المقصد الإيتيقي بين سبينوزا وليفيناس ـ د.زهير الخويلدي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

painting-54444استهلال:
لا ينطلق المنهج الإيتيقي من التعاليم التي يقدمها العقل وإنما هو الذي يعاين موضوعيا العوامل الطبيعية الضرورية المحددة لحياة الوجدان ويستنبط من "طبيعة الإنسان المألوفة أي من الوضع الإنساني عموما"1[1] ويدرك المجتمع كعلاقات قوى ويهدي الجميع إلى العيش في وئام مع بعضهم البعض ومع نظام الكون.
إيتيقا ليفيناس هي اختبار حاسم تجريه الفلسفة ضد أنانية الفرد وذلك بالتساؤل عن عفوية الأنا ومجهوده في المحافظة على وجوده في ظل حضور الغير والتحلي بالمسؤولية اللاّمتناهية تجاهه دون تحفظ أو احتراز. اذ لا يمكن تعويض وجهة نظر الأنا المنخرط في التجربة المعيشة والكف عن النظر إلى الأخلاق بوصفها بلورة قواعد للحياة الجيدة وفق الخير الأسمى أو وفق مبدأ الواجب وإعادة تعريفها باعتبارها تحمل الذات مسؤوليته تجاه الغير والانفتاح على ماوراء الماهية والإقرار بالوجود المختلف[2]. لكن أي منزلة يحتلها الكائن البشري في الوجود؟ وماهي الفضائل التي يجب أن يكتسبها الإنسان في الحياة ؟ وما نصيبه من مطلب السعادة ومن قيمة الخير؟ ولماذا يفترض الناس أن جميع الأشياء الطبيعية تتصرف مثلهم من أجل غاية؟ وكيف تتولد الأحكام المسبقة المتعلقة بالخير والشر وبالاستحقاق والخطئية وبالثناء والتوبيخ بالنظام والفوضى وبالجمال والقبح عن حكم خاطئ هو العلة الغائية ؟ لكن ماذا لو كانت الغاية الحقيقية من الفعل الإرادي هو الرغبة في الحصول على الشيء النافع وتجنب حصول الشيء الضار؟[3]

من بالضبط يقوم بتحديد الهوية الإنسانية؟ هل هو الانتماء أم الظهور؟ هل هو الجسد أم الوجه؟ بماذا تتصف علاقة وجه لوجه مع الآخر؟ ما الفرق بين الغير والآخر؟ من هو الغير؟ ما المقصود بالغيرية الجذرية؟ وكيف تتحمل الذات المسؤولية الإيتيقية تجاه الغير؟ وهل تنعم للذات بالسعادة مع الغير؟
1- البحث الايتيقي عند سبينوزا:
لقد ذكر جيل دولوز في كتابه " سبينوزا، فلسفة عملية "[4] أن العمل التحديدي الذي قام به سبينوزا للكائن البشري هو تحديدا جغرافيا هندسيا يتمثل في رسم خارطة للإنسان على خطوط الطول والعرض بحيث يكون خط الطول هو علاقات السرعة والتمهل والحركة والسكون ويمثل خط العرض مجموع الانفعالات.
وبالتالي لم يحدد سبينوزا الإنسان عبر شكله وأعضائه ووظائفها ولم يصفه بالجوهر أو الذات الفاعلة وإنما حالات قوة ما انفكت تتحول وتتعدل وتتشكل وتتألف عبر الأفراد والمجموعات تظهر تارة في قدرة تلقي الانفعالات وطورا في قوة القرار في الوجود وقد تم التعبير عنه بالكوناتوس Conatus أو رغبة البقاء.
الله هو الجوهر الوحيد بينما بقية الكائنات فهي مجرد مخلوقات وصفات وأحوال تعبر عن الجوهر.
في هذا السياق يصرح سبينوزا في القضية العاشرة من الجزء الثاني من كتابه العمدة "علم الأخلاق" ما يلي: "لا ينتمي كيان الجوهر إلى ماهية الإنسان، وبعبارة أخرى ليس الجوهر ما يؤلف صورة الإنسان"[5].
