كَفَى خِيَارَاتٍ ثُنَائِيَّة ـ شعر : سهام عياد

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

مَاذَا عَسَاهَا تَقُولُ لَكَ؟!
وَمَاذَا عَسَاه يَنْفَعُ الْكَلَاَم ؟!
ضَجِر مِنهَا وَمِنكَ كُلُّ الْكَلَاَم...

هَا أَنْتَ الْيَوْم تَقِفُ أَمَامهَا مِنْ جَديد
تَنْتَفِضُ كَالْمَوْجِ الْهَائِجِ فِي جُنُون
وَقَدْ عَلَا صَوْتُكَ يُدَوِّي كَالْإعْصَار
يَقْطُف نَوَر الْأَمَل السَّاكِن فِي الْعُيُون
تَقْتَلِعُهَا مِنْ مَكَانهَا حَتَّى الْجُذُور
تَنْتَصِبُ غَاضِبًا كَعَمُودٍ مَنْ جَلِيد
لَا وَلَنْ يَلِين...

تَصْرُخُ فِي وَجْهِهَا... تُعَاتِبهَا...
تُشِيرُ إِلَيهَا بِإِصْبَعِكَ... تُوَبِّخَهَا...
تُلْقِي اِتِّهَامَاتكَ وَأَحْكَامكَ الْمُسْبقَة عَنهَا
تُحَاوِلُ جَاهِدًا أَنْ تَسْتَفِزَّ غَرُورَهَا
وَكُلُّ ذَلِكَ الْغَضَبُ الْجَامِحُ فِي عَيْنَيْكَ
يَبْلَعُهَا...
يَجُرُّهَا إِلَى عَالَمٍ مُجْحِفٍ
تَكُونُ فيه، هِي الْجَانِي
وَأَنْتَ الضَّنِين...
وَمِنْ تَمَّ تعود فَتُخَيِّرُهَا... :
"مَا بَيْنَ الْمَوْتِ عَلَى صَدْرك... أَوْ فَوْقَ دَفَاتِرِ أَشِعَارِك"

مَاذَا عَسَاهَا تَقُولُ لَكَ ؟! 
وَمَاذَا عَسَاه يَنْفَعُ الْكَلَاَم ؟!
ضَجِر مِنهَا وَمِنكَ كُلُّ الْكَلَاَم...

نَفْسُ الْحَديثِ وَنَفْسُ الْكَلِمَات
حسَابٌ وَعتَابٌ وَكَثِيرٌ مِنْ الْملَاَم
تَقَوُّل أَنّهَا إمرأَةٌ...
تَتَسَلَّى مِنْ خَلْفِ سِتَار
تَتَقَفَّزُ كَالْدُّمْيَةِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّار
تَخَافُ الْقُرْبَ، تَخَافَ الْبُعْدَ
لَا تَجْرُؤُ عَلَى إتخاذ أَيَّ قرَار
تَرْضَى الْعَيْشَ مَا بَيْنَ الْبَيْنَيْنِ
عَلَى أَنْ تُبْحِرَ ضِدَّ التَّيَّار
تَنْتَقِدُ خَوْفَهَا وَحَيْرَتَهَا
تَضْرِب عَرْضَ الْحَائِطِ كُلَّ مُحَاوَلَاتِهَا
أَنْ تُصْبِحَ إمرأَةً...
لَا تَخْشَى أَنْ تَخْتَار
مَا بَيْنَ الْعَيْشِ فِي مِنْطَقَةٍ وسطَى
أَوْ الرَّقْصِ فَوْقَ سَطْحِ الْمَاء
أَوْ عَلَى قِمَّةِ جَبَلٍ غَابِر
بَعيدًا عَنْ كُلِّ الْأَنْظَار
كُلُّ ذَنْبِهَا أَنَّهَا إمرأَةٌ...
وُلِدَتْ فِي عَالِمٍ لَا تَمْلِكُ فِيهِ أَنْ تَخْتَار
عَالَمٌ لَا يَعْتَرِفُ الا بِالْخِيَارَات الثُّنَائِيَّة
تَمُوتُ فِيهِ النِّسَاءُ عَلَى صُدُورِ الرِّجَال
لِتَرْسُمَ عَلَيهَا أَوْسِمَةَ شَرَفٍ ذَهَبِيَّة
او فَوْقَ دَفَاتِرِ أَشعَارٍ تُحْكَى وَتُقَال
لِتحْيَا ذِكْرَاهُنَّ فِي ثَنَايَا قصَائدٍ مَنْسِيَّة

مَاذَا عَسَاهَا تَقُولُ لَكَ ؟!
وَمَاذَا عَسَاه يَنْفَعُ الْكَلَاَم ؟!
ضَجِر مِنهَا وَمِنكَ كُلُّ الْكَلَاَم...

كَفَاكَ مِنْ هَذَا الْحَديثِ وَمِنْ غَيْرِه
اِفْعَلْ شَيْئًا، أَيَّ شَيْءِ
لَا يَمْكُنُ ان تَعِيشَ أبَدًا
فِي دَائِرَتِكَ الْمُغْلَقَة
حَبيسَ خِيَارَاتٍ ثُنَائِيَّة
وَاُنْظُر إِلَيهَا
أَمْعِنْ فِي عَيْنَيْهَا
لَعَلّكَ ترى...
كَمْ مُتْعَبَةٌ هِي وَخَائِفَةٌ
أَرهَقَهَا الْوُقُوفُ وَطُولُ الْاِنْتِظَار
وَتَخْشَى كُلُّ مَا تَخْشَاهُ
أَنّكَ لَا تُرِيد حَبًّا يَكْبُرُ فِيكُمَا
كَالْأَشْجَار...
بَلْ أَنَّ كُلَّ مَا يَرْجُوهُ قَلْبُكَ
هِي قِصَّةُ حُبٍّ جَامِح
تَرْوِيهَا مِنْ بَعْدكَ الْأَجْيَالُ
وَتَتَنَاقَلُهَا الْأَشْعَار...

مَاذَا عَسَاهَا تَقُولُ لَكَ ؟!
وَمَاذَا عَسَاه يَنْفَعُ الْكَلَاَم ؟!
ضَجِر مِنهَا وَمِنكَ كُلُّ الْكَلَاَم...

الْيَوْمَ أَنْتَ مَنْ يَجِبُ أَنْ يَخْتَار
كُن حَبيبهَا فِي الشَّكِّ كَمَا فِي الْيَقِين
وَخُذ بِيدهَا فِي اللَّيْلِ كَمَا فِي النّهَار
أَوْ دَعْهَا وَشَأْنَهَا وَاِرْحَلْ بَعيدًا
لَعَلّهُ أَخِيرًا
يَبْدَأُ الْمِشْوَار...