في رهانات اللّغة - عبد الله عطيّة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

langue- اللّغة، أداة التّواصل، باعتبارها جهازا رمزيّا تنتج دلالات يتشكّل بواسطتها المعنى ويتحدّد في ضوء علاقة مع آخر وبذلك يصبح الحديث عن الإنسان موصولا بالحديث عن اللّغة.
إنّ التّحكّم في اللّغة يضمن القدرة على التّعلّم والتفكير ،فهي مكوّن أساسيّ للهويّة الشخصيّة والثقافيّة تطوّر النشاط الذهنيّ وتنمّي الجانب الوجدانيّ والاجتماعيّ للأفراد .ولعلّ الحاجة إلى اللّغة تتأكّد اليوم أكثر من ذي قبل بالرّغم من تعدّد الأنظمة الرّمزيّة وتنوّعها ،فهي لا تفتح فقط مسارات التّواصل بين الأفراد والجماعات بل تنشئ معابر للثقافات وتمثّل أسّا للتفكير ذاته " هي في جوهرها لا تأتي من واحد بل من كثيرين ،إنّها توجد في موقع بيني وتكشف الوجود العلائقيّ للإنسان " (1).
إنّ أفراد جماعة بشريّة معيّنة يشتركون في نوعين من المعارف : معارف لغويّة أي معرفة الضوابط النحويّة والصّرفيّة للّغة ، ومعارف سوسيولغويّة بمعنى معرفة معايير استعمال اللّغة وفق سياقات وظروف محدّدة ، وعلى هذا الأساس ليس ممكنا فصل " المتكلّم " عن " عالمه " ،فاللّغة وسيط بينه وبين محيطه بشتّى مكوّناته ، بل إنّ الإنسان يختصّ بكونه كائنا رامزا أي أن سمة الرّمزيّة المميّزة لذاته هي أصل فرادته وتمايزه .فهو أوّلا كائن رامز أي كائن لغويّ " نجد لديه ما يمكن تسميته بالجهاز الرّمزيّ ،وهي الأداة التي يمتلكها الإنسان وحده والتي تحوّل الحياة الإنسانيّة كلّها.فإذا قارنت الإنسان بالحيوانات الأخرى وجدته لا يعيش فحسب في واقع أوسع، وإنّما يعيش أيضا في بعد "جديد" من أبعاد الواقع " (2). " إنّه يعيش في عالم رمزيّ، وما اللّغة والأسطورة والفنّ والدّين إلاّ أجزاء من هذا العالم، فهذه هي الخيوط المتنوّعة التي تحاك منها الشبكة الرّمزيّة، أعني النّسيج المعقّد للتّجارب الإنسانية " (3).

 

  ثمّ إنّ الحديث عن مكانة اللّغة في الوجود العلائقيّ للإنسان خيض في شأنه كثيرا في شتّى حقول المعرفة ، والثابت هو أنّ الكائن الوحيد الذي ينتج رموزا تضمن له الخلود هو الإنسان ذلك " أنّ الأنساق اللّغويّة تسمح لرصيد ذاكرات الشّعوب وأفكار الشخصيّات اللاّمعة بالتّمتّع بالقليل أو الكثير من سمات الخلود والأزليّة " (4). فإذا كانت اللّغة بمثل هذه الأهمّيّة فكيف لها ذلك فعلا ؟

إنّ البحث في إشكالية اللّغة لا يكون بمعزل عن الاهتمام بمكانة الإنسان في وجوده المادّيّ والمعنويّ سواء من حيث علاقته بذاته أو من خلال تواصله مع الآخرين . التّواصل محدّده الأساسي اللّغة أو ما اتّصل بها من الأشكال المفضية إلى تحقيق التّواصل والتي منها الإيماءة والحركة والإشارة الخ...فاللّغة "قدرة ذهنيّة مكتسبة يمثلها نسق من رموز اعتباطيّة منطوقة يتواصل بها أفراد مجتمع ما " (5). إنّ هذه القدرة المكتسبة في طبيعتها تتمثل في نسق متعارف عليه من قبل ما يعرف بالجماعة اللّغويّة أي جماعة ناطقة بلغة ما ،ومن ثمّة تستحيل اللّغة هويّة وهو المعنى الذي قصده هايدغر حين اعتبر" اللّغة منزل الكائن البشريّ " . فالإنسان بهذا المعنى يسكن اللّغة ، مثلما تسكنه اللّغة أيضا : هو يسكن اللّغة باعتبارها  " أشدّ وظائف الإنسان إنسانيّة ، فلا وجود لها في عالم الحيوان " (6) فهو الكائن الوحيد الذي يقدر على استخدام اللّغة منطوقة ومكتوبة لتحقيق الاتّصال والتّواصل بغيره ، واللّغة في مستوى ثان تسكن الإنسان ذلك انّه يتكلّم ليقول شيئا أعني أن " اللّغة لا تتجلّى إلا  في الحوار...هي نشاط يولد من داخل تجاوز الفرد والشروط معا .هذا هو الحوار ولذلك كان نموّ اللّغة يعكس في جوهره التّعالي على ما يسمّى النّزعات الفرديّة " (7).