و بالتالي يفصل بين الماهيةessentia  والجوهر substantia ." الجوهر ما يوجد في ذاته ويتصور بذاته"[6] أما " ما ينتمي إلى ماهية شيء من الأشياء هو ذلك الذي ، إن وجد، وجد الشيء وان بطل ، بطل الشيء"[7]. ويبرهن على أن ماهية الإنسان هي شيء موجود في الله طالما أن الله هو العلة الوحيدة لجميع الأشياء وبالنظر إلى أن كل الكائنات لا يمكنها أن توجد أو تتصور دون الله وهي تتألف من تحولات معينة لصفات الله بل إنها عرض أو حال يعبر عن طبيعة الله الأزلية واللاّمتناهية بطريقة معينة ومحددة.
زد على ذلك يميز سبينوزا بين الجوهر و الصفة والحال. من الواجب ومن طبيعته أن يوجد كل جوهر في ذاته ويتصور بذاته، فهو متقدم بالطبع على أعراضه ولامتناه بالضرورة ولا يمكن أن ينتج عن جوهر آخر يكون موجودا، أما "الصفة فهي ما يدركه الذهن في الجوهر مقوما لماهيته" في حين أن "الحال هو ما يطرأ على الجوهر، وبعبارة أخرى ما يكون قائما في شيء غير ذاته ويتصور بشيء غير ذاته"[8].
غير أن العمل الفلسفي الحاسم الذي قام به سبينوزا هو توحيد تصور الإنسان لنفسه وللكون والقضاء على الثنائية الديكارتية التي فصلت بين الفكر والامتداد وبين عالم الأشكال الهندسية والأرقام والعالم العضوي. إذ لم يعد الإنسان ثنائية نفس وجسم بل صار شيئا واحدا إذا نظرنا إليه من جهة الامتداد يكون جسدا وإذا نظرنا إليها من جهة الفكر يكون نفسا. كما بين سبينوزا مستطاع الجسم  وأوضح أنه يقدر على فعل أمورا كثيرة للإنسان أكثر إذهالا من أفعال النفس بل تمثل النفس فكرة شيء جزئي موجود بالفعل هو الجسم. بأي معنى يشكل الإنسان نمطا متناهيا من الجوهر الإلهي؟ فيم تتمثل خصائص الفردية البشرية ؟
يبذل الإنسان جهدا كبيرا للمحافظة على وجوده وبقدر ما يكون الكوناتوس مقتدرا يكون الإنسان مستقلا ومطابقا مع ذاته وبالتالي يمثل الكوناتوس الرغبة الصلبة في الدوام أي الماهية الخاصة بالكائن البشري.
الطبيعة البشرية في نظام الأشياء ينبغي أن تكون مطابقة لهوية الإنسان في نظام الأفكار ولكن الوقوع في الخطأ أمر جائز نتيجة الاعتقاد في حرية الاختيار والعلة الغائية وإتباع الشهوات واضطراب الانفعالات.
"إنهم يبلغون قمة الحكمة بإسداء شتى أنواع المديح لطبيعة إنسانية لا وجود لها إطلاقا وباستهجان الطبيعة الإنسانية الموجودة حقا ، وفعلا، فإنهم لا ينظرون إلى البشر على حقيقتهم، وإنما على نحو ما يرغبون"[9]. غير أن التحدي الكبير الذي فرض نفسه على سبينوزا في المجال الأخلاقي وحاول معالجته هو التالي: كيف يمكن بناء إيتيقا خالية من التصور المشترك عن حرية الاختيار ومستندة على فكرة الكوناتوس؟
والحق أن جهل الناس للعلل الحقيقية لفعلهم وعجزهم عن التعبير عن الطبيعة الخاصة بهم سببه الوقوع في ذم الأهواء وهجاء الرغبة والسخرية من الجسد والسخرية من الغرائز واللوم من النسيان ولعن الأخطاء والانصياع إلى الخوف والإعراض عن صوت العقل ومحك التجربة والتظاهر بالعفة والطهارة والفضيلة.
