حدود إسهام الدراسات الإفريقية في كتابة تاريخ المغرب الحديث :قراءة وملاحظات أولية *- د.الحسين عماري

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
anfasse.orgتقديـــم إشكــالي:   
مرت الكتابة التاريخية بالمغرب من مراحل مختلفة، تميزت كل مرحلة منها بسمات وخصائص معينة سواء من حيث اختلاف المواضيع المعالجة، أو من حيث تعدد الاتجاهات والرؤى والمقاربات والأدوات المنهجية الموظفة.وقد عرف البحث التاريخي خلال العقود الأخيرة، ولاسيما خلال الفترة الممتدة من تاريخ حصول بلادنا على الاستقلال إلى الآن، تراكما مهما ،ورصيدا متنوعا لايستهان به شكلت فيه الدراسات الإفريقية إحدى الحقول المعرفية التي حظي فيها تاريخ المغرب الحديث باهتمام الباحثين سواء على المستوى الوطني أو الدولي ،لذلك ،وفي هذا السياق تأتي هذه المداخلة ، للإجابة على الإشكالية التالية :
ما مدى حضور تاريخ المغرب ضمن هذه الدراسات ؟ وما هي الخطابات التاريخية التي تتجاذب هذا التراكم المعرفي ؟ و ماهي الخصوصيات التي طبعت كل واحد منها ،والمواضيع التي عالجها كل خطاب وكذا الإشكاليات التي يطرحها على المستويين المعرفي والمنهجي ؟ وما هو تقويمنا لبعض النماذج من هذه الخطابات ؟.
أما الخلاصة، فسنقدم من خلالها بعض الاستنتاجات العامة التي توصلنا إليها، والآفاق المحتملة لحضور تاريخ المغرب في الدراسات الإفريقية.
    قبل الإجابة على هذه الإشكالية ،لابد من الإشارة إلى أن تقييم ما أنجز حول تاريخ المغرب الحديث من أعمال من طرف باحثين مهتمين أو متخصصين في مجال الدراسات الإفريقية أمر صعب وشائك ،لتعدد الرؤى والاتجاهات ،لذلك فإن هذه الورقة لا تروم القيام بتقييم وجرد شامل لهذا الإنتاج التاريخي المتمحور حول المغرب ،وإنما تسعى إلى القيام بقراءة أولية ،وتقديم بعض التوضيحات والملاحظات، وكذا الآفاق المحتملة لحضور تاريخ المغرب في الدراسات الإفريقية ،على أمل أن تتاح لنا الفرصة وكذا الوقت الكافي لتعميق البحث فيها لاحقا .
    كجواب على الإشكالية المطروحة ،ومن خلال اطلاعنا على ما أنجز وما جد في حقل الدراسات الإفريقية من أعمال و أبحاث ذات الصلة بتاريخ المغرب الحديث وعلاقته مع دول إفريقيا جنوب الصحراء،يمكن القول بأن هذا التراكم المعرفي المتوفر حاليا تتجاذبه ثلاثة خطابات تاريخية هي:
* خطاب أوربي.
*خطاب إفريقي –جنوب صحراوي .
* خطاب مغربي /عربي إسلامي .(1)
I- الخطاب التاريخي الأوربي :
    وهو يتصدر هذه الخطابات "بحكم التجربة التي اكتسبها في تعامله مع تاريخ غرب إفريقيا،وتمكنه من تطوير دراساته و أبحاثه منهجيا ومعرفيا (2)،و إذا كان هذا الصنف من الدراسات التاريخية يكتسي أهمية بالغة بحكم ما يزودنا به من معلومات تهم المغرب الحديث من جهة ،والعلاقات المغربية –السودانية بشكل عام من جهة ثانية،فإنه مع ذلك يطرح مجموعة من الإشكاليات نورد بعضها على النحو التالي :
- أن هذا الخطاب غابت عنه في البداية الحوافز العلمية والموضوعية، حيث حاول التقليل من أهمية الحضارة الإفريقية ومكانتها الرفيعة، متجاهلا ثقافتها، ومستخفا بقيمتها، منطلقا في ذلك من اعتبارات عنصرية وأفكار لا تخلو من خلفيات استعمارية،كما استغل هذا الخطاب التاريخ الإفريقي - والعربي بشكل عام - استغلالا سيئا ،لاسيما وأن أنصاره عالجوا الوقائع والأحداث التاريخية الإفريقية ،وأبدوا بخصوصها آراء نابعة من منظورهم وقناعاتهم السياسية والسوسيو-ثقافية الخاصة ،إذ حاول على سبيل المثال توجيه القارئ إلى أن تجارة الرقيق تقع مسؤولياتها على البلاد الإسلامية ومنها المغرب بطبيعــــــة  
*مداخلة تمت المشاركة بها ضمن أعمال الأيام الوطنية الخامسة عشر للجمعية المغربية للبحث التاريخي بالرباط 7/8 دجنبر 2007.
حول "حصيلة البحث التاريخي بالمغرب من الاستقلال إلى الآن".      
الحال،مع تبرئة أوربا من تورطها في استغلال اليد العاملة الإفريقية عندما كانت تقوم بتصديرها إلى العالم الجديد،كما أصر هذا الخطاب على تحميل الإدارة المغربية مسؤولية ما لحق بالسودان الغربي من ضعف سياسي،وتفكك قبلي،وانهيار اقتصادي،لتشويه طبيعة العلاقات التاريخية التي جمعت بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء (3)،فغلب بذلك على بعض مواقفه وأحكامه نوع من التحامل، وظلت هذه التصورات والمواقف هي السائدة،إلى أن تمكنت بعض الدراسات والاتجاهات الحديثة من دحضها وتصحيحها ،والبرهنة على ما كان لإفريقيا من مكانة حضارية متميزة.
    ولتقريب القارئ من بعض النماذج من هذا الخطاب، سنحاول تقييم بعض الدراسات التي كان لها دور كبير في تسليط الضوء على جوانب من تاريخ المغرب الحديث، ورصد العلاقات التاريخية التي ربطته بدول إفريقيا جنوب الصحراء، ومن بين هذه الدراسات المتميزة:
تومبوكتو و الرماة من الحملة المغربية على بلاد السودان سنة 1591إلى سيطرة إمبراطورية البول بماسينا سنة 1833.لمشال أبطبول (4)TOMBOUCTOU et les ARMA de la conquête marocaine  du SOUDAN  en 1591 à l’hégémonie de l’empire PEULH du MACINA en 1833.                                                                                                 
وقد صدرت بباريس سنة 1979، وهي عمل تكمن أهميته -كما جاء على حد قول YVES PERSON في تقييمه له- في كون مؤلفه كشف النقاب عن تلك القرون الغابرة من تاريخ حوض النيجر،والتي امتدت من منتصف القرن الثامن عشر إلى بداية القرن التاسع عشر (5) ،وهو"عمل جاد وممنهج"،ينم عن سعة اطلاع صاحبه ،ونزاهته الفكرية ،وفكره الخلاق، حيث قدم من خلاله لوحة متميزة حول منطقة حوض النيجر خلال الفترة المحددة،وأسدى في آن واحد خدمة هامة لشعوبها التي كان هاجسها الأساسي هو إعادة بناء هويتها الجماعية بعد نهاية الفترة الاستعمارية (6).وتكمن القيمة العلمية لهذه الدراسة كذلك ،في كونها تؤرخ للحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لبلاد السودان إبان حكم الباشوات ،وكذا للمنجزات التي حققها المغاربة بهذا البلد، والأسباب الكامنة وراء سقوط دولة الرماة ،وظهور كيانات سياسية أخرى بتلك المناطق.
