الكتاب المدرسي لمادة التربية التشكيلية : بين منطق التغييب وأمل الإقرار ـ توفيق مفتاح

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

Peinture-abstraite referenceإن كل متتبع للوضعية الراهنة لمادة التربية التشكيلية بالمنظومة التعليمية المغربية، سيلاحظ لا محالة أنها لم تأخذ بعد مكانتها الحقيقية داخل النسق الفلسفي والتربوي للمدرسة، ولازالت تفتقر لكثير من المقومات البيداغوجية والديداكتيكية اللازمة لتدريسها ولتقوية حضورها ضمن الأنشطة الدراسية، والتي تسمح لها بتفعيل أدوارها الكاملة للمساهمة في بناء شخصية المتعلم وتحقيق حاجياته الحسية والجمالية والثقافية. فعلى الرغم من المحاولات المبذولة من لدن وزارة التربية الوطنية لتعميم تدريسها بسلك التعليم الثانوي الإعدادي من خلال الاستمرار في تكوين وتخريج الأساتذة/ات لحدود موسم 2011/2012، وكذا الاهتمام بتحيين مقرراتها الدراسية على مراحل، وذلك منذ صدور أول برنامج دراسي رسمي لها سنة 1976، لغاية إقرار منهاج سنة 2004 في إطار عمليات تجديد ومراجعة البرامج والمناهج الدراسية والوسائط التعليمية ضمن مشاريع المخطط الاستعجالي 2009/2012. زيادة على تأطيرها تنظيميا ببعض الوثائق التربوية والمذكرات الوزارية. إلا إن ذلك يبقى في نظر الكثير من المتتبعين والفاعلين التربويين عملا محدودا جدا، وغير خاضع لرؤية استراتيجية متكاملة وواضحة، تقارب وضعيتها التربوية بشمولية، وتنطلق من تشخيص دقيق وواقعي لحاجياتها وأولوياتها، بالشكل الذي يعزز ما راكمته من مكتسبات واستثماره نحو آفاق تجعلها على الأقل منفتحة على مستجدات التعليم الفني والتشكيلي ومواكبة له.


فمن ضمن الإشكالات الهامة التي لا زالت تلقي بظلالها على واقع تدريسية مادة التربية التشكيلية، ولم تجعلها تتحرر نحو ممارسات ديداكتيكية أكثر مرونة وفعالية، هي حاجتها لكتاب مدرسي مرجعي يؤطر حضورها خلال المسار التعليمي للتلميذ. وهذا في نظرنا وضع تربوي غير عاد يستوجب اهتماما وتفكيرا حول ما يطرحه من أسئلة، بل هي إشكالية تربوية تقتضي مقاربة بحثية خاصة . فلا يخفى علينا جميعا الأهمية التربوية البالغة التي يحتلها الكتاب المدرسي في العملية التعلمية التعليمية، بوصفه إحدى أدوات المنهاج الدراسي، وباعتباره دعامة أساسية للممارسة الديداكتيكية ، فهو أحد الوسائط التعليمية الضرورية التي تعين المدرس على التدريس وتساعد المتعلم على التعلم. ولعله بهذه الخلفية اكتسب شرعية الوجود والتداول في مجال التربية والتكوين. فكما أشرنا آنفا، رغم أن مادة التربية التشكيلية عرفت بشكل شبه منتظم تغييرات بيداغوجية، على غرار ما يتم من تحيين للأطر البيداغوجية للمنظومة التعليمية. إلا أن مسألة غياب الكتاب المدرسي بقيت هي العنصر الثابت إن لم نقل المهمل على امتداد تاريخها التدريسي، ولم يتم الحسم فيها نهائيا من طرف المصالح المركزية للقطاع التعليمي، أو على الأقل الإفراج عن التبريرات التي تجعل مادة التربية التشكيلية استثناء داخل المنظومة التربوية فيما يتعلق بهذا الموضوع، الشيء الذي كرس الجمود الذي طال عدتها الديداكتيكية منذ عقود، حيث ظلت على حالتها التقليدية و لم يتم تجديدها أو إغناؤها وتنويع مكوناتها. في وقت تجاوزت فيه أغلب الأنظمة التعليمية هذه المرحلة، و أقرت كتابا مدرسيا لهذه المادة، بل هي مستمرة في تطوير مقارباته الديداكتيكية وصيغه المادية والوظيفية، لمسايرة النقلة التكنولوجية والرقمية التي يشهدها حقل الإنتاج الفني والمعرفي والثقافي.