"فليس من شك إذن – وقد برهنا على ذلك في علم الأخلاق- أن الناس يرزحون بالضرورة تحت الانفعالات وأنهم على هيئة تجعلهم يشفقون على الأشقياء ويحسدون السعداء وأنهم أميل إلى الثأر منهم إلى الرحمة والغفران وأن كل امرئ ، علاوة على ذلك، يرغب في أن يعيش الآخرون وفقا لطبعه الخاص"[10]
في الواقع يتراوح الوضع الإيتيقي للكائن البشري بين العقل والأهواء وبين التأثير والتأثر وبين الفعل والانفعال بين السبب والنتيجة وبين الفرح والحزن والفرق بين القطبين في المرتبة وليس في الطبيعة.
لا يدعي سبينوزا إلى تفوق الروح على الغرائز وسيطرة العقل على الجسد وإنما إلى صحة جيدة للاثنين وتأسيس مشتركة هوية بينهما وذلك بالزيادة في الاقتدار والرفع من اشتهاء الوجود وطاقة قابلية الاكتمال.
لا يحقق الإنسان قدرا معلوما من السعادة إلا بتغليب الانفعالات الايجابية المثبتة على الانفعالات السلبية المعدمة وإدراك الفرح واللذة والرضا والمحبة وطرد الحزن والشقاء والقلق والكره والعيش وفق ما يأمره به العقل وفي تناغم مع نفسه ومع نظام الكون، إذ" نحن بالأساس مخلوقات متقمصة وراغبة ومكافحة"[11]
يمكن عند سبينوزا إحلال الحرية مكان العبودية والانتقال من حالة الطبيعة إلى الحالة المدنية وذلك بالنظر إلى الإنسان الحر على أنه الكائن العقلاني الذي ينتمي إلى المدينة ويحترم القرارات القانونية الجماعية ويسعى إلى الخير ويتفادى الشر ويتحلى بالفضيلة ويبتعد عن الرذيلة ويغمره الفرح والمحبة والرجاء. غير أن السعادة التامة لا ترتبط بالبقاء بل بحسن البقاء وليس الحياة العادية بل الحياة الجيدة وتقتضي تحصيل الدرجة الثالثة من المعرفة والخلاص وبلوغ الأبدية عن طريق الارتقاء إلى الغبطة والطمأنينة.
لكن كيف ساهم عمونيال ليفناس في تطوير الإيتيقا السبينوزية للارتقاء بها إلى مستوى الفلسفة الأولى؟ لماذا ارتبطت الإيتيقا باكتشاف الغيرية؟ ماهي آثار العلاقة مع الآخر في شكلها الأصلي؟هل يوجد حالة تظهر فيها الآخرية في خالصيتها؟ أليس هناك حالة يحمل فيها الكائن الآخرية بوصفها حدا ايجابيا ؟[12]
2-استئناف القول الإيتيقي عند ليفيناس:
لا ترتكز الإيتيقا على احترام قانون كلي بل هي فلسفة أولى تسبق الأنطولوجيا ولا تبحث عن التأسيس ولا تعتمد على الانفعالية المطلقة وإنما تنطلق من لقاء الغير وتحتك بالوجه وتفتح بعد الدلالة وتحرر الذات .
لقد أعطى ليفيناس الأولوية المطلقة للعلاقة الإيتيقية مع الغير وجعل من الإيتيقا هي الفلسفة الأولى التي تتفوق على فلسفة المعرفة وعلى الأنطولوجيا. في هذا المقام اهتم بالوجه والهوية والمسؤولية والنظرة والإنساني وبحث عن إنسانية الآخر في إنسان بلا وضع وماوراء الماهية ويوجد بشكل مختلف ومنفصل[13]. لقد ميز ليفيناس بين الغير والآخر وبين أن الغير يبرز إلى الذات من خلال اللقاء بوجهه حيث يظهر لها في صورة كائن فريد لا يمكن اختزاله أو رده إلى أحد مقولات الهوية وإدراجه ضمن سلاسل التصنيف.
