روح التسامح في الفكر الرشدي : قراءة في كتاب: فصل المقال ـ محمد راجي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

... الحديث عن التسامح، هو حديث عن قيمة أخلاقية، وعن مبدأ فلسفي أساسا، يفرض القبول لدى الآخر لطريقة في التفكير مختلفة عن تلك التي نتبناها[1] واحترام أفكاره ومعتقداته، ولو بدت لنا خاطئة وذلك حتى يتمكن من العيش في انسجام معها[2]، وباعتبار تلك الآراء والمعتقدات يمكن أن تساهم في بناء الحقيقة الكلية[3] لكافة الناس.
والتسامح ليس قيمة نظرية فحسب، أو صفة مستقلة تطبع وجود شخص في ذاته بل هي سمة لعلاقة بين شخص وآخر وبين أشخاص وآخرين. ومن هنا تصطبغ هذه الصفة بلون مجال هذه العلاقة وبطبيعتها، فنتحدث مثلا عن تسامح سياسي أو ثقافي أو ديني.. والذي يهمنا هنا هو التسامح الفكري-الفلسفي. ومن هنا فإن العلاقة بالآخر لا تتخذ في هذا المجال دائما شكلها المباشر، مسايرة لطبيعة التواصل والحوار كما يسود في مجال الفكر والفلسفة، داخل الإطار الثقافي الواحد: بين مفكرين وفلاسفة واتجاهات.. وبين إطار ثقافي وآخر، أو بين عناصر منهما كما بين الثقافة الإسلامية والثقافة اليونانية مثلا، وبين معتقدات إسلامية والفلسفة اليونانية.
ومن هنا فإن التسامح، في صيغته اللفظية، وفي حقيقة أمره وطبيعة أهدافه، سلوك متبادل بين الأطراف المختلفة داخل الإطار المشترك لهذه العلاقة، رغم ما يمكن أن تفترضه هذه العلاقة من عدم التكافؤ في منطلقاتها ومواقع أصحابها.

إلا أن الحديث عن التسامح في الفكر الرشدي ليس حديثا عن مفهوم مؤسس في المتن الرشدي، أو عن تنظير لابن رشد حول التسامح، بل فقط محاولة لتجميع مؤشرات عن روح التسامح التي طبعت معالجته لقضايا نظرية ومنهجية ترتب عن الاختلاف حولها بين المذاهب والاتجاهات الفكرية الإسلامية، محاولات للإقصاء بالتكفير، والذي ترجم سياسيا بالنفي أو السجن أو حتى بالقتل. كما أن التركيز في إبراز معالم هذه الروح التسامحية أساسا على كتابه فصل المقال هو:
1-تركيز على كيفية معالجة ابن رشد لأبرز أشكال واجهة الفكر الإسلامي بمختلف مكوناته خلال ما يسمى بفترة القرون الوسطى، ألا وهو مسألة العلاقة بين النقل والعقل، الشريعة والحكمة، باعتبار هذا الإشكال هو الإطار النظري العام لكل نشاط فكري ولكل حوار حول قضايا الثقافة الإسلامية آنذاك وبالتالي الإطار النظري للنقاش الفكري الفلسفي حوله وحول ما يتفرع عنه من قضايا أو يرتبط به منها.
2-تركيز على ما اعتبره ابن رشد نفسه القول الفصل، والقرار الذي تمنى أن يكون حاسما بشأن العلاقة بين الشريعة والحكمة وبالتالي بشأن موقف الشرع من الحكمة وعلومها. ولذلك فإن هذا الكتاب يمثل المجال الأنسب لاقتفاء أثر تلك الروح المتسامحة وشكل التعبير عنها.
ـ فما هي القضايا الأساسية موضوع النقاش الفكري التي عالجها ابن رشد في كتابه فصل المقال، وما علاقة كيفية طرحه لها بحديثنا عن التسامح؟
ـ ما هي مؤشرات ما أسميناه روح التسامح في موقفه منها.
