
وطقوس الرقص تستوجب وصفات الجنون
والعيون الحالمة  قد تغفو لبعض الوقت
حتى تبني قوافل النمل أعشاشها من شظارات الماضي
حتى يحمل اللقلق أشلاؤه على ظهره خارج الغضب
فهناك دوما على أبعد مدى تقاسيم الخوف تجرف الضياء
ولا تقاطع في ألحاني ولا تنديد بالمواجع
صدمة أخرى تضاف للقلب الحزين
سيمفونية الرعب تعلو بالمجان لتحرق أطلال المراكب
وغيرة البحر في قبضة كاهنة قد تسقط نجمتها
وقد تعصف بها زوابع الفنجان وراء الشمس
حتى تتبدد أحلامها الزائفة بنصف غمزه.