ثمّ إن عالم الرّموز يمثّل جوهر الإنسان، و "تمثّل اللّغة في شكليها المنطوق والمكتوب أهمّ تلك الرّموز الثقافيّة جميعا والتي بدونها لا يمكن الحديث عن بقيّة الرّموز الثقافيّة الأخرى "(8).
إنّ اللّغة ´تصورْ للوجود ورؤية للعالم،وظائفها عديدة نذكر منها لا على سبيل الحصر: - الوظيفة النّفعيّة (الوسيليّة) ،فهي تسمح لمستخدميها بالتّعبير عن الرّغبات وإشباع الحاجات .
- الوظيفة التّنظيميّة، بحيث يمكن للفرد من خلال اللّغة التّحكّم في سلوك الآخرين بأن يطالبهم أو ينهاهم عن القيام بفعل ما.بمعنى أنّ اللّغة لها وظيفة «الفعل"، ففي عقد القران يتمّ الزّواج بمجرّد النّطق بألفاظ معيّنة، وكذلك في المحكمة حين يصرّح القاضي بالحكم، فالنطق به يتحوّل إلى فعل للإنجاز والتنفيذ وكذلك الشأن في عديد المجالات الأخرى.
- الوظيفة التّفاعليّة، اللّغة وسيلة تفاعل مع الآخرين فالإنسان كائن اجتماعيّ واللّغة واسطته في التّواصل مع بني جنسه.
- الوظيفة الشخصيّة (التعبيريّة) ، اللّغة أداة التّعبير عن الذات في مستوى المواقف والأحاسيس والاتّجاهات ، فالفرد يثبت بها هويّته وكيانه الشّخصيّ ويقدّم أفكاره للآخرين .
- الوظيفة الإخبارية ( الإعلاميّة) ، باللّغة تنقل الأخبار والمعلومات بين الأجيال ومن جيل إلى جيل آخر يعقبه ، مثلما يصل مدى انتشارها إلى أجزاء متفرّقة من العالم خصوصا بعد الثورة الاتّصاليّة .
- الوظيفة الرّمزيّة ، حيث أن ألفاظ اللّغة تمثل رموزا تشير إلى موجودات في العالم الخارجيّ الموضوعيّ، وبالتـّالي فإنّ اللّغـة وظيفتها رمزيّة في هــذا الجانب " (9).


اللّغة والتّنشئة الاجتماعيّة:    
اللّغة مؤسّسة اجتماعيّة، وهي مقوّم من مقوّمات الحياة الاجتماعيّة وضرورة من ضروراتها.ذلك أنّه لا معنى للتّساكن والتّعايش إن لم يستندا إلى واسطة تضمن التفاهم والتّواصل وتحقّق مبتغى الاجتماعيّة . غير أن اللّغة كنظام من الرّموز "يتوسّط بين المؤثّر والمتأثر" هي مكوّن من مكوّنات الجهاز الرّمزيّ الثقافيّ للإنسان المتمثّل في" اللّغة والعقائد ومنظومتي المعرفة والعلم والأعراف والقيم والمعايير الثقافيّة والقانون أو الشرعة الدينية والأخلاق والفنون " (10).
إنّ هذا النّسيج الثقافيّ تحكمه معايير وضوابط تحدّد ما اصطلح عليه بالشّخصيّة القاعديّة ( la personnalité de base) للمجتمع .فلكلّ جماعة بشريّة مشتركها الثّقافيّ الذي يوحّدها ،وعلى ضوئه تتمّ عمليّة التّنشئة الاجتماعيّة، إنّ العناصر الأساسية التي تشكّل الشّخصيّة القاعديّة هي :
" (أ) تقنيّات التفكير les techniques de pensée)  ( : أي الكيفيّة التي يتصوّر بها الأفراد واقعهم ويشتغلون عليه.
(ب) أنظمة الحماية les systèmes de sécurité) ) :وتتمثّل في الدّفاعات المؤسّساتيّة التي يحتمي بها الأفراد عند تعرّضهم لأيّ شكل من أشكال التّهديد أو الخطر.
(ج) الأنا الأعلى le surmoi ) ) : الذي لا يفيد هنا المعنى الكلاسيكيّ المتعارف لديه في علم النّفس التّحليلي كسلطة قاهرة وضاغطة ، وإنّما باعتباره مستندا إلى رغبة في تقدير الذّات وحبّ الآخرين والتّواصل معهم .
(د) المواقف الدّينيّة الاعتقاديّة les attitudes religieuses) ( : وهي تلعب دورا هامّا في توحيد المشاعر وإحياء المناسبات وتجديد الرّوابط ." (11)
إنّ الشّخصيّة القاعديّة كمعيار norme)) تعبّر في حقيقة الأمر عن معياريّة normativité) ) جماعة بشريّة وتقدّم للفرد مناويل لكيفيّات العيش ضمنها سواء كان ذلك بشكل إراديّ أو بشكل عفويّ وتلقائيّ .وبالتّالي فإنّ تمثّل قواعد هذه الشّخصيّة القاعديّة وأسسها يتمّ غالبا من خلال عمليّات التّنشئة الاجتماعيّة والتي تمثّل اللّغة أحد أهمّ مرتكزاتها .