  إن التباين الحاصل في المواقف المعلنة وغير المعلنة حول المشروعية البيداغوجية للكتاب المدرسي بالفصول الدراسية، قضية باتت تشغل بال الكثير من الفاعلين في مادة التربية التشكيلية منذ سنوات، وهي تحظى باهتمام خاص لدى هيئة التدريس. لكن للأسف، أن النقاش الدائر حولها لم يتجاوز سقف اجتماعات المجالس واللقاءات التربوية، ولم يرق لمستوى من التنظير أو الخطاب التربوي المكتوب، بما يؤدي لخلق تراكم معرفي يمكن أن يسرع باتخاذ قرارات عملية، ويؤسس لمرحلة جديدة في تدريس هذه المادة الجمالية.
  فلا شك أن الكتاب المدرسي له أهميته التربوية، فهو أداة تعليمية تدعم عمل المدرس(ة) وتغني ممارساته البيداغوجية، وهو بمثابة وثيقة مرجعية بالنسبة للتلميذ، حيث أنها تدعم خبراته وأنشطته الصفية، وتحفزه أكثر على البحث والاستزادة المعرفية، وتمكنه من شروط أفضل لممارسة دوره التعلمي. كما أن وجوده ضمن الحقيبة الديداكتيكية للمدرس(ة) سيسهم لا محالة في الارتقاء بجودة الدرس الجمالي. ووفق هذه الرؤية، قد يسعنا إثارة عديد المبررات والدواعي التي تجعلنا ندعو لإقرار كتاب مدرسي لمادة التربية التشكيلية بما يخدم طموحات وتوجهات المنهاج الدراسي ويحقق غاياته. وسنعرض بإيجاز جانبا منها، لمحاولة تبيان أهميته البيداغوجية والديداكتيكية في تدبير الدرس التشكيلي، والكشف عن إمكانات استثماره كدعامة تعليمية وكمرجع إيكونوغرافي للتدريس. وأيضا إبراز بعض مجالات تدخله في سيرورة التعلم والتعليم.
الكتاب المدرسي تعبير عن تكافؤ فرص المتمدرسين أمام المعرفة والثقافة
أمام تحديات الفقر والهشاشة الاجتماعية بكثير من المناطق بالمغرب، وأوضاع العزلة وصعوبة الولوج للمعلومة والصورة والمعرفة والثقافة بصفة عامة، خاصة في الوسطين القروي والشبه حضري، تطرح إشكالية مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم، ويجد الكتاب المدرسي مشروعيته في تحقيق حد أدنى من التكافؤ بين المتعلمين أمام المعارف المدرسية. مع التأكيد أن أجرأة مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم هو عملية كلية لا تقبل التجزيء و تتم عبر تحقيق تكافؤ تام وصارم على مستوى البنيات والوسائط المدرسية، وتمتيع الجميع بكل الامتيازات المادية والتقنية           ( الهيكلة المعمارية، الأدوات والكتب المدرسية....) وتوزيع وتمرير ترسانة من المعارف والأطر الذهنية وأنماط السلوك بشكل موحد على الجميع دون استثناء.
 ومن هنا يبدو أن المراهنة على تكوين الكفايات الأساس والكفايات النوعية لدى المتعلمين، أمر لا يمكن ضمان  تحقيقه بشكل متكافئ بينهم في وضع لا تكافؤ الموارد والدعامات. فهناك مناطق قد تتوفر فيها إمكانات الإطلاع على الصورة وعلى المنجزات التشكيلية والتفاعل معها، عن طريق الرواق أو المتحف أو التظاهرات الفنية أو شبكة الأنترنيت، وأخرى تنعدم فيها كليا. في هذا السياق يشكل الكتاب المدرسي وسيطا أساسيا بين المعرفة والمتعلم في مادة التربية التشكيلية، ودعامة أساسية من أجل بناء مجتمع عادل ومتكافئ.
