الدور الايجابي للسياسة المائية الفرنسية، حالة تجفيف مستنقعات الغرب ـ عبدالرزاق القرقوري و صلاح الدين ليياتي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse17032مقدمة.
         إن إعادة قراءة تاريخ الحماية بدون تعصب، يمكننا من الخروج بأفكار وتصورات جديدة بل وزعزعة بعض المفاهيم التي ظلت راسخة في ذهن الباحث المغربي، فلا يختلف إثنان حول أن الحماية الفرنسية للمغرب لم تكن حبا في أهله بل كانت من ورائها أهداف استعمارية بحثة نظرا لما يتوفر عليه من مقومات فلاحية مهمة وموقع إستراتيجي، لكن هذا لا يمنعنا من القول أن المستعمر الفرنسي قد ساهم في بناء دولة مؤسسات حديثة، و أصلح البنية التقليدية للمخزن المغربي، كما أنه من بين هذه الإيجابيات التي يمكن رصدها محاربته للأمراض التي كانت متفشية في المجتمع المغربي، فقد وجهت عناية البعثات العلمية الفرنسية إلى جمع المعلومات عن كل ما له علاقة بالمغاربة وأحوالهم، وكان مما طرقوا مواضيعه ما اعتور صحة المغاربة من مخاطر من قبيل الأوبئة والأمراض الفتاكة، وعملوا بعدما استتب لهم الأمر به على منازلة وباء بوباء، ومرض بمرض.[1]

         ولعل من بين الأمراض التي يمكن الوقوف عندها والتي كان لها ارتباط وثيق بالماء هي حمى المستنقعات، والتي  لم يستطع الإنسان المغربي التغلب عليها مما أدى إلى إلحاق أضرارا كبيرة بالنمو الديمغرافي بالمنطقة، هذا الضرر لم يمس فقط المغاربة بل حتى  جنود السلطات الإستعمارية الفرنسية، وقد اكتشف الفرنسيون منذ البداية أن السبب الحقيقي لحمى المستنقعات هو البعوض، هذا الأخير الناتج عن الماء الراكد[2]، وهكذا وجه المقيم العام ليوطي في فبراير 1914، رسالة إلى حكام الأقاليم يدعوهم إلى محاربة حمى المستنقعات، لكونها تحصد الكثير من الأرواح وتعرقل الإحتلال العسكري وتؤخر استثمار هذه المنطقة الخصبة من البلاد، وطلب منهم في نهاية الرسالة ضرورة ضبط أماكن "المرجات" والمساحات التي تغطيها المياه الراكدة[3].


       لذا فالإهتمام بمنطقة الغرب لم يكن من قبيل الصدفة بل لكونها من أكبر المناطق توفرا على المستنقعات وينتشر فيها عدد كبير من الأمراض المرتبطة بها، بالإضافة إلى هذا العامل فهناك عوامل أخرى لا يمكن غض الطرف عنها، تتمثل في كون هذه المنطقة تعرف بسهول خصبة وتتوفر على إمكانيات مهمة في المجال الفلاحي، خاصة عندما تم تجفيف أراضي "المرجات" المغمورة بالمياه، والتي تم تقدير مساحتها بحوالي 60.000 هكتار"[4]، والتي أولتها سلطات الحماية الفرنسية عناية خاصة فانطلقت بذلك  مشاريع تجفيف المياه وتصريفها.

      هذا ما دفعنا لتسليط الضوء على هذا الموضوع الذي نراه بالغ الأهمية في فترة الحماية الفرنسية نظرا لما له من كبير الفضل في إصلاح عدد كبير من الأراضي التي أصبح سهل الغرب حاليا يستثمرها في الإنتاج الوفير للفلاحة والمزروعات على اختلاف أنواعها، وكذلك الدور الفعال الذي لعبته هذه السياسة في محاربة الأمراض الخطيرة والفتاكة التي ترتبط بشكل كبير بالماء. وبهذا تكون السياسة المائية التي نهجتها سلطات الحماية تتسم بنوع من الإيجابية على الرغم من الإنتقادات التي يمكن أن يقدمها رواد التيار الذي يتبنى فكرة مفادها أن الإستعمار الفرنسي للمغرب اتسم بالسلبية فقط.

      وانطلاقا من هذا فإننا حاولنا رصد الإيجابيات التي جاءت بها السياسة الفرنسية في المسألة المائية، مبرزين ذلك من خلال تسليط الضوء على حدث تاريخي مهم يكمن في تجفيف المستنقعات، هذا ما خول لنا وضع عنوان لهذا العرض والذي هو " الدور الإيجابي للسياسة المائية الفرنسية، حالة تجفيف المستنقعات بالغرب ."

الفصل الأول :  المعطيات الطبيعية والبشرية لمنطقة الغرب.
  أولا:المعطيات الطبيعية.
1-1  الموقع الجغرافي
تضاريس  ومناخ المنطقة
1-3  الشبكة المائية
  ثانيا: المعطيات البشرية لمنطقة الغرب .
الفصل الثاني : تجفيف المستنقعات وأثره على مجال منطقة الغرب.
  أولا : الأمراض المرتبطة بالمستنقعات.
    1-1 تعريف حمى المستنقعات.
    1-2 العوامل الطبيعية والبشرية المساهمة في انتشار داء حمى المستنقعات.
العوامل الطبيعية.
 العوامل البشرية.
  ثانيا : تجفيف المستنقعات والآثار الناجمة عنها.
 2-1 بداية عملية تجفيف المستنقعات.
 2-2 من مياه المستنقعات إلى مياه الري
الفصل الأول :  المعطيات الطبيعية والبشرية لمنطقة الغرب.
أولا: المعطيات الطبيعية.
1 –1:  الموقع الجغرافي.

      لا شك أن مصطلح الغرب لم يستعمل للدلالة على المنطقة المدروسة إلا في العصر الحديث وبالذات في العهد السعدي فقد جاء على لسان السلطان المنصور الذهبي قوله"إن أهل الغرب مجانين مارستانهم هي المحن من السلاسل والأغلال"[5]، و تحتل منطقة الغرب موقعا جغرافيا متميزا في المنطقة الشمالية الغربية للمملكة المغربية من حيث تواجدها على الطريق الرابط بين الدار البيضاء و المتوجه إلى مكناس وتطوان مرورا بالقصر الكبير وسيدي قاسم، أو سلا عبر غابة المعمورة وواد بهت في اتجاه مكناس[6]. وتشتمل منطقة الغرب كما تحددها الدراسات الجغرافية اليوم على الحوض الأدنى لنهر سبو وحواشيه من التلال والهضاب، إذا تمتد مقدمة الريف شمالا إلى حافة غابة المعمورة جنوبا، ومن ممر زكوطة شرقا إلى المحيط الأطلنتي غربا، محتلة بذلك مساحة تقدر بحوالي 616.000 هكتار[7].

        وبهذا فمنطقة الغرب تعد من المناطق الخصبة والممتدة على جهات متعددة نذكر منها جهة طنجة تطوان من الناحية الشمالية ومن الشرق تحدها جهة الحسيمة تاونات وجهة فاس بولمان، وفي الجنوب جهتي مكناس تافلالت والرباط سلا زمور زعير. وتضم منطقة الغرب خمسة مدن رئيسية، القنيطرة، سيدي سليمان، سيدي قاسم، مشرع بلقصيري، وسوق الاربعاء الغرب.[8]

