فلسفة الثروة في التشريع الاقتصادي الإسلامي - د.البشير عـدي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

تمهيد

في خضم التداعيات الكارثية للأزمات الاقتصادية المتتالية على مدى عقود من الزمن، و التي بلغت ذروتها مع الأزمة المالية العالمية الأخيرة، و ما أعقب ذلك من تصاعد النداءات للبحث عن بدائل للنظام الرأسمالي، الذي صار ينعت بنظام الأزمات المالية و الكوارث الاقتصادية و الاجتماعية ، و تخليق الاقتصاد و أنسنته، و عقلنة النظام المالي و ترشيده، و الدفع في اتجاه الاستثمار بدافع من المسؤولية الأخلاقية و الاجتماعية. برز النظام المالي الