الرسالة الكاشفة عن الأسرار : قراءة في فيلم "روك القصبة" ـ نورالدين بوخصيبي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

     rock-alkasbahيتبنين المحكي الفيلمي في "روك القصبة" (الشريط المطول الثاني للمخرجة ليلى المراكشي)، من خلال الحضور المتنامي لمجموعة من الدوال التي تحيل إلى بعضها البعض. اخترنا الوقوف هنا عند دال الرسالة لنبرز من خلاله كيف ينكشف السر الخاص بنكاح المحارم في الشريط، و كيف يكون هذا النكاح هو الفضيحة التي يكون من شأن العمل على إخفائها بلورة الخطاب الفيلمي.

  قبل أن تتقدم صوفيا (مرجانة العلوي) لتقرأ رسالة أختها ليلى على أبيها الميت مولاي الحسن (عمر الشريف)، كان الفيلم قد قدم لنا ثلاثة دوال أساسية للرغبة من الضروري استحضارها لنقرأ أو لنفكك من خلالها دال الرسالة. الدال الأول هو شجرة التين التي تتقدم نحوها يد الأب في أول لقطة بالشريط لتقطف تينة يتناولها الأب بينما هو يتقدم نحو داخل البيت ليتفرج على نفسه ميتا. سنعرف فيما بعد أن شجرة التين هذه هي أول شجرة يقوم بغرسها داخل البيت الذي يسميه جنته. شجرة التين إذن هي شجرة الجنة بالنسبة للأب.
 و رغم موت الأب تبقى الشجرة شاهدة على شموخه و لكن أيضا على بذله و كرمه. تبقى شاهدة على خلوده في الزمن.

الأب الميت يحكي الحكاية
 نعرف منذ انطلاق المحكي الفيلمي، في مستوى أول، أن مولاي الحسن، الأب الميت الذي يكون علينا أن نحضر مراسيم جنازته، هو نفسه الذي يحكي الحكاية. و المخرجة بذلك تضع المتفرج أمام هذه المفارقة: الأب مات/ الأب لم يمت. تقول في هذا المستوى الأول: لا أحد له الحق في حكاية موت الأب غير الأب نفسه. البنية الرمزية لا تقبل بموت الأب. لذلك يكون هو أول من يتقدم في الشريط ليقطف التينة من الشجرة المباركة، و هو أول من يتناول الكلمة و أول من يعبر حديقة البيت و أول من تركز عليه الكاميرا و كأنما لسنا بصدد التهيؤ للإعلان عن موته، و إنما للاحتفال بمولده. و هذه هي رمزية شجرة التين كدال للرغبة في مستوى من مستويات التأويل التي تسمح بها ضمن البنية الفيلمية. و الحال أن ما يعلن عنه الحضور المتفرد للأب ك"سارد" في الفيلم هو أن نظام الرمزي إنما يسخر من هذا الشيء الشاذ الذي هو موت الأب.


  بعد دال شجرة التين يقترح علينا الفيلم دالا آخر للرغبة هو العضو الذكري المنتصب للأب و هو ميت. عندما يلج مولاي الحسن الفضاء الداخلي للبيت، تماما مثلما يلج المتفرج قاعة سينمائية، يشاهد نفسه ممددا على سرير الموت قصد الخضوع لطقوس التغسيل. نظرة الأب المتلصصة تحول الواقع إلى فرجة. و المخرجة تحمل المتلقي على النظر إلى "الواقع" لا كما هو بالفعل، و لكن كما يراه و يريده الأب كواقع سينمائي. ماذا يشاهد الأب؟ يشاهد نفسه ميتا مستسلما للقيمين على تغسيله، لكنه يشاهد و يجعلنا نشاهد معه بشكل مباغت أن عضوه الذكري ما يزال منتصبا حتى و إن كان قد ودع عالمنا. ما يعطي للأب كل معناه و قيمته في الشريط هو الفحولة التي يرمز إليها العضو المنتصب. (يصرح أخوه بالمقابل أنه لا يتمكن من جعل ذكره ينتصب إلا بواسطة الحبة الزرقاء).  و هو ما ينقلنا إلى مستوى آخر يبدو أن الشريط بكامله إنما يتبنين ارتكازا عليه. القضيب بناء رمزي يؤسس كل المجال الرمزي في الفيلم كما سيتضح أكثر في السطور التالية.