وهكذا فإنّ اللّغة في علاقتها بعمليّة التنشئة الاجتماعيّة لا ينحصر دورها في مجرّد اكتساب آليّة التّواصل مع "النّحن" المنتسب إلى نفس النّسيج الثقافيّ والحضاريّ ، وإنّما يتعدّاه ليكوّن ما يعرف بالنّمط الخاصّ للثّقافة ، أعني أن اللّغة تغدو في هذا المستوى محدّدة لدرجات الانتساب إلى الثقافة ،فكلّما كان تملّك اللّغة سليما ومتينا كلّما كان النّفاذ إلى مكوّنات الثقافة أيسر وأدق وأنجع . لذلك يبدو من الصّعب الحديث عن تنشئة اجتماعيّة دون التأكيد على أهميّة اللّغة  باعتبارها تعبّر عن الذّات الثقافيّة المرجع والوعاء ، فهي من زاوية ثقافيّة تمثل النّواة الصّلبة لكلّ ثقافة .
إنّ المجتمع يشتغل ككلّ مهيكل ودائم تحكمه أنساق خفيّة ومعلنة تمثّل سلوكيات الجماعة البشريّة المنتمية إليه تجلية لطبيعة ثقافته وأنماط التّفكير السّائدة فيه . فالفرد ينشأ على تعلّم هذه الرّموز والتّعبيرات الثقافيّة فيستبطنها وتستحيل لديه منوالا اجتماعيّا ملزما باحترامه بوعي منه بذلك أو دون وعي به ، ويعرّف هذا المنوال بكونه :" كلّ ممارسة أو تفكير أو شعور ذي بعد مشترك بين أفراد جماعة معيّنة يضمن تعديلا للسّلوكيّات وتحقيقا للتّماثل السّوسيوثقافيّ " (12)
ولعلّ التّأكيد على دور اللّغة في تيسير تنشئة الأفراد الاجتماعيّة نجد له امتدادا في ما ذهب إليه ريجيس ديبريه حين اعتبر " أنّنا نسكن ثقافة لا تقنية ، نسكن لغة ولكنّنا نستعين بالتّقنية ، فالإنترنيت تهيكل العالم مثل الشبكة ،وهذا واقع ، ولكنّ هيكلة الشّبكة كعالم فتلك قضيّة أخرى .أعني بالعالم ذاكرة مشتركة وأرضا ولغة مشتركة... إنّ النّظام التّقني لا يخلق شعورا بالانتماء "(13).
إنّ اللّغة هي أولا وسيلة ضروريّة لضمان تواصل الفرد مع جماعته وتماثله مع الكثير من مشتركها فمن خلالها وبواسطتها يتمّ بثّ القيم والمفاهيم والقواعد المنظّمة للحياة الاجتماعيّة وتوارثها .هي من منظور البعض مؤسّسة :
- تتضمّن أشكالا ورموزا متعارفا عليها ومتمثّلة أيّما تمثّل بل وممارسة (الطّقوس، الخطابات ،الصّلوات ،أجناس الكتابة، الأغاني الخ...)
- تحوي مناسبات مشفّرة عند الرّغبة في التّعبير عن شكل معيّن من الخطاب ، فنحن لا نتواصل باللّغة فقط حين نريد ذلك أو حين يكون لدينا ما نريـد التّعبيـر عنه ، ففي أحايين كثيرة نجد أنفسنا مدفوعين إلى التّعبير عمّا لا نريد التّعبير عنه أو عدم قول ما كنّا نريد قوله ، وهذا يتحدّد قطعا بسياقات التّعبير وظروفه .
- تتضمّن أيضا تمييزا اجتماعيّا للأدوار وغالبا توزيعا فرديّا لهذه الأدوار . فالدّور يحدّد طبيعة الخطاب وصاحبه، فليست كلّ الخطابات المتولّدة عن اللّغة منتسبة إلى دور اجتماعيّ واحد وإنّما هي تعبّر عن أدوار مختلفة في المجتمع وبالتّالي عن مكانة المتلفّظين بها وعن مواقعهم.
- تدلّ على نوعيّة المباحث المشتغل عليها وعن سياقاتها وهي محدّدة في الغالب بمعايير وضوابط يفترض أن تستجيب لها وتحترمها.
وهكذا فاللّغة تضمن التّواصل مع الآخر وفي استعمالها نكون إزاء فعل اجتماعيّ ولكن أيضا إزاء غائيّة خاصّة بحيث أن اللّغة تجلّي الفرد اجتماعيّا وتكشفه ، هو يعبّر بها وهي بدورها تعبّر عنه ،ومن هنا كان الإنسان كائنا رامزا بامتياز وكانت اللّغة المحدّد الجوهريّ لإنسانيته بما هو فرد وبما هو مجموعة أيضا .