    ومما يضفي مصداقية على هذه الدراسة ،اعتماد أبطبول على مصادر مكتوبة متنوعة،ولاسيما منها التواريخ السودانية ،"كتاريخ السودان" لعبد الرحمن السعدي ،و"تاريخ الفتاش" لمحمود كعت و"تذكرة النسيان" لمؤرخ مجهول ،والمصادر المغربية ،"كمناهل الصفا" لعبد العزيز الفشتالي،و"رسائل سعدية" لعبد الله كنون،و"نزهة الحادي"للوفراني،و"الترجمان المعرب "للزياني ،و"الاستقصا"للناصري
و"خلال جزولة"و"إليغ قديما وحديثا"للمختار السوسي ،كما اعتمد على كتاب" الطرائف والتلائد" للزعيم الروحي لكنته الشيخ المختار الكنتي ،وعلى مصادر أوربية.(7)
    أما مدى حضور تاريخ المغرب في هذه الدراسة، فيتجلى في كون أبطبول قدم لنا مجموعة من المعطيات التاريخية التي تهم دولة الأشراف السعديين ،وردود فعلهم تجاه الوجود الأوربي على الساحل المغربي والغرب إفريقي من خلال تبنيهم لسياسة الجهاد ضد البرتغال ،وكذا اقتناعهم بأهمية الرواج التجاري الصحراوي بالنسبة لطموحاتهم السياسية ،مما جعلهم يركزون منذ البداية على مراقبة المحاور التجارية الصحراوية بهدف قلب موازين التجارة العابرة للصحراء التي لم تعد في صالح المغرب منذ القرن الخامس عشر(8).كما تناول بالدراسة الأسباب والنتائج المباشرة للحملة المغربية على بلاد السودان(9)،وبين مدى ارتباط تاريخ المغرب الأقصى بتاريخ بلاد السودان -والصحراء-  و أعطانا فكرة عن المواد التجارية التي كانت تجلب من المغرب لتباع في الصحراء والسودان كالمنسوجات،والقمح،والخيول،والسكر،والنحاس(10)،وبين أهمية الملح في علاقة السعديين التجارية مع دول الساحل ولاسيما منها العلاقات المغربية الصنغية(11)،كما أوضح كيف أن التجارة العابرة للصحراء ظلت في غير صالح المغرب لأن الظرفية العالمية تميزت بقلة الذهب بسبب تدفق الفضة الأمريكية على الأسواق الأوربية والمغربية،مما يفسر سكوت المصادر التاريخية عن العملة الذهبية المسكوكة في عهد القادة السعديين الأوائل،كالقائم والأعرج والمهدي(12). وتناول بالدراسة أيضا عوامل التوسع السعدي مركزا بالدرجة الأولى على ظهور هاجس الخلافة لديهم مبررين ذلك بنسبهم الشريف ،ولاسيما منهم محمد الشيخ الذي لقي حتفه على يد الأتراك العثمانيين بسبب أطماعهم التوسعية ومسألة الخلافة التي أدت إلى توتر العلاقة بين الطرفين ،حيث ظل الباب العالي يعتبر نفسه الخليفة الحقيقي للإسلام .أما عبد الله الغالب والمتوكل وعبد الملك ،فأخفوا طموحاتهم وتطلعاتهم للخلافة وركزوا بالدرجة الأولى على ضمان استمرارية مملكتهم.
    وبوصول المنصور إلى الحكم، ظهرت من جديد مسألة الخلافة التي اعتمد عليها للقيام بالجهاد،لذلك طلب من الأسكيا وملك برنو وكانتا كبي الاعتراف بسلطته وولائه والعودة إلى حظيرة المجموعة الإسلامية ،لكن مجلس ملأ المسلمين اعتبر مطالبة المنصور بحق الخلافة محاولة لإخفاء نواياه الحقيقية(13).
    وإلى جانب قضية الخلافة، تطرق أبطبول للدوافع الاقتصادية التي كانت وراء قيام المنصور بحملته على بلاد السودان، حيث أكد أن من بين أهدافه، التزود بالعبيد لاستغلالهم في مصانع السكر(14).
    بعد ذلك، تطرق للمنافسة التركية التي شكلت بالنسبة للسعديين خطرا أكبر، لاسيما وأنهم تمكنوا من استقطاب قسم مهم من الذهب السوداني، مبينا بعض المؤشرات التي تدل على سعيهم إلى توسيع وتقوية محاور وطرق تزودهم بالذهب (15).
    وفي سنة 1583م قام المنصور بفتح واحات كرارة والشط وتوات،وقد شكل ذلك المرحلة الأولى من مخططه التوسعي الذي رسمه، والذي سيعمل على تطبيقه بعد ثماني سنوات بضفاف النيجر،وسيمكنه من أن يصبح سيد جميع الطرق المؤدية نحو السودان الغربي (16).
    واهتم أبطبول كذلك بقضية الصراع السعدي –العثماني حول مملكة برنو حيث أشار إلى مجئ سفير ماي إدريس علومه ليطلب من المنصور تزويده بالجيوش والأسلحة النارية لمواجهة القبائل الإحيائية بتخوم السودان،فانتهز هذه الفرصة لترجمة مطالبته بالخلافة إلى واقع ملموس، وتخليص مملكة برنو من المنافسة العثمانية،ثم أوضح أبطبول كيف ساهمت الأطماع التوسعية للقوات التركية بطرابلس على حساب فزان في توتر العلاقات بين ماي إدريس علومه والأتراك العثمانيين،لكون الأول أبدى تخوفه من تقدم محتمل للقوات العثمانية داخل مناطق نفوذه، فوجه نداء إلى مراد الثالث طلب منه من خلاله أن يعيد إليه منطقة كرارة التي سبق لتجريدة عسكرية عثمانية أن استولت عليها ،ويقدم له مساعدة عسكرية ،وأمام عدم استجابة مراد الثالث لطلبه،اضطر إلى التوجه صوب المنصور(17).
    ولم يفت أبطبول أيضا  التطرق لغزو المنصور للسنغال الذي كان خاضعا لمملكة البول بفوتاتورو،وأبرز الجهود التي بذلها العاهل المغربي من أجل الحصول على أسطول بحري، ولعل هذا ما يفسر الأهمية التي أولاها لعلاقاته مع انجلترا (18).
      وتناول بالدراسة كذلك، حصيلة المغرب السعدي بعد الحملة على بلاد السودان،مبينا أن المغرب أصبح إمبراطورية عظمى، سار فيها المنصور على السياسة التي دشنها ونهجها السعديون الأوائل لقلب موازين التجارة العابرة للصحراء لصالح المغرب الأقصى (19)، وهذه الإمبراطورية ضمت ثلاث مناطق للتبادل التجاري ساهمت بفضل تكاملها في ازدهار التجارة العابرة للصحراء ،حيث تدفقت كميات من الذهب على المغرب بعد فتح السودان (20)،وتطرق أيضا للطرق والمراكز التجارية قبل وبعد الحملة وما عرفته من تطورات ،مبينا دور كل من المخزن العلوي والزوايا كالمختارية الكنتية والتيجانية في ازدهار المبادلات التجارية بين المغرب والسودان الغربي من 1603م إلى نهاية القرن الثامن عشر (21)،وركز على أن المولى إسماعيل كان يبحث عن عبيد بلاد السودان أكثر من الذهب ،لتشكيل جيش عبيد البخاري (22).