: - تضاريس ومناخ المنطقة.
أ - التضاريس:
       تتميز منطقة الغرب إلى جانب وفرة مواردها المائية وخصوبة تربتها المتنوعة ومناخها المتوسطي الرطب، بتواجد تنوع تضاريسي، فهي منطقة تحتل بالضبط الجزء الشمالي الغربي من الخريطة المغربية، كما أنها تقع في سهل يطل على المحيط الأطلنتي،  ناهيك عن كونها تتميز كذلك بضعف ارتفاعات طبوغرافيتها[9].
 فمنطقة الغرب عموما تتميز بسواد أعظم" للمرجات" والمستنقعات، هذه الأخيرة التي تشكل لنا أرضا خصبة وصالحة للفلاحة يمكن اعتبارها من أجود المناطق الفلاحية المغربية. وتنقسم منطقة الغرب إلى ثلاث مجموعات تضاريسية مهمة وكل مجموعة نتقسم إلى وحدات تضاريسية.
المجموعة الأولى : وهي الغرب الأعلى والذي يوجد بالضبط نحو الشمال الشرقي، حيث يشكل النهاية الغربية لمقدمة تلال الريف.
 ما يميز هذه المنطقة أنها تتوفر على تربة الترس السوداء المعروفة بخصوبتها، كما تخترقها شبكة مائية كثيفة تمتاز بجريانها و اتساع قيعانها. وتشكل مستقرا للواردات التي تتدفق من السفوح المجاورة، ومن عناصر هذه الشبكة المائية نذكر: واد سبو، وادي ورغة، ووادي ردات[10].
المجموعة الثانية : هي سهل الغرب، فهذا السهل يأخد شكل منخفض حيث الإرتفاعات ضعيفة لا تتعدى 50 مترا، هذه المجموعة تنقسم الى قسمين هما :
السهل الغريني : وهو مرتبط بدينامية واد سبو وروافده وبه مناطق منخفضة كونت منها المياه " مرجات" لا تجف إلا صيفا، حيث يصل التبخر أوجه فتتحول الى مناطق خضراء ومراع خصبة[11].
الهامش الساحلي: هو عبارة عن شريط من الكثبان الرملية تحد سهل الغرب من الجهة الغربية، إذ في بعض الأماكن تحد شواطئ رملية متصلة، وفي أماكن أخرى نجدها تتصل بالبحر مباشرة في شكل أجراف متصلبة، وفي أماكن ثالثة تتسع على حساب السهل الغريني فاسحة المجال للحقول الرملية. وبين هذه الأشكال تجد المستنقعات الساحلية مجالات ملائمة للتكون والإنتشار[12].
المجموعة الثالثة هضبة المعمورة : تمتد هضبة المعمورة شمال غرب الهضبة الوسطى الغربية، كهضبة انتقالية متموجة تنحدر من الشرق في اتجاه الغرب والشمال، حيث تشرف على سهل الغرب ببعض الأمتار[13]. وتقع الهضبة بالضبط بين المسطحة السفلى لزعير والسهول وزمور وبين سهل الغرب التهدلي، وبالتالي فهي تشكل عالية في جنوب الغرب. وكما هو معروف فإن هضبة المعمورة مرتبط اسمها بغابة المعمورة[14]، التي تكسوها الأشجار.
        وبهذا فمنطقة الغرب تشكل فسيفساء متنوعة من التضاريس المختلفة والمتعددة البنيات إذ أنها تجمع ما بين الساحل، السهل والكثبان الرملية، الهضبة، التلال، و "المرجات"  والمرتفات الغرينية .

 ب  –  مناخ منطقة الغرب.

    لقد مثل المناخ على مر الأزمنة عاملا حاسما في استقرار السكان أو هجرتهم، وعلى هذا الأساس فإن المنطقة موضوع العرض لم تستثنى من هذه القاعدة،  فهي الأخرى عرفت إما هجرات جماعية إلى مناطق حيث المناخ ملائم للعيش أو نزوح آخرين إليها بتحسن أحوالها المناخية.
    منطقة الغرب تعرف مناخا ملائما، لكنه يتسم بالاضطرابات الناتجة عن المناخ المتوسطي الذي يخضع للتأثيرات المحيطية الرطبة والصحراوية الجافة. وهذا ما جعل منطقة الغرب تعرف تواجد فصلين متباينين: فصل رطب ومطير، يتميز بانخفاض درجات الحرارة وارتفاع معدل التساقطات، يمتد من نهاية فصل الخريف إلى غاية بداية فصل الربيع، وفصل حار وجاف يتميز بارتفاع درجات الحرارة وقلة أو انعدام التساقطات، يتزامن هذا الفصل مع بداية شهر يونيو ليستمر حتى نهاية شهر شتنبر[15]. ودرجة الحرارة بمنطقة الغرب يتراوح متوسطها ما بين 11 درجة و27 درجة لكن رغم ذلك فإن المدى الحراري يعرف ارتفاعا شديدا، خاصة في المناطق الداخلية كسيدي سليمان وسيدي قاسم وثلاثاء الغرب كما يرتفع على طول واد سبو، أما فيما يخص التساقطات بمنطقة الغرب  تستقبل كميات مهمة من الأمطار تتراوح ما بين 400 ملم و600 سنويا  فهذه الكميات تتميز بعدم الإنتظام، وبه فإن التساقطات بمنطقة الغرب تأتي بصورة عكسية لدرجات الحرارة، ويمكن لمس هذا الإختلاف في التوزيع، وفي الإلحاح المتزايد في طلب الماء، وكذا من خلال تدرج الغطاء النباتي.[16]

1-3 : – الشبكة المائية.
         لا شك أن المنطقة بفعل مناخها الذي يستقبل كميات وفيرة من التساقطات خلال السنة بالإضافة إلى كونها تتموقع في موقع جغرافي مهم في المغرب وبفعل قربها من المحيط الأطلسي فهي تزخر بثروات مائية مهمة تجعلها منطقة خصبة وفيها سدائم مائية جوفية مهمة وكذلك مياه سطحية تغدي المنطقة وتساهم في توفير حقينة مائية مهمة، وتتواجد بها العيون والمجاري المائية بكثرة وتتميز بشكل كبير بمستنقعات مائية فمن ناحية المياه الجوفية فهي تتوفر على احتياطي مهم من المياه الجوفية عالية الجودة ويتمثل هذا في الإحتياطي الهام للسدائم المائية الكبيرة والصغيرة ومن السدائم المائية التي تتوفر عليها هذه المنطقة نذكر.

سديمة المعمورة: وهي من أهم سدائم منطقة الغرب وكذا سديمة الغرب وهي سديمة ذات عمق كبير يتجاوز 200 متر وكذا سديمة المناصرة وهي سديمة تمتد بشكل طولي من القنيطرة إلى المرجة الزرقاء وهي سهلة الاستغلال إلا أنها مهددة بتسرب مياه البحر المالحة. وتتوفر منطقة الغرب على مياه سطحية مهمة تكمن في الأودية والعيون المائية الكثيرة ومن الأودية.

  وتتوفر منطقة الغرب على مياه سطحية مهمة نجملها كالتالي:
واد سبو: والذي يعد من ثاني أنهار المغرب أهمية بعد نهر أم الربيع، ومعلمة حقيقية لمنطقة الغرب، التي شكل لها هذا الوادي على مر العصور، المصدر المائي النهري الأساسي الذي يعتمد عليه سكانها في تزويدهم بالمياه الضرورية لهم ولأنشطتهم الإقتصادية خاصة الصناعة والفلاحة.
واد الفوارات: يأتي واد الفوارات على رأس العين بعامر الحوزية، ويمر بمشرع الكتان وسيدي علال الشريف مجاورا لحدود زمور، ليصل بعدها إلى سيدي بولقنادل، ليصب في واد سبو على بعد 1350 مترا من شرق قصبة القنيطرة على أوعدي[17]، قاطعا ببلاد يني أحسن حوالي 30 كيلومتر.
واد الردم او الرضم: ينبع هذا الواد بالضبط من عين أبي فكران الواقعة في الجنوب الغربي لبني مطير، ويمر بعدها بمدينة مكناس، ويواصل جريانه بغرب سيدي كدار بأرض الشراردة إلى أن يصل الى مرجة فرقة المختار[18].

المستنقعات ( المرجات): هي بمثابة مسطحات مائية طبيعية أو اصطناعية، حيث تنقسم المستنقعات والمرجات  إلى نوعين : دائمة وهي لا تجف وتستمر على طول السنة، وتسمى عند سكان الأطلسين أكلمام أو إكلمان أو أكلميم تكلمامين ... ومؤقتة وهي التي تغمرها المياه في كل من فصل الشتاء والربيع، ثم تجف خلال فصل الصيف حينما يصل التبخر أوجه. وغالبا ما يطلق اسم "الضاية" على تلك التي تكون عذبة المياه، أما المالحة والتي تكثر في المناطق الصحراوية فيطلق عليها اسم السبخة"[19].
       تعد منطقة الغرب من المناطق المغربية التي تعرف انتشارا كبيرا "للمرجات" والمستنقعات، فرغم أن هذه المجالات الرطبة تعيق استغلال مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية الخصبة، إلا أنها تبقى ذات قيمة بيولوجية وايكولوجية مهمة.[20] ومن أهم "المرجات" المشهورة بمنطقة الغرب نجد : المرجة الزرقاء التي تتصل بالمحيط عبر مضيق مولاي بوسلهام ( 2000هكتار )[21]، ضاية سيدي بوغابة، مرجة الدوارة ( 9500 هكتار). ضاية الروك،  مرجة الملح،  مرجة بن منصور، مرجة الفوارات المرجة الكبيرة، مرجة لجواد، مرجة الكلاب.[22]

ثانيا : المعطيات البشرية لمنطقة الغرب.
      عرفت منطقة الغرب تواجدا للاستغلال البشري منذ الفترة الرومانية حيث تضم هذه المنطقة موقع بناصا الأثري الذي بينت الحفريات على أنه كان يعرف حياة زراعية، وهناك أيضا معسكر تموسيدا، كما يجب ألا ننسى نهر السبو ( سبو) الذي تشير إليه المصادر التاريخية الرومانية على أنه من أكبر الأنهار المغربية في تلك الفترة، أما خلال العصر الوسيط وبعد أن استتب الأمر للمرابطين تركز القبائل الصنهاجية في نواحيه خاصة جبال فازاز[23]، حيث نلاحظ انتشار الكبير للعديد من المصطلحات البربرية، على رأسها مصطلح أزغار[24]، الذي كان يطلق على السهل المنبسط أو الأرض المنبسطة المشبعة بالمياه المجاورة للجبال [25]. " وهناك العديد من المصطلحات الأخرى التي نجدها تطلق إما على مواقع أو نباتات أو وديان أو عيون، كبهت التي تطلق كتسمية لواد بهت، " ورغة " المقتبسة من الأورغ" أو "أوراغ"[26]. عين تاصلالت[27]. جمعة القرواش[28] . الديس [29] لالة يطو، لالة غنو[30]..."[31].