اللّغة تعبيرة إنسانيّة ، ولكنّها أيضا مكوّن من مكوّنات الثقافة إن لم نقل عمادها بحيث أنّ كلّ تصوّر للأنا –البشريّة والثقافيّة – هو متّصل اتّصالا وثيقا بقيم المجتمع ومعاييره ومؤسساته سواء كان ذلك من موقع الفاعليّة أو المفعوليّة ، "فالتنشئة الاجتماعيّة عمليّة من عمليّات التّفاعل الاجتماعيّ التي يكتسب فيها الفرد شخصيّته الاجتماعيّة التي تعكس ثقافة مجتمعه ، وتتلخّص هذه العمليّة الاجتماعيّة في ضبط السّلوك واكتساب المعايير والمراكز الاجتماعيّة والأدوار المتّصلة بها"(14) .
إنّ لغة التنشئة لها تأثيراتها في تكوين الشّخصيّة وفي أشكال التّواصل المعتمدة من جانب الفرد سواء في علاقته بذاته أو بالآخرين، ولهذا السّبب يؤكد المختصّون على الحاجة إلى إيلاء المراحل العمريّة الأولى ما تستحقّ من الأهمّيّة والعناية فالحوض الثقافيّ -التربويّ الذي ينشأ فيه الفرد يشكّل إلى حدّ كبير ملامح شخصيّته وأنساق تفكيره ذلك " أنّ الأسلوب الذي يسير عليه النّاس في حياتهم إنّما يعتمد على طبيعة الثقافة السّائدة في المجتمع مع بعض الآثار التي تتركها العوامل الجغرافيّة والبيولوجيّة "(15).
وبناء عليه فإنّ التّواصل باللّغة يضمن القدرة على الوعي بالذّات وبالآخر وذلك شرط الاجتماعيّة la sociabilité  ) ( ، هذا وإنّ الحاجة التي تدعو إلى مزيد الوعي بضرورة تملّك اللّغة ليس بمجرّد ممارستها بل أيضا بتمثّل جهازها النّظريّ ومختلف الأنشطة التي تعنى بها . اللّغة في هذه اللّحظة الحضاريّة سلاح وقوّة ، فكيفما يكن موقع الثقافات من الرّقيّ والتّقدّم بوجهيه المادّيّ والمعنويّ تكن أهليّة المجتمعات للتّواصل والتّحاور وإثبات الذّات ، ذلك أنّ " الحضارات ليست هياكل وإنّما البشر هم الذين يتحاورون " (16) ثمّ " إنّ " الحضارات والثقافات لا تتحاور فقط بتجاور الأفراد ضمن ثقافة ما ، بل أيضا حينما تكون لديهم وضعيّة مفتوحة يعترفون فيها بوجود الآخر، إنّهم يفكّرون أنّه من خلال الاختلاف يمكن إيجاد قاعدة مشتركة بينهم تبدأ باللّغة " (17).
إنّ الثقافة ، واللّغة أهم ّمصادرها ومنتجاتها ، هي ملامح قوّة الشّعوب وتمدّنها وهي الوجه الثّابت الذي يؤشّر على مدى ارتواء المجتمع من معين المعرفة والتّاريخ والحاضر ، وإنّ قدرته على التّواصل والفعل مرتهنة بمدى امتلاكه مصادر القوّة لذلك ، ومنها اللّغة قطعا . نعني باللّغة في هذا المستوى أفق التّواصل البشريّ وما يصحبه من وعي واحترام ورغبة في بلورة معنى إنساني للوجود يتخطّى حدود المكان بحيث يستحيل الآخر شرط التواصل الكونيّ وهو ما يستدعي الحديث في بعد ثان عن اللّغة الكونيّة بما تعنيه من سعي إلى ضمان مشترك كونيّ قيميّ دعائمه الحرّيّة والكرامة وحقوق الإنسان الخ...
لن نكون قبّانيين (نسبة إلى الشّاعر العربيّ نزار قبّانيّ ) حين اعتبر " الحروف تموت حين تقال " ولكنّنا نعتبر الجهر بالحروف والنّطق بها حياة لها وحياة لناطقها فردا كان أو مجتمعا.
إنّ "الثقافة تصنع الكلمة والمعنى، وهي علاوة على ذلك تحدّد المشروع الرّحب الذي على كلّ علم أن يثبت من خلاله هويّته وجغرافيته، أي بمعنى آخر علاقته بزمان الأمّة وامتدادها المكانيّ " (18). فبالثقافة يتواصل الأفراد والمجموعات غير أنّ ما هو متأكّد في هذا الجانب هو بيان مدى توفّر أخلاقيّات لهذا التّواصل ثمّ هل أنّ للكلمات اليوم نفس الأثر والوقع والوظيفة خاصّة أمام تعدّد وسائط الّواصل وتنوّعها ؟
الواقع أنّه ثمّة مؤشّرات عدّة على أنّ التّواصل راهنا محفوف بالشّكوك والاحترازات بل إنّه تواصل غير متكافئ ، هو تواصل قويّ وضعيف ،متبوع وتابع ، " فالتّبعيّة حالة بنائيّة تشمل معظم مستويات البنية الاجتماعيّة وأصعدتها                بما في ذلك حالة الذّهن والإدراك والموقف النّفسيّ للفرد وللجماعات من الأنا ومن الآخر ، وأنّها حالة تاريخيّة ذات جذور ومراحل كمّيّة وكيفيّة " (19). ولهذا الاعتبار مشروع التّساؤل عمّ إذا كانت اللّغة إحدى وسائل الهيمنة في عالم اليوم.
