الإسهام الأندلسي في الثقافة الإسلامية ـ اشريف مزور

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

Abd-al-Rahman IIIمقدمــة

لا جدال في تنوع مصادر الثقافة العربية الإسلامية قديما ، التي اغتنت بالحوارية التي قامت بين علوم الأنا وتجارب الآخر، لاسيما عندما نشطت حركة الترجمة عن اليونان والفرس والهنود، ولا نجانب الصواب عندما نؤكد على التلازم بين الترجمة والتحديث، فقد دلت التجارب الحضارية على أن أبهى العصور وأكثرها ازدهارا هي عصور الترجمة أي العصور التي تقرر فيها ثقافة إقحام الثقافات الأخرى في جسدها وفتح لغتها على الخارج أي على تجارب الثقافات. في هذا السياق تسنم الغرب الإسلامي مراقي الاجتهاد والإبداع من خلال النهل من التراث المشرقي الإسلامي الذي طور جوانب كثيرة من أنساق الفكر الهيليني والهيلنستي والساساني. من الاقتباس إلى الخصوصية ومنها إلى الكونية، هكذا يبدو الإسهام الأندلسي في الثقافة الإسلامية والإنسانية عامة. وقد ارتأينا تخصيص هذا الإسهام بالحديث عن الفكر الفلسفي الرشدي باعتباره نموذجا فسيفسائيا في المعارف يند عن الضبط، مناط ذلك تعدد مؤلفاته التي تتوزع بين الطب والفلسفة والفقه والسياسة وعلم الكلام... ومزاوجته بين الشرح والتأليف الأصيل، دون إغفال إبراز مؤاخذات المفكرين المعاصرين على منهجيته في الشروحات ومواقفه المفتقرة لروح النقد إزاء القدماء، ولا تهمنا الإسقاطات الإيديولوجية جراء نكبة ابن رشد، من منطلق أن اختزال التجربة الرشدية في مشكلة المحنة لا يفسر لنا شيئا في ظاهرة انحسار الفكر الرشدي والفلسفي عامة في العالم الإسلامي، ما دام هذا التراجع صار قاسما مشتركا وتجربة عمت جل علوم الإسلام بعد وفاته.

عموما يتمحور هذا العرض حول قضايا أربع، اختص الفصلان الأولان بالإلماع إلى الشروط التي جعلت الأندلس بيئة علمية راقية، وقد أوجزناها في الفتح الإسلامي الذي قام بمسح الطاولة بالكامل في ذلك الإبان، فكان البديل هو الاقتباس من المشرق لتحقيق التراكم المعرفي الذي يسمح بالقيام بتجاوز مرحلة الاتباع والتقليد، فالقطيعة لا تمارس مع الخواء.بينما يحاول الفصلان الثالث والرابع الإيماء إلى مكامن الازدهار الفكري بالأندلس من خلال بسط القول في جوانب من زمن ابن رشد: طريقته في الشرح، استمراريته عند اللاتين، نقده لعم الكلام في المشرق الإسلامي وتهفيته إياه مضمونيا ومنهجيا.

1- الفتح الإسلامي بالأندلس ومسح الطاولة بالكامل

اتخذ التطور الفكري في الأندلس مسارا مغايرا لنظيره في المشرق الذي عرف تنازع المذاهب والتيارات والفرق الكلامية. جدير بالإشارة أن الرحلة أسهمت بقسط وافر في إمداد أهل الأندلس بالزاد المعرفي من المشرق، وكانت في بداية أمرها رحلة دينية، لكن سرعان ما حل الحافز العلمي محل الباعث الديني، وقد أومأ المستشرق دي بور إلى مسألة اقتيات الغرب الإسلامي من المائدة المشرقية التي استمد منها غذاءه العقلي بنهم وشره قائلا: "وكان المغرب يعتمد في حضارته العقلية على المشرق بوجه عام، ومنذ القرن العاشر الميلادي أعني الرابع الهجري، شرع الناس يرتحلون من المشرق إلى المغرب طلبا للعلم"[1]. ارتباطا بما سلف ذكره، يذهب صاعد الأندلسي في كتابه العمدة "طبقات الأمم" إلى التأكيد على فضل المشرق الإسلامي على أهل الأندلس، بحيث ذكر العديد من أسماء علماء الأندلس الذين "يروحون خماصا إلى المشرق الذي يؤمونه للتعلم والاستفادة والتحصيل وطلب العلم، ويغدون إلى المغرب بطانا" إن الأندلس (وكذلك المغرب الذي ظلت مرتبطة بتاريخه منذ الفتح حتى سقوط غرناطة) لم تشهد أي انبعاث حقيقي لبنية المعتقدات القديمة السابقة على الإسلام كما حدث في سوريا والعراق وإلى حد ما في مصر، فالفتح الإسلامي فيهما قام بمسح الطاولة كما فعل في شمال إفريقيا كلها، وإذا كان كثير من السكان الأصليين في الأندلس قد حافظوا على دينهم المسيحي أو اليهودي، فإنهم لم ينقلوا من ثقافتهم القديمة إلى الثقافة العربية الإسلامية أي شيء  يستحق الذكر، وهذا راجع إلى أن الثقافة في الأندلس لم تكن قبل الفتح الإسلامي من الازدهار والقوة بحيث تستطيع فرض وجودها داخل ثقافة الفاتح، ذلك ما يذكره صاعد بقوله: " وأما الأندلس فكان فيها أيضا بعد تغلب بني أمية عليها جماعة عنيت بطلب الفلسفة، ونالت أجزاء كثيرة منها، وكانت الأندلس قبل ذلك في الزمن القديم خالية من العلم لم يشتهر عندنا في أهلها أحد بالاعتناء به، إلا أنه يوجد فيها طلسمات قديمة في مواضع مختلفة وقع الإجماع على أنها من عمل ملوك رومية، إذ كانت الأندلس منتظمة لمملكتهم، ولم تزل على ذلك عاطلة من الحكمة، إلى أن افتتحها المسلمون في شهر رمضان سنة اثنين وتسعين من الهجرة، وتمادت على ذلك أيضا لا يعنى أهلها من العلوم إلا بعلم الشريعة وعلم اللغة، إلى أن توطد الملك فيها لبني أمية وبعد عهد أهلها بالفتنة فتحرك ذوو الفهم والهمم منهم بطلب العلم وتنبهوا لإثارة الحقائق[2].