       أما بخصوص القبائل العربية، فالغرب بات يعرف ساكنة جديدة منذ عهد يعقوب المنصور وما بعده[32]، والذي قام بجلب العديد منهم، تأديبا لهم على ما كانوا يقومون به في بلاد افريقية من نهب وفتن[33]. فقد عرفت  منطقة الغرب (الهبط) التي تميزت بتواجد وتوافد العديد من القبائل العربية التي استقرت بها واتخذتها موطنا لها، ومن أهم هذه القبائل نذكر، " الشراردة، وهم عرب بني معقل من الصحراء وهم طوائف زرارة والشبانات "[34]، ونجد أيضا قبائل بني احسن وهم يتنمون لعرب بني معقل. كما نشير إلى نقطة مهمة وهي أن هذه القبيلة بالخصوص هي التي برزت فترة حكم المولى اسماعيل، حيث انتصروا في عدة معارك، واستطاعوا بذلك توسيع مجالهم الذي يمتد إلى احواز مكناس و ضواحي سلا إلى أزغار، قبيلة سفيان الذين استقروا في بدايتهم في منطقة اسفي، إذ استطاعوا السيطرة على أراضي زمور ودكالة وأجزاء من الأراضي الواقعة على وادي تانسيفت، وفي عهد بني مرين تم ترحيلهم إلى منطقة الغرب[35]...والخلط، وهم قبائل عربية ينتمون للخلط ويسمون بالخلوط وأصلهم من المنتفق[36]...وقبائل طليق. وهذه هي القبيلة التي تبقى اصولها وتطور مسيرتها التاريخي غامضا[37].

      لنحصل  في الأخير على خريطة توزيع القبائل الغرباوية كالتالي : يفصل واد الدرادر بين الخلط وطليق في شماله، وسفيان وبني مالك في جنوبه، أما ضريح سيدي محمد الكدار فيعد حدا فاصلا بين الشراردة التي تتموقع في شرقه وبني احسن في غربه، ورغم ذلك لازلنا نلاحظ وجود نوع من التداخل بين هذه القبائل، كالتداخل الحاصل ما بين دواوير سفيان وبني مالك[38].

      انطلاقا مما تقدم يظهر على أن سهل الغرب كان منذ القدم مركزا زراعيا مهما داخل المجال المغربي، وذلك راجع بالأساس إلى مقوماته الطبيعية المهمة والتي تتمثل أساسا في وفرة المياه، وكما هو معلوم فكما تؤدي الندرة إلى الصراعات والمشاكل والأزمات فنفس الشيء ينطبق حينما تكون الوفرة والحالة هنا سهل الغرب، الذي شكلت وفرة مياهه التي كانت سببا لانتشار مجموعة من الأمراض كما أنها حرمت المنطقة لمدة زمنية ليست بالهينة من استثمار هذه الأراضي والإستفادة من مقوماتها في الميدان الفلاحي، وذلك عن طريق تجفيفها وهو العمل الذي ستقوم به سلطات الحماية.

الفصل الثاني : تجفيف المستنقعات واثره على مجال منطقة الغرب.
أولا : الأمراض المرتبطة بالمستنقعات.
      لا يخامرنا أدنى شك في الوضعية التي كانت تعرفها منطقة الغرب من تفشي للأمراض خلال فترة ما قبل الحماية، فالمؤرخ الذي يهتم بدراسة المجال سيلاحظ حجم المأساة التي خلفتها الأمراض والأوبئة، خاصة حمى المستنقعات التي اشتهرت بها المنطقة، هذه الأخيرة التي أنهكت قوى سكانها، وجعلتهم يعيشون ظروفا مزرية يسيطر عليها البؤس والفقر والمجاعة من جهة، وضغط الأمراض وقلة العلاج من جهة ثانية، الشيء الذي جعل العديد منهم يستسلم للموت[39]. فمجيئ المستعمر الفرنسي كان بمثابة المنقذ الوحيد، الذي استطاع بعد صراع كبير مع الطبيعة، تخليص هذه المنطقة وسكانها من معاناتهم، والقضاء أخيرا على جزء كبير من الأمراض الفتاكة، منها داء حمى المستنقعات أو كما هو معروف عند العامة من الناس ( بالسخانة).
فما هو إذن داء حمى المستنقعات؟ وكيف استطاع المستعمر الفرنسي محاربته و القضاء عليه؟

1-1: - تعريف حمى المستنقعات.

حمى المستنقعات : لها كثير من المسميات، إذ يقال لها الحمى البرداء ( بكسر الباء)، ويسميها البعض الحمى المتقطعة. ولعل نسبتها إلى المستنقعات يعزى الى دور هذه المجالات في تكاثر الحشرات الناقلة لعدواها. ويظل الإسم الشائع لهذا المرض بين الأوساط العلمية والعامية هو : الملاريا[40].
وكلمة الملاريا تعني الهواء الفاسد، أطلقها الإيطاليون على المرض في القرن الثامن عشر، إعتقادا منهم أنه يرجع إلى الهواء الفاسد[41] الذي يهب من المستنقعات والمياه الراكدة بانحلال المواد النباتية وتعفنها. ولم تكن معاناة الإيطالين أقل من أسلافهم من الرومان الذين تنسب إليهم أولى المحاولات التاريخية لردم المستنقعات، كما أقاموا في روما إلها للحمى الثلاثية والرباعية سموه " الديافيبرس" يدفعون إليه القرابين عسى أن يدفع عنهم لعنة المرض[42].

      ومن علامات الإصابة بهذا الوباء ظهور قشعريرة أو برد على الجسم، ويبدأ المصاب فيه بالإحساس بالملل، فيتثاءب كثيرا، وإذا كان طفلا، يبكي ويتمطى برجليه وتصفر سحنته وتقل حركته، وفي بعض الأحيان تحصل له تشنجات عصبية[43].
      ومصطلح حمى المستنقعات أو السخانة كما هو معروف عند المغاربة، أو البرداء التي يقابلها باللغة الفرنسية مصطلح « palugisme »  المأخوذ من كلمة « palus »  التي تعني المستنقع[44]، يرجعه الإيطاليون الى الهواء الفاسد الذي يهب من المستنقعات والمياه الراكدة الأسنة[45].  ولعله نفس تصور الأطباء المسلمين، إذ كانوا يزعمون أن سبب انتشار الوباء، الهواء الفاسد الذي يتغير بتغير الفصول، ويكون سبب فساده راجع الى الأبخرة المتعفنة الصاعدة من الأرض، وذلك أن ترتفع أبخرة فاسدة متعفنة من السباخ والأوخام والتربة الراكدة في الهواء، وأقدار الناس وفضلاتهم، وجيف القتلى والدواب[46].
      والحمى كما يتعرض لها بوجمعة رويان فهي قد تؤدي بالمصاب بها إلى الموت فيقول "  الحمى هي حالات مرضية تعتري الإنسان وتتميز بارتفاع  درجة حرارة الجسم وجفاف الفم وسرعة النبض والتنفس، والشعور بالتعب والوهن والإنهيار، والالام الجسم وفقدان الشهية، بالإضافة إلى تتابع القشعريرات وتصبب العرق، وتذهب الحميات في استفحالها أو استمرارها بأرواح العديد من الناس[47]. وحسب الطبيب الإنجليزي ألسير دونالد روس[48] الذي يعود له الفضل في معرفة الحشرة الناقلة لعدوى حمى المستنقعات، فهذا الوباء ينتقل عن طريق لسعات أنثى بعوض " الأنوفيل"، التي تنتقل من المستنقعات حيث تعيش، إلى منزل الأهلي[49] الحامل للفيروس، تم تنقل بذور المرض إلى شخص أخر سليم، فإن لسعته نفثت لعابها المحمل بالطفيليات فيصاب هو أيضا[50].