  انطلاقا من العضو الذكري المنتصب نجد أنفسنا أمام دال القضيب، بوصفه إذا شئنا دال كل الدوال الأخرى، و من خلاله تنقلنا كاميرا ليلى المراكشي إلى الدال الثالث  وهو دال الطائرة القادمة من أمريكا. مباشرة بعد إبراز انتصاب العضو الذكري للأب الميت، و لإعطاء هذا الانتصاب بعدا آخر أكثر قوة و أكثر دينامية و أكثر حداثة تؤطر كاميرا المراكشي طائرة تقتحم الشاشة بقوة وثبات محدثة ضجيجا مدويا لتحط على المطار، و هي الطائرة التي تقل صوفيا، ابنة مولاي الحسن، القادمة من أمريكا، رفقة ابنها الذي هو ثمرة زواجها من شخص أمريكي.


  من دال شجرة التين الوارفة الظلال التي تقدم لنا في البداية على امتداد الشاشة بكاملها، بإيقاع بطيء مرفوق بموسيقى هادئة، ننتقل في المتوالية الثانية، إلى دال الطائرة التي تقتحم المشهد بقوة و صرامة و من غير حاجة إلى أية موسيقى مرافقة. غياب الموسيقى كدال ينبئ على أننا ننتقل من الإغراء الذي توحي به شجرة التين إلى الجدية التي يقرها دال الطائرة.  يختفي الأب السارد، لكنه يظل حاضرا كبناء و كرمزية من خلال الحضور الخاص لابنته "المتمردة"، صوفيا. بهذا ننتقل من العضو الذكري المنتصب للأب و هو ميت، إلى رمزية القضيب ضمن دال الرغبة. لا تحضر صوفيا كأنثى، لا تحضر لذاتها أو بذاتها، و إنما تحضر كامتداد لسلطة الأب و لرمزية الأب. تحضر كدال لرغبة الأب، على الرغم من أنها  تتقدم ظاهريا كأنثى متمردة. لكن قبل أن تظهر صوفيا بلون ثيابها الأسود و نظارتيها السوداوين و وجهها الصارم و خطواتها الثابتة و لهجتها الآمرة، كل ذلك مقابل بياض لباس الأب و تقاسيم وجهه اللينة ولغته العاطفية المحملة بنوستالجيا لزمن ولى، قبل ذلك يظهر على الشاشة طفلها الأمريكي جونسون، تؤطر الكاميرا أولا قدميه المتقدمتين بثبات، بينما يظهر ظله على أرض المطار إلى جانب قدميه، ممزوجا بـظل طائرة صغيرة يحملها كامتداد للطائرة الكبيرة؛  و كأنما هو يعلن منذ البداية انفلاته من سلطة أمه صوفيا. ذلك ما يكرس الصورة التي تقدمها لنا المخرجة، ربما دون أن تعي ذلك، عن هذه الشخصية التي لا تحضر في الفيلم كامرأة، كأنثى خالصة، و إنما تحضر كأم.