    وإلى جانب دراسة أبطبول، هناك دراسة قيمة أنجزها رايمون موني R.Mauny وهي "اللوحة الجغرافية لإفريقيا الغربية ..." Tableau géographique de l’Ouest africain … "، وصاحبها يعد من أكبر المتخصصين في تاريخ غرب إفريقيا القديم والوسيط،، تتلمذ على يد المؤرخ Th.Monod وخلفه في إدارة" المعهد الرئيسي لإفريقيا السوداء " "I.F.A.N  "،أنجز عدة دراسات لكن مؤلفه المذكور الصادر سنة 1961،يبقى أهم إنجازاته (23) ،ويستمد قيمته العلمية من كونه جاء كثمرة لعشرين سنة من البحث والتنقيب،ولأن مضمونه مستقى من "أعمال أثرية وتنقيبات بالدرجة الأولى ،ومن نصوص عربية بالدرجة الثانية "(24)،ومصادر أخرى موثوق بها ،كبعض الرحالة أمثال PACHECO PEREIRA. وCADA MOSTO وV .FRNANDES
    أما المعلومات التي يزودنا بها والتي لها ارتباط بالمغرب،فهي قيمة وبالأرقام تهم المواد التجارية من واردات وصادرات ،كالذهب، والملح،والنحاس،والشب...،وبخصوص الممالح ومنها تغازة،تطرق للصراع الذي احتدم حولها بين المغرب والصونغاي،كما أبرز أهمية هذه المادة بالنسبة للسودانيين وشعوب المنطقة الغابوية  (25)،و أعطانا فكرة  حول تجارة الرقيق ،وانعكاساتها على البنية السكانية في غرب إفريقيا ،حيث ساهمت في ضعف كثافتها ،محملا المسؤولية للتجار العرب ،وأشار إلى أن معظم اليد العاملة التي وجدت بالواحات -الصحراوية- والتي تشكلت من العبيد الأرقاء والحراطين تم جلبها من أسواق النخاسة بالسودان (26)،و قدم لنا كذلك فكرة عن أسعار وقيم المواد التجارية (27)،والطرق التجارية الكبرى ودورها بالنسبة لمصير الدول والممالك السودانية،والحملات العسكرية التي وجهها الملوك المغاربة من أجل التحكم فيها (28).
    ومن بين الأعمال التي كان لها كذلك حضور وازن في رصد وتسليط الضوء على جوانب مهمة من تاريخ المغرب الحديث:
أطروحة جاك مونيي Meunié ,(J) تحت عنوان "المغرب الصحراوي من الأصول إلى القرن XVII" «  le Maroc Saharien des origines au XVIIs »   التي حاولت من خلالها إعادة الاعتبار للجنوب المغربي، والقيام بحفريات تاريخية اعتمادا على بعض المصادر والشهادات اليهودية والإسلامية والروايات الشفوية (29)،وهي في هيكلها الأساسي تملأ ثغرة كبيرة في مجال الكتابة التاريخية المغربية(30)،بما توفره من معطيات تهم التجارة العابرة للصحراء بعد حملة المنصور على بلاد السودان،من طرق،ومراكز،ومواد تجارية،وكيفية تنظيم القوافل التجارية نحو تلك البلاد،والعناصر التي مارست النشاط التجاري بالمغرب الصحراوي،واهتمام السعديين بالمعدن النفيس... (31).
    ومن بين القضايا التي تضاربت واختلفت حولها آراء أقطاب هذا الخطاب التاريخي، قضية الرقيق ولاسيما منها تقدير عدد العبيد المجلوبين من بلاد السودان، وهذا نابع من تعدد الرؤى والتصورات التي ينطلق منها هؤلاء، فهناك مجموعة منهم حاولت -انطلاقا من خلفيات لاتخفى أبعادها - تضخيم أعداد الرقيق الذين تم نقلهم عبر الصحراء ،لتحميل الإسلام والمغاربة مسؤولية تنشيط هذه التجارة، وإخفاء حقيقة أكدتها أوصاف الرحالة والرواد الأوربيين تمثلت في الأعداد الهائلة من العبيد التي أجبرت من طرف المغامرين الأوربيين على عبور المحيط الأطلسي ،أو تم نقلها إلى حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي لاستغلالها في مجالات معينة ،كالخدمات المنزلية،والأنشطة الزراعية...(32)، ومن بين هؤلاء رايمون موني  MAUNY ,(R) ومشال أبطبولABITBOL, (M) ،مبررين ذلك بازدهار تجارة الرقيق خلال القرن السابع عشر ووجود أعداد مهمة من العبيد في صفوف الآلة العسكرية الإسماعيلية(33)،في حين هناك فريق آخر من بينه جاك مونيي Meunié,(J) وكامبس  Kamps ...، حاول التخفيف من هذه التهمة، واعتبر أن ظاهرة الاسترقاق كانت عادية بالمغرب الصحراوي(34)، معللا طرحه بتراجع عدد السود المجلوبين خلال القرنين 16م و17م، وبأنهم أصبحوا يقدمون كهدايا للسلطان ،مما يدل على أنهم أصبحوا يشكلون مادة رفيعة وغير ضرورية للاقتصاد والحرب ،بل إن دورهم في هذا المجال ظل محدودا ،ثم إن العبيد البيض أصبحوا -بعد معركة وادي المخازن- يجدون إقبالا كبيرا بفضل معرفتهم التقنية والعلمية في مجالات صناعة الأسلحة،والسكر،والبناء،وقيادة القوافل التجارية،بالإضافة إلى كونهم شكلوا يدا عاملة ماهرة لا مثيل لها ،استغلت في البستنة والخدمات المنزلية بالمدن(35).
    وإلى جانب هذه النقطة -أي عدد الرقيق- وقع اختلاف بين المجموعتين كذلك حول مصدر هذه العناصر ،وأصلها ووضعها الاجتماعي داخل المجتمع الواحي، مما جعلها تظل موضوع جدل إلى يومنا هذا ،إذ في الوقت الذي نجد فيه أن الفريق الأول قد أكد أن المولى إسماعيل اعتمد في تشكيله لآلته العسكرية على العبيد الذين تم جلبهم من بلاد السودان في إطار تجارة الرقيق العابرة للصحراء ،فإن الفريق الثاني أثبت أن الأمر لم يكن يتعلق بالزنوج من أصل سوداني كما اعتقد غيرهم،وإنما يهم الأمر هنا العنصر المحلي  الذي عرف" بحرا طين درعه" (36) ،وهي كلمة لايزال يكتنفها نوع من الغموض وتطرح إشكالا(37)،لاسيما وأن بعض الدراسات توصلت إلى أن الحراطين تم جلبهم من التخوم الصحراوية (38)،في حين أشارت أخرى إلى أنهم جلبوا بالضبط من موريتانيا (39)،أما جاك مونيي فأوردت أن أصلهم من منطقة درعه (40)،وإذا كانت هذه النقطة -أي مصدر جلب الحراطين- في حد ذاتها لا تطرح أي إشكال ما دامت الدراسات والأبحاث قد أجمعت على أن الحراطين تم جلبهم بصفة عامة من المنطقة  الصحراوية ،فإن المشكل الأساسي يتمثل في أصل هذه العناصر بالضبط ،أو بعبارة أخرى هل هذه العناصر تنحدر فعلا من المجال الصحراوي ؟ أم هي عناصر دخيلة توافدت عليه من مناطق محددة في فترات تاريخية معينة ولأسباب ما؟.
    كجواب على هذه الإشكالية،نورد أطروحتين مختلفتين،أطروحة جاك مونيي التي تبناها بعض الباحثين المغاربة –كالعربي مزين وعبد العزيز العلوي في دراستيهما حول كل من تافيلالت والمغرب والتجارة العابرة للصحراء خلال العصر الوسيط- ،والتي ترى أن الحراطين هم عبارة عن جنس محلي قديم وجد بمنطقة درعه،وهو العنصر الذي لم يتمكن الحسن الوزان من أن يميز بينه وبين الرقيق السود المجلوبين من بلاد السودان،وقد عللت هذه الباحثة تصورها بكون منطقة درعه لم تعرف تجارة الرقيق(41) ،أما الأطروحة الثانية،فهي التي أوردها رايمون موني ،ومفادها أن معظم اليد العاملة التي وجدت بالواحات الصحراوية والتي تشكلت من الحراطين – وكذا الرقيق السود –تم جلبها من أسواق النخاسة بالسودان (42)،ولابد من الإشارة هنا إلى أننا لا نعرف بالضبط المعايير التي اعتمد عليها هذا الباحث في طرحه هذا،مما يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأن أطروحة مونيي هي الأقرب إلى الحقيقة .