الكتاب المدرسي مدخل للتربية على القراءة والبحث:
إن ممارسة القراءة فيها تطوير لسلوك القارئ. فهي من تمدنا " بالمعنى " وتجعلنا نتفاوض حوله. أي قيام الفرد بمفاوضة بين ما يعرفه مسبقا حول موضوع معين وما هو مكتوب حول هذا الموضوع. إنها استعانة بالمكتوب للإجابة على ما نطرحه من أسئلة. إن هذه الإشارات الهامة حول القراءة تدعونا للتأمل في وضع مادة التربية التشكيلية التي تفتقد لسند مدرسي مكتوب يمكن المتعلمين من ممارسة فعل القراءة من داخلها، ويعينهم على تعديل تمثلاتهم حول ما يدرسونه وما يتعلمونه في هذه المادة، ويعتقدون أنه عار من أي بعد نظري أو خلفية تاريخية وثقافية، و أنه جزء من المعرفة و الخبرة التي راكمها الإنسان على مر العصور والحضارات. وقد يصعب عليهم  إدراك هذه المعطيات،  بعيدا عن مواجهة النصوص المكتوبة، ومساءلة إنجازاتهم من خلالها، والتآلف مع بنياتها المعرفية.
   إن الكتاب المدرسي وفق هذا السنن سيساعد التلاميذ على تكوين معان ودلالات وأفكار حول مهاراتهم وتجربتهم التقنية والحسية وإغناؤها بأبعاد جديدة، وقد يقدم لهم إجابات عن أسئلة لطالما راودتهم أثناء ممارستهم التطبيقية. وحتى إن لم يتأتى لهم ذلك، قد يكون الكتاب حافزا لهم على البحث خارج صفحاته، أو قد تكون المادة المعرفية أو البصرية التي يقترحها عليهم منطلقا لاستكمال ما يطمحون للوصول إليه. فالأهم ضمن كل هذه العمليات المحتملة، هو انخراط المتعلم في التعامل مع المضمون التشكيلي المكتوب، وإغناء رصيده اللغوي بالمفاهيم والمصطلحات المتداولة بالحقل الفني، والتعود على التواصل بها و استثمارها في وصف وقراءة وتحليل الأعمال الفنية، وأن يطور لنفسه استراتيجيات قرائية لما يبحث عنه، لخلق رابط معرفي مع ممارسته التطبيقية، و الارتقاء بسلوكه التعلمي، وهذا ما يطمح إلى تحقيقه المنهاج الدراسي من خلال مكون الثقافة التشكيلية.
   إن وجود مؤلف مدرسي حول مادة التربية التشكيلية، معناه تجميع بيداغوجي لمضامين فنية وثقافية وتاريخية وإيقونية يرجح أنها أساسية بالنسبة للمتعلمين، و الولوج إليها والإلمام بالعلاقات المعرفية القائمة فيما بينها، يقتضي منهم الخضوع لشرط القراءة، والاستعانة بالأدوات اللغوية، والالتزام بسلوكات ومهارات وقواعد تعلمية مختلفة عما اعتادوا على ممارسته ضمن الأنشطة التطبيقية. وهذا لا يعني أنها ستعوض هذه الأنشطة أو تلغيها، إنما هي امتداد لها. فالتقدير الجمالي الذي يحملونه حول مادة بصرية ما ، هو حتما بحاجة لمثبتات ودعائم مكتوبة وتمارين قرائية تصل روحهم ووجدانهم بذاكرتهم المعرفية .
