الْقُبَّعَاتُ وَالنِّسَاءْ ـ شعر : أحماد بوتالوحت

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

سَأُبْطِلُ عَادَةَ شُرْبِ الْقَهْوَةِ عَلَى رَصِيفِكَ ،
وَأَنَا أَحْلُمُ بِنِسَاءْ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ ،
وَأَرْنُو إِلَى الشَّارِعِ يَسِيرُ بِالْقُبَّعَاتِ وَالسِّيقَانِ الصَّقِيلَةْ .
كَمَا سَأَتَخَلَى عَنْ مُطَارَدِةِ الْحَرَادِينْ تَحْتَ سَمَائِكِ الْمُنْصَهِرَةْ ،
لَقَدْ كَبِرْتُ يَا وَطَنِي .
كَبِرْتُ عُنْوَةً ، وَنِكَايَةً فِيكَ  ،
وَلَمْ أَعُدْ ذَلِكَ الطِّفْلَ الَّذِي يَخْتَبِيءُ فِي الزَّوَايَا ، وَخَلْفَ الْأَرَائِكْ  ،
وَبيْنَ سِيقَانِ الذُّرَةْ ،
خَوْفاً مِنَ الرَّجُلِ الَّذِي بِلَا قَدَمَينْ .
شَارِبِي غَدَا مَعْقُوفاً كَالْمَحَاجِنْ ،
وَسَاعِدَايَ أَصْبَحَا كَالْمَجَادِيفْ ،

كَبِرْتُ ! يَا بِلَادِي ،
وَلَمْ يَعُدْ ظَهْرِي يَضِيقُ بِالْخَيْزُرَانَةِ وَالسُّوطْ ،
لَكِنِّي أَصْبَحَتُ أَكْثَرَ جُنُوناً  وَحُزْناً يَا وَطَنِي ،
لَأَنِّي سَأَرْحَلُ عَنْ أَرْضِكَ ،
هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تَحْسِنَ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ تَوْزِيعَهَا .
سَأُوَفِّرَ عَلَيْكَ  إِطْعَامَ هَذَا الْفَمَ الْمُفْرِطَ الْخُشُونَةْ ،
الْفَمَ الَّذِي حَشَوْتَهُ بِكَلَامِ الْمُجَامَلَاتِ ، وَدُخَّانِ السَّجَائِرْ ،
وَالنَّشِيدَ الْوَطَنِي.
تَحْتَ خَرْقَةٍ كَابِيَةٍ مُهْتَرِئَةْ .
سَأتْرُكُ دَمُوعِي عَالِقَةً عَلَى حِيطَانِكْ ،
وَأَدَعُ صُرَاخِي مُبَعْثَراً فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ،
تَتَعَقَّبُهَ هِرَاوَتُكَ الْمُسْتَعَارَةْ .
لَكِنِّي لَنْ أَتَخَلَّى  لِرَصِيفِكَ  عَنْ ذِكْرَيَاتِي وَأَحْلَامي ْ .