    و إلى جانب هذه النماذج من الأعمال التي قدمناها، هناك أعمال أخرى لا تقل أهمية عنها بالإضافة إلى دراسات نشرت في بعض الدوريات والمجلات المتخصصة وكذا الموسوعات العلمية،عالجت مواضيع مختلفة من تاريخ المغرب وعلاقاته مع إفريقيا جنوب الصحراء ،حيث تطرقت للعلاقات التي ظلت تربط بين الجانبين سواء على المستوى السياسي أو الثقافي أو التجاري،ونذكر منها أعمال De Lachapelle ,(F)  من خلال "Esquisse d’une histoire du Sahara occidental "
تطرق فيها لدور الجمل في قلب الأوضاع وتغيير ظروف العيش الصحراوية بحكم الإمكانات المتعددة التي خولها للإنسان ،ولبعض المراكز التجارية مثل تندوف،وأروان،وشنكيط،،و ودان،و تشيت،...،وأيضا  لسياسة سلاطين المغرب  الصحراوية لاسيما منهم السعديون و العلو يون(43). ورايمــــون مونــــــــــي
 «   l’Expédition marocaine d’Ouadane (Mauritanie) vers 1543-44 » : Mauny,(R)
 تطرق فيها للأطماع السعدية ببلاد السودان ،وربطها بانحدارهم من منطقة درعه التي استمدت جزءا مهما من ثرواتها من التجارة العابرة للصحراء و لاسيما منها تجارة الذهب والرقيق ،هذا بالإضافة إلى إدراكهم للأهمية التي اكتستها قضية امتلاك مناجم الذهب الإفريقي ،مما يفسر حرصهم الشديد منذ وصولهم إلى الحكم على إخضاع بلاد السودان لنفوذهم ،وقد أوضح المؤلف مدى أهمية الحملة في كونها شكلت بداية انطلاق السعديين في سياستهم التوسعية نحو الجنوب(44).
II- خطاب تاريخي إفريقي- جنوب صحراوي:
    خلال الستينيات من القرن العشرين، وعلى إثر موجة الاستقلال التي عرفتها دول إفريقيا جنوب الصحراء،ظهرت كتابات إفريقية وطنية ،أنجزت في العديد من معاهد الدراسات الإفريقية في أوربا وإفريقيا من طرف باحثين أكاديميين تأثروا بالمدارس الفرانكفونية و الأنجلوسكسونية ،وبحكم حداثة هذا الخطاب ،فهو لايزال يعاني من" مشكل الهوية والبحث عن الذات " رغم أن بعض أقطابه-كجوزيف كي  زربو- استطاعوا أن يبرهنوا على نضج كبير في تعاملهم مع التاريخ الإفريقي (45)،لكن رغم أهمية هذا الخطاب وسعيه إلى بلورة الوعي الإفريقي من الداخل،وانتزاع الاعتراف من جديد بالتاريخ الأصلي للقارة الإفريقية(46)،فإنه بحكم تأثره في ممارسة الكتابة التاريخية بالطابع الوطني (47)،لايزال يطرح بعض الإشكاليات منها أن بعض الأحكام والموافق التي اتسمت بنوع من التحامل ما فتئت تجد صدى واسعا في صفوف مؤرخيه من أمثال زكري درماني إسيفو Zakari Dramani Issifou ،وسيسوكو سيكيني مودي Sissoko Sékéné Mody ،وكي زربو Ki-Zerbo ،و إبراهيما بابا كاكي Ibrahima Baba Kaké ، وغيرهم ،وعلى سبيل المثال ،فإن معظهم هؤلاء يحملون تجارة الرقيق مسؤولية الإ نحطاط  الذي أصاب إفريقيا السوداء وتوقف الإنتاج بها بفعل الاستنزاف الكبير الذي تعرضت له ثرواتها وفقدان عدد هائل من الأيدي العاملة بسبب النزيف الديمغرافي الهام الذي عرفته طوال عشرة قرون وما ترتب عن ذلك من عواقب ونتائج غير مباشرة على المستويين الاقتصادي والسياسي (48).
    أما الدراسات الإفريقية التي استأثرت باهتمامنا وكان لها حضور فعال ومتميز من خلال ملامستها لجوانب تهم تاريخ المغرب في علاقته مع إفريقيا جنوب الصحراء خلال العصر الحديث فهي:
دراسة زكري درماني إسيفوZakari Dramani Issifou  تحت عنوان:إفريقيا السوداء في العلاقات الدولية خلال القرن XVIتحليل للأزمة بين المغرب والصونغاي L’Afrique Noire dans les relations internationales au XVIs ,Analyse de la crise entre le Maroc et le Sonrhai.          وتكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تشكل قراءة أخرى لتاريخ العلاقة المغربية –الصنغية خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر ،إذ من خلال مواقف درماني نشعر بنبرة من التحامل على المغرب الذي وصفه بالضعف وعدم الإستقرار،وبأنه دولة عسكرية وبيروقراطية،حاربت الدول المجاورة بحجة الجهاد المزعوم(49)،وقد ركزت هذه الدراسة على دور العوامل الاقتصادية ،والسياسية،والشخصية،في التفاعلات التي تمت بين المغرب ومملكة الصونغاي (50)،أي أن صاحبها تبنى مقاربة مدرسة الحوليات ضمن إشكالية تنطلق من منطق إفريقيا السوداء ،ولم تتمكن من التخلص تماما من تأثير التوجه أو النزعة القومية(51).
أما الجوانب التي تطرقت إليها هذه الدراسة ولها علاقة بالمغرب خلال العصر الحديث فهي:
بيعة إدريس علومه للمنصور، حيث حدد مفهوم البيعة، وبين أهميتها نظرا لطبيعتها المخالفة للمألوف،إذ تبدو فريدة من نوعها في إفريقيا جنوب الصحراء خلال القرنين 15و16م،ثم تساءل عن سبب حدوث هذه البيعة ولماذا اختيار المنصور بالضبط سنة 1582؟ هل كان إدريس علومه يبحث عن سند شرعي أو ديني لدى ملك المغرب ؟ هذا أمر-على حد قول درماني- كان بإمكانه الحصول عليه في مكة أثناء حجه (52).
وسياسة المنصورالصحراوية أو السودانية ،التي شكلت فيها حملته على إمبراطورية الصونغاي مرحلة حاسمة ،ربطها زكري درماني بهاجس الخلافة (53) .
الأزمة المالية التي عرفتها الدولة السعدية، وبعض الحلول التي تبنتها للخروج من هذه الوضعية الصعبة والتي تمثل أولها في الاهتمام بزراعة قصب السكر اعتمادا على يد عاملة زنجية مجلوبة من بلاد السودان،أما الحل الثاني فتجلى في إثقال كاهل سكان المناطق الجبلية بالضرائب،والحل الثالث هو حلم الوصول إلى مناجم الذهب ومناطق العبيد التي كانت وراء ثراء ملوك بلاد السودان،وفي هذا السياق يدخل اهتمام المنصور بالقضايا الإفريقية وقيامه بالحملة على بلاد السودان (54)،وما اختيار السعديين لمراكش كعاصمة لهم بدل فاس إلا مؤشر ودليل على سياسة السعديين الصحراوية (55)،وقد ربط درماني هذه السياسة باقتناع السعديين بأن الحلول المناسبة لمشاكلهم المستعصية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تطبيق تلك السياسة ،والانفتاح على ما وراء الصحراء(56).