الكتاب المدرسي وسيط لعرض معطيات الثقافة التشكيلية وتمرير القيم الجمالية
إن الكتاب المدرسي بوصفه دعامة منهجية مفتوحة على مختلف وضعيات التنظيم والبناء البيداغوجي للمعرفة، وعلى مختلف استراتيجيات التدريس والتعلم والاستعمالات الديداكتيكية، ومن خلال الوظائف المتعددة التي يمكن أن ينهض بها، فانه مؤهل كإحدى الأدوات التعليمية أو الوسائط البصرية لنقل الثقافة التشكيلية للمتعلمين، بالمنهج الذي يساعدهم على تمثلها بشكل سليم ومتوازن، خصوصا و أن الواقع الميداني يعكس ارتجالا في المعالجة الإجرائية لتاريخ الفن والثقافة التشكيلية في حصص التدريس، ويظهر أن هناك تداول غير منظم للمضامين الثقافية والبصرية بالفضاء المدرسي، وأحيانا يكون مغيبا تماما، أو أن مادته الثقافية المختارة لا تحمل أية قيمة فنية أو جمالية وليس لها حضور بارز ضمن حركة تاريخ الفن أو داخل الثقافة الفنية المحلية، كما أنها تلغي مبدأ توحيد الرؤية حيال القيم الثقافية، وبالتالي لا تضمن توفير الحد الأدنى من هذه القيم للمتعلمين، الشيء الذي قد يكون ممكنا في ظل مرجع إيكونوغرافي يقترح ضوابط منهجية عامة في التعامل مع المرجعيات البصرية والثقافية، ويراعي المواصفات البيداغوجية والتقنية اللازمة، والمرتبطة بجودة المضمون الثقافي.
   إننا نتصور أن إدراج المنهاج الدراسي لمادة التربية التشكيلية لمكون الثقافة الفنية أو التشكيلية ضمن المجالات الدراسية، وخصها بحيز زمني وبتدبير ديداكتيكي خاص، يبتغى من وراءه الارتقاء بالتربية التشكيلية من مادة تعليمية تزود المتعلمين بالقدرات والمعارف التقنية، أي مادة تطور المهارات اليدوية والصنعة الفنية فقط، نحو مادة تعليمية تسعى لتكوين الشخصية الإنسانية في مكوناتها الشاملة، بمعنى اهتمامها بالأبعاد الذهنية والحسية والثقافية والقيمية والاجتماعية والحضارية. ومعلوم أن الإبداعات الفنية  هي موضوع إدراك بصري أولا، وأي مقاربة ثقافية لها في السياق البيداغوجي، تتطلب معاينات مرئية، أي على الأقل تقديمها عبر وسائط مرئية، تسمح للمتعلمين بمشاهدتها وتأملها واكتشافها بالتجربة البصرية، أي مشاهدة مستمرة في الزمن و غير محكومة بلحظة عابرة. بمعنى أن يمنح للتلميذ الحق في تكرار مشاهداته للمضامين البصرية وفي تجديد علاقاته التواصلية معها، ضمن لحظات متعددة من مساره التعلمي والدراسي. لأنه لا يمكن بناء على أي مبرر اختزال الثقافة التشكيلية في مجرد عرض صور شخصيات فنية مرموقة، أو تقديم روايات شفهية أو نصوص مكتوبة تحاكي تاريخ الفن وتصف أمجاد وإنجازات كبار الفنانين. بل الموضوع يستدعي إطارا بيداغوجيا بصريا محكما، يحيط بالمادة الثقافية من كل جوانبها ويقدمها بمرجعيات موثقة و في صيغة منسجمة ومتماسكة، ولا يكتفى بجعل المتعلم في وضع مستقبل سلبي، إنما ينبغي أن يكون طرفا متفاعلا ومنخرطا في بناء معارفه الثقافية وفي توضيب ذاكرته البصرية.