وانطلاقا من هذا نلاحظ كيف أن المستعمر الفرنسي استطاع  أن يتعرف على هذا الداء الذي تسبب في استنزاف ديمغرافية كبيرة إلى جانب العديد من الأمراض التي انتشرت في المغرب قبل الحماية فكان الفضل الكبير للأطباء الفرنسين في التعرف على أصل هذا الداء الذي له ارتباط وثيق بالمستنقعات.

1-2: - العوامل الطبيعية والبشرية المساهمة في انتشار داء حمى المستنقعات.
        ساهمت العديد من العوامل الطبيعية والبشرية في استفحال مرض حمى المستنقعات الذي نرى أن له عديد من الأعراض السلبية التي كان يعاني منها المغربي في فترة ما قبل الحماية، وبفضل محاربة هذا المرض في فثرة الحماية لاحظنا الدور الفعال والإيجابي الذي لعبه التدخل الأجنبي في مسألة محاربة الأمراض الناجمة عن المستنقعات.
و بذلك فالعوامل الطبيعية ساهمت في استفحال مرض حمى المستنقعات مما أفرز واقعا مهولا على الجيش والمعمرين والأهالي وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة.

أ - العوامل الطبيعية.
        نظرا لمناخها المتوسطي وانفتاحها على المحيط، تتلقى منطقة الغرب كميات هامة من التساقطات خاصة في فصلي الشتاء والربيع، في حين يعرف فصل الصيف وبداية فصل الخريف حرارة مرتفعة تزداد كلما اتجهنا نحو المناطق الداخلية ( تأثير القارية ). ولقد عرفت منطقة الغرب خلال فترة الحماية تساقطات مهمة، نتج عنها العديد من الفياضانات المهولة، كما كانت تتلو هذه التساقطات في بعض الأحيان موجات جفاف حادة الشيء الذي زاد من استفحال حمى المستنقعات[51]. وبما أن منطقة الغرب تستقبل سنويا ما يقارب 600 ميليمتر،  وهو ما خلف لنا العديد من  الفيضانات، التي تخلف كميات هائلة من المياه الراكدة تستمر طول السنة، مما يؤدي " إلى ظهور نباتات تتجمع فيها اسراب البعوض وتخلق ظروفا مثالية لتلك الحشرات التي تضع دعاميصها في ماء المرجة، فيصبح القاطنون بجوارها - قصد الاستفادة من الماء والمرعى- عرضة لفتك حمى المستنقعات."[52]
       وبذلك فليس عامل التساقطات لوحده المسؤول عن تكون المستنقعات، وإنما ينضاف له عامل الإنبساط أي الطبوغرافية، حيث أن معظم أراضي الغرب خاصة الأراضي السهلية، تتميز بشدة انبساطها، هذا دون أن ننسى طبيعة الترية التي تتميز بقلة النفاذية هذا إلى جانب غياب منافذ التصريف، مما ساهم في تجميع المياه نتج عنه عدد كبير من المستنقعات الدائمة والموسمية.

ب – العوامل البشرية.
        لعبت الظروف البشرية هي الأخرى إلى جانب العوامل الطبيعية دورا خطيرا في انتشار الأمراض،  فقد عرفت منطقة الغرب نظرا لتموقعها وسط البلاد من جهة، ونظرا لمؤهلاتها الطبيعية والإقتصادية من جهة ثانية، ومن توفرها على مراع خصبة وشاسعة، وتضاريس سهلة الإختراق، وموارد مائية وفيرة، وأراضي زراعية بامتياز، وموانئ مجهزة، وحركة بشرية جد مكتفة، إذ أنها لطالما كانت قبلة مفضلة للعديد من المهاجرين النازحين من المناطق الأخرى، بحثا عن الكلأ لقطعان الماشية أو بحثا عن فرص للعمل بالضيعات الفلاحية، والمراكز الفلاحية كبور ليوطي[53]. أو فرارا من الجوع والجفاف، أو هربا من مناطق موبوءة... الشيء الذي ساهم في تعرض المنطقة للمزيد من الأمراض والأوبئة، عكس المناطق الجبلية التي كانت شبه معزولة، مما جعل ساكنتها أكثر أمنا من هذه الأمراض[54]. فلو استطلعنا الإحصاء الذي قامت به مصلحة القنيطرة سنة 1921، تبين أنه ما بين 622 مصابا بحمى المستنقعات، يوجد 360 من الأفراد النازحين من منطقة سوس.[55]
      ومع ازدياد النمو الديمغرافي الكبير الذي عرفته منطقة الغرب بعد دخول المستعمر الذي جلب معه أمراضا جديدة انضافت إلى قائمة الأمراض المعتادة، وكذلك العقلية التي ميزت سكان الغرب المتعلقة بالإعتراف بفعالية الطب التقليدي، على حساب الطب الكولونيالي. إذ كان الإعتقاد السائد أن الوباء سببه كائنات غير مرئية، تسكن المياه الراكدة من مستنقعات و" مرجات " وبرك ... وكل من استحم فيها أو اقترب منها أو تردد على ضفافها، يصيبه مس من الجن الساكن فيها، كما اعتبر البعض أن الإصابة بالوباء قضاء وقدر من الله لا فرار منه، وذهب أخرون إلى أنه عقاب من الله على شيء نكير فعلوه[56].
        فالمصاب بالمرض عوض ما أن يذهب إلى المستوصف للعلاج، يلج إلى الأولياء الصالحين والأضرحة طلبا للشفاء، ورغبة في التداوي بأتربتهم والمياه الراكدة القريبة منهم وفي هذا الصدد يقول الدكتور موران : " إن ما يجب قبل كل شيء على كل مغربي يحس بأنه مريض حقا في هذه الفترة هو أن يتوجه إلى ضريح طلبا للعلاج[57]. هذا أوجد لنا في منطقة الغرب اعتقاد سائد يفيد أن العديد من الأضرحة لها بركة في شفاء الأمراض المرتبطة بالمستنقعات وغيرها. إذ عرف سيدي علال العسري بعلاجه للروماتيزم، واشتهر سيدي محمد المنصور بشفاءه  للأمراض الجلدية، أما سيدي بومنجل فهو طارد للخناق، ويختص سيدي عيسى بن خشان في علاج حمى المستنقعات[58].

     هذا التفاقم في حجم الأمراض التي كانت تعاني منها منطقة الغرب قبل مجيئ الحماية و أثناءها كفيل بالقول أن المنطقة كانت مرتعا لانتشار أمراض وأوبئة فتاكة أتت على الأخضر واليابس، ما لقيت من المجتمع المغربي والإنسان الغربي بالخصوص في كثير من الأحيان إلا الاستسلام للأمر الواقع وانتظار الأمر المحتوم الوفاة، أو زيارة  بعض الأولياء قصد العلاج والاعتماد على الطب التقليدي وإقصاء الطب الكولونيالي، رغم أنه في فترة الحماية انتشر العلاج نظرا لكون المعمرين أيضا مستهم الأمراض المنتشرة بكثرة والتي يمكن ارجاع السبب الكبير في انتشارها الى العدد الهائل من المستنقعات التي تتميز بها منطقة الغرب، هذا ما دفع سلطات الحماية إلى اتخاذ إجراءات جدية بخصوص المسألة ليس وفقط في توفير الأدوية والعلاج ولكن تجفيف للمستنقعات ساهم بشكل كبير في الحد من هذه الأمراض المنتشرة في منطقة الغرب، على الرغم من كون العديد من الباحثين يقر بأن الإجراءات الوقائية من حمى المستنقعات التي نهجتها سلطات الحماية لم يكن لها هدف في إنقاذ السكان من هذه الأمراض فنجد ريفي يقول " لم يكن يهم فرنسا عندما حلت بالمغرب عموما ومنطقة الغرب خصوصا، إنقاذ السكان المغاربة مما يتخبطون فيه من سوء أحوالهم الصحية، أكثر من تحقيق مشاريعها الإقتصادية، إلا أنها عندما وقفت على بشاعة وضعهم، أثار ذلك سلوكا من الشفقة والرحمة لبعض المعمرين، وجعلهم يبدون رد فعل تضامني من هؤلاء البؤساء، الذين أهلكتهم الأمراض والأوبئة ونخرت قواهم، لكن في نفس الوقت أثار ذلك الوضع اشمئزاز العديد منهم خصوصا الذين كانوا يرون في الأهلي عدوا"[59].