    وتعرفنا كذلك من خلال هذه الدراسة ،على دور مسألة الممالح في تأزم العلاقات المغربية الصنغية (57)،هذا بالإضافة إلى البحث الذهب الذي شكل رهانا أساسيا بالنسبة للبرتغال،وردود فعل السعديين ضد كل من البرتغال والصونغاي من أجل مراقبة طرق التجارة الصحراوية والتحكم فيها (58).
    وزودنا زكري درماني كذلك ،بمعلومات قيمة حول ظاهرة الاسترقاق،وتطور تجارة العبيد خلال القرن السادس عشر(59)،لاسيما وأن أغلب المصادر المغربية ومصادر بلاد ما وراء الصحراء تجنبت تناول هذا الموضوع والخوض فيه (60).
    كما سلطت هذه الدراسة الضوء على العلاقات التي جمعت بين الأتراك ومملكة كانم-برنو من خلال المراسلات التي تبودلت بين مراد الثالث وماي إدريس ،حيث طلب هذا الأخير من الأول أن يتخلى له عن قلعة كوران الواقعة شمال إمبراطوريته ،وأن يقدم له مساعدة عسكرية،وكان جواب مراد الثالث لبقا وصريحا،حيث ذكر ماي إدريس بتبعيته و ولائه له باعتباره خليفة.ومما لاشك فيه ،أن ملك برنو كان على علم بالعلاقة المتوترة والسيئة التي جمعت بين القسطنطينية ومراكش،لاسيما عندما نجح أحمد المنصور سنة 1581-1582 في إفشال محاولة مراد الثالث الرامية إلى غزو المغرب بإيعاز من أمير البحر علي علوج،لذلك حل المنصور محل مراد الثالث في لعبة برنو الدبلوماسية(61).
    وبخصوص بيعة إدريس علومه للمنصور990ه/1582-1583م،فقد وضعها زكري درماني في إطار استعدادات المنصور للحملة على بلاد السودان،واعتبرها هذا العاهل فرصة لتحقيق ثلاثة أهداف هي:
-التحالف مع برنو،واستكمال سيطرته على توات وكورارة،و الإنتقام من الأتراك العثمانيين الذين سبق لهم أن قاموا بقمع ثورة بفزان سنة 1582،تعرضت خلالها حامياتهم العسكرية للتقتيل(62).
    بعد ذلك،حرص السعديون على عزل إمبراطورية الصونغاي سياسيا ،لاسيما وأن الأساكي لم يعترفوا سوى بالخلافة العثمانية التي أبرموا معها معاهدة تحالف(63)،لم تحل دون قيام المغاربة بحملتهم على إمبراطورية كاو سنة 1591(64). 
دراسة فلكس إروكو Félix ,Iroko تحت عنوان :"السياسة المغربية ببلاد السودان خلال القرنين XVIوXVII.La politique marocaine au Soudan au XVI –XVIIs                             
          وتتجلى أهميتها في كونها تعالج موضوع السياسة المغربية ببلاد السودان خلال القرنين السادس
عشر والسابع عشر وهي بذلك تلامس بعض الجوانب البالغة الأهمية من تاريخ المغرب الحديث في علاقته مع إفريقيا جنوب الصحراء، إذ مكننا فحصنا الدقيق لها من الإطلاع على جوانب من التفاعل الحضاري الذي تم بين المغرب وبلاد السودان، كانتقال بعض العادات والأفكار،والمعتقدات السحرية(65) كما تعطينا فكرة واضحة عن  سياسة  الشرفاء العلويين الصحراوية،وكيف أن جيش العبيد شكل بالنسبة إليهم سلاحا ذو حدين (66)،هذا بالإضافة إلى الإمكانات التي  وفرها السودان الغربي للتجارة العابرة للصحراء،من ثروات طبيعية،وأمن ضروري حرص الأمراء السود على توفيره لهذا النشاط...،(67)،وكيف أن البحث عن الذهب شكل رهانا أساسيا للسياسة المغربية ببلاد السودان والعنصر المحرك لها وللتدخلات المغربية بها (68)،كما اكتسى الملح أهمية بالغة في سياسة المغرب السودانية خلال القرن السادس عشر (69)،زيادة على استقبال البلاد لكميات مهمة من الذهب في بداية حملة المنصور(70).
III-خطاب تاريخي مغربي/عربي إسلامي :
    بالنظر إلى أهمية العلاقات التي جمعت بين الطرفين المغربي والسوداني عبر فترات تاريخية طويلة، أولت الجامعة المغربية مع بداية الثمانينات اهتماما متزايدا للدراسات الإفريقية من خلال إدراج موضوع تاريخ إفريقيا السوداء ضمن التكوين بشعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ،ومع نهاية الثمانينات وبالضبط سنة 1986/1987،عرف هذا الحقل المعرفي قفزة نوعية عندما تم اتخاذ قرار من طرف الجهات الرسمية ينص على فتح تخصص للدراسات الإفريقية بشعبة التاريخ –لم يعمر طويلا-بهدف تطوير هذه الدراسات ببلادنا تحت إشراف أستاذين متمرسين،كما شكل إحداث معهد الدراسات الإفريقية سنة 1987 حدثا بالغ الأهمية ،وذلك من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف والمهام من ضمنها القيام بالبحث العلمي والنهوض به ،والعناية بالتراث المغربي- الإفريقي  المشترك في مختلف الميادين وجميع مقومات الحضارة الإفريقية ،وقد كللت الجهود التي بذلت على مستوى هاتين المؤسستين بظهور مجموعة من الباحثين المغاربة المهتمين بإفريقيا ،تمكنوا بمجهودات فردية رغم العديد من الإكراهات من مناقشة رسائلهم التي مع الأسف الشديد لايزال معظمها سجين رفوف مكتبة الجامعة لأسباب ذاتية وموضوعية،وبذلك يمكن القول بأن هذا الخطاب التاريخي -على غرار الخطاب الإفريقي -الجنوب صحراوي – "لايزال يافعا"(71)،وأنصاره يشكون من عدم "تخصصهم في تاريخ غرب إفريقيا وإلمامهم بما يطرحه من مشاكل منهجية وموضوعية،مما جعلهم يستهلكون قراءات ونتائج الدراسات الأوربية"(72)،ويصبحون بالتالي سجناء لتلك الطروحات ،رغم النزعة الوطنية التي طبعت أعمال البعض منهم ،والتي حاولوا من خلالها دحض بعض التصورات والأفكار المغلوطة المنطلقة من اعتبارات عنصرية وخلفيات ونوايا استعمارية ، حرصت بعض الدراسات الأفريقانية الأجنبية على  ترويجها حول تاريخ المغرب(73).
    أما فيما يتعلق بالمجالات التي انصب حولها اهتمام هؤلاء الباحثين القدماء منهم والشباب، فيمكن أن نصنفها إلى:
    صنف انكب على دراسة وترجمة و تحقيق بعض الوثائق التاريخية والمخطوطات،لغناها المعرفي والتراثي وكشفها عن بعض النقاط الغامضة والحساسة في تاريخنا ،وقد تم ذلك إما في إطار اعتمادها كمصادر لأبحاثهم وأطروحاتهم الجامعية ،أو خارج هذا النطاق أي في إطار إنتاجاتهم العلمية بشكل عام،وفي هذا السياق ندرج مجموعة من الأعمال لاسيما منها المتعلقة بالعصر الحديث مثل:
* "فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور" لأبي عبد الله الطالب ،الذي حققه محمد إبراهيم الكتاني ومحمد حجي سنة 1981،وهو عبارة عن كتاب تراجم، قيمته العلمية تكمن في كونه "يسد فراغا في المكتبة العربية "(74)،وهو يعالج الحياة الثقافية في غرب إفريقيا خلال القرن الثامن عشر .