لعل أهم ما ولدته الرحلات بين المغرب والمشرق والتقاء المغاربة بأساتذة المشرق هو الشعور الذي سيتنامى لاحقا بين الأندلسيين بتفوقهم في بعض العلوم حتى على المشارقة، فبدأ الإقلال من الاعتماد على المصادر المشرقية، بحيث صار هناك اكتفاء ذاتي أو يكاد إلى درجة منافسة المشارقة، مقتضى ذلك أن العقل الحجاجي في الغرب الإسلامي عقل منفتح وليس منغلقا، استأنف وتجاوز بعزم مركزي أكبر ما بدأه نظيره المشرقي، وهنا نستحضر تأليف ابن حزم لرسالته الموسومة "رسالة في فضل الأندلس ورجالها" التي لا تند عن مسالك وتخريجات الإبانة عن منافسة أهل المغرب لزملائهم المشارقة، والاعتزاز أو الاعتداد بأنفسهم وعبقريتهم، والإبانة عن النبوغ المغربي[3].

يقتضي التحليل العلمي الدقيق الوقوف على بعض مكامن الثقافة الأندلسية قبيل الفتح الإسلامي، إذ لا نستطيع التغاضي عنها بجرة قلم، ذلك أن النبوغ الأندلسي الذي تميز بالفرادة والفذوذة يعود فيه الفضل للمشرق من خلال مسألة المثاقفة والتبادل الحضاري دون إنكار وجود شروط محلية ساعدت على ظهور الغزارة في الإبداع[4]، وهذا ما يعلمنا إياه الدرس السوسيولوجي الذي يرى أن كل ظاهرة في بيئة معنية تكون وليدة عوامل داخلية لا خارجية لأن ما هو خارجي يوقظ الظاهرة ولا يخلقها إطلاقا، ولا أدل على ذلك من أن الفتح الإسلامي شمل أصقاع أخرى دون التميز في مجال إبداعي معين، مما يعني ضرورة وجود تماثل بني المحرك والمتحرك، فالأول لا يخرج إلى الفعل إلا ما كان موجودا بالقوة داخل الثاني وفق المبدأ الأرسطي الميتافيزيقي المعروف.

 

2- رحلة الكنوز الفكرية وازدهارها بالأندلس

بلغ الاعتناء بالمؤلفات العلمية والفلسفية بالأندلس مبلغا عظيما بعد تأسيس الدولة الأموية هناك، لكن قبل ذلك يحسن بنا التذكير برحلة عيون التآليف الهيلينية إلى المشرق لتمتزج بالروح الهيلينستية فتصير ذات لون عربي إسلامي، وقد انتقل الفكر اليوناني إلى الثقافة الإسلامية عبر مسار جغرافي متنوع وخلال فترة تاريخية طويلة، تجسد ذلك في عملية الترجمة التي هي رحلة في فضاء الثقافة المغايرة قصد تملكها، والتملك يتطلب إدخال الآخر في الذات في سبيل اختصار المسافة بينهما[5].

 لا يخفى على الفطن الأريب مدى نجاعة مشروع ترجمة علوم الأوائل إلى اللغة العربية، إذ أسهمت في تخصيب  العلوم العربية بالآلة المنطقية الأرسطية، وكذا بالمخيال الأدبي الفارسي الذي لا ينكر تأثيره إلا مكابر، ولا يجحد فعاليته إلى معاند.