تتجلى العلاقة الثرية وغير القابلة للاختزال في المقابلة مع وجه الغير والنظر إليه وجها لوجه والانتماء إلى نفس البعد الزماني والمكاني وتحمل مسؤولية اللقاء والتحلي بالحب والصداقة واحترام علاقة القربى وحسن الجوار على الرغم من الانفصال والغربة والمجهولية والتباين وغياب حسابات المصالح والانتفاع.
لقد حاول ليفيناس تخطي التعارض التقليدي الذي أقامه أفلاطون بين المماثل والآخر بوصفهما من الأنواع العالية المتعارضة ومنح الحق للآخر من حيث هو آخر أي إلى الغيرية المطلقة التي لا تنتمي إلى داخل الوجود وليست لها نسبة إلى المماثل ولا تمثل مقولة صورية في تمفصل اللّوغوس في إحالته إلى الوجود بل تتجلى بشكل أصلي في العلاقة الإيتيقية بين الأنا والآخر وخارج مقولات المنطق وأبعاد الأنطولوجيا.
لم يتعامل ليفيناس مع آخرية الآخر بوصفها موضوعا منظورا إليه من قبل الذات ولا تجربة يقتحمها بالوعي من الخارج ويقدم فيها وصفا شافيا ضافيا لأشكال الآخر وإنما يعتبره شرطا أساسيا لوجود الذات ويتوقف عند الآخرية الغامضة والمجهولة التي تفتقد لكل علامات المشاركة والحضور والقرابة مع الذات.
بيد أن الأخر من حيث هو الآخر المطلق ومن جهة كونه يمنح الدلالة إلى الذات وينتج المعنى هو الغير ويصفه ليفيناس بأنه الإنسان الآخر الذي لا يمكن مقارنته ويمثل الخصوصية المطلقة في وضعه البشري وبالتالي لا يجوز معاملته بوصفه فردا آخر يتقاسم مع الذات نفس الماهية ونفس الوجود والمجتمع ذاته[14].
كما تخفض تجربة الغير كل مزاعم امتلاك الوعي ودعاوي الحرية وقدرات الذات الأنانية على الحضور والمعرفة والتملك والكينونة بمعزل عن تدخل الآخرين وترفع من شأن المسؤولية بوصفها علاقة إيتيقية.
ينقد ليفيناس الماهية من حيث هي حضور محض يتخطى كل حد ويحاول تجاوز المراوحة بين الوجود والعدم من خلال نحت مفهوم الوجود المختلفAutrement qu’être  ويرى أن المسألة ليس في الوجود أو عدم الوجود وإنما العدم في حد ذاته ليس نقيض الوجود وإنما لا يمتلك معنى إلا بالمقارنة مع الوجود. ان الوجود المختلف هو اللاّنهائي الذي يخترق شمولية الوجود وينتزع نفسه من مقولاته وينتج المعنى[15].
غني عن البيان أن الوجود المختلف مرتبط بما يوجدil ya  والثمية illéité التي تشير إلى المناطق التي تنفلت عن مراوحات الوجود بين الظهور والاختفاء وتعدم إمكانية حضور التعالي والحدوث الخالص. انه ليس الأنت ولا الذات الأخرى وإنما يقطع مع نظرية التمثل ويشهد على الانتماء المشترك للوجود والعدم.
تتكون فنومينولوجيا العلاقة مع الغير من الأبعاد التالية:
-       يوجد منبع الدلالة اللغوية في النداء على الغير وبالتالي الغير هو القطب الذي تتحدث معه الذات.
-       يطرح الغير من حيث هو غير في ازدراء الفقير والغريب وذلك مصادرة حقه في التعبير والحياة.
-       يعتبر الشريك غيرا في إطار وصف العلاقة مع الأقرباء والتفريق بين الشركاء وبين المجاورين.
