الكفا ية التواصلية بين التنظير و الممارسة - محمد الصفاح

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

communiلقد دخلت المنظومة التربوية المغربية مرحلة التحديث و التجديد و التطوير ،راسمة للمسار التعليمي سبيلا تخلصه من العد يد من العقبات والعوائق التي  ظلت  حتى  عهد  قريب  تعوق تقدمه  للانطلاق نحو الأمام باحثا  لنفسه عن موقع يؤهله ليكون ضمن  الدول  المقتحمة  ميدان الحداثة التربوية . ويتجلى ذلك في المنجز النظري القيم''ميثاق التربية و التكوين'' كمنتوج تربوي أسهمت في انجازه العديد من القوى  ذات الاهتمام  بالقطاع التربوي  مما جعله غنيا في مضامينه ،  وذلك  بما يحمله ويحويه من رؤى حداثية ، و مواقف تصحيحية ترمي للنهوض بالمجال التربوي التعليمي  الذي عاش حينا من الدهر عليلا تعوزه علله عن مواكبة المستجدات الطارئة على الخريطة الكونية . وتجاوزا للوضعية العليلة  الكامنة أساسا في الرؤية و الممارسة الكلاسيكيين التربوتين , حمل الميثاق تدابير حداثية تتميز بالقوة البيداغوجية الفعالة  القادرة على تغيير بنية التعليم ، وضخ دماء جديدة في جسمه السقيم العليل ، ليصير تعليما منتجا جيدا ، كما وكيفا.

فعلى المستوى الكمي : فقد وضعت مواد المقررات الدراسية، للصفوف كافة، بعناية وانتقائية، إذ تم انتخاب واختيار ماهو ملائم  للمتعلمين ومنسجم  قدر الإمكان وأذواقهم ، ومستجيبا لتطلعاتهم ، وهو أمر كان منعدما في المقررات السابقة ،قبل ميلاد الميثاق الوطني للتربية و التكوين.

أما على المستوى الكيفي : فان الميثاق قد أتى بطرائق بيداغوجية متميزة وفاعلة وقادرة على إيصال محتويات المواد إلى المتعلمين ,  وتستوعب بكيفية جيدة. ويعد الجانب الكيفي في تقدير العديد من الباحثين والمهتمين  بالشأن التربوي ، الجانب القوي أو نقطة الارتكاز في الميثاق .ويتجلى ذلك ويتشخص في الاشتغال بما يسمى بالكفايات، وهو إجراء تربوي  جديد يخاصم تماما الطريقة التدريسية الكلاسيكية المتسمة بميسم العفوية والعشوائية إن صح التعبير.إذ كان التدريس يفتقر وقتئذ إلى الطرق البيداغوجية المنظمة للعملية التربوية . في حين وفي ظل اعتماد نظام أو نسق الكفايات أصبح التعليم مضبوطا باليات إجرائية تسطر له الأهداف بدقة,وترسم له الحدود, وتوجهه نحو المبتغى المنشود.وضمن هذا المنظور اعتمد النسق التربوي في سياق رؤيته الجديدة ، العديد من الكفايات، أهمها الكفاية التواصلية لكن أين تكمن قدرة وقوة وأهمية هذه الكفاية؟   
تكمن أهمية هذه الكفاية وقوتها في ارتباطها بالعناصر الآتية :


(1التحكم اللغوي.
(2القدرة على التواصل.
(3العمل الجماعي.
(4الانفتاح على المحيط.

وهي عناصر لها من الأهمية ما يجعلها قادرة على تحقيق تحول عميق لدى المتعلمين وجعلهم منتجين فاعلين منفعلين مؤهلين لمواكبة المسيرة التربوية بثقة نفس، وعزم قويين مزودين بالآليات المنهجية المساعدة على تحقيق هذا الطموح التربوي الوطني. لكن السؤال الملح الذي يطرح .إلى أي حد نجحت هذه الكفاية في تحقيق أهدافها وأداء وظيفتها كما رسمها وحددها الميثاق الوطني؟

إن الإجابة عن هذا السؤال تدفعنا قبلا، للتذكير بأن التعليم الكلاسيكي كان يتميز  بخاصيتين أساسيتين هما :

(1الافتقار إلى المنهج و الآليات البيداغوجية: مما يجعل الدروس تلقن       بطريقة مزاجية بعيدا عن الرقابة المنهجية والبيداغوجية.