قد يكون من نافلة القول، أو من باب تحصيل الحاصل كما يقول المناطقة قولنا: إن مبحث سوسيولوجية العلم يقتضي الإبانة عن المراكز العلمية التي نقلت التجارب المعرفية للأمم السابقة إلى التراث العربي الإسلامي، لأن ثمرة الإبداع الأندلسي من الظلال الوارفة للشجرة الثقافية المشرقية، يبرز ذلك بالأساس مع ابن رشد الذي لا يصح في حقه الادعاء بأنه شارح أرسطو، بل إنه يشرح شرح التراجمة والشراح المشارقة وغيرهم[6] ، مما يعني أن الترجمة هي التي توجه شرحه وتحكم عليه وليس الأصل.

من بين أبرز مراكز الحكمة نستحضر هنا:

-       حاضرة الإسكندرية: تعتبر من أكبر المدارس الهيلنستية الثقافية التي أسسها الإسكندر المقدوني في حملته على الشرق، أسهمت في حفظ وازدهار التراث اليوناني، لكن خف دورها بعد احتراق كتبها "وما يهم هنا من الزمن العربي الذي بدأ من الفتح هو الانتقال الذي تم من الإسكندرية إلى بغداد بعد ترحال عبر مراكز أخرى" [7].

-       العاصمة بغداد: أسس فيها بيت الحكمة في عهد المأمون الذي أعطى دفعة قوية لترجمة الفكر اليوناني إلى العربية وإنقاذ بعض النصوص اليونانية من البوار كما يشير إلى ذلك سالم يفوت عندما يقول : "منذ تأسيس بيت الحكمة في بغداد على يد المأمون ازدهرت ترجمات الفكر اليوناني إلى العربية إما مباشرة أو عبر السريانية وذلك في الأغلب بأقلام مسيحيين وحرانيين (حنين بن إسحاق وابنه إسحاق بن حنين وإسحاق بن زرعة..)[8]

لعل غاية المرام من تأسيس بيت الحكمة من طرف المأمون هي التحصن من الحركات الشيعية الباطنية، تحصين الإسلام (الدولة) بالعقل ممثلا في العقل اليوناني، فالفعل الثقافي هنا ليس ترفا فكريا ولا يمكن إرجاع أمر الاحتفاء به إلى اعتبارات شخصية ذاتية[9].

-       المكتبة المروانية بقرطبة: تدين هذه المكتبة إلى أميرين بلغا بها شأوا بعيدا: الناصر ثم من بعده المسنتصر، ما يهم من هذه الخزانة أنها كانت مكان جذب وتوافد ونقل الكتب الفلسفية من المشرق عموما وبغداد خصوصا، علاوة على ذلك، فهي ملتقى العلماء والباحثين وتمتلئ بعدد ضخم من الكتب يتجاوز ما كان موجودا بالخزانة البغدادية.

لقد ارتبط دور المكتبة المروانية وانتشارها في الأندلس بحادث مؤسف حقا ورب  ضارة نافعة، فقد عمل الحاجب المنصور بن أبي عامر على تدميرها تقربا للعامة مدعيا صلة كتبها بالإلحاد والزندقة، لكن المفارقة هنا هي أن مأساة قرطبة في زمن العامري كانت لها إيجابياتها كما أشار إلى ذلك صاعد الأندلسي، فعملية التدمير كانت انتقائية ولذلك أنقذ الكثير من الأسفار الفلسفية جهل الذين أحرقوها فتشتت لصالح الناس وفي مختلف الحواضر الأندلسية[10]. قامت المكتبة المروانية بدور جليل في توفير المتن العلمي والفلسفي الذي سيبزغ فيه فلاسفة وعلماء كبار كابن باجة وابن حزم وابن طفيل وخاصة ابن رشد الشارح والمتكلم والفقيه والطبيب، فما مدى تأثير الفكر الأندلسي في الثقافة الإسلامية ؟

3- ابن رشد الشارح والرشدية

يميز الدارسون في المتن الرشدي بين صنفين من الكتابة عنده: الكتب الأصيلة (خاصة الثلاثية النقدية: الفصل، الكشف، التهافت)، وما يميزها هو وجود ابن رشد فيها في سجال وجدال مع الغزالي والجويني اللذين لا يذكر غيرهما في الكشف مثلا.

شروحاته المختلفة على أرسطو خاصة، بحيث انبرى صاحبنا لتوضيح قلق عبارة أرسطو الذي كمل عنده الحق و انتهى معه الوحي الفلسفي ولذلك جاءت شروحاته مطبوعة بطابع برهاني.

لتوضيح الإسهام الرشدي في الثقافة الإسلامية و الكونية نرى ضرورة التعريج على مسألتين هامتين، منهجه في الشرح مع ما خلفه أحيانا من مؤاخذات ثم استمرار حضور ابن رشد لاتينيا، مما يعني استحالة الحديث عن نهاية مطلقة وذاتية للعقل الرشدي وإنما عن نهاية عرضية، أو قل إن النهاية كانت مكانية وليست زمانية.