اللّغة و فعل الهيمنة:
مصطلح الهيمنة (hégémonie) يعني دلاليّا التّفوّق والغلبة ، وهو مفهوم واسع يتّصل بعديد الحقول المعرفيّة ، وعليه فإنّ ضبطه يبقى مرتبطا إلى حدّ كبير بزاوية النّظر التي تحكمه والتي يستند إليها الباحث في اشتغاله على هذا المصطلح ولهذا فقد تعدّدت استعمالاته بتعدّد سياقاتها : نقول هيمنة اقتصاديّة وهيمنة سياسيّة وهيمنة ثقافيّة ، ولو أنّ الاستعمال الشّائع للتّعبير عن هذا الأخير هو الغزو الثقافيّ.
إنّ هذا التّنوّع الاصطلاحيّ يرتكز في الأصل على معنيين اثنين يلازمان مصطلح الهيمنة هما: التّسلّط والإكراه. فالهيمنة إذن وجه من وجوه فرض القوّة وحالة من حالات عدم التّكافؤ بين مهيمِن ومهيمَن عليه ، بمعنى أنّه ثمّة خلل في العلاقة يؤشّر على الاستعلاء والتّحكّم .
ودون استقراء دلالات هذا المفهوم تاريخيّا خاصّة في الأدبيّات الغربيّة والأوروبيّة تحديدا ( غرا مشي بالخصوص ) فإنّنا سنقصر النّظر على تناوله من زاوية ثقافيّة معرفيّة ، أي في ما إذا كانت اللّغة شكلا من أشكال الهيمنة أو أنّها قد تفضي إلى الهيمنة أو أنّها تعبيرة من تعبيراتها .
نؤكّد من جديد على أنّ اللّغة عنصر من عناصر الشخصيّة القاعديّة لكلّ مجتمع وأنّها ليست مجرّد آليّة من آليّات التّواصل وإنّما هي إلى جانب ذلك كلّه وعاء هي "الهواء الذي نتنفّسه " (20) على حدّ تعبير جاك دريدا ، وهي أيضا كما يقول أهل النّسبيّة اللّغويّة " لغتي هي عالمي ، وحدود لغتي هي حدود عالمي " . إلاّ أنّ ما هو واقع هو أنّ اللّغة قد تشكّل موضوع نزاع و صراع بل اختراق ثقافي يهدّد كيان المجتمع الحضاريّ ويفقده توازنه وقدسيّة ارتباطه به. ويكفي في هذا الجانب ذكر محاولات الحركات الاستعماريّة عبر مراحل تاريخ الإنسان لاكتساح الشّعور الجمعي ّللشّعوب المستعمرة من خلال فرض نموذج ثقافيّ عليها تمثّل اللّغة أحد أهمّ مرتكزاته .
ولعلّه من المفيد التّذكير بأنّ للهيمنة علاقة وطيدة بالعنف باعتبارها مفضية إليه وموظّفة له. " فالعنف خطاب أو فعل مؤذ أو مدمّر يقوم به فرد أو جماعة ضدّ أخرى " (21)، وطالما أنّ مجال اهتمامنا منصبّ على اللّغة كنظام رمزيّ يمكن أن يمارس سلطة وعنفا فإنّه يتعيّن التّلميح إلى أن " كلّ خطاب مرتبط بالرّغبة وبالسّلطة " كما يشير إلى ذلك ميشيل فوكو . فالعنف كتعبيرة من تعبيرات الهيمنة قد يكون مادّيّا محسوسا أو لنقل مباشرا ومعلنا ،مثلما أنّه – وهذا الأخطر – يمكن أن يكون معنويّا ،خفيّا ومضمرا بل "هادئا وناعما " يتّخذ من اللّغة وسيلته ومجاله.
إنّه عنف صامت تستلذّه الشّعوب دون وعي بخطورته وتبعاته ، وهو الوجه الآخر للتّخلّف أو لنقل بتعبير الدّكتور محمود الذّوادي هو التّخلّف الآخر المتمثّل في "التّخلّف اللّغويّ الثقافيّ النّفسيّ "والذي من مظاهره :
- استبعاد اللّغة الأمّ ( اللّغة العربيّة ) من تيسير العديد من شؤون المجتمع.
- شعور إنسان العالم الثالث بمركّب النّقص والدّونيّة إزاء الغرب  ، خاصّة في استعمال اللّغة وارتباكه حين يتواصل مع الآخر ويحاوره .