ـ ما هي الأسس التي انبنت عليها تلك الروح على ضوء مستلزمات عصره ومفهومنا للتسامح؟
إن موضوع الخلاف الأساسي الذي يعالجه ابن رشد في كتابه فصل المقال هو وضعية الفلسفة وعلومها في الثقافة الإسلامية، محددا الهدف من عمله بطرح سؤال أساسي وهو: "هل النظر في الفلسفة وعلوم المنطق مباح بالشرع أم محظور أم مأمور به؟"[4]. وإذ يطرح هذه المسألة على هذا النحو فإنه يسعى منذ البداية إلى الاستناد إلى الشرع الذي هو نفس المرجعية التي استند إليها خصوم الفلسفة والعلوم العقلية بشكل عام، في رفضهم لها وتكفيرهم المشتغلين بها. وهو بذلك يؤسس لمعالجة هذه المسألة من خلال مرجعية مشتركة بينه وبين محاوريه والممثلين أساسا للتيار الفقهي-النقلي في الثقافة الإسلامية والذي توج الغزالي مساره في المشرق الإسلامي بكتابة تهافت الفلاسفة.
ويعالج ابن رشد بالعلاقة مع ذلك مسألة ذات طابع إبستمولوجي وتتعلق بالحقيقة الشرعية وبوضعيتها بين ظاهر الشرع وباطنه، وباختلاف وتفاضل طباع الناس في التصديق، وتفاوت وسائلهم في الإدراك، وحول وظيفة التأويل، شروطه، مجالاته، أهدافه وحول موقع الفلسفة ضمن هذه الوضعية، مسؤولية الفيلسوف في التأويل والشروط المحددة لعلمه، مقارنة بما قامت به فرق إسلامية من معتزلة وأشاعرة وحشوية وجسمية، وما قام به الغزالي على وجه الخصوص وما ترتب على أسلوب هؤلاء في التعامل مع الشرع وطريقة تواصلهم مع الجمهور من نتائج سلبية على الشرع نفسه وعلى الجمهور وعلى الجميع.
ويمكن القول بشكل عام إن فصل المقال هو جهد فلسفي متميز بطريقته في طرح مشكل المعرفة، وبطريقته في إثبات مشروعية الفلسفة وعلومها داخل حقل ثقافي يؤطره الفكر الديني. كما أنه محاولة للتشريع الإبستمولوجي للمعرفة وللحقيقة داخل هذا الحقل وعلى ضوء هذه المشروعية وبالتالي على ضوء ازدواجية المرجعية المعرفية للحقيقة بين الشريعة والحكمة، بين العامة والخاصة.. الشيء الذي جعل من المشروع الفلسفي الرشدي عملا مركبا تطلب منه جهدا مضاعفا بالمقارنة مع من ظنوا أن طريق الحقيقة واحد في نظره[5].
من هنا فإن عقلانية ابن رشد وواقعيته، والحس التاريخي في موقفه، هي وليدة وعيه، كفيلسوف، بخصوصية المشكل المعرفي في الثقافة الإسلامية، وبنتائج الطريق المسدود، طريق الإقصاء والتعالي عن الواقع سواء بالتفكير أو بحلم المدينة الفاضلة، أو بأسطورة "المتوحد" الذي سارت فيه التجارب السابقة والتي انتهت على النحو الذي عبر عنه الغزالي وغيره من المتعصبين ضد الفلسفة والمنطق.
وحول هذه النزعة العقلانية، الواقعية والتاريخية، التي هي شرط أساسي للحديث عن التسامح أو روح التسامح في موقف ابن رشد، ستتمحور عملية إبراز هذه الروح في موقفه من هذه المسألة.
عقلانيته:
ويمكن رصد نزوع ابن رشد العقلاني، إلى جانب ارتباطه بالتراث الأرسطي في الفلسفة اليونانية وخصوصا بالجانب المنطقي منه، في إقراره باسم الشرع بوجوب "النظر العقلي في الموجودات"[6] وبوجوب "أن يستنبط من الأمر بالنظر في الموجودات وجوب معرفة القياس العقلي وأنواعه"[7]، باعتبار هذا القياس العقلي الذي هو المنطق، شأنه شأن علم أصول الفقه بالنسبة إلى علم الفقه، بمثابة آلة ومنهج هذا النوع من النظر الذي هو الفلسفة الواجبة شرعا.