جسد الفكر الرشدي نواة لحوار الثقافات في الغرب الإسلامي، واشتهر بلقب الشارح الأعظم على أرسطو من خلال سعي دؤوب إلى تقريب عبارة أرسطو وفك مستغلقها وبيان مبهمها دون إغفال جهوده في شرح متون فلسفية أخرى كأفلاطون والفارابي وابن سينا... تتوزع شروحاته بين المختصرات، والجوامع والتلاخيص والشروح الكبرى والتعاليق والمقالات، لذلك فالناظر في التراث الرشدي غالبا ما تجابهه إشكالية كبرى: كيف يمكن تجاوز ما يضعه هذا المتن أمامنا من اختلاف، أي ما تطرحه معطيات مكوناته من تباين  يصل أحيانا إلى حد التعارض؟

إن القسمة الثلاثية للشروح (جوامع، تلاخيص، تفاسير) تخص شروح ابن رشد على أرسطو ولا تعم شروحه بإطلاق، ذلك أن شرحه على المعلم الأول يتراوح بين مؤلفات شرحت شرحا واحدا، وأخرى شرحين، وأخرى شروحا ثلاثة، وهي منهجية متفردة غير مطروقة سلفا من لدن الشراح المسلمين أو المشائين عامة.

يخرج المتأمل لمفاصل الشروح الرشدية بقناعة مفادها أن أبا الوليد رام من كل طريقة في الشرح غاية معنية، وتجتمع الغايات الجزئية لتؤم غاية عامة مؤداها تخليص الأرسطية باعتبارها أكثر المذاهب إقناعا وأثبتها حجة مما شابها من أخطاء وإضافات حرفتها عن مقصدها الأسنى ودونك وبيان ذلك:

تختلف التلاخيص عن الجوامع بكونها تروم تلخيص معاني النص الأصلي لا تجريد الأقاويل البرهانية فحسب، كما تهدف إلى ذلك الجوامع ومن ثم فهي أكثر قربا من النص وأشد ارتباطا به، أما التفاسير فهي شروح على اللفظ بالعمل على تجزئة النص الأرسطي إلى جمل وفقرات قصار فيشرح كل جملة على حدة ويعلق على كل فقرة فقرة[11]. صحيح أن الشروح الكبرى أكثر اقترابا من النص الأصلي ولكنها في الآن نفسه أكثر استقلالا وجدة وأصالة لا بالنسبة للنص المشروح فحسب، بل بالنسبة لتأويلات الشراح أيضا. وهي بذلك خلاصة الرشدية أو خلاصة الإسهام الفلسفي الجديد لابن رشد.

عمل ابن رشد إذن على تنقية الموروث الفلسفي اليوناني من كل الآثار العربية التي نقلها إليه فلاسفة الإسلام معتقدا أنها جدلية كلامية لا ترقى إلى رتبة المعرفة اليقينية، وبذلك سهل على الأوربيين استرداد بضاعة اليونان غير محولة ولا منحرفة عبر الوسطاء اليهود.

يجمع الدارسون على أن ابن رشد في محاولته رفعه قلق عبارة أرسطو وغموض أغراضه لم يشتغل مباشرة على النص الأصلي الأرسطي وإنما على الترجمات التي أطلقها مشروع بين الحكمة في بغداد، ومعلوم أن الترجمة في الإسلام لم تسلم من العديد من المطبات أوجزها طه عبد الرحمان في أربع: الترجمة الحرفية، النقص في امتلاك ناصية العربية، الضعف في التكوين الفلسفي، قوة المعتقد غير الإسلامي، وقد اجتمعت هذه العوائق لتحول دون النفاذ إلى معميات المقاصد الأرسطية، فكيف يستقيم الحديث عن تنقية الأرسطية وجل الترجمات عنها كانت حرفية اتباعية وليست إبداعية[12] ؟ ربما فطن فقيه قرطبة إلى ذلك مما يفسر لجوءه إلى تقنية المراجعة والاستدراك والإضافة بل والذهاب في شرح متأخر إلى ما يعارض موقفه في نظير متقدم[13].

تطرح المنهجية التفسيرية الرشدية إشكالات أخرى مرتبطة بموقف ابن رشد من الإبداع الفلسفي خارج المنظومة الأرسطية، ومن الأمور التي جعلت ابن رشد متمسكا ببرهانية الفلسفة هو رفضه للبدائل الأنطولوجية لفلسفة أرسطو الذي تعامل معه باعتباره لم يمت (سلفية) فلم يبتعد عنه قلامة ظفر، لذلك رفض كل التأويلات على فلسفة معلمه، وفي هذا الرفض ما فيه من اغتيال للتعدد والاختلاف والإبداع والتجديد والاقتناع بما دون ذلك من الاجترار والتقليد، عكس مفكرين آخرين الذين فتحوا النص الأرسطي على كل الممكنات فاغتنى بتعدد النقد كحال الغزالي الذي أنسن  أرسطو الإنسان وأنزله منزلته بكل ما لها (المنطق ) وما عليها (الإلهيات).