- المزج اللّغويّ الشائع بين شرائح عديدة من المجتمع، وهو مزج غير واع تدفعه اعتبارات نفسيّة واجتماعيّة ( حبّ البروز، تحسين المكانة الاجتماعيّة، التّقليد...).
- التّغريب الثقافيّ الذي يسبّبه الشعور بالنّقص لدى الكثير من الأجيال بحيث تصبح الشخصيّة تشكو صراع قيم يفضي إلى تفكّك بنيتها وجعلها أكثر استعدادا لتسرّب الوافد القيميّ إليها. مثل هذه الحالة تقود إلى ما عبّرت عنه عالمة الانثروبولوجيا الأمريكيّة مارجريت ميد بعهر الهويّة(identity  prostitution) أي مساومة الأفراد على شخصيّتهم الجمـاعيّة للتّخفيـف من مركّـب الشعـور بالنّقص (22).
إنّ الآثار السّلبيّة المترتّبة عن سوء تقدير مكانة اللّغة في النّسيج الثقافيّ المجتمعيّ وفي استعمالاتها المجانيّة ( مثلما يتجلّى ذلك في الدّعاية والإشهار ) لهي من الخطورة بحيث نستطيع القول أنّ استهداف العقول وقصفها بمثل هذه الأساليب والوسائط ينتهي إلى زعزعة ثقة الأجيال في هويّتها وإلى اغترابها ، " فاللّسان –على حدّ تعبير كلود حجّاج – من الممتلكات السّياسيّة ، وكلّ سياسة لسانيّة تدخل في لعبة السّلطة وتدعّمها " (23). واللّغة بهذا المعنى تمثل أخطر المداخل إلى فرض التّبعيّة اللّغويّة وما يستتبعها من تشكيل للذائقة الثقافيّة بحيث تتمّ "عمليّة تجنيس حضاريّ تهدّد خصوصيّة الإنسان " مثلما يؤكّد ذلك د.نبيل علي في مؤلّفه (العرب وعصر المعلومات ).
اللّغة خصيصة إنسانيّة كما هو معلوم ، بها يتفرّد الإنسان عن غيره من الكائنات باعتبارها أساس التّواصل والسّبيل إلى التّعايش ، فالبشر يشتركون في اللّغة ولكنّهم يختلفون في الكلام وفي مضامينه ، هي رؤية للوجود وليست مجرّد وسيلة للتّواصل والاتّصال ولهذا السّبب يكون استعمالها معبّرا في الكثير من الأحيان عن موقف أو رؤية أو خلفيّة ما ، فاللّغة حمّالة معان وهي فضلا عن مزاياها" قد لا تكون بريئة ، أكانت لغتنا أو لغات الآخرين، فلا وجود لوسيط مجانيّ وهناك دوما بعض الثمن يجب دفعه "على حدّ تعبير ريجيس ديبريه .
اللّغة والرّهان التّربويّ:
إنّ البعض قد يكون محقّا حين يتحدّث عن أزمة لغات في ظرفنا الحاليّ ، فما يلاحظ في أسلوب التّخاطب اليوميّ سواء كان ملفوظا أو مكتوبا هو هشاشة لغة التواصل ، وتحسّر الكثير على زمن كان التميّز اللّغويّ معيارا لتملّك المعرفة ولحلول مرتبة اجتماعيّة ومهنيّة معتبرة ، فهل أنّ حال اللّغة يتأثر بواقعها ؟ أم أنّ اللّغة ذاتها من حيث طبيعتها تقتضي تجدّدا وتجديدا يراه البعض عاديّا بينما يعتبره البعض الآخر فقرا لغويّا وانزياحا عن معايير جودتها ؟
يحسن عند الاشتغال على هذه الإشكالية الاستئناس بالدّراسات السّوسيو- لغويّة فهي تعتبر اختلاف المواقف منها يعكس إلى حدّ ما اختلافات عمريّة ، حتّى لا نقول صراع أجيال ، تماما مثلما هو الحال بالنّسبة للشأن القيميّ والسّلوكيّ والأخلاقيّ . فالاستعمالات اللّغويّة متغيّرة عبر الزّمن والأجيال الجديدة كي تتمايز عن سابقاتها نجدها تنتج تقاليدها اللّغويّة وأنماطها التعبيريّة الخاصّة بها ، هذا إلى جانب اكتساح تقنيات الوصول إلى المعلومات والمعارف عامّة مجمل حقول النّشاط اليوّميّ بحيث غدت تكنولوجيات الاتّصال والتّواصل المعابر الأقرب والأنسب بالنّسبة للأجيال الجديدة إن لم نقل مختلف شرائح المجتمع لتبليغ محتوى أو لتوفير معلومة . ودون الخوض في ما قد ينجرّ عن هذا الوضع من نتائج نشير فقط إلى أنّ الإيجابي من التحكّم في هذا المنجز العلميّ لا حصر له ( فهو يحتوي معاجم بكلّ اللّغات ويصوّب الأخطاء... )  غير أنّ ما يستدعي التنبيه إليه هو أنّ اللّغة ليست مجرّد وسيلة لاكتساب المعرفة بل هي ذاتها معرفة ، لها تعلّميّتها (sa didactique  ) ومنطق انتظامها وبنائها واستعمالها . وهذا فعلا ما يغيب عند الكثير لأنّ ما هو سلبيّ وخطير هو هذا الانجذاب السّحريّ نحو تكنولوجيا اتّصال توفّر  لمستعملها السّرعة والنّجاعة وثراء مصادر المعرفة ، وفي المقابل يغيب كلّ نشاط ذهنيّ ومجهود عقليّ لدى الكثير من مستعمليها ، ثمّ إنّ النّموّ الذهنيّ لدى الأجيال الصّغيرة لا يتطوّر بشكل عفويّ وتلقائيّ فعديد المؤثرات تساهم في تغذيته نذكر منها المقاربات البيداغوجيّة والعلميّة التي تراعي عديد الاعتبارات في تعليم اللّغة وتعلّمها .