* و"معراج الصعود إلى نيل حكم مجلب السود" أو "الكشف و البيان لأصناف مجلوب السودان " لأحمد بابا التنبكتي ،الذي حققته وترجمته فاطمة الحراق وكذا جون هانويك سنة 2000،وهو عبارة عن فتوى حاول من خلالها أحمد بابا أن يجيب على مجموعة من الأسئلة التي طرحها عليه سكان توات بخصوص بعض المشاكل التي تهم رقيق السودان (75)،وتكمن قيمته العلمية في كونه يشكل "نصا مؤسسا في الفقه المالكي ومصدرا أساسيا من مصادر تاريخ بلاد السودان في العصر الحديث"،إذ بالإضافة إلى تأكيده على الضوابط الشرعية التي تحكم الاسترقاق عند المالكية في الغرب الإسلامي ،فهو يقدم من خلال هذه الأجوبة "معلومات مفصلة عن بلاد السودان وتاريخ انتشار الإسلام بها (76).
*" الطرائف والتلائد من كرامات الشيخين الوالدة والوالد" لمحمد بن المختار الكنتي :الأبواب الأول والرابع والخامس ،تقديم وتحقيق أرفاك شفيق ،سنة 1992،بالرباط ، وهو من أشهر مؤلفات الأدب الصحراوي خلال القرن XIX،ويتطرق لإنتاج وحياة الشيخ المختار الكنتي (1729-1811).
    أما الصنف الثاني من هذه الأعمال ،فهو الدراسات التحليلية التي يمكن أن نميز فيها بين الأطروحات والرسائل الجامعية وأغلبها لم ينشر بعد،وقد انصب اهتمامها على دراسة بعض الجوانب من تاريخ المغرب في علاقته مع إفريقيا جنوب الصحراء ،ومن بين هذه الأعمال :
- دراسة مبارك آيت عدي حول "حملة المنصور الذهبي إلى بلاد السودان 1591م/999ه" ،تطرق فيها لدوافع الحملة ومبرراتها،وكذا الأوضاع الداخلية والدولية التي تمت فيها ،والمراحل التي مرت منها وأخيرا نتائجها وانعكاساتها على كل من المغرب وبلاد السودان (الرباط ،2003).
- دراسة الحسين عماري تحت عنوان :"المغرب والتجارة العابرة للصحراء من القرن XVإلى القرن XVIII م"،إسهام في دراسة تاريخ المغرب وعلاقاته التجارية مع السودان الغربي خلال العصر الحديث
تناول فيها بالدراسة الدور الفاعل الذي ظلت التجارة العابرة للصحراء تلعبه في حياة البلاد، وتفاعلاتها الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، من خلال مقاربة بنية هذه التجارة عن طريق رصد مكوناتها والعناصر المتفاعلة داخلها ،من محاور،ومراكز تجارية ،وإطار منظم للتجارة،والمواد التجارية لاسيما منها الذهب والملح والعبيد ،مع إبراز علاقة هذا النشاط بالدولة والمجتمع المغربيين ،وحضوره الوازن ضمن علاقة المغرب مع القوى المجاورة (الرباط ،2003).
    وتجدر الإشارة، إلى أن هناك بعض الباحثين تجاوزوا حدود التاريخ المغربي لدراسة تاريخ بلدان إفريقيا جنوب الصحراء وثقافاتها، وهذا مكسب وخطوة هامة خطاها البحث التاريخي ببلادنا، وفي هذا السياق نذكر:
- دراسة خالد أوشن حول" النشاط الاقتصادي في النيجر الأعلى 1230-1591/628-999ه"
- وصالح شكري حول:"السودان الأوسط : مملكة كانم-برنو القرن 11م-16م".
-و سعيد حراش حول :"العلاقات الفكرية بين العالم العربي الإسلامي وغرب ووسط إفريقيا جنوب الصحراء خلال القرنين 10-11ه/16-17م من الرحلة إلى الهوية والكتابة "،1993 ،بالرباط.
- خالد الشكراوي :"الدين والسلطة في إفريقيا الغربية مساهمة في دراسة بعض البنيات السياسية بالسودان الغربي 628-1000/1230-1591".
وقد تناولت هذه الأخيرة بالدراسة بلاد السودان من الناحية الدينية والاجتماعية ،وخاصة الغزوات التي قام بها الأساكي ضد جيرانهم ودورها في  ضعف القدرات  العسكرية للجيش الأسكي قبل مواجهة المغاربة في معركة تندبي .
    أما الأعمال المنشورة، فنذكر منها:
- "بداية التدخل المغربي في السودان الغربي " لمحمد الغربي ،وهي محاولة غلب عليها الطابع المعرفي والوصفي ،حيث اهتمت بجمع الأخبار حول التواجد المغربي في السودان الغربي إلى القرن التاسع عشر،وقدمت تفاصيل كثيرة حول الإدارة المغربية في السودان الغربي ومختلف التحولات التي أحدثها المغاربة في هذا البلد.
    ولا ننسى بعض الدراسات المونوغرافية التي عالجت بعض الجوانب من تاريخ المغرب الحديث في علاقته مع إفريقيا جنوب الصحراء، كدراسة العربي مزين حول تافيلالت التي تعكس بوضوح مدى ارتباط تاريخ الجنوب الشرقي المغربي بالتجارة الصحراوية ،وتأثير هذا النشاط على العلاقات بين الرحل والمستقرين(77)،ومدى الأهمية التي ظل الملح يكتسيها بالنسبة للتجارة السودانية (78)، وكيف أن التجارة الصحراوية –في عهد سيدي محمد بن عبد الله –لم يعد بإمكانها الصمود أمام تغلغل الأوربيين في قلب إفريقيا السوداء (79)،مما جعل المغرب يفقد دوره كوسيط تجاري بين أوربا وإفريقيا جنوب الصحراء (80).
    وهناك دراسات متفرقة على شكل مقالات، تم نشرها في مجلات متخصصة، "كـأمل"، و"المناهل"...، أو ضمن منشورات بعض المؤسسات الجامعية أو الجمعيات التابعة لها، ككتاب "العلاقات بين المغرب وإفريقيا "، الذي نشرته جمعية موظفي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط سنة 1992، أو نشرات إخبارية مثل "المغرب الإفريقي " ،وكذا أعمال بعض الندوات والمناظرات ،كالمغرب وإفريقيا جنوب الصحراء في بدايات العصر الحديث ،وقائع الندوة الدولية التي نظمها معهد الدراسات الإفريقية (مراكش ،أكتوبر1992) الدار البيضاء ،1995.
- وندوة فاس وإفريقيا :العلاقات الاقتصادية و الثقافية والروحية ،أعمال الندوة الدولية التي نظمها معهد الدراسات الإفريقية وكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس –فاس (فاس-أكتوبر1993) الدار البيضاء 1995.
    وقد تناولت كلها مواضيع في غاية الأهمية، تهم العلاقات بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء وبعض الجوانب من تاريخ المغرب، كالعلاقات الثقافية، والتجارية، والدينية...   .
     أما الإشكاليات التي تطرحها هذه الأعمال، فنوردها على النحو التالي:
تعدد الرؤى والتصورات حول بعض القضايا المرتبطة بتاريخ المغرب في علاقته مع إفريقيا جنوب الصحراء ،ومن بينها ،موقف بعض هذه الدراسات من الصورة المبالغ فيها حول الذهب في عهد المنصور وغنى بلاد السودان بهذه المادة ،وجلب المغرب لثروة هائلة منها –كما جاء في بعض المصادر المغربية كمناهل الصفا للفشتالي ونزهة الحادي للوفراني- حيث أبدت شكوكها حول هذه الأطروحة ،وترى أنه لحل هذه الإشكالية والكشف عن معلومات دقيقة تساعد على رسم الصورة الحقيقية للذهب المستورد من بلاد السودان ،لابد من الاعتماد على مصادر أخرى، والقيام بدراسة علمية للنقود في العهد السعدي وإخضاعها لتحاليل مخبريه (81)،وتستشهد هذه الدراسات ببعض المصادر مثل "الأصناف المنفضة عن أحكام صناعة الدينار والفضة"للجز نائي ،الذي يعترف بمعلومات من شأنها أن تشكك في الصورة المبالغ فيها حول  الذهب في عهد المنصور،حيث يرى أن" الذهب الرذيء"أو ذهب الحلي  شكل بدل التبر المستورد من بلاد السودان إحدى المصادر الأساسية لسك النقود في دار السكة بمراكش (82).