الناظر إلى فلسفة ابن رشد يتولد لديه الانطباع بأنها فلسفة مزدوجة حتى بالنسبة لمصيرها: مصير عربي إسلامي تعطل فيه فكر ابن رشد عن الفعل والتأثير، مصير غربي استطاع فيه نفس المتن أن يكون فعالا وأن يحقق بقاءه في تيارات فكرية متعددة من فكر ما بعد ق 13م، هكذا يكون نفس الفكر محركا هناك عاطلا هنا مما يعني أن العلة في هذا الاختلاف لا تكمن في الذات المحركة بل في الذات المتلقية[14].

جدير بالإشارة أن الفراغ الذي تركه ابن رشد بعد ق 12 في الفضاء العربي الإسلامي سيعمل ابن عربي على ملئه من خلال رؤيته في الوجود القائمة على التصوف والرمز والإشارة والأمل في خرق العادة[15].*

يرى الباحث المغربي محمد المصباحي أن مفهوم المجال المشترك الذي يقتضيه الحوار الثقافي يمكن أن ينزع فتيل الصدام بين الحضارات[16]، حقيقة كهذه  تجسدت بعمق في أرض الأندلس مع رائدها ابن رشد الذي قرر مشروعية الاستفادة من علوم الأوائل في كتيبه فصل المقال يقول "... وإذا كان الأمر هكذا، وكان كل ما يحتاج إليه من النظر في أمر المقاييس العقلية قد فحص عنه القدماء أتم فحص. فقد ينبغي أن نضرب بأيدينا في كتبهم، فننظر فيما قالوه من ذلك، فإن كان كله صوابا قبلناه منهم، وإن كان فيه ما ليس بصواب نبهنا عليه"[17]. وإذا كانت الفلسفة قراءة لتاريخها فإننا نعتقد أن أوروبا اللاتينية لم تكن لتستطيع قراءة علوم الأوائل لولا اتصالها بالحضارة العربية الإسلامية التي اطلعت على ذلك الموروث وطورت جوانب منه، في هذا السياق، لون ابن رشد الثقافة اللاتينية بنظيرتها العربية الإسلامية بسبب تنوع إنتاجه وشموليته وكذا خطورة الرهانات التي كانت تبشر بها أطروحاته أو تقتضيها شروحاته وأقواله، ويمكن استقراء الوقع الذي أحدثته دخول الرشدية على مسرح الثقافة الأوروبية عبر ثلاثة مظاهر مادية ومذهبية وفكرية:

-       المظهر المادي لتأثير ابن رشد: يتجلى الحضور المادي لابن رشد في الثقافة العلمية والفلسفية الأوربية عبر أجناس أدبية مختلفة كجنس التفسير من شروح وتلاخيص وجوامع ومختصرات، وجنس المسائل والمقالات، وجنس النقد ونقد النقد، هذا دون أن ننسى العواصم التي ولدت فيها التيارات الرشدية (باريس، كراكوفا، أكسفورد، بادوا الإيطالية...)[18]. ننبه هنا إلى أن طريقة ابن رشد في الشرح والكتابة قضت نهائيا على الأسلوب التخييلي الذي طبع كتابات ابن طفيل (حي بن يقظان) حينما عاد إلى طريق الاستنتاج المنطقي حاذيا حذو أرسطو، ولو لم يفعل ذلك لكان للفلسفة العربية اليوم شأن آخر، ذلك أن أستاذه ابن طفيل وصل الفلسفة الأندلسية بأودية البيان العربي[19].

-       المظهر المذهبي لتأثير ابن رشد: شرحه الدقيق لأرسطو جعل منه سلطة معرفية عند اللاتين لزمن طويل مما أدى إلى ظهور الرشديات المتنوعة، ومفهوم الرشدية يقال باشتراك وليس بالتواطؤ، فهناك تيار رشدي يجعل من ابن رشد إماما معرفيا في الشرح والتوفيق بين الحكمة و الشريعة، وعلى النقيض من ذلك يكون الرشدي عند فريق آخر هو كل من نظر إلى الفلسفة باعتبارها مدرسة مستقلة عن اللاهوت لكن دون أن تكون معادية له، كما قد تكون الرشدية هي الإعلان عن عدم وجود طموح فلسفي لبناء فلسفة خاصة تتجاوز حكمة أرسطو، ومن ثم لا يبقى سوى الشرح بعدما تحقق كمال الفلسفة الأخير في فلسفلته.