إنّ البحوث الحديثة في تعلّميّة اللّغة أضاءت الكثير من الجوانب الخفيّة في التعامل مع هذه الآليّة الهامّة وفي طرائق اكتسابها ، ولعلّ أهمّ ما توصّلت إليه تأكيدها على ما يلي :
- أنّ القراءة والكتابة هما نشاطان دلاليان sémiotiques ) ) أساسا بمعنى أنّهما يتمحوران حول إنتاج المعنى. فالوظيفة الأولى للعلامات اللّغويّة تتمثل في التعبير عن التجربة الإنسانيّة وفي قول ما نفكّر فيه وما نتصوّره وما نعتقـده وما نشعر به . فالمعنى هو جوهر الممارسة التّعليميّة التّعلّميّة للّغة .
- الكفاية اللّغويّة تحتاج إلى أن تمارس في وضعيّات تواصليّة كي تتطوّر، وهذا لا يتحقق إلاّ من خلال أنشطة شاملة تخصّ القراءة والكتابة بحث يقدر المتعلّم على التّنسيق بين مختلف مكوّنات اللّغة المكتوبة وبين تنوّع أشكال الفهم وإنتاج الخطاب التّواصليّ .
- الجملة هي الوحدة الأساسيّة كما هو معلوم غير أنّ الاشتغال اللّغويّ لا يتوقّف عند هذا المستوى ، فكما بيّنت عديد الدّراسات الألسنيّة للخطاب فإنّ أبعادا أخرى يتعيّن أخذها بعين الاعتبار لتبيّن نمط الخطاب ودرجة انتظامه ( خاصّية النّصّ المقروء وقواعد بناء جمله وبنيته  وجنسه ونوع العلاقة التي يؤسّسها مع محاوره الخ...)، وفي الجملة يتمّ الحديث عن اهتمامات ذات بعد نصّيّ ونفعيّ تسند الأهداف النّحوية المألوفة.
- الكفاية اللّغويّة لا تتحقّق فقط بمجرّد معرفة وحدات اللّغة وخطاباتها ، فلكي يتوصّل المتعلّم إلى ذلك وجب أن يتعلّم كيفيّة إجراء العمليّات العرفانيّة أثناء التصرّف اللّفظيّ ، وفي هذا الجانب يحيلنا علم النّفس ألعرفاني إلى مفهوم المعارف الإجرائيّة les connaissances procédurales ) ( بحيث أنّ فهم النّصّ أو إنتاجه يفترض تفعيل سلسلة من العمليّات المختلفة بدءا باستنفار المعارف القبليّة وتعبئتها وانتقاء الأفكار الأساسية المنتظر توظيفها ، وانتهاء بتسلسل الوحدات الصّغرى للنّصّ وترابطها .
ملاحظات ختاميّة:
الثابت أنّ اللّغة قوّة وسلاح ، هي رأسمال رمزيّ يمتلكه الفرد ويقدر من خلاله على أن يوفّر المعنى الذي يريد ، أو المعنى الذي يريد أن يفرضه ، لذلك فإنّ الحديث عن سلطة الكلمة le pouvoir du mot )   ) مشروع بمعنى  أنّ الكلمة قد تكون آليّة من آليات التّسلّط والهيمنة والتّرهيب ، مثلما يمكنها أن تكون وسيلة من وسائل التّواصل والتّوافق والتّفاهم والتّقارب . إنّ الكلمة منشئة الحضارة ولا معنى للوجود الإنسانيّ دون تواصل لفظيّ أو مكتوب أو حركيّ يستند إلى إيتيقا تضمن العيش المشترك وتراعي الخصوصيّات الثقافيّة للشعوب وتجنّب كلّ أشكال الاستعلاء أوالتّهميش ، فاللّفظة تستحيل كلمة عند النّطق بها ، والكلمة /الكلمات أفكار ووجهات نظر وهي مختلفة بداهة ومتعدّدة ، والتعدّد يجلّي تنوّع التفكير البشريّ وثراءه وعلى هذا الأساس فإنّ الحاجة إلى تواصل سليم وإنسانيّ تبدو متأكّدة بين البشر ذلك " أنّ الإنسان إمّا أن يكون الإنسانيّة جمعاء وإمّا أن يكون لا شيء "(24).