    وهناك كذلك بعض المغالطات ،إذ لا نكاد نصدق ما أورده أحد الباحثين الذي أشار إلى أن بعض مواطن الذهب السوداني وهي بمبوك وبوري امتد إليها نفوذ الإدارة المغربية (83)،مع العلم أن المنصور فشل في تحقيق الحلم الذي طالما راوده وهو الاستيلاء على مناجم الذهب ،مما جعله يهتم بتأمين وصول ملح تغازة إلى كل من تنبكت وجني للتزود بالذهب (84).

خلاصـــــــــــة:

    من خلال كل  هذا ،يتضح أن تاريخ المغرب حظي باهتمام الباحثين المتخصصين في الدراسات الإفريقية المغاربة منهم والأجانب،مما سمح بوجود تراكم معرفي غني ومتنوع تتجاذبه ثلاث خطابات،الأول أوربي ، والثاني إفريقي –جنوب صحراوي، والثالث مغربي/عربي إسلامي،وقد تميز كل خطاب من هذه الخطابات بخصوصيات معينة ،كما أن كل واحد  منها عالج جوانب محددة من تاريخ المغرب الحديث في علاقته مع إفريقيا جنوب الصحراء ،وإن كانت هناك قواسم مشتركة بين الخطابات الثلاثة ،وكل خطاب كذلك يطرح إشكاليات على المستويين المعرفي والمنهجي ينبغي التعامل معها بنوع من الحذر والحيطة ،أما الآفاق المحتملة لحضور تاريخ المغرب في الدراسات الإفريقية ،فإن الأمل معقود على الباحثين المغاربة المتخصصين في هذا الحقل المعرفي وغيرهم، لتحقيق قفزة نوعية وحضور فاعل ومتميز من خلال العمل على نشر إنتاجاتهم ،وتطوير أدواتهم المنهجية وقدراتهم المعرفية ،عن طريق القيام بمبادرات تهدف إلى تقوية التبادل والصلات بينهم وبين باقي الباحثين في نفس التخصص ،بتنظيم لقاءات وطنية دورية لمناقشة قضايا ومواضيع تهم هذا الحقل المعرفي كما هو معمول به في دول أخـرى
كما ينبغي عليهم، وضع حد لشبه القطيعة الموجودة بينهم وبين الباحثين العرب، والأفارقة، والأوربيين وغيرهم، عن طريق خلق جسور الحوار المشترك، والتنسيق بين مراكز البحث، العربية، والإفريقية-الجنوب صحراوية، والأوربية...،ومثيلاتها المغربية خصوصا وأن الثورة التكنولوجية أصبحت تشكل عاملا مساعدا ،وأخيرا لابد من إيجاد دليل بيبليوغرافي أونشرة منتظمة حول الإصدارات التاريخية التي تهم تاريخ المغرب بصفة عامة والدراسات الإفريقية بشكل خاص .  
 
 الهوامــــــــــــــــش:

1)- عماري (الحسين)، المغرب والتجارة العابرة للصحراء من القرن XVم إلى القرن WVIIIم .
إسهام في دراسة تاريخ المغرب وعلاقاته التجارية مع السودان الغربي في العصر الحديث .
أطروحة جامعية نوقشت برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، بتاريخ 01/07/2003، تحت إشراف مصطفى ناعمي وزهرة طموح، ص.57.
2)-الشكري (أحمد)،الإسلام والمجتمع السوداني،إمبراطورية مالي 628ه-834/1230-1430م.
ر.د.د.ع.تحت إشراف محمد حجي،ك.ا.ع.إ الرباط، 1990-1991.
3)- الغربي (محمد)، بداية الحكم المغربي في السودان الغربي.
الجمهورية العراقية، وزارة الثقافة و الإعلام، دار الرشيد للنشر، بغداد، 1982، ص.14.
وبن شريفة (محمد)،"بين أحمد بابا وأحمد المنصور "،المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء في بدايات العصر الحديث ،وقائع الندوة الدولية التي نظمها معهد الدراسات الإفريقية،مراكش 23-25/أكتوبر 1992،ص.63.
4)- وهو يهودي من أصل مغربي، درس بباريس و تتلمذ على يد أكبر المتخصصين في تاريخ الإسلام في إفريقيا وهو NEHEMIA LEVTZION.
5)-                                                                     ABITBOL,(M) :TOMBOUCTOU et les ARMA
 de la conquête marocaine du SOUDAN nigérien en 1591 à l’hégémonie de l’empire PEULH du MACINA en  1833.
G-P.MAISONNEUVE et LAROSE, PARIS, 1979, p.8.                                                               Ibid., p.9.                 -(6 Ibid., pp.12-13-16.  -(7 Ibid., p.11.               -(8                                   
Ibid.                          -(9
Ibid., pp.26-27.      –(10
Ibid., pp.44-45.      –(11
Ibid., p.44.             –(12
Ibid., pp.42-41.      –(13
Ibid., p.43.             -(14
15)- من تلك المؤشرات حملة صالح رايس على وركلة سنة 1552م،وغزو جعفر باشا لفزان سنة 1577م،والاتفاقيــــات  المتتالية التي أبرمت بين برنو وباشوات طرابلس ،والرسائل التي تم تبادلها بين مراد الثالث وماي إدريس علومه،  ومحاولات التسرب إلى توات ما بين 1579و 1589 لأن  الشرفاء كانوا يحصلون انطلاقا منها على جزء من الذهب (Ibid., p.47).
ABITBOL, (M) :op.cit., p.49. –(16
Ibid., pp.49-50.      –(17    
Ibid., pp.51-52.      –(18
Ibid., p.77.             –(19
Ibid., pp.77-78.      –(20
Ibid., pp.187-188-198. –(21
Ibid., p.200.           –(22
    وإن كنا نسجل هنا غياب أي مؤشر أو دليل قاطع يبرهن على تقدم تجارة الرقيق كما أشار إلى ذلك أبطبول،خصوصا وأن المولى إسماعيل اعتمد فقط على" ديوان عساكر المنصور "وعلى ظاهرة التكاثر الطبيعي في صفوف العبيد لتشكيل جيش نظامي (طموح(زهرة)،محاضرات السلك الثالث،الموسم الجامعي 87/1988. ).
23)- الشكري(أحمد)،الإسلام والمجتمع السوداني،إمبراطورية مالي 628ه-834/1230-1430م،ر.د.د.ع تحت إشراف محمد حجي،ك.ا.ع، الرباط ،1990-1991،ص.52.
24)- التوفيق(أحمد)،"العلاقات بين المغرب وإفريقيا من خلال كتاب تاريخ الفتاش وتاريخ السودان"،م.ج.م.ك.ا.ع.إ بالرباط، منشورات عكاظ، الرباط، ص.13.
MAUNY, (R) « : Tableau géographique de l’Ouest africain au moyen age d’après             -(25                 
Les sources écrites, la tradition et l’archéologie ».
DAKAR, I.F.A.N ,1961.pp.306-321-323.
Ibid., pp.336-339-340-377. -(26
Ibid., p.422. - (27
Ibid., pp.430-440. -(28
29)- زنيبر(محمد)،"مساهمة الصحراء في بناء الدولة المغربية ".
م.ك.ا.ع..إ، عدد خاص ومزدوج 21-22، الرباط، ص.78.
30)- ن.م .ص.
Meunié, (J) : le Maroc Saharien des origines au XVIIs(1670). -(31                                              
Volume I, librairie Kline Kieck, 1982, pp.75-76-392-40-408.