     هذا يدفعنا للإقرار بأن سلطات الحماية من ناحية سياساتها المتعلقة بالطب ما كانت إلا وسيلة للتغلغل في الأوساط الشعبية وإحكام القبضة بالبلاد ومعرفة الثروات، فلم يكن الغرض هو التطبيب والعلاج فقط، بل كانت بمثابة المزود الرئيسي للسلطات الإستعمارية بالمعلومات وهو ما عبر عنه  ليوطي قائلا "ليس هناك ما هو أقوى ولا أكثر فاعلية من عمل الطبيب كوسيلة للتغلغل وجلب الأهالي وتمهيد البلاد،"[60] لكن على العموم فما قدمته سلطات الحماية من تطبيب وعلاج، عن وعي أو عن غير وعي يعتبر بالغ الأهمية ومن حسنات المستعمر، وبدون شك لا يمكننا تجاهله أو انكاره شئنا أم أبينا. فهي بذلك ساهمت في محاربة الأمراض المنتشرة والتي رأينا ما تركته في الأوساط المغربية من نزيف مهول في الديمغرافية السكانية لمنطقة الغرب خاصة والمغرب عموما.

ثانيا : تجفيف المستنقعات والأثار الناجمة عنها.
2-1: - بداية عملية تجفيف المستنقعات.
     اكتشف الفرنسيون منذ البداية أن المولد الحقيقي لحمى المستنقعات هو البعوض، وأن المولد الحقيقي للبعوض هو الماء الراكد، وحيث ان إدارة الحماية وكل من يهتم بالشؤون الصحية، كان يستوعب جيدا ـأن توزيع " الكنين" ليس بالأمر الكافي للقضاء على هذا الوباء، بل يجب العمل في ذات الوقت على التخلص من مسبباته الرئيسية، لتنطلق بذلك عمليات تجفيف المستنقعات[61].
       وهكذا وجه المقيم العام " ليوطي " في فبراير 1914، رسالة إلى حكام الأقاليم يدعوهم فيها إلى محاربة حمى المستنقعات، لكونها تحصد الكثير من الأرواح وتعرقل الاحتلال العسكري وتؤخر استثمار البلاد، وطلب منهم في نهاية الرسالة ضرورة ضبط أماكن المرجات" والمساحات التي تغطيها المياه الراكدة.[62]
       وكما هو معروف أن منطقة الغرب بها مساحات فلاحية  شاسعة، فقد استأثرت باهتمام المعمرين، لما يوفره سهلها من إمكانيات الإستغلال الفلاحي، خاصة إذا تم تجفيف أراضي " المرجات" المغمورة بالمياه، والتي ثم تقدير مساحتها بحوالي 60.000 هكتار[63]. أولتها سلطات الحماية عناية خاصة، فانطلقت بذلك مشاريع تجفيف المياه وتصريفها. إذ كانت البداية من مناطق التجمعات السكانية الاروبية، ثم تلتها الأراضي التي استولى عليها المعمرون.

      وبالموازاة مع عمليات تجفيف المستنقعات، فقد بدأت عمليات مكافحة البعوض الناقل لحمى المستنقعات، والقضاء على مكامن تكاثره ونموه، إذ أن عمليات تجفيف العديد من المستنقعات لم تكن ناجحة بالقدر الكافي، الذي يمكن من القضاء على هذه الحشرة الصغيرة، التي زرعت الرعب في نفوس الفرنسيين، ففي كل مرة كانت أسرابها تنتقل من المناطق المجففة، لتستقر من جديد على ضفاف الأنهار والغدران[64] والمستنقعات، التي لم يطلها التجفيف بعد أو تعذر على السلطات تجفيفها، ولهذا عملت مصلحة مكافحة حمى المستنقعات، على شن حرب ساخنة ضد البعوض، متبعة عدة طرق من بينها سكب البترول (المازوط)[65] في أماكن المياه الراكدة، من مستنقعات وخزانات الماء وقنوات الواد الحار والمراحيض... لكن ألحقت أضرارا مما جعل سلطات الحماية تتراجع عن استعمالها وتعويضها بزيت الغاز[66]، ثم استعملت سلطات الحماية طرق أخرى كضخ الماء المتجمع خاصة القريب من التجمعات السكنية والثكنات العسكرية، وعملت على إصلاح السواقي وقنوات مياه السقي والحيلولة دون تسرب المياه منها. وتكلفت سلطات الحماية بزرع أسماك " الكامبيزياس" التي تلتهم بيض البعوض وديدانه في قنوات جر المياه والمستنقعات[67]. ولجأت لإقتلاع النباتات التي يعشش فيها البعوض وقامت بحرقها.

      نكتشف انطلاقا من هذه الخطوات التي نهجها المستعمر الفرنسي بخصوص تخليص منطقة الغرب من الأمراض والأوبئة، الفضل الكبير الذي أجراه في حق السكان المغاربة عبر تخليصهم من مسببات المرض، مع توفير أدوية طبية، ومن هذه الأمراض التي كان له الفضل في القضاء عليها، داء الملاريا الفتاك، الذي لطالما أنهك قوى السكان المغاربة وحرمهم من العيش في طمأنينة وأمان، وبذلك كان للتواجد الفرنسي دورا كبيرا في تغيير معالم ذلك التاريخ المأساوي للأمراض بمنطقة الغرب رغم الصعوبات التي واجهته، خاصة إبان السنوات المطيرة وسنوات الحرب العالمية الثانية، حيث تقلصت كميات " الكينة" ومواد محاربة البعوض والوقود... وتم ترحيل ما يزيد عن نصف الأطر الطبية لتعمل في ميادين الحرب، ورغم المساعدة الأمريكية بعد سنة 1942 إلا أن الوضع الصحي ظل متأزما، وزاد الأمر سوءا، وساهمت المجاعة التي ترتبت من جهة عن عمليات إفراغ مخازن المغاربة من المواد الغذائية، ومن جهة ثانية عن الجفاف الشديد الذي ضرب المغرب عامة ستني 1944و 1945[68].

      أصبحت منطقة الغرب في ظرف وجيز مهمة، حيث تحولت من  أداة للإنتاج ثانوية إلى أداة إنتاج أساسية، تعتمد زراعتها على مزروعات تسويقية و مغلالة، وترتكز على الري العصري وعلى تقنيات وأساليب حديثة الشيء الذي جعل القطاع الفلاحي يعرف تطورات عميقة، أعادت بناء الإنتاجية على أساس متطلبات السوق الفرنسية[69]. وبهذا فقد تطورت هذه المنطقة فلاحيا على الرغم من نوايا السلطات الفرنسية، وقد تكلفت السلطات الفرنسية اموالا طائلة في عملة التجفيف الذي لحق بعض "المرجات" الكبيرة حيث أن في سنة 1923، ثم الشروع في التجفيف في مرجة الفوارات، بحيث بلغت تكاليف تجفيفها حوالي 1.500.000 فرنك فرنسي، لكن الأشغال ما فتئت أن توقفت سنة 1930[70] حينما اكتشفت فرنسا أن الأمر يتطلب تكلفة مالية باهظة،  خصوصا أن العملية صادفت الأزمة الإقتصادية الكبرى. ولم تنجح سلطات الحماية في تجفيف بعض المستنقعات إلا بشق الأنفس مثل المرجة الزرقاء التي لم يتم تجفيفها إلا بعد خلق ممر يوصل المرجة بالبحر مباشرة. وقد انتبه المعمرون كذلك إلى مسألة مساهمة الغطاء النباتي في التجفيف والتقليص من وطأة الفياضانات، فقامت إدارة الأشغال العمومية بوضع مشاريع للتشجير منذ سنة 1931. خاصة بأشجار الصنوبر والتين الشوكي والكليبتوس[71]، همت بالخصوص ضفاف الأودية أهمها واد سبو وواد بهت...واستعمل المعمرون التشجير كذلك كتقنية لتسييج الضيعات وإحاطة المزروعات[72].

