أكد الشاعر والباحث بنيس، أنه على مدار عقود طويلة، ظلت فلسطين حاضرة بقوة في المنجز الشعري المغربي، في تقاطع مع العديد من القضايا والعوامل، وظلت فلسطين شعارا للتحرر ببعدها الإنساني. وركز الباحث بنيس على بعدي الذاكرة، على مستوى الأجيال، الشعرية والشخصية. فيما تحولت هذه الصورة لفلسطين، مع الأجيال الجديدة ومع لحظة فلسطينية فارقة (الانتفاضة)، الى ربطها بمستوى ثالث إذ يبزغ الوازع الأخلاقي. هذا المعطى الجديد، وعلى ضوء الأحداث الأخيرة، يؤشر على عودة لصورة فلسطين في المتخيل الشعري وفق خيارات فنية جديدة.
قرأ الشعراء: محمد أحمد بنيس، وحفيظة الفارسي، وعبدالحق بن رحمون قصائدهم، من معين هذا الوجع. يقول الشاعر محمد أحمد بنيس: "سيفقد الراوية ذاكرته/ قبل أن تغرب الشمس،/ وسينهض أحدهم من بين السطور،/ ليروض الكرسي الجافل./ الجثثُ والخيل والأفكار غير الرائجة،/ والتجارب التي حملها الموتى/ حين تسللوا بلا خيال.../ كل هذا، أضعه جانبا / وأنهر آخر من في المشهد". وترى الشاعرة حفيظة الفارسي، تلك الخوذات بنصف رأس: "الجنود العائدون من الحرب هذا الصباح، بلا خوذات/ غرسوا ظلالهم في الرمل/ بلا أضواء،/ أو جزمات،/ أو نياشين./ مروا/ ولم يلقوا التحية/ قال الصبي وهو يفرك عن عينيه ضباب حلم طويل/ ثم عاد الى حضن أمه/ قطف نجمتين،/ ونام..".
وعن فاجعة الغياب، اختار الشاعر عبدالحق بن رحمون، من ديوانه "برزخ الأصفياء" قصائد عن شعرية الوجع. من قصيدته 30 أكتوبر 2020 يستعيد صورة الأب قائلا: "في جمعة مات أبي/ بكيت.. وبكيت/ ناديت الله ملء السمع والبصر/ انهار جسدي،/ وتحت شجرته/ صعدت مني أغصان تلو الأغصان/ تجفف دمعي وتقويني". لتواصل دار الشعر بمراكش، ضمن موسمها الثقافي والشعري السابع، الانفتاح على تجارب وحساسيات وأجيال القصيدة المغربية الحديثة. برامج منفتحة دوما على سلسلة من المبادرات والبرامج والفقرات الجديدة.. وهي تفتح كوة على الأمل في المستقبل.