(2هيمنة القطب الواحد :  وتتمثل في السيطرة الكاملة للمدرس, فيما يخص تلقين المعرفة. و بمعنى أدق , فالمدرس هو المتحكم في المعلومة ، ويعالجها  بكيفية مزاجية وظيفته شحن المتلقين )التلقين(.بينما دور المتمدرسين هو التدوين والأخذ في صمت, الشيء الذي يجعل العملية التعليمية راسية عمودية تعتمد على قطب واحد , وذلك في غياب القطب الثاني ,التلاميذ السلبيون :لا يحاورون ،لايسألون،لايتساءلون، لايتواصلون....... وذلك لانعدام الرغبة في التواصل وافتقارهم للقدرة عليها,ما دامت العلاقة بين الجانبين سلطوية ،راسية،عمودية. وهو سلوك تربوي ونظام تعليمي أنجبا جيلا من المتعلمين المصابين بفوبيا المدرسة تمظهرت في العديد من الأعراض النفسية والاجتماعية التي ميزت شخصياتهم  وأثرت سلبا وبشكل واضح على حياتهم العامة .ووعيا بهذه المثالب,تم التأكيد والإلحاح،حسب الرؤية الإصلاحية التصحيحية الجديدة،  على ضرورة إعادة بثاء  وصياغة علاقة جديدة بين المدرس و المدرسين ,تقوم على فضيلة الحوار ,وفلسفة التواصل , ليصبح بذلك التلميذ وفق هذه الرؤية محور العملية التعليمية, لينعدم بموجبها التابث الكلاسيكي القائم على سلطة المدرس، وحضوره القوي,وغياب التلميذ كذات فاعلة ومؤثرة , وقيام تابث بديل,يتمثل في التلميذ،كقطب أساسي وضروري وواجب الوجود, على اعتبار انه حقيقة جوهرية تستقطب فلسفة الإصلاح. إنها حقيقة تربوية اقتحمت الأسوار والعقول, فأصبحت محل تنفيذ وتقدير, لها وزنها داخل النسق التربوي يقوم على نموذج علائقي جديد يقوم على الإنتاجية والمر دودية. لكن هل تحققت المر دودية ؟   
من خلال الخبرات المستقاة من الأوساط التربوية يمكن القول إن الكفاية التواصلية لم تحقق المنتظرات المرسومة  من لدن الميثاق, وذلك بالاستناد إلى الأداء اللغوي الذي يعد عصب الكفاية التواصلية,والذي لازال يعتريه الضعف, ويشكو هشاشة العظام وفقر الدم.للعلل الآتية :

-انعدام الكفاية التعبيرية.
-الافتقار إلى الذخيرة اللغوية .
-العجز عن فهم محتويات الخطابات الشفاهية و المكتوبة بكيفية صحيحة.
-خلق خطاب تواصلي بديل عن الخطاب التربوي.

وهي كلها عوائق تواصلية لها علاقة مباشرة بالأداء اللغوي.المنخفض المستوى. ولعله الأمر الذي تسعى مؤسسة النجاح تصحيحه وتداركه من خلال تفعيل الكفاية التواصلية عبر آليتي التتبع والمواكبة من لدن الفاعلين  التربويين الملزمين وفق الرؤية التصحيحية , بالسهر على تحسين الأداء اللغوي لدى المتعلمين , وتقوية القدرات التواصلية لديهم وعلى هذا الأساس , تجدر الإشارة إلى الواقع التربوي, بحصيلته ومردوديته لم يرق إلى القوة التنظيرية للميثاق الوطني  للتربية والتكوين فهل سيتم ملء هذا الفراغ بخطوات عملية توصل الميثاق المآزر بالمخطط ألاستعجالي إلى الأهداف المنشودة ? لاسيما وان جودة التعليم في البلدان الراقية تقاس بما يتحقق لدى المتعلمين من مهارات تواصلية ، تجعل منهم طاقات مؤهلة فاعلة و حاملة :

(1 المعرفة المنتجة
(2وتمتلك القدرة على استثمارها بكيفية حوارية تواصلية مع المحيط الاقتصادي و الاجتماعي سعيا إلى تطويره وبنائه. وهنا يكمن سر الكفاية التواصلية التي من شانها تزويد المتعلمين بالقدرة على التواصل،كآلية وظيفية لمد جسور الحوار والتواصل الرابطة بينهم وبين محيطهم, وذلك قصد التفاعل معه وتغييره نحو الأفضل وهو هدف لن يتحقق إلا بخلق حياة مدرسية تمتلك مقومات القوة المبنية أساسا على قيم التواصل والحوار والانفتاح على الأخر ........ باعتبارها مقومات تمد المجتمع بالدينامية والحيوية . وتزوده بالطاقة التي تدفع به نحو الحداثة, ليكون عضوا في جسم المجتمع الكوني الذي تتحكم فيه العناصر الأساس الآتية :

1-إنتاج المعرفة النافعة / المنتجة.
2-تطوير آليات اكتسابها.
3-ضبط آليات إنتاجها.

وهي عناصر تستمد قوتها من ثقافة التواصل التي يسعى التصحيح التربوي في سياق التوجه الحداثي إلى ترسيخها في النسق التربوي، من خلال التركيز على الاشتغال "بنظام الكفايات" لا سيما الكفاية التواصلية ، والعمل على تتبيثها كقوة داخل بنية العقل التربوي.


الدكتور.الصفاح

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