لست سواي نرجسية القول وايثار المعنى: قراءة مشاغبة في ديوان "لست سواي" للشاعر عز الدين الشنتوف ـ فاطمة واياو

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

1202613274استهلال لا بد منه
وسط جمهور غفير من المهتمين بالثقافة عامة وبالقول الشعري خاصة، تم تقديم الديوان الأول للشاعر والناقد عز الدين الشنتوف المعنون "لست سواي"، والصادر عن دار توبقال للنشر والتوزيع،  بدار الثقافة التابعة لمندوبية وزارة الثقافة بطنجة،  مساء يوم 28 مارس  من السنة الماضية.
 تميزت الأمسية بالتجاوب الكبير للجمهور مع كلمات التقديم وبشكل أخص مع قراءة الشاعر من ديوانه  التي كشفت الحجاب عن شعرية متكاملة كتابة وصوتا، يتميز بها الشاعر المبدع عز الدين الشنتوف.

قراءة في ديوان "لست سواي"
لست سواي ولست سواك، خطاب الذات الشاعرة والذات الكاتبة، كيف يصبح المبدع شاعرا ومنظرا ناقدا في نفس الآن؟
 ففي المستهل يستدعي الشاعر عز الدين الشنتوف نفسا خاصا لفعل الكتابة الذي يعلن عن مشقته منذ البدء، فالشاعر وهو يستعرض فعل الكتابة أو النظم، يضعنا أمام هول الفعل\الكتابة، فالانتقال من النفس الأول عبر مدارج  التبويب، الإخبار، التقديم،  ومرورا بمدارك  الحروف، وصحائف المعنى في لست سواي، ينتهي الشاعر بمنازل النسيان والتذكر.


قد لا يكون المزج بين صوت الشاعر وصوت الناقد جديدا في ديوان "لست سواي"، فهذا الاتجاه عرف في القصيدة العربية الحديثة كما في القصيدة العربية القديمة، غير أن الشاعر هنا في فضائه الشعري وكأنه يحاول التحرر من كل قيود المعمارية وفي نفس الآن تأصيل قواعد مغايرة لبنية القصيدة الحديثة.
فإذا كان خلف كل قصيدة ذات شعرية  مدهشة وداهشة فإننا نستشف من قصائد عز الدين الشنتوف  ذلك التكثيف الدلالي الذي يمتح من بلاغة نصية معجمية  تصل في أحايين\محطات نصية كثيرة إلى ما يشبه التضاد وهو موقف ينسجم مع نصوص تتخذ طابعا شعريا ونقديا في نفس الآن.
يتزامن نفس الشاعر المنظر مع مشاعر الحيرة  والحسرة عبر الأزمنة:
ردي تحبير النفي إلى بلواه حرف النسيان كذلك
نصحب حسرتنا لنكون ثلاثتنا في الحيرة
                أمس  الآن  غدا

"لست سواي" انزياج عن المألوف
 تنزاح اللغة الشعرية في قصائد ديوان " لست سواي" عن المعتاد من الصور الشعرية،  فالشاعر يستوحي لغته الشعرية من متون مختلفة، فمن الحقل الصوفي\الديني والتاريخي إلى الحقل اللغوي \المعجمي مرورا بالحقل الفلسفي \المعرفي و الوجداني\ العاطفي، هذه الحقول التي تتقاطع مع ألفاظ ومفردات أخرى يقتنصها الشاعر من اليومي والمألوف علنا أو خلسة. فالشاعر يغدو حينها فاعلا وليس مجرد منفعل. وإذا انتقلنا إلى المستوى التداولي في الديوان يستوقفنا منذ الوهلة الأولى عنوان "لست سواي" الذي يوحي برغبة الشاعر في ممارسة لعبة الإغراء والتشويق وهو ما ينم عن النفس السردي للشاعر واستلهامه من تقنية القدماء وهم يشتغلون في البدء على عناوين مؤلفاتهم.

التكثيف النفسي في ديوان "لست سواي"
إذا كان الشعر "هو الفيض الاختياري للأحاسيس القوية" كما يذهب ورد زورث ، فإننا نستشف من مقاطع ديوان عز الدين الشنتوف هذا الفيض وهذا التكثيف النفسي الذي يصل بالشاعر إلى مدارك علوية، جمالية،  حيث تصبح اللغة مرفأه الوحيد، وتغدو الكلمات حضنا وحصنا ضد الخواء، ضد الفراغ. كيف لا والشاعر في ديوانه الأول وفي ما يشبه الإصرار، لا يتوانى عن استعمال مفردات تحمل دلالات لغوية تعبيرية تقتنص كل لحظة من لحظات " لست سواي" ليعرج على مكنونات القول الشعري، والبنية الإيقاعية في ما يشبه المعماري وهو يرسم أروع لوحاته الإبداعية. فالشاعر يستمد قوته من جنونه الشعري المنزاح عن كل القيود وهو ما يترائ لنا في نص:  "أمكنة"
هنا
وجهك قافية تخنقني
أتجرد من ذاكرتي
اكتب بالأحمر
لكن
تمتد صفرتك اللعينة
في  نفسي
أرتل بعض جنوني
كي أنظف البياض
من هسيسك 
....................

الحرية والتحرر في "لست سواي"
البنية الإيقاعية في ديوان عز الدين الشنتوف  تنساب بعفوية مدروسة تنم عن رغبة الشاعر في التحرر من الأوزان الإيقاعية التقليدية والتحليق في آفاق تتميز بالحرية والتنوع والحركية، رافضا الرتابة والثبات ومكسرا لكل القيود الشعرية المكانية والزمانية، وفي نفس الآن يستلهم الرمز كأسلوب تعبيري يمنح الكثير من التخييل والتمثل الحر لكل شاعر مبدع ينشد التحرر بكل تمثلاته.
لعل ديوان "لست سواي" الذي انبثق عن تجربة تنظيرية  طويلة يكون فاتحة لدواوين وإبداعات غزيرة للشاعر والناقد عزالدين الشنتوف في المستقبل، ليكون تدشينا لمدرسة شعرية جديدة وجادة في حقل القول الإبداعي العربي المعاصر في زمن الإنتكاسات والطابوهات والمحرمات.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