وعندما يواجه ابن رشد، بعد إقراره بالمشروعية الفلسفية: كمبدأ (العقل) وكعلم (النظر في الموجودات) وكمنهج (المنطق) مسألة ما أسميناه بازدواجية المرجعية في الثقافة الإسلامية بالنسبة إلى المعرفة والحقيقة، فإنه سرعان ما يطرح التأويل كآلية عقلية لتجاوز ما يعتبره خلافا ظاهريا ما بين الشريعة والحكمة. وفي هذا الصدد يقول: "فإن أدى النظر البرهاني إلى نحو ما من المعرفة بموجود ما فلا يخلو ذلك الموجود أن يكون قد سكت عنه في الشرع أو عرف به، فإن كان مما سكت عنه، فلا تعارض هنالك، وهو بمنزلة ما سكت عنه من الأحكام فاستنبطها الفقه بالقياس الشرعي. وإن كانت الشريعة نطقت به، فلا يخلو ظاهر النطق أن يكون موافقا لما أدى إليه البرهان فيه أو مخالفا. فإن كان موافقا فلا قول هنالك وإن كان مخالفا طلب هنالك تأويله"[8].
وبما أن ابن رشد يحصر مهمة التأويل في "الراسخين في العلم" أي الفلاسفة دون غيرهم، فإن هذه العملية تدخل في نطاق إضفاء المعقولية على الشرع، بعد إضفاء الشرعية على الفلسفة والشريعة، ثم ما بين ظاهر الشرع وباطنه، أو فلنقل ما بين مظاهر الحقيقة الواحدة، والأشكال المختلفة للتعبير عنها. ومن هنا يصبح العقل أساسا ومقياسا للحقيقة سواء في قراءة الشرع بالتأويل أو في تأمل الموجودات بالنظر العقلي. فعقلانيته ليست نتيجة حتمية لكونه فيلسوفا، بل تكمن في احتكامه الصارم إلى العقل والبرهان في تصوراته وأحكامه.. مما جعل منه في نظر البعض فيلسوف العقل الأول في الإسلام وبرر، إلى جانب عوامل أخرى، لدى البعض الآخر القول بوجود ملامح نزعة أنوارية-إنسانية في فلسفته.
واقعيته:
وتنقلنا هذه المسألة، مسألة الأساس العقلي للحقيقة وللمعرفة الحقة، إلى الحديث عن البعد الواقعي للموقف الرشدي والذي يتجلى في أخذه بعين الاعتبار لمكونات الفضاء الثقافي الإسلامي وللشروط المؤطرة للعمل في هذا الفضاء.
ويتجلى الملمح الأول لهذه الواقعية في طريقة تعامله وتوظيفه للمرجعية الرسمية التي يتم الاحتكام إليها عند كل اختلاف. فنجده يستشهد بنصوص شرعية في سياقات مختلفة ولأهداف مختلفة بلغت عشرين آية قرآنية[9] وثلاثة أحاديث نبوية[10]. كما حاول أن يقارن باستمرار بين الفلسفة والفقه وبين عمل الفيلسوف وعمل الفقيه عبر ثماني لحظات أساسية[11] بشأن آليات عملهما المنهجية في استنباط الأحكام والحقائق، وحول وظيفتهما العلمية والعملية، وحول دور تراكم تجارب الأجيال والأمم في تكاملها كعلمين، وحول مجال عملها بالعلاقة مع الشرع، وحول مشروعيتها كعلمين مستحدثين ومدى توقف هذه المشروعية على أصالتهما في الثقافة الإسلامية.
ويتجلى الملمح الثاني لهذه المسألة في إقراره بتفاوت مؤهلات الناس في الاقتناع واختلاف أساليبهم في التصديق ما بين الأسلوب الخطابي والأسلوب الجدلي والأسلوب البرهاني. وحينما يرى ابن رشد أن اعتماد الشرع على هذه الأساليب ودعوته إلى اعتمادها بحسب طبيعة المخاطبين، وأن انقسامه إلى ظاهر وباطن، هو الذي ضمن تصديق كل الناس به، فإن الاختلاف يصبح بذلك شرطا في الإجماع، ويصبح بالتالي الإجماع إقرارا بالاختلاف. وهذه علاقة جديدة بين مفهومين متقابلين في المنطق السائد منذ أرسطو، في حين جعل منها المشروع الرشدي مفهومين متضايقين. تجمعهما، عوض علاقة الإقصاء المتبادل، علاقة تشارط. وهو ما يشكل أساسا نظريا ملائما للتسامح وعدم الإقصاء.