ظاهرة تعدد معاني الرشدية والاختلاف بشأن مضمونها بين الدارسين ينم عن قدرتها على ضم ضروب شتى من المثقفين ذوي الاهتمامات المختلفة والاتجاهات الفكرية والروحية المتباينة[20]، ولامشاحة   في الألفاظ.

-       المظهر الفكري لحضور ابن رشد: لا مندوحة من الاعتراف بالتأثير الفكري لابن رشد في أوروبا الوسيطة بحيث طبعها بإشكالياته مدة طويلة، لاسيما أطروحته عن وحدة العقل التي تفترض وحدة الحقيقة رغم اختلاف الطرق الاستدلالية في بلوغها (ازدواج السبيل إلى الحقيقة بعد الإقرار بوحدتها)، مناط ذلك أن العقل ليس جزءا من الحقيقة، ولذلك قد تكون معرفة الحق بكيفيات أخرى غير العقل أي بفضل سبيل الوحي والمعجزة.

ببزوغ فجر الحداثة والحركة الإنسانية أعاد الغرب فتح باب الاجتهاد على مصراعيه بعد أن أغلقه ابن رشد عندما فسر المتن الهيليني بعشق وتماه قاده إلى التطابق مع الحقيقة الخطابية لا الوجودية، فغابت الروح النقدية التي جعلت أرسطو يتحرر من تصورات أفلاطون والسوفسطائيين عامة[21].

تأسيسا على ما سلف ذكره، يظهر بأن تأثير الفكر الفلسفي الأندلسي ممثلا في ابن رشد في الثقافة الإنسانية مسألة لا تذهب إلا عن غافل، مما يجعل منه تراثا حيا قابلا للإفسال رغم الهنات التي طبعت شروحاته ومواقفه من أرسطو، ذلك أن واقعنا الآن يقتضي أن نفعل صنو ما فعلته أوروبا الوسيطة مع الثقافة ع. إ، أي شرح المستجدات العلمية والفلسفية الغربية قراءة ونقدا وتأويلا في أفق المشاركة المبدعة الفعالة.

4- الإسهام الرشدي في علم الكلام الإسلامي

غير خاف على من له دربة بصناعة الفلسفة أن إشكالية التوفيق بين الأصيل والدخيل في الثقافة ع. إ أفاض فيها جل فلاسفة الإسلام بدءا بالكندي، بيد أن اثنين منهم لم يختلفا في النقير ولا في القطمير حيال أهمية الحكمة للعلوم المأصولة، ونقصد هنا الفارابي وابن رشد، فإذا كان أبو ناصر يقرر أفضلية غنوصيولوجية وأنطولولجية للفلسفة على الملة وتبعية ابستمولوجية للملة في علاقتها بالفلسفة كعلم كلي[22]، فإن أبا الوليد لا يوفق، بل يقرر توافق وعدم تعارض الشريعة والحكمة، ويقرر بقوة أن التعارض هو بين كل من الفلسفة وظاهر الشرع وبين تأويلات المتكلمين الذين أوقعوا الناس في شنآن وتباغض وحروب ومزقوا الشرع وفرقوا الناس، أما الفلسفة والشريعة فهما أختان- لا بالنسب- بل بالرضاعة ترضعان من منبع واحد هو الحق (الحق لا يضاد الحق) وتسعيان نحو غرض واحد وهو الفضيلة[23]. إذا ثبت ما سبق فإن الاستمرار في التأكيد على وجود تعارض صريح أو خفي بين الحكمة والشريعة هو من باب التكليف بما لا يطاق، ومن باب ادعاء ما لا يصح.

وحتى يرفع النظار المسلمون أوجه التناقض الظاهرية بين بدائل الإسلام والتصورات الفكرية الإغريقية لجِأوا إلى ما سمي بظاهرة الكتابة المزدوجة  التي تجثم بثقلها في ثنايا كتاباتهم، فكيف يمكن سد الثلم والخروم، وملء الفجوات والنتوءات التي تقدم لنا هذا الفيلسوف أو ذاك في صورة رجل ولاج خراج؟

إن التناقض الذي ينيخ بكلكله في مطاوي كتابات الفلاسفة المسلمين لا يمكن أن يفهم فهما سديدا وقويما بمعزل عن صولة السلطة السياسية وهيمنة السلطة الشعبية، سواء كان هذا التناقض علامة على الفشل الذاتي للفلسفة الإسلامية حسب بعض الباحثين المعاصرين، أو آية على مرونة هذا الفكر الفلسفي كما يرى البعض الآخر، فالكتابة المزدوجة حصار لحصار السلطة السياسية والسلطة الجماهيرية وتبعا لذلك "فقد تكون تناقضا مشروعا وتراجعا مبررا، وتقية متحايلة وضرورية، ودرعا واقيا من سيف ذي حدين: حد الجماهير من جهة وحد السلطان الجائر الممالئ لها في الإبستيمي الوسطوي من جهة أخرى[24].