-       تطرح تحمل مسؤولية الغير دون حد وبلا تحفظ الغير بشكل مطلق في مواجهة الدعوة إلى القتل.
-        الوجه هو الشكل المطلق الذي يعبر به الغير عن نفسه ويطرح باعتباره ذاتا بالنسبة إلى الذات.
" من المهم أن نلاحظ أن ليفيناس لا يكتفي هنا بالقول إن العلاقات الأولية مؤذية أو فظيعة بل يقول ببساطة إننا في أكثر المستويات أساسية نقع تحت تأثير الآخرين بطرق لا سيطرة لنا عليها وان هذه السلبية، التأثرية، وحالة التعرض للتماس تدشن من نحن"[16].
يحافظ ليفيناس على مفهوم الكوناتوس عند سبينوزا ويعيد الاعتبار للرغبة بوصفها علاقة مع اللانهائي ويفرق بينها وبين الحاجة الأنانية في الاستهلاك والإشباع التي يمنحها العالم الصناعي وفق مقياس مادي. زد على ذلك تهب الغيرية نفسها بوصفها رغبة ويكون الغير راغبا ومرغوبا فيه ولكن تظل الرغبة لامتناهية دون الذوبان في أنانية المماثل وانغلاق السيادة ودون الإحساس بالحرمان والزهد في السعادة.
وجه الأخر visage هو أحد الظواهر التي يطل من خلالها الغير على الذات وعلى العالم وعلن فيها عن حضور اللانهائي ولكن الأثرtrace  هو الطريقة التي يطبع بها الوجه حضوره في المرئي وحدث الظهور الذي يقلب كل البنى المعتادة للظهور. 
على سبيل الختم:
-الغاية القصوى من الفلسفة عند سبينوزا هي ايتيقا أصلية للسعادة والحرية وذلك بالاعتماد على الكوناتوس بوصفه المجهود الذي يبذله الفرد للحفاظ على حسن بقائه وتقوية وضعه في الحياة.
- تلعب الرغبة دورا أساسيا في الانتقال بالانفعالات من الحزن إلى الفرح وذلك عندما تنجح في الارتقاء المستمر بالفرد من الدرجات الأقل إلى أكبر قدر من القوة والكمال والمحافظة على وثاقة الوجود والحياة.
-لا يمكن أن تتحمل الطبيعة البشرية الإكراه والضغوط بشكل مطلق ولا توجد أي سلطة يمكن أن تمنع الإنسان من التفكير ومن الوجود بل كل فرد حر في قناعاته وسيد أفكاره وهذا الحق الطبيعي يحميه القانون وتضمنه الدولة.
 - الوضع الإنساني يتميز بالتعبFatigue  والألم والعنف والعزل والانفصال والهروب والتلاشي والضياعevasion  والانفعال والتأثر والهشاشة والعطوبية ومشاعر الضيق والسأم والعبث والضجر والضعف والعجز والانطواء والتمزق وجلد الذات والكراهية تجاه النفس والآخرين.
 - مفهوم الإنساني humain يقتضي الكف عن تمييز الإنسان عن بقية الكائنات بالعقل والوعي والإرادة واللغة وتثمين الجوانب التي ألقت بها النزعة الإنسانية في الخارج وهمشتها وتجديد إنسانية الإنسان الآخر. إن احترام الإنساني في الإنسان وتحمل المسؤولية المطلقة تجاه الغير تستوجب انفتاحا على دلالة الوجه وتخليص الذاتية من جوهرانية حرية الاحتيار والإبحار بها ما بعد الفعل والانفعال وخارج الوجود والعدم.
 -الوجه لوجهface à face  هي البنية الأولية للاجتماعية وتقر بالطابع التناظري بين الذات والغير ولكن هذه البنية لا تعني المواجهة بين الأنا والأنت ولا تعني علاقة تشاركية مع الغير في النحن والانتماء إلى المجتمع وإنما تفيد علاقة تناظرية تذهب من الذات إلى الغير دون عودة وتضع الغير محل تبجيل وموضع تقدير وترقيته في منزلة رفيعة ومنحه كل المعايير التفضيلية وكل العناية والرعاية والاهتمام مهما كانت أشكال وضعه[17].