وأما الملمح الثالث للمسألة فتمثل في انقسام الشرع في نظره، نتيجة للتفاوت المذكور، ما بين ظاهر يعتمد على ضرب الامتثال وعلى ملكة التخيل لمخاطبة عامة الناس الذين لا سبيل لهم في المعرفة والتصديق غير هذا "إما من قبل فطرهم، وأما من قبل عادتهم، وأما من قبل عدمهم أسباب التعلم"[12]، وباطن لا يعلم إلا بالتأويل والبرهان من قبل الراسخين في العلم الذين هم الفلاسفة، "فإن الظاهر هو تلك الأمثال المضروبة لتلك المعاني والباطن هو تلك المعاني التي لا تتجلى إلا لأهل الرهان[13]. والظاهر والباطن شيئان مختلفان لكنهما في نفس الوقت وجهان لشيء واحد وهي الحقيقة.
ومن بين النتائج المنطقية التي خرج بها ابن رشد من الإقرار بهذا الاختلاف والتمايز في طباع الناس ومؤهلاتهم المعرفية دعوته إلى عدم التصريح من طرف المشتغلين بالتأويل بنتائج تأويلاتهم، لأن من شأن تلك العملية "إبطال الظاهر عند من هو من أهل الظاهر" دون إثبات للبديل الحاصل من عملية التأويل بسبب ذلك[14]، مما يفتح المجال أمام ضياعهم وشقائهم، ودخولهم في دوامة من الشك والصراعات والحروب. ومن هنا ضرورة الاعتراف بخصوصية الآخر المختلف واحترام حقوقه المترتبة على هذا الاختلاف موجها اللوم إلى الفرق الإسلامية من أشاعرة ومعتزلة لاعتقادها أن طريق المعرفة واحد[15].
حسه التاريخي:
إن الحديث هنا عن الحس التاريخي في تفكير ابن رشد هو حديث عن وعي بأهمية عنصر الزمان وتراكم التجارب والممارسات في تطور الظواهر وتكاملها، والتي من بينها العلوم ومناهج العلوم. وهو شيء يختلف تماما عن الحديث عن البعد التاريخي لهذا الفكر ولأن هذا البعد في التفكير ليس دائما مشروطا بهذا الوعي.

ويمكن رصد ملامح هذا الحس لديه بإيجاز من زوايا ثلاث:
ـ أولها تعلق بمسألة مبدئية تتمثل في محاولة توسيع نطاق انفتاح المجال الثقافي الإسلامي لمستجدات اقتضتها ضرورات شرعية وعقلية بعد الصدر الأول للإسلام دون أن يعني ذلك أنها بدعة[16] في مواجهة منطق المستحدثة البدعة والبدعة الضلالة والضلالة التي في النار وحكم "كل من تمنطق تزندق".
ـ ثانيها وتتعلق بالاستفادة من الثقافات الأخرى ومن نتائج تجاربها النظرية والمنهجية لأن العلوم في نظره لا يمكن أن تكون ثمرة جهد شخص واحد ولا حتى نتيجة تضافر جهود مجموعة من الأشخاص في فترة زمنية محددة. ومن هنا فمن الواجب شرعا الاعتماد على الغير (يقصد اليونان) ولو كان من غير ملة الإسلام استجابة للحاجيات النظرية المنهجية المرتبطة بممارسة الفلسفة واستيعاب علم المنطق.
ـ ثالثها وتتعلق بطبيعة الأحكام وبطابعها النسبي. وأترك الحديث لابن رشد من خلال نص من كتابه تلخيص الخطابة حيث يقول: "ليس يستطيع أحد أن يضع سننا كلية عامة بحسب جميع الناس في جميع الأزمة وجميع الأمكنة لأن (…) تبدل النافع والضار غير متناه، وغاية الماهر في وضع السنن أن يضع من ذلك ما هو أكثري، أعني لأكثر الناس في أكثر الأزمنة وأكثر المواضيع (…) وإذا كان الأمر كذلك فباضطرار ألا تكون السنن المقدرة صادقة أبدا ودائما، أعني في كل شهر وفي كل وقت، ولذلك قد يحتاج إلى الزيادة والنقصان فيها، وأنت تتبين هذا من الملل المكتوبة في زماننا هذا"[17].