2-2: - من مياه المستنقعات إلى مياه الري.
بناء سد القنصرة:
     تعتبر منطقة بهت - الواقعة جنوب مدينة سيدي سليمان بحوالي 20 كيلومترا- مهمة في الإنتاج الفلاحي، حيث الأرض غنية بشكل خاص والماء غزير، وهي من أكثر مجالات الغرب ملائمة للإستثمار الفلاحي، وإقامة مشاريع زراعية ضخمة وبمؤهلات عصرية، فرغم أنها تعاني كثيرا من الفائض المائي، الذي يخلفه واد بهت  وروافده إبان كل موسم مطير، إلا أن جودة أراضيها وتوفرها على شريان مائي مهم، جعل فرنسا توليها إهتماما خاصا، وتختارها كمنطقة مناسبة لإقامة أول قطاع زراعي متطور بمنطقة الغرب، هذا ما جعلها تخطط لإقامة مشروع هيدروليكي كبير[73]. ونلاحظ ان منطقة الغرب كانت تعاني من خطر الفياضانات  والمياه الراكدة التي يخلفها واد بهت ومن أجل التخلص من تلك المياه وتجفيفها، قررت إدارة الأشغال العمومية منذ سنة 1923 تشييد سد القنصرة على واد بهت.
    تم تزويد السد بمعمل لإنتاج الطاقة الكهربائية، نظرا لأهمية مياهه وضخامة بناءه، إذ تم حفر قناة وصل طولها  إلى 800 متر، تربط السد بالمعمل، وتأخذ الماء على ارتفاع 92 مترا وترده للوادي على ارتفاع 65 مترا [74]. أضف إلى ذلك بناء جسور وسدود صغرى .
    فتأهلت المجالات الواقعة في سافلة السد لتصبح عبارة عن جنان وبساتين وضيعات فلاحية عصرية، ذات أشكال هندسية منظمة ومزروعات منظمة[75]، فارتفع الإنتاج الفلاحي، وتضاعفت مردوديته، وإلى جانب الإستغلاليات الإستعمارية تكونت كذلك مزارع شاسعة يملكها مستثمرون مغاربة كبار.
    وتم مد الأراضي بسواقي مائية مهمة، وبفضل هذا التنديد والتكثيف الذي عرفته شبكة السقي توسعت رقعة المغارس، لاسيما الحمضيات التي عرفت زراعتها نجاحا كبيرا، مما جعلها تعرف إقبالا واسعا من طرف المستثمرين أما الكروم فرغم ما عرفته من مشاكل في التصريف، إلا أن زراعتها شهدت هي الأخرى توسعا ملحوظا، خاصة فوق مجالات الحمري والتيرس الواقعة جنوب واد بهت بين كل من دار الحمري وسيدي يحيى الغرب وبين واد الردم وواد سبو[76].
    وهكذا وبفضل عمليات تجفيف مستنقعات منطقة الغرب وتجهيزها وبناء سد القنصرة، اضحت هذه المنطقة جد متطورة فلاحيا، لدرجة جعلت المسؤولين يعتبرونها بمثابة مدرسة مهمة لتكوين الأطر، وإتقان الأساليب الحديثة لتطوير الفلاحة المغربية، كما ساعد انتشار المغارس على ظهور العديد من المدن الجديدة والمراكز الصناعية الهامة، التي لم يكن لها وجود في بداية القرن العشرين، كسيدي يحى ودار الكداري وسيدي قاسم وسيدي سليمان[77].

خاتمة.
         نخلص في النهاية بعد هذا العرض البسيط والمقتضب الذي يرصد لنا الوضعية الوبائية التي كانت عليها منطقة الغرب قبل الحماية وكذا الحالة التي تسببت فيها مستنقعات الغرب التي ساهمت قوات الحماية في تجفيفها، إلى نتائج عدة تبين لنا كيف أن السياسة المائية لدى سلطات الحماية رغم ما قد يوجهه لها بعض المؤرخين من انتقادات للسياسة الفرنسية بالعموم، فإننا نرى أن الإيجابيات التي حصلت مع مسألة تجفيف المستنقعات بالغرب، كانت واضحة جلية نكتشفها من خلال التطور الملموس الذي عرفه مجال الغرب الذي تحول من مجال للمستنقعات إلى مجال فلاحي عصري، يستجيب لحاجيات السوق، ذلك أن السياسة لم تظهر نتائجها على المدى القريب بقدر ما ظهرت على مدى بعيد فلو لاحظنا في الوقت الراهن الحجم الهائل من المنتوجات الفلاحية التي تزخر بها المنطقة كما وكيفا، سنقف وقفة الباحثين المتأملين، لنعترف ولو بجزء بسيط بمدى ايجابية هذه السياسة، بل يمكن أن توصف بالسياسة الناجحة نظرا للأهمية البالغة التي لعبتها في تطور وازدهار الفلاحة المغربية،  فالتدخل الأجنبي الفرنسي في مسألة تجفيف المستنقعات، يعد من أبرز ما ميز فترة الحماية خصوصا وأن هذا التدخل لم يلمس وفقط الجانب الفلاحي بل كان له كبير الفضل حتى في التخلص من أمراض عصفت بالعديد من أبناء المغرب، مرتبطة بشكل كبير بالمستنقعات، نقصد هنا بدرجة كبيرة حمى المستنقعات هذا المرض الخطير الذي فعل فعلته الشنيعة في البلاد، فكان التدخل الأجنبي ايجابيا - حتى ولو اتهم بسوء النية التي يرجعها العديد من المؤرخين الى محاولة نهب الثروات- وله كبير الفضل في ازدهار وتطور الفلاحة والصحة في المغرب زمن الحماية، حيث لم تظهر النتائج الحقيقية التي تعكس كثيرا من الإجابيات إلا مع حلول فجر الإستقلال.

لائحة المصادر.
كربخال مارمول :
 "إفريقيا"، الجزء الأول، ترجمة محمد حجي واخرون، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، الرباط  1404 – 1984
الناصري بن احمد خالد :
 "الاستقصا لأخبار دول المغرب الاقصى" الجزء الثامن ن تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1418- 1997.
الوزان الحسن:
"وصف إفريقيا"، ج1 ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1983.

لائحة المراجع:
أستيتو محمد:
 "الفقر والفقراء في مغرب القرنين 16- 17 م" مؤسسة النخلة للكتاب، وجدة. 2004.
بنبا فوزية:
 "منطقة الغرب زمن الحماية من مجال للمستنقعات الى مجال فلاحي عصري"، بحث لنيل شهادة الماستر في شعبة التاريخ من اشراف الاستاذ محمد الخداري، كلية الآداب والعلوم الانسانية مراكش. السنة الجامعية 2014- 2015.
بوشعراء مصطفى :
"علاقة المخزن بأحواز سلا قبيلة بني احسن" 1860- 1912 سلسلة بحوث ودراسات رقم 19، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1419 . الطبعة الاولى 1996.
بولقطيب الحسين :
 "جوائح واوبئة مغرب عهد الموحدين"، منشورات الزمن، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2002
 رويان بوجمعة:
       - " الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب   1912- 1945 " مطابع الرباط نت طبعة 2013.
عطية فيليب:
" امراض الفقر، المشكلات الصحية في العالم الثالث"، المجلس الوطني للثقافة والآداب بالكويت، 1992.
عياش البير:
 المغرب والاستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية، ترجمة  عبدالقادر الشاوي ونورالدين السعودي، مراجعة وتقديم  ادريس بن سعيد و عبد الاحد السبتي، دار الخطابي للطباعة والنشر، ابريل 1985.
مرجان محمد:
        " داء حمى المستنقعات بمدينة القنيطرة وضواحيها خلال من سنة 1912 الى سنة "1945. بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في التاريخ، كلية الآداب، القنيطرة  تحث اشراف الاستاذين محمد عمراني وبوجمعة رويان سنة 2006.