عاش ابن رشد في مرحلة زمنية كان فيها علم الكلام في المشرق قد وصل مرحلة التبويب والتقنين مع التيار الأشعري في صيغته الباقلانية والغزالية، لذلك أم الشارح الأكبر وضع علم الكلام بما هو كلام بشري عن الوحي الإلهي موضعه الصحيح، أو لنقل تصحيح العقائد وما داخلها من تحريف وتخليط علماء الكلام[25].

كيف حدد ابن رشد علم الكلام، ما البديل الذي اقترحه إن صراحة أو إشارة؟

تمحور حديث ابن رشد في "الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة" حول قاعدتين: الأدلة الدينية وأساليب المتكلمين في النصرة والتزييف، وبعد أن بين عملية الأدلة الدينية في حق الجمهور، وعلميتها في حق الخاصة، وطرق إدراك المعاني الحكمية وتحصيلها بالمقاييس البرهانية المتفقة بالتركيب وبالبعد عن المقدمات المعروفة بنفسها، نلفيه يخصص قسطا وافرا لتعرية طرق المتكلمة، فهؤلاء يعمدون إلى تقوية ونصرة مضامينهم المدخولة، وبدعهم المرذولة في وجه معاندهم ومقاومهم والمعترض عليهم، بطرق وأساليب في البحث والمباحثة، مسلوب عنها ما توصف به الأساليب والطرق الصائبة، ومنطبق عليها ما تتسم به الأساليب والطرق المموهة والمضلة.

فطرقهم "ليست هي الطرق التي نبه الله عليها ودعا الناس إلى الإيمان بها من قبلها"[26].

وهي طرق لا تجري مجرى الطبع"[27].

إن طرقهم في التأويل لا تنضبط بقانون، فكل "فرقة منهم تأولت في الشريعة تأويلا غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى وزعمت أنه الذي يقصده صاحب الشرع، حتى تمزق الشرع كل ممزق وبعد جدا عن موضعه الأول"(...)[28].
ولا يخرج النقد الرشدي لمضامين المتكلمين عن الإطار السابق، إذ رماها بالبدع في الشرع، والكذب والتشغيب والسفسطة، الصناعة الكلامية إذن من المنظور الفلسفي ضعيفة في مضمونها وفي أسلوبها، وباعتبارها راجعة إلى الاقتدار على نصرة الآراء والأفعال الملية وتزييفها بالأقاويل، ينبغي أن تعزز بالآلة الجدلية والخطابية الأرسطية المفيدة في ميدان الرأي والعمل، بعبارة أخرى، صناعة الكلام حسب التصور الرشدي ملكة حجاجية تشتغل في ميدان الملة المظنونة، لذا وجب شحذها وإذكاؤها بالأداة اليونانية الملائمة لميداني الظن والعمل (طوبيقا وخطابة أرسطو).
وقد تأسست هذه الرؤية بموقف مسبق من الملة الإسلامية ميز فيها بين درجتين، درجة تنبيه ودرجة تصريح، كلتاهما ينبغي أن يضبط الاشتغال فيهما بأساليب المنطق اليوناني وطرقه، درجة بالبرهان مقصورة على الراسخين في العلم، ودرجة بالجدل وبالخطابة متعلقة بالجمهور والمتكلمين، تماشيا مع روح الإسلام الذي ورد بالظاهر، وبالباطن حسب طباع الناس في التصديق.
التالوث النقدي الرشدي (المؤلفات الموضوعة) يجعل من الجائز الحديث عن الاقتباس والخصوصية في علم الكلام بالغرب الإسلامي، فالأخير عمق منهج المناظرة والسجال الحجاجي الذي ارتضاه المسلمون لإبداع تراثهم أي المعاقلة التي تسد مسد  العقل في المتن الأرسطي، مما نتأدى  منه إلى خلاصة على غاية من الأهمية مفادها أن الحوارية التي قامت بين علوم الإسلام في مشرقه ومغربه دليل واضح على ترسيخ قيم التثاقف والتلاقح الحضاري والانفتاح على الآخر مهما بلغت درجة اختلافه. بإجمال حقق الفكر الأندلسي ما نسميه الآن بالمجتمع المفتوح، والدليل على ذلك كثرة المصنفات التي تحمل أبعادا تفاعلية وحجاجية "الفصل في الملل والأهواء والنحل" "المنهاج في ترتيب الحجاج" "تهافت التهافت"...

خاتمـة

حاصل القول، تعلمنا الفلسفة الرشدية مبدأ عاما في الرقي الفكري، ألا وهو الإفادة من مكتسبات الحضارات الأخرى ولا مطمع في ذلك من دون الحوار، فالأخير هو العملة الصعبة في الفكر العربي المعاصر، وأعز ما يطلب في الوعاء الزمني الذي نعيش فيه، وكما قال الشاعر الألماني غوته: "من كان عليه أن يرفع حملا ثقيلا، فإنه ينبغي عليه أن يعرف مركز الثقل"، ومركز الثقل في الفكر العربي المعاصر هو الحوار النقطة الأرخميدية الصلبة لكل من يشرئب بأعناقه إلى المستقبل.