سؤال البداية في النهاية
عن علاقة العقلنة والواقعية والحس التاريخي بالتسامح في الفكر الفلسفي الرشدي أو في أي فكر آخر، والجواب بإيجاز تام.
1 – لأن التسامح هو موقف واع إزاء الآخر المختلف، وليس مجرد سلوك عفوي:وهو بذلك موقف للوعي ووعي بالموقف.
2 – ولأنه معرفة بخصوصية الآخر وبطبيعة اختلافه وتميزه، ووعي بالشروط الموضوعية التي تجعل من وجود حقيقة تؤخذ بعين الاعتبار في كل سعي نحو إثبات الذات والتماس مشروعيتها كما هو الشأن بالنسبة إلى الفلسفة والفلاسفة آنذاك. أو ليس التسامح كما في لفظه ومدلوله فعلا متبادلا بين ذوات؟
3 – ولأنه إدراك لنسبية الأحكام بمقياس التطور، وبالتقابل مع منطق المطلق والشمولية الذي تتأسس عليه كل نزعة دوجماتية تمارس التعصب كفكر والإقصاء كفعل وسلوك.
وكما أن التسامح لا يعني القبول غير المشروط بالآخر وبأي شيء يأتي من الآخر، فإن قاعدة التسامح لدى ابن رشد لها استثناءاتها التي تمثل الحدود الفاصلة بين التسامح نفسه وما يمكن أن يناقضه أي ما ليس بتسامح. وهكذا يتبنى ابن رشد نوعا من الصرامة كلما تعلق الأمر بمحاولة مصادرة حق الغير في التميز والاختلاف المنهجي والمعرفي، أو تعلق بتهديد خصوصية الغير أو التطفل على مجال من المجالات دون التمتع بالمؤهلات والشروط الضرورية لذلك.

عود على بدء:
لقد كان ابن رشد، شأنه شأن كبار الفلاسفة، مثار جدل وخلاف وصل أحيانا إلى درجة التناقض ما بين الدارسين لفكره كما تراوح التعامل مع هذا الفكر من قبل الدوائر المسيحية واليهودية والأكاديمية في أوروبا في بداية عصر النهضة ما بين منطق بضاعتنا ردت إلينا باعتباره مجرد شارح لأرسطو، وبين اعتباره القائل بالحقيقة المزدوجة التي هي أساس الفصل بين السلطتين الدينية والدنيوية.. إلخ.
ويجدر بنا نحن الآن أن نتساءل : لماذا ابن رشد؟ ولماذا الآن؟ وبين السؤالين السؤال عن ماذا؟ الأسئلة التي يمكن الإجابة عنها من خلال الحديث عن شروط ولوج الحداثة، حتى لا تبقى بالتالي المدة التي تفصلنا عن وفاة ابن رشد، ثمانية قرون، هي نفسها المدة التي تفصلنا عن الانطلاقة نحو الحداثة، إنها الأسئلة التي نطرحها على ضوء تلك التجربة الفلسفية وعلى ضوء هذا الواقع. إنها أسئلة: النهاية والبداية التي واجهها ابن رشد نفسه وحاول فصل المقال فيها.

[1]  - Petit Robert, p1973, 1974.
[2]  - Paul Foulqué : Dictionnaire de la langue philosophique, p729.
[3]  - André Lalland : Vocabulaire technique et critique de la philosophie, p1133.
[4] - ابن رشد، فصل المقال، ص13، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط1949.
[5] - المرجع نفسه، ص36.
[6] - المرجع نفسه، ص15.
[7] - المرجع نفسه، ص15.
[8] - المرجع نفسه، ص19.
[9] - المرجع نفسه، ص14-15-19-20-22-25-28-30-34-35.
[10] - المرجع نفسه، ص18-25-26.
[11] - المرجع نفسه، ص15-17-18-19-31.
[12] - المرجع نفسه، ص27.
[13] - المرجع نفسه، ص27.
[14] - المرجع نفسه، ص33-34.
[15] - المرجع نفسه، ص35-36.
[16] - المرجع نفسه، ص15.
[17] - ابن رشد، تلخيص الخطابة، ص221، تحقيق وشرح محمد سليم سالم، القاهرة، 1967.