دال الرسالة:
 تقتحم صوفيا عزلة أبيها الميت/ الحي، و تشرع في قراءة رسالة أختها ليلى المنتحرة. لا يهمنا هنا تحديدا مضمون رسالة ليلى بقدر ما تهمنا الرسالة في ذاتها. إذا كانت رمزية الأب الميت تستمد من الرسالة السماوية، فإن شرعية مسعى صوفيا في الشريط تستمد بدورها من رسالة أخرى، لكنها رسالة مدنسة. تواجه صوفيا الرسالة القدسية التي تؤسس لرمزية الأب، برسالة مغايرة تعلن عن استراتيجية مغايرة. معناه أن قول صوفيا و فعلها معا يجدان مشروعيتهما في الخطاب المكتوب. ليلى انتحرت، لكنها تظل حاضرة من خلال المكتوب. إن الرسالة هي التي تعطي لصوفيا الحق في الكلام أو الخطاب المهدد لخطاب السيد. و هنا يجب أن ننتبه إلى أن صوفيا ليست هي التي كتبت الرسالة. إن دورها يتمثل فقط في نقل مضمونها للأب، و للآخرين أيضا، اللذين ليسوا جميعا سوى ممثلين له بأشكال مختلفة.
  شجرة التين التي ظهرت في البداية بوصفها شجرة الجنة، الجنة الأبوية، هي تدشين رمزي لخطاب السيد. ليس الأب هو الذي أنتج هذا الخطاب. الأب مروج لخطاب السيد و مستفيد منه. و الأم (هيام عباس) أيضا مروجة لهذا الخطاب دون أن تجني منه سوى الخسارة. و إذن الرسالة التي جاءت صوفيا تحملها معها من أمريكا هي تعبير عن دال للرغبة يظهر كمهدد لخطاب السيد. و لأنها تحمل الرسالة المهددة، فهي التي تكون مؤهلة لاكتشاف السر المهدد بقوة لكامل النظام الرمزي للأب، أقصد سر حمل ليلى من أخيها زكرياء دون أن يكون أي منهما على علم بالعلاقة الأخوية.

السر.. الفضيحة: 
لم تكتشف صوفيا السر بكيفية مباشرة. كان عليها أن تجتاز مجموعة من الحواجز لتتمكن من الوصول إلى السر الأكبر. كان عليها أن تواجه خطاب السيد كما تروج له الأم. تستسلم أحيانا و تراوغ أو تتحدى أحيانا أخرى حسب السياق. و هي لا تدرك بالضبط ما تقوم به. و هي لا تكشف لأنها تسعى إلى ذلك عن وعي و سبق إصرار. و لكن الأشياء ما تلبث أن تنكشف أمامها بشكل مباغت. و هي لا تتقصد الكشف لأنها تقنع بأن تكون مجرد دال للرغبة بين دوال أخرى حتى و إن كانت تحمل في جهة ما من شخصيتها أثر شخصية ليلى. عندما تسلمها الأم "الجلابة" لترتديها كما تقتضي العادة عند الموت، فهي تستسلم لرغبة الأم دون تردد. و عندما تطلب منها الأم أن تمحو الصباغة من الأظافر تفعل أيضا بلا تردد. إن "الجلابة" في ذاتها تظل مجرد علامة،و لكن الذي يحولها إلى دال هو اندراجها ضمن شبكة من الدوال الأخرى الحاضرة في الشريط.
  و لكن الرسالة التي تحملها تضعها أخيرا، دون إرادة منها، أمام الوثيقة التي تكشف الحقيقة المدوية. و هي أن زكرياء ابن الخادمة ياقوت هو ابن مولاي الحسن. و معناه أنه أخ ليلى مثلما هو أخوها هي أيضا. و معناه أيضا أن ليلى كانت على علاقة بأخيها، و هي علاقة محرمة. و الحمل كان هو السبب الحقيقي في إبعاد ليلى مما ترتب عنه انتحارها.
  مثلما يتمظهر خطاب السيد من خلال مجموعة من الدوال التي تتمركز جميعها حول دال القضيب و حول استعارة اسم الأب، فهو يقوم على منطق للإقصاء و النبذ و إنتاج الهوامش. إذا كان فيلم ماروك قد ركز على العلاقة غير المشروعة مع فتى يهودي، فإن اليهودي كدال منبوذ يحضر أيضا في "روك القصبة" حين تقول الجدة مخاطبة صوفيا: "قلت ليك ما تتزوجيش بيهودي"،  و عندما ترد صوفيا بأن زوجها ليس يهوديا، و إنما هو أمريكي من أصل إيرلندي تقول الجدة: "أمريكي يعني يهودي".. المنظومة الرمزية التي تنتج الحدود على مستوى العقيدة هي ذات المنظومة التي لا تقبل بعلاقة جنسية خالصة. عندما يقول المحلل النفسي جاك لاكان "لاوجود لعلاقة جنسية"، فإن هذا ما يقصده بالضبط. البنية اللغوية تحول العلاقة الجنسية إلى علاقة كلامية. و خطورة ليلى تكمن في كونها لا تحضر ككائن كلامي « Parlêtre »، و إنما هي تحضر كصورة متخيلة في ذهن صوفيا. ليلى لا تظهر في الشريط، علما أنها البطلة الحقيقية. في مقابل الميثولوجيا التي تعلن عنها شجرة التين كدال رمزي للرغبة، تعبر ليلى الغائبة عن انفتاح آخر للأنثى تعجز كل النساء في الشريط عن المضي فيه لأنهن جميعا محجوزات ضمن دال الرغبة و ضمن دال القضيب و استعارة اسم الأب. رسالة ليلى التي تقرأها صوفيا تجعلنا نغادر أرض الرغبة لنعبر السماء الفسيحة للمتعة. الأنوثة بما هي متعة منفتحة على الماوراء غير مقبولة تماما ضمن دال الرغبة. لذلك لا تظهر ليلى في الشريط إلا من خلال الكتابة، من خلال الرسالة، و لذلك يكون مآلها الطبيعي هو الانتحار.  