32)- عماري (الحسين)، م.س،هامش229،ص.267.
33)- نفسه،ص.271.
34)-نفسه،ص.229.
Meunié,(J) :op.cit.,pp.408-872. -(35     
El Alaoui,(A) :le Maghrib et la commerce Transsaharien(milieu du XIème –milieu du XIVème s).Contribution à l’histoire économique sociale et politique du Maroc Médiéval.
Thèse en vue du Doctorat de 3ème cycle, Bordeaux, 1983, p.251.
Meunié,(J) :op.cit.,p.41.  –(36                                                    
 وعماري (الحسين)،م.س،ص.271.
37)-
كلمة حراطين هذه من الصعب معرفة أصلها، فبعض الدراسات ترى أن كلمة حرطاني مفرد حراطين تطلق بإفريقيا الشمالية الغربية على بعض العناصر من سكان الواحات بالمنطقة الصحراوية ،وأن الأمر من وجهة نظر إثنية يتعلق بخليط وانصهار ربما جد قديم بين غزاة أو محتلين بيض والعناصر الزنجية التي شكلت الساكنة الأصلية بالمنطقة غير أن الحراطين يختلفون من الناحية العرقية وبشكل واضح عن جنس الزنوج ،كما أن حراطين الجنوب المغربي اعتبروا من طرف باقي السكان كفئة شعبية مكونة نظريا من أشخاص أحرار من درجة دنيا تتوسط الأحرار والعبيد)
Lewis,(B) et Ménage V,L :Encyclopédie de l’Islam,T III ,H.IRAM G.P Maisonneuve  et Larose S.A,1971,p.237.).
وفي الأمازيغية ،يجهل تماما أصل كلمة أحرضان التي تقابل كلمة حرطاني،أما في اللهجات العربية المغاربية فإن مصطلح حرطاني ،لا يطلق على العناصر البشرية ،ففي موريتانيا نجد أن هذه الكلمة تطلق على الحصان الهجين وكذا على الشجرة غير المطعمة ،وبالجزائر تطلق على نبتة الشرية (وهي نبتة غير مطعمة حاصلة من بزره ) ،أما في المغرب ،وبالضبط في منطقة زعير فإنها تطلق على الأرض غير الصالحة للزراعة (Ibid)،وهناك من يرى بأن الحراطين مشتقة من "حراثين"أو من حر ثاني أي حر من الدرجة الثانية ،وهذا ما تؤكده بعض المصادر ،كالناصري الذي يرى أن" لفظ الحرطاني يعني في عرف أهل المغرب العتيق وأصله الحر ثاني كأن الحر الأصلي حر أول وهذا العتيق حر ثان "(الناصري(أحمد)، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى ،دار الكتاب ،الجزء 5، 1954-1956،ص58.)وفي بعض المناطق المغربية نجد أن كلمة قبلي/كبلي جمع قبالة /كبالة مرادفة تقريبا لكلمة حرطاني  et Ménage V.L :op.cit.,p.238. et Martin AGP :Quatre Siècles d’histoire marocaine au Sahara de(Lewis,(B
1504 à 1904 au Maroc de 1894 à 1912, PARIS, Leroux, 1923, p.22.)
Delafosse, (M) : « les débuts des troupes noires du Maroc ».     –(38
Hespéris , A.B.B.I.H.E.M.  TIV, Emile Larose, Paris, 1924,1er trimestre, p.10.
Lewis, (B) et Ménage V.L :op.cit., p.237.  –(39
    يشير الناصري إلى أن المولى إسماعيل قام سنة 1089ه بغزو "صحراء السوس فبلغ أقا وطاطا وتشيت وشنكيط وتخوم السودان ...وجلب في هذا الغزو من تلك الأقاليم ألفين من الحراطين"(الناصري (أحمد)،م.س،ج 7،ص.58).
Meunié,(J) :op.,cit.p.411.  –(40
Ibid. –(41
Mauny,(R) :T.géo…,p.340. –(42             
DE Lachapelle, (F) : «  Esquisse d’une histoire du Sahara Occidental ».   –(43
Héspéris , A.B.B.I.H.E.M. Année 1930 ,TomeXI,Librairie Larose ,PARIS,pp.41-78.
Mauny,(R) :L’expédition  marocaine d’Ouadane (Mauritanie) vers 1543-44.                     –(44
B.I.F.A.N Tome XI Janv. –Avr 1949n°1-2, DAKAR –I.F.A.N, pp.135-138.
45)- الشكري (أحمد)،م.س،ص.50.
El kaddouri,(A) :L’expédition d’Ahmad Almansur au Soudan. Historiographie et discours-(46
A.C.I.organisé par l’I.E.A , Marrakech23-25 octobre 1992,p.209.
Ibid., p.210.           –(47
Ibrahima,Baba (K) ,et M’bokolo,(E) :la Traite négrière,l’Afrique brisée. –(48
H.G.A. Volume VI, Dan Frank, PARIS, p.75.
Zakari,(D.Issifou) :L’Afrique Noire dans les relations Internationales au XVIs ,Analyse    -(49
De la crise entre le Maroc et le Sonrhai, Editions Karthala, PARIS, 1982, p.250.
Ibid., p.8.–(50
 El kaddouri,(A) :op.cit.,p.233. –(51
Zakari,(D.I) :op.cit.,p.43.–(52
Ibid., p.45.     -(53
Ibid., p.71.     –(54
Ibid., p.90.     -(55
Ibid., p.92.     –(56
Ibid., pp.90-96.      –(57
Ibid., pp.97-101-105.                                                                                                             –(58
Ibid., p.111.   –(59
60)-  عماري(الحسين)،م.س،ص.62.
Zakari,(D.I) :op.ci., pp.131-132.                                                                                            –(61
Ibid., p.133.   –(62
Ibid., p.135.   –(63                                                                                        
Ibid.               –(64
Iroko,(A.Félix) : La politique marocaine au Soudan XVI-XVIIs,mémoire de maîtrise        -(65
D’histoire africaine sous la la direction de Mr Raymond  Mauny, Sorbonne, PARIS I ,1970-71, p.133.
Ibid., pp.104-131.  –(66
Ibid., p.17.     –(67
Ibid., p.20.     –(68
Ibid., p.25.     –(69
Ibid., p.129.   –(70
 71)- الشكري(أحمد)،م.س،ص.49.
 72)-نفسه.
 73)- عماري(الحسين)،م.س،ص.23.
74)-الطالب (أبو عبد الله)،فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور.
تحقيق محمد إبراهيم الكتاني ومحمد حجي ،دار الغرب الإسلامي ،بيروت ،1401ه/1981م،ص.5.
75)- عماري (الحسين)،م.س،ص.35.
76)- الحراق (فاطمة) وهانويك (جون)،معراج الصعود أجوبة أحمد بابا حول الاسترقاق.
تحقيق وترجمة، منشورات معهد الدراسات الإفريقية، الرباط، 2000، ص.ص.13-14.
Mezzine, (L) : Le Tafilalt, Contribution à l’histoire du Maroc aux XVII et XVIIIs.            –(77
P.F.L.S.H.RABAT, Série  Thèses 13, 1995, p.270.
Ibid., p.294.   –(78
Ibid., p.360.   –(79
Ibid., p.367.   –(80
81)- الموساوي (العجلاوي)،"دار السكة بمراكش في العهد السعدي التمويل المعدني وتقنيات الصناعة النقدية ".
أشغال الملتقى الثاني ،1990،مطبعة إدو يسعدن ،مراكش،جامعة القاضي عياض ،ك.ا.ع.إ،عدد8،1992،ص.105.
82)- نفسه،ص.ص.109-111-116.
83)- الغربي (محمد)،م.س،ص.ص.495-496.
Abitbol,(M) :T et les A.p.166.  –(84