غير أنّ ما يثير عديد الانشغالات راهنا هو أنّ اللّغة إلى جانب كونها نظاما رمزيّا تواصليّا فإنّ مجالات استعمالاتها وكيفيّاتها تؤشر على إمكانيّة الحديث عن أزمة تواصل اليوم . لن نقصر الحديث في هذا الشأن عن الوسائط التكنولوجيّة الحديثة التي تمثّل علامة فارقة في مسار الإنسان العلميّ ، وإنّما حديثنا يتّصل بالتّوظيف اللاّوظيفيّ لها كآليّة من آليّات الاتّصال . فهي تضمن دون شكّ الاتّصال ولكنّها لا تؤثث التواصل المطلوب الذي ينتج حميميّة وحوارا ، ذلك أنّ العلاقات البشريّة أضحت محكومة بالحاجة أكثر ممّا هي محكومة بالرّغبة . ولعلّ أشكال التّواصل السّائدة اليوم تقيم الدّليل على أنّ نوعيّة العلاقات الاجتماعيّة شكليّة في الكثير من المناسبات الاحتفاليّة والعزائيّة دافعها دفع اللّوم وتسجيل الحضور أكثر ممّا هي قائمة على معنى الحاجة البشريّة المتأكّدة والضّرورة الإنسانية المتحتّمة .     
{sidebar id=6}                                                                                             



الإحالات والهوامش:
(1) جورج غوسدورف ، الكلام la Parole »  «  PUF 1968 p45 ، ورد في كتاب الفلسفة ،الجزء الأوّل ، نشر المركز الوطني البيداغوجيّ ، تونس.
(2) (3) إرنست كاسيرار ، مقال في الإنسان، Essai sur l’homme ; éd Minuit ,1975 , p 42/43  ، نفس المصدر العربيّ .
(4) د. محمود الذوّادي ، التخلّف الآخر ، الأطلسية للنّشر ،ط(1) جانفي 2002 ص35.
(5) د. أحمد محمد معتوق ،الحصيلة اللّغويّة :أهميتها ، مصادرها ،وسائل تنميتها سلسلة عالم المعرفة عدد212 / جانفي         6 199  ص(7) .
( 6) د. جمعة سيّد يوسف ، سيكولوجيّة اللّغة والمرض العقليّ ، عالم المعرفة عدد  1990  ص 7.
(7) د.جمعة سيّد يوسف ، نفس المصدر ص(190).
(8) د.محمود الذوّادي ، نفس المصدر ص (32).
(9) د. جمعة سيّد يوسف ، نفس المصدر ص( 32-33 ) ، حصر الوظائف ل"هاليداي" .
(10) د.الذوّادي ،نفس المصدر ص(33) .
(11)  (12) أبراهام كار دينار ، ورد في                             La psychologie                        sociale ; Stœtzel ; éd Flammarion ;France 1978p79-80.  
(13) Régis Debray ; Un mythe contemporain : le dialogue des civilisations , CNRS éd ; Paris 2007, p 32.                                        (14) د.إبراهيم ناصر ، علم الاجتماع التربويّ ، دار الجيل بيروت لبنان ط(2) 1996 .ص53.
(15) نظريّة الثقافة ، تأليف مجموعة من الكتّاب ، ترجمة د. علي سيّد الصّاوي، عالم المعرفة عدد223 يوليو1997ص 9.
(16 ) إدغار موران ، ورد في : الحوار بين الحضارات ، د.نجيب بوطالب ، كتاب الحرّية ،جانفي 2008 ص 15.
(17) نفس المصدر ،ص 18.
(18) عبد الوهاب حفيّظ، علم الاجتماع العربيّ بين العائق الذاتي ّوقيود التبعيّة، مجلّة الوحدة، عدد 55، 1989 ص 234.
(19) د.عبد الباسط عبد المعطي ، التّبعيّة في العلم الاجتماعيّ، مجلّة الوحدة عدد 45، جوان 1988 ص 45.
(20) د. نبيل علي، الثقافة العربيّة وعصر المعلومات، عالم المعرفة عدد 276 ديسمبر 2001 ص 227.
(21) الأنماط الثقافيّة للعنف ، تأليف بار برا ويتر ، ترجمة د. ممدوح يوسف عمران، عالم المعرفة عدد337 مارس2007 ص 11.
(22) د.محمود الذوّادي ، مصدر سابق ص71.
(23) كلود حجّاج ، إنسان الكلام ، مساهمة لسانيّة في العلوم الإنسانيّة ، ترجمة د.رضوان ظاظا ، المنظمة العربيّة للترجمة 2003.
(24) نجيب محفوظ ، الشحّاذ ، دار سحنون للنشر / مكتبة مصر القاهرة 1989 ص 143.