 
لائحة المراجع .

دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، د.ت.
صاعد الأندلسي، طبقات الأمم تحقيق حياة العبد بوعلوان، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، فبراير 1995.
محمد آيت حمو، فضاءات الفكر في الغرب الإسلامي دراسات ومراجعات نقدية للكلام، منشورات الاختلاف، الطبعة الأولى، 2011.
سالم يفوت، حركة الترجمة في عصر النهضة الأول: بيت الحكمة، ضمن مؤسسات العلم والتعليم في الحضارة الإسلامية، تنسيق بناصر البعزاتي، منشورات كلية الآداب بالرباط، ط1، 2008.
جمال الدين العلوي، المتن الرشدي، مدخل لقراءة جديدة، دار تبقال للنشر، الطبعة الأولى، 1986.
طه عبد الرحمان "اللسان والميزان أو التكوثر العقلي"، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 1998.
محمد المصباحي، مع ابن رشد، دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى، 2007.
ابن رشد، فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، تحقيق عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 4،2007.
    محمد آيت حمو، الدين والفلسفة في فلسفة الفارابي، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع بيروت، لبنان، ط1، 2001.
    ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة، تحقيق عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة 3، يوليوز 2007.

[1] - دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، د.ت، ص: 298.
[2] - صاعد الأندلسي، طبقات الأمم تحقيق حياة العبد بوعلوان، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، فبراير 1995، ص: 162-162
[3] - محمد آيت حمو، فضاءات الفكر في الغرب الإسلامي دراسات ومراجعات نقدية للكلام، منشورات الاختلاف، الطبعة الأولى، 2011، ص: 290.
[4] - نفسه، ص: 287.
[5] - سالم يفوت، حركة الترجمة في عصر النهضة الأول: بيت الحكمة، ضمن مؤسسات العلم والتعليم في الحضارة الإسلامية، تنسيق بناصر البعزاتي، منشورات كلية الآداب بالرباط، ط1، 2008، ص: 65.
[6] - محمد آيت حمو، فضاءات الفكر في الغرب الإسلامي، مرجع سابق، ص: 53.
[7] - فضاءات الفكر في الغرب الإسلامي،مرجع مذكور، ص:25.
[8] - سالم يفوت، مكانة العلم في الثقافة العربية، دار الطليعة، ط 1، 1998، ص: 17.
[9] - نفسه، ص: 17.
[10] - فضاءات الفكر، مرجع مذكور، ص: 28.
[11] - جمال الدين العلوي، المتن الرشدي، مدخل لقراءة جديدة، دار تبقال للنشر، الطبعة الأولى، 1986، ص: 6.
[12] - طه عبد الرحمان "اللسان والميزان أو التكوثر العقلي"، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 1998، ص: 328.
[13] - المتن الرشدي مدخل لقراءة جديدة، ص: 149.
[14] - محمد المصباحي، مع ابن رشد، دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى، 2007، ص: 10.
[15] - نفسه، ص:11.
* - هذه الفكرة هي بعيون الباحث أحمد العلمي حمدان متهافتة وعرية عن البرهان، ذلك أن فلسفة ابن رشد استمرت بعده مع المتكلم أبو الحجاج يوسف المكلاتي في كتابه "لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول" والذي انتقل فيه من نقد الفلسفة إلى نقد النقد الذي تراكم ضد الفلسفة في إطار استئناف وتجاوز النقد المشرقي للفلسفة، فضاءات الفكر مرجع مذكور، ص: 185-186.
[16] - محمد المصباحي، مع ابن رشد ، مرجع سابق،  ص: 33.
[17]  ابن رشد، فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، تحقيق عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 4،2007، ص: 91.
[18] - محمد المصباحي، مع ابن رشد، مرجع سابق، ص: 73.
[19] - طه عبد الرحمان، اللسان والميزان، مرجع سابق، ص: 350.
[20] - مع ابن رشد، سبق ذكره، ص: 79-80-81-82.
[21] - مع ابن رشد، سبق ذكره ، ص: 84-85.
[22] - محمد آيت حمو، الدين والفلسفة في فلسفة الفارابي، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع بيروت، لبنان، ط1، 2001، ص: 83.
[23] - فصل المقال، مرجع سابق، ص: 96.
[24] - الدين والفلسفة في فلسفة الفارابي، مرجع سابق، ص: 16.
[25] - ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة، تحقيق عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة 3، يوليوز 2007، ص: 173.
[26] - ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة ، مرجع سابق، ص: 156.
[27] - نفسه، ص: 144.
[28] - نفسه، ص: .157