ولكون مادة التربية التشكيلية من المواد التعليمية الحاملة للقيم بامتياز، فضلا عن أن الصورة لوحدها هي سند بصري مشحون بالقيم والرموز والدلالات والتمثلات حول الإنسان والحياة والكون، وهي الوسيط الرئيس في عملية تمرير الثقافة التشكيلية و عرض معطيات تاريخ الفن في الدرس التشكيلي. فإن الكتاب المدرسي وفق هذا التمشي، تبرز مشروعية تدخله في اقتراح وتنظيم المرجعيات الفنية والبصرية، التي من المفترض أن تخدم الدرس الجمالي وتنمي الوعي البصري للمتعلمين، لكي تساهم في تحقيق جزء من الانسجام مع النسق الاجتماعي والثقافي للقيم المؤطرة للمنهاج الدراسي، بما في ذلك القيم الثقافية والجمالية الكونية. بل يلزم تدخل أكثر من كتاب مدرسي         و وسيط تعليمي، أي مد المدرس والمتعلم بمجموعة متنوعة من الدعامات البيداغوجية البصرية، تقارب مضمون الثقافة التشكيلية من زوايا مختلفة، وتقدمها بمنهجيات وقراءات متعددة، تخول للتلميذ حق ممارسة فعل الاختيار في بناء تعلماته ومعارفه، وإمكانية امتلاك مقاربة خاصة لتأثيث سجله المعرفي والثقافي و القيمي بكل حرية واستقلالية.
الكتاب المدرسي سند للتربية على الصورة
بدون شك أن الكتاب المدرسي بوصفه أداة تعليمية حاملة للصورة، سيكون سندا أساسيا في تقريب الصور للمتعلمين وتقليص المسافة الفاصلة بينهم وبين المادة الدراسية، ويضمن لهم حظوظا متساوية في التعامل مع الخطاب البصري ويمدهم بالأدوات المنهجية والمعرفية الضرورية لمقاربة السنن الإيقوني وفهم آلياته التواصلية. خصوصا وأن المدرسة المغربية في الوقت الراهن تفتقر مقرراتها الدراسية وكتبها المدرسية لأية مقاربة تربوية أو جمالية أو نقدية لمسألة الصورة، ولا توليها مكانتها وأهميتها كمكون معرفي وثقافي أساسي ضمن المعارف المدرسية. في الوقت الذي نجد فيه أن كثيرا من الأنظمة التعليمية أصبحت تتدارك هذا النقص على مستوى التكوين البصري للمتعلمين، بإدماج التربية على الصورة في كل المواد والمؤلفات الدراسية، بل تعتمد كتبا مدرسية خاصة، يمكن استثمارها من قبل جميع المواد لتعزيز التعلمات الفصلية المرتبطة بالخطاب البصري.
   إنه بالرغم من أن المنهاج الدراسي لمادة التربية التشكيلية يخطط لإكساب المتعلمين 46 مهارة بصرية و37 قدرة بصرية، أي نسبة 70% من مجموع القدرات النوعية التي يحتويها، زيادة على نقل و معالجة 70 معطى من الثقافة التشكيلية، مما يعني الاكتساح الشامل للصورة لكل المناحي البيداغوجية والفنية والتقنية للدرس التشكيلي. إلا أننا نواجه بتغييب تام لها ضمن العدة الديداكتيكية للمنهاج الدراسي، فهو لا يوفر ولو دعامة بصرية واحدة، تؤطر الحضور البارز للمضمون البصري في عمليات التعلم والتواصل والإنتاج والتوثيق بالفصل الدراسي، وتخدم الرؤية التي يعرضها المنهاج، ويستشرف من خلالها تحقيق كفايات قرائية وتحليلية ونقدية للصورة لدى المتعلمين، وإكسابهم لغة تشكيلية وثقافة فنية حولها. إن هذا الوضع يدفعنا للتساؤل حول تدريس مادة فنية لغتها الأساسية هي الصورة، ورهانها الأكبر هو تربية المتعلمين على التعامل مع الصورة وفهم خطابها ونقدها، لكنه مع الأسف تدريس يقصى فيه أهم شرط بيداغوجي، هو توفير وتمكين المتعلمين من الدعامات الإيكونوغرافية الضرورية للتواصل معهم عبرها، على رأسها كتاب مدرسي، يعينهم على نسج علاقات متوازنة مع عالم الإيقونة، ويمكنهم من فرص هامة لتنمية ثقافتهم البصرية ووعيهم الخلاق بالصورة  la conscience imageante ، ويجعلهم يستثمرون في سياق متكافئ محطات تعلمية أساسية من مسارهم التكويني في علاقتهم بدرس التربية التشكيلية.