-  تجربة الانتشاء jouissance هي تقوية الانية لجهودها للثبات في الوجود وتعتبر كيفية للاكتمال في علاقة الجسد الذاتي بالعالم وتغذية عاطفية من الغير وتصبح تفكرية قصدية حينما تحافظ على إمكانية الحصول على التعالي وتجعل تحقق الذات مشروطا بحضور الغير[18].
 
الإحالات والهوامش:
[1]  سبينوزا ، كتاب السياسة، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب، تونس، طبعة أولى، 1999، صص.39. 40.
[2] Levinas  Emmanuel, Totalité et infini, essai sur l’extériorité, édition Nijhoff, La Haye, 1961.p13.
[3]  سبينوزا ، علم الأخلاق، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب، تونس، طبعة أولى، 1999، صص.76. 77.
[4] Deleuze Jilles, Spinoza et la philosophie pratique, édition Minuits, Paris, 1981.2003.
[5]  سبينوزا ، علم الأخلاق، مرجع مذكور، صص.98. 99.
[6]  سبينوزا ، علم الأخلاق، مرجع مذكور، ص30.
[7]  سبينوزا ، علم الأخلاق، مرجع مذكور، ص85.
[8]  سبينوزا ، علم الأخلاق، مرجع مذكور، ص30.
[9]  سبينوزا ، كتاب السياسة، مرجع مذكور، ص37.
[10]  سبينوزا ، كتاب السياسة، مرجع مذكور، صص.38. 39.
[11] Scruton Roger, Spinoza, traduit par Ghislain Chaufour, édition du Seuil, Paris, 2000.p.60.
[12]  ليفيناس عمونيال ، الزمان والآخر، ترجمة جلال بدلة ، دار معابر للنشر والتوزيع ، دمشق، سوريا، طبعة أولى، 2014،ص.95.
[13] Levinas  Emmanuel, Totalité et infini, op.cit.p
[14] Levinas  Emmanuel, le temps  et l’ autre, Fata Morgan, 1979, repris  par PUF, Quadrige, 1985. p63.
[15] Levinas  Emmanuel, Autrement qu’être ou au- delà de l’essence, édition Martinus Nijhoff, La Haye, 1974. p15.
[16]  جوديث بتلر، الذات تصف نفسها ، ترجمة فلاح رحيم، دار التنوير، بيروت، الطبعة الأولى، 2014. فصل: لابلانش وليفيناس: أولوية الآخر،ص167.
[17] Levinas  Emmanuel,  totalité et infini, p53.
[18] Levinas  Emmanuel,  totalité et infini, p86.
المصادر والمراجع:
سبينوزا ، كتاب السياسة، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب، تونس، طبعة أولى، 1999، 
سبينوزا ، علم الأخلاق، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب، تونس، طبعة أولى، 1999،
 
ليفيناس عمونيال ، الزمان والآخر، ترجمة جلال بدلة ، دار معابر للنشر والتوزيع ، دمشق، سوريا، طبعة أولى، 2014،
جوديث بتلر، الذات تصف نفسها ، ترجمة فلاح رحيم، دار التنوير، بيروت، الطبعة الأولى، 2014.
 
Deleuze Jilles, Spinoza et la philosophie pratique, édition Minuits, Paris, 1981.2003.
Scruton Roger, Spinoza, traduit par Ghislain Chaufour, édition du Seuil, Paris, 2000.
Levinas  Emmanuel, Totalité et infini, essai sur l’extériorité, édition Nijhoff, La Haye, 1961
Levinas  Emmanuel, le temps  et l’ autre, Fata Morgan, 1979, repris  par PUF, Quadrige, 1985.
Levinas  Emmanuel, Autrement qu’être ou au- delà de l’essence, édition Martinus Nijhoff, La Haye, 1974.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