  كيف تكتشف صوفيا العلاقة المحرمة بين ليلى و أخيها زكرياء؟ يجدر القول إن العلاقة كانت قائمة بما هي محرمة لكن من غير علم أي أحد. معناه أن ما يثير الضجة و ما يجعل العلاقة تبدو فضيحة، ليس هو الحدث في حد ذاته، و إنما العلم به. الفضيحة تنتج عن المعرفة بالشيء و ليس الشيء في حد ذاته. و المعرفة لا تعطى دفعة واحدة و إنما على جرعات. تعرف صوفيا أولا أن ليلى سافرت إلى الخارج لدراسة المسرح. يتم نفي هذه الحقيقة بحقيقة أخرى يبوح بها زكرياء، و هي أن ليلى عندما كانت حاملا راحت إلى لندن كي تتخلص من الجنين. ثم تصل صوفيا إلى اكتشاف الحقيقة بالصدفة انطلاقا من صورة فوتوغرافية تجمع مولاي الحسن مع ياقوت و ابنهما زكرياء.. الصورة توجد داخل جواز سفر.

  حقيقة نكاح المحارم بين ليلى و أخيها زكرياء (عادل بن الشريف) لم تلتقطها صوفيا من أي مصدر لساني. إنها علاقة مستحيلة لأنها غير مقبولة أو غير مشروعة لسانيا. و لهذا قلت إن ليلى ليست كائنا كلاميا. وحدها الصورة تستطيع أن تقول هذه العلاقة لكن بكيفية غير مباشرة. إننا لا نرى صورة لليلى رفقة زكرياء، و إنما صورة للأب رفقة ياقوت (راوية). الصورة لا تقول الحقيقة كلها و إنما الحقيقة التي يريدها الآخرون لها. الصورة هي صورة الأب في علاقة غير شرعية، لأن للأب الحق في إقامة هذه العلاقة أما ليلى فليس لها الحق في ذلك. ذلك أن ليلى اقترفت الخطيئة الكبرى و هي نكاح المحارم. بذلك تخرج نهائيا من دال القضيب و من دال الرغبة، و تقصى من دائرة شجرة التين المسيجة لجنة الأب،  و بذلك لا تجد لها موطأ قدم لا في الصورة الفوتوغرافية و لا في الصورة الفيلمية. 
ليلى تحضر فقط محمولة في ذهن أختها صوفيا التي تتماهى معها. تحاول استنساخ صورتها دون أن تدرك، و هذه مشكلتها، أن الأنوثة الحقيقية يستحيل استنساخها. الأنوثة الحقيقية بما هي متعة تعاش في التجربة المتفردة لكل أنثى على حدة.
لا رسالة بدون رسول:

إذا كانت ليلى هي كاتبة الرسالة، فإن صوفيا هي التي تكفلت بتبليغها إلى أبيها الميت/الحي. من تكون صوفيا إذن؟ إنها صورة تلفزيونية و سينمائية هوليودية. إذا كانت صوفيا قد عثرت على سر ليلى على صورة فوتوغرافية فلأنها هي أيضا صورة. الصورة التي تظهر بها في الغرب هي صورة ممثلة تؤدي أدوارا إرهابية من منظور الغرب للإرهاب. إنها بتعبير آخر صورة مبتذلة أو قالب جاهز أو كليشيه. إن الصورة الحقيقية للأنثى يمكن العثور عليها في الفوتوغرافيا، أما الصورة المتحركة فهي تحول المرأة إلى صورة مبتذلة. لذلك تبدو صوفيا حائرة و مترددة في الشريط، و تبدو موزعة بين الأب و الابن و الزوج الأمريكي، لكنها مسكونة دوما بمثال أختها ليلى كأنثى حقيقية.
 بعد انكشاف الفضيحة تلتئم الأسرة بكاملها في النهاية. لا تجد العائلة وحدتها أو هويتها إلا من خلال التستر على الفضيحة، تماما مثلما لا يبني فيلم "روك القصبة" ذاته بكامله إلا من خلال التستر على عناصر الخطاب فيه. ينبني فيلم ليلى المراكشي بوصفه وحدة فيلمية متكاملة و متجانسة بينما هو في العمق، كأي فيلم من الأفلام السينمائية، عبارة عن تجميع لعناصر مشتتة يعمل البناء الفيلمي على إخفائها. لتكون للأسرة مشروعيتها لا بد من وجود خطيئة يتم التستر عليها. و لتكون للفيلم مشروعيته السينمائية لا بد من خطيئة ما موازية. "الخطيئة" التي تسمح للفيلم بالعبور إلى ضفة الاستهلاك تتمثل في محو الآثار الفاضحة للخطاب. محو آثار التشتت و الحفاظ على آثار الوحدة و الهوية الفيلمية التي تعتبر الموسيقى في الشريط من عناصرها البارزة، و هذا مقترح آخر للقراءة.

  و لكن العائلة المنطوية على خطيئة متأصلة تلتئم أيضا في النهاية من خلال القبلة التي تشد صوفيا إلى زوجها الأمريكي "جيسون". القبلة هي الدال المتوج لدال الرسالة. بعد تلاوة الرسالة، و اكتشاف السر كان من الضروري مكافأة صوفيا. المكافأة هي هذه القبلة التي تتم على مرآى من كافة أعضاء العائلة الملتئمة، و لكن أساسا من زاوية نظر أخرى على مرأى و بتزكية من الأب الميت/الحي. بذلك تكرس صوفيا انتماءها لدال الرغبة و لاستعارة اسم الأب. و بذلك ترسخ الصورة التي ظهرت بها في أول مشهد لها بالمطار عندما تم التركيز على القدمين المتقدمتين بثبات لابنها "جونسون".. في الزاوية الأخرى يطلب مولاي الحسن من حفيده "جونسون" الالتحاق بأبويه صوفيا و جيسون. تلك هي دلالة حضور الأب كسارد في الشريط. ليس السرد هنا بمعنى نقل الأحداث، و لكن بمعنى توجيهها. لا يقبل الأب رغم موته أن تفلت الأحداث منه. "من حسن الحظ أن الموتى عندنا يحكمون الأحياء" كما يقول مولاي الحسن في البداية.
شجرة التين كاستعارة لاسم الأب

الرسالة التي قرأتها صوفيا تصب في النهاية ضمن استعارة اسم الأب. و استعارة اسم الأب تبنى على امتداد المحكي الفيلمي من خلال دوال متشابكة فيما بينها. و مع أن الاسم يظهر على شاهد قبره في صورة مدنسة، فإن الاستعارة قادرة على تجديد نفسها من خلال منظومة من الدوال التي تتجاوز إرادات الشخصيات الأخرى. لذلك يكون آخر دال يقدمه لنا الشريط هو نفس الدال الذي افتتح به. شجرة التين بوصفها الشاهد الأساسي، شاهد من الطبيعة، على أن استعارة اسم الأب قادرة على الاستمرار من خلال التستر على الخطيئة الأصلية. بنفس الطريقة التي ظهر بها مولاي الحسن في البداية، ينسحب أخيرا بينما تظل شجرة التين ثابتة في مكانها تقول ما يقال طبعا و ما لا يقال. 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