لائحة المقالات:
بلعربي المختار :
" التجهيز الفلاحي لسهل، من "المرجات" الى قطاعات السقي العصري" ضمن منطقة الغرب المجال والانسان، اعمال الندوة العالمية التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الانسانية بالقنيطرة، ايام 22 23 24 اكتوبر 1991.
بن عبد الجليل عمر
        " سد القنصرة"، مجلة أمل، العدد التاسع، السنة الثالثة، 1997.
البوعناني المصطفى :
" الاستقرار البشري في منطقة الغرب بين التوجهات الرسمية والمعطيات الظرفية والطبيعية من اواخر القرن السادس الهجري 12 ميلادي . الى أواخر القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي.". ضمن منطقة الغرب التاريخ والمجتمع ، مجلة الجمعية المغربية للبحث التاريخي. العدد 5 -6 كلية الآداب والعلوم الانسانية، الرباط 2007- 2008.
دادون علي :
 " تشخيص بعض العوامل المتحكمة في التشكيل النهري لواد سبو سافلة سد علال الفاسي" ( المغرب ) مجلة دراسات، العدد 15 كلية الآداب والعلوم الانسانية اكادير، 2012.
الدحاني عبدالاله:
 " منطقة الغرب في الكتابات الاجنبية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر." ضمن منطقة الغرب التاريخ والمجتمع، مجلة الجمعية المغرية للبحث التاريخي العددان 5 -6 كلية الآداب والعلوم الانسانية الرباط، 2007- 2008.
  رويان بوجمعة:
-  " نموذج عن الأحوال الصحية في البوادي المغربية خلال فثرة الحماية ، حمى المستنقعات في منطقة الغرب " ضمن البادية المغربية عبر التاريخ ، تنسيق ابراهيم بوطالب، سلسلة ندوات ومناظرات، رقم 77، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية الرباط، .
-  " مادة الحميات"، معلمة المغرب، ج 11، انتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 1421/2000، ص 3603.
 ريفي دنييل:
 " الطب الاستعماري أداة استبدادية متسامحة لمراقبة السكان"، تعريب عزوز هيشور وعبد القادر مومن، مجلة أمل العدد السادس، السنة الثانية، الدار البيضاء، 1995.
   زين العابدين جلال:
" مظاهر الاستغلال الاستعماري المغرب في المجال الفلاحي خلال الفترة الفرنسية" مجلة كان التاريخية، العدد 26. السنة السابعة ، ديسمبر 2014. العنوان الإلكتروني:www.kanhistoire.org.
الطويل حجاج محمد،:
 " انظر مقال بعنوان" النشاط الاقتصادي لمنطقة الغرب خلال العصر الوسيط ضمن أعمال الندوة العالمية   " منطقة الغرب المجال والانسان"، كلية الآداب والعلوم الانسانية القنيطرة 1991.
غازي عبدالخالق:
 " خصائص الوسط الطبيعي لمنطقة الغرب ". ضمن منطقة الغرب التاريخ والمجتمع، مجلة الجمعية المغربية للبحث التاريخي، العدد 5-6،كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط 2007-2008 .
 مقال تحت عنوان" معطيات حول الوسط الطبيعي لمنطقة الغرب" ضمن أعمال الندوة العالمية كلية الآداب والعوم الإنسانية. القنيطرة، تحت عنوان "المجال والانسان"، أيام 22/23/24 أكتوبر 1991.
الكركوري جمال :
 " الدينامية البيئية لسهل الغرب وهوامشه"، ضمن منطقة الغرب المجال والإنسان، أعمال الندوة العالمية التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية القنيطرة، أيام 22-23-24، اكتوبر 1991.
منيوي محمد:
: " البحيرات بالمغرب" معلمة المغرب، الجزء الرابع، انتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا 1411, 1991. ص 1082.
هوزلي احمد:
مادة الكروم معلمة المغرب، الجزء 20. إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 1425.2004. ص 6799.
الصحف والجرائد:
- جريدة السعادة:
 -  الأمراض المنتشرة في الإيالة الشريفة. وطريقة الوقاية من شرها، حمى المستنقعات ( الضايات ) – السخانة عدد 3059 السنة الثالثة والعشرين الثلاثاء 01 فبراير 1927.
 - الملاريا في الأطفال، العدد 1412، السنة 11 الخميس والجمعة 1 و 2 يوليوز 1915.

مصادر و مراجع بالفرنسية.
- direction de l’griculture du commerce et des forets. service de la mise en valeur et du génie rural. ATLAS MONOGRAPHIQUE MAROCAIN ; 1948.
- le coz  jean: LE RHARB FELLAHS ET COLONS .Etude de géographie régionale ; thése pour le doctorat es-lettres. 1964.
- L’association national des améliorations fonciéres. De l’irriggation et du drainage. L’érriggation au Maroc . sans date.
 - Célérier jean. «  les merjas de la plaine du sebou ». Hesperis tome 2 ; 1922.

[1]  - مرجان محمد، داء حمى المستنقعات بمدينة القنيطرة وضواحيها خلال من سنة 1912 الى سنة 1945. بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في التاريخ ، كلية الاداب ، القنيطرة  تحث اشراف الاستاذين محمد عمراني وبوجمعة رويان، سنة 2006. ص 1.
[2]  - جريدة السعادة : الأمراض المنتشرة في الإيالة الشريفة. وطريقة الوقاية من شرها ، حمى المستنقعات ( الضايات ) – السخانة عدد 3059 السنة الثالثة والعشرين الثلاثاء 01 فبراير 1927. ص 2
[3] -  رويان بوجمعة الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب   1912- 1945 مطابع الرباط نت طبعة 2013.. ص 355.
[4]  - رويان بوجمعة، الطب الكولونيالي. مرجع نفسه ص 356.
[5] - الطويل حجاج محمد، "، انظر مقال بعنوان" النشاط الاقتصادي لمنطقة الغرب خلال العصر الوسيط ضمن أعمال الندوة العالمية   " منطقة الغرب المجال والانسان" ، كلية الآداب والعلوم الانسانية القنيطرة 1991 ،ص 46
[6]  - الدحاني عبدالاله، " منطقة الغرب في الكتابات الاجنبية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر." ضمن منطقة الغرب التاريخ والمجتمع، مجلة الجمعية المغرية للبحث التاريخي العددان 5 -6 كلية الاداب والعلوم الانسانية الرباط، 2007- 2008 ص 157.
[7] L’association national des améliorations fonciéres. De l’irriggation et du drainage. L’érriggation au Maroc . sans date. P 28.
[8]  - بنبا فوزية ، منطقة الغرب زمن الحماية من مجال للمستنقعات الى مجال فلاحي عصري، بحث لنيل شهادة الماستر في شعبة التاريخ من اشراف الاستاذ محمد الخداري ، السنة الجامعية 2014- 2015. ص  14.
[9]  - بلعربي المختار ، : " التجهيز الفلاحي لسهل الغرب، من المرجات الى قطاعات السقي العصري" ضمن منطقة الغرب المجال والانسان ، اعمال الندوة العالمية التي نظمتها كلية الاداب واالعلوم الانسانية بالقنيطرة، ايام 22 23 24 اكتوبر 1991. ص 53.
[10]  - بنبا فوزية، منطقة الغرب زمن الحماية ، مرجع سابق ص 17.
[11]  - مرجع نفسه ص 17.
[12]  - الكركوري جمال : " الدينامية البيئية لسهل الغرب وهوامشه" ، ضمن منطقة الغرب المجال والإنسان، أعمال الندوة...مرجع سابق، ص 26.
[13]  - مرجع نفسه ، ص. 25.
[14]  - المعمورة مدينة صغيرة اسسها احد ملوك الموحدين على مصب نهر سبو ، على بعد ميل ونصف من المكان الذي يصب فيه النهر في البحر ، وعلى بعد 12 ميلا من سلا ، وقد اسست المدينة بهدف حماية المصب والاحالة دون دخول سفن الاعداء الى النهر وبالقرب منها توجد غابة باسقة الأشجار تتمر البلوط  وهي المعروفة حاليا بغابة المعمورة . انظر الحسن الوزان : وصف افريقيا ، ج الاول ، ترجمة محمد حجي  محمد الاخضر ، دار الغرب الاسلامي . بيروت لبنان  1983. الطبعة الثانية  صص 210- 213.
[15]  - دادون علي : " تشخيص بعض العوامل المتحكمة في التشكيل النهري لواد سبو سافلة سد علال الفاسي ( المغرب ) مجلة دراسات ، العدد 15 كلية الاداب والعلوم الانسانية اكادير، 2012. ص 51.
[16]  - بنبا فوزية ، منطقة الغرب زمن الحماية : من مجال للمستنقعات الى مجال فلاحي عصري، مرجع سابق ص 21.
[17]  - بوشعراء مصطفى : ، علاقة المخزن باحواز سلا قبيلة بني احسن 1860- 1912 سلسلة بحوث ودراسات رقم 19، منشورات كلية الاداب والعلوم النسانية ، الرباط 1419 – 1996. الطبعة الاولى . ص 21.
[18]  - بوشعراء مصطفى، نفس المرجع. ص – 20 .
[19]  - منيوي محمد : " البحيرات بالمغرب" معلمة المغرب ، الجزء الرابع ، انتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ، نشر مطابع سلا 1411, 1991. ص 1082.
[20] - غازي ، خصائص الوسط الطبيعي لمنطقة الغرب ". ضمن منطقة الغرب التاريخ والمجتمع، مجلة الجمعية المغربية للبحث التاريخي، العدد 5-6،كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط 2007-2008 .ص 12.
[21]  - الكركوري : مرجع سابق ص 28.
[22]  - بنبا فوزية ، مرجع سابق . ص 33.
[23] - جبال الاطلس المتوسط.
[24] -يرى الأستاذ حجاج محمد الطويل" أن هذا الاسم(أزغار) الذي اطلق على المنطقة يعود إلى الفترة المرابطية"، انظر مقال بعنوان" النشاط الاقتصادي لمنطقة الغرب خلال العصر الوسيط "، مرجع سابق،صص45-52.
[25] - البوعناني المصطفى : " الاستقرار البشري في منطقة الغرب بين التوجهات الرسمية والمعطيات الظرفية والطبيعية من اواخر القرن السادس الهجري 12 ملادي . الى أواخر القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي." . ضمن منطقة الغرب التاريخ والمجتمع ، مجلة الجمعية المغربية للبحث التاريخي . العدد 5 -6 كلية الاداب والعلوم الانسانية ، الرباط 2007- 2008، ص 83.
[26]  - كلمة معناها الذهب نسبة إلى لون مياه نهر ورغة المائل غلى الصفرة. نقلا عن الطالبة الباحثة فوزية بنبا  مرجع سابق .الهامش 65. ص 35.
[27]  - معناها عين الصلاة ، نسبة الى الرواية التي تقول على أن المولى إدريس صلى بها لما دخل المغرب ، نقلا عن الطالبة الباحثة فوزية بنبا  نفس المرجع ، الهامش 66 . ص 35.
[28]  - القرواش بالامازيغية ويعني السنديان الاخضر ويسمى كذلك اكروش أو الكروش. نفس المرجع السابق . الهامش رقم 67. ص 35.
[29]  - نوع من النبات يكون دائم الخضرة ، يشكل عند نموه كثلة كثيفة ، أوراقه عبارة عن قصبات طويلة لونها ما بين الاخضر الفاتح والاخضر الغامق ، ينمو هذا النبات بكثرة في المناطق الرطبة كالمرجات ، ويستعمله الحرفيون في الصناعة التقليدية / نفس المرجع السابق الهامش 68. ص 35.
[30]  - البوعناني ، مرجع سابق  صص 84- 85.
[31]  - بنبا فوزية ، مرجع سابق الصفحة 35.
[32] -الحجاج الطويل، مرجع سابق، ص42.
[33]  - كربخال مارمول :إفريقيا ، الجزء الاول ، ترجمة محمد حجي واخرون ، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ، الرباط  1404 – 1984. صص 352-353.
[34]  - الناصري احمد خالد : الاستقصا لأخبار دول المغرب الاقصى ، الجزء الثامن ن تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري ، دار الكتاب ، الدار البيضاء ، 1418- 1997 ، ص 160.
[35] -  البوعناني , مرجع سابق ، ص 95.
[36]  - الوزان الحسن ، مصدر سابق ، ص 50.
[37]  - بنبا فوزية ، مرجع سابق بتصرف. ص ص  36 - 37- 43-
[38]  - بنبا فوزية ،  منطقة الغرب زمن الحماية..مرجع سابق .ص 44
[39]  - بنبا فوزية،  منطقة الغرب زمن الحماية..مرجع سابق، ص 79.
[40]  - مرجان محمد ،  مرجع سابق ، ص 19.
[41]  - نجد في بحث الطالب محمد مرجان المعنون ب داء حمى المستنقعات بمدينة القنيطرة وضواحيها خلال فترة الحماية. اضافة من الاستاذ المشرف . أثناء مناقشته للبحث لتوفرنا على النسخة المصححة بالقلم مفاد هذه الاضافة كلام حول هذه النظرة التي وصفها الأستاذ بأنها كانت شائعة على كل الاوبئة.  انظر بحث الطالب محمد مرجان . مرجع سابق ص 19.
[42]  - عطية فيليب. امراض الفقر، المشكلات الصحية في العالم الثالث ، المجلس الوطني للثقافة والأداب بالكويت، 1992، ص 218.
[43]  -  مرجان محمد ، داء حمى المستنقعات بمدينة القنيطرة وضواحيها .مرجع سابق . ص 21.
[44]  -  رويان بوجمعة، الطب الكولونيالي . مرجع سابق ، ص 106.
[45]  - عطية فيليب. مرجع سابق . ص 160.
[46]  -  بولقطيب الحسين : جوائح واوبئة مغرب عهد الموحدين، منشورات الزمن ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء، 2002. ص 33.
[47]  - رويان بوجمعة " مادة الحميات" ، معلمة المغرب ، ج 11 ، انتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 1421/2000، ص 3603.
[48] - جريدة السعادة، الملاريا في الاطفال ، العدد ، 1412السنة 11 الخميس والجمعة 1 و 2 يوليوز 1915. ص 2.  .
[49]  - استعملت هذا المصطلح بهذه الضيغة لكوني اقتبست النص ولا اريد تحريفه، وهو مصطلح ارتبط بالمستعمر ولا ينم عن توجهاتي.
[50]  - جريدة السعادة :الامراض المنتشرة في الايالة الشريفة ، مرجع سابق ص 2.
[51]  - بنبا فوزية ، منطقة الغرب زمن الحماية ...مرجع سابق ص 82.
[52]  - رويان بوجمعة، : نموذج عن الاحوال الصحية في البوادي المغربية خلال فثرة الحماية ، حمى المستنقعات في منطقة الغرب " ضمن البادية المغربية عبر التاريخ ، تنسيق ابراهيم بوطالب ، سلسلة ندوات ومناظرات ، رقم 77 ، منشورات كلية الاداب والعلوم الانسانية الرباط، ص 203.
[53]  - يقصد بها مدينة القنيطرة الحالية.
[54]  - استيتو محمد ، الفقر والفقراء في مغرب القرنين 16- 17 م مؤسسة النخلة للكتاب ، وجدة . 2004. ص 74.
[55]  - مرجان محمد / مرجع سابق ص 32.
[56]  - بنبا فوزية . مرجع سابق ص 87.
[57]  - رويان بوجمعة ، الطب الكولونيالي، مرجع سابق ص 79.
[58]  - مرجع نفسه ص ، 94.
[59]  - ريفي دنييل : " الطب الإستعماري أداة استبدادية متسامحة لمراقبة السكان" ، تعريب عزوز هيشور وعبد القادر مومن، مجلة أمل العدد السادس، السنة الثانية، الدار البيضاء، 1995.  ص 115.
[60] رويان / الطب الكولونيالي ، مرجع سابق ص 276.(، اقتبسه من خطاب ليوطي حول دور الطبيب في الاستعمار، الذي القاه في الايام الطبية ببروكسيل سنة 1926).
[61]  - تنسب اولى المحاولات التاريخية في ردم المستنقعات إلى الشعب الروماني، بسبب تفشي حمى المستنقعات فيهم بكثرة، لدرجة جعلتهم يقيمون لها إلها اطلقوا عليه" الديافيبرس" ، يدفعون اليه القرابين عسى ان يدفع عنهم لعنة المرض، انظر عطية فيليب امراض الفقر ، مرجع سابق ص 160.
[62]  - رويان ، الطب الكولونيالي، مرجع سابق ص 355.
[63] - رويان بوجمعة، "  الطب الكولونيالي". نفس المرجع ص 356.
[64]  - مفرده الغدير، وكما هو شائع في اللسان الدارج أي الغديرة: وتطلق الغديرة على ماء المطر الراكد الذي لم يتعرض للتسرب الى باطن الارض وبقي محجوزا في مكان وغالبا ما يكون ماء الغديرة ملوثا بفعل انتشار البعوض .
[65] - le coz jean : LE RHARB FELLAHS ET COLONS . Etude de géographie régionale. these pour le doctorat es lettres.1964  p 514 .
[66]  - جريدة السعادة: الامراض المنتشرة في الإيالة الشريفة، مرجع سابق ص 2.
[67]  - عطية فيليب،. امراض الفقر، المشكلات الصحية في العالم الثالث مرجع سابق ص 358.
[68] - direction de l’griculture du commerce et des forets . service de la mise en valeur et du génie rural. ATLAS MONOGRAPHIQUE MAROCAIN. LE RHARB ; 1948 ;p 3.
[69] - - زين العابدين جلال:" مظاهر الإستغلال الإستعماري للمغرب في المجال الفلاحي خلال الفثرة الفرنسية" مجلة كان التاريخية ، العدد 26. السنة السابعة ، ديسنبر 2014. ص 42. العنوان الإلكتروني: www.kanhistoire.org.
[70]  - رويان بوجمعة ، الطب الكولونيالي.. مرجع سابق ص 357.
[71] Célérier  jean. «  les merjas de la plaine du sebou ». Hesperis tome 2 ; 1922. p 234.
[72]  - الكركوري: مرجع سابق ، ص 35.
[73]  - يقصد به بناء سد كبير
[74]  - بن عبد الجليل عمر : سد القنصرة ، مجلة أمل، العدد التاسع ، السنة الثالثة، 1997.  صص 179- 180.
[75]  - عياش البير: المغرب والإستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية، ترجمة  عبدالقادر الشاوي ونورالدين السعودي ، مراجعة وتقديم  ادريس بن سعيد و عبد الاحد السبتي ، دار الخطابي للطباعة والنشر، ابريل 1985.، ص 183.
[76]  - هوزلي احمد: الكروم معلمة المغرب، الجزء 20. إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 1425.2004. ص 6799.
[77] -  direction de l’agriculture de commerce et des forets op. cit ; 1948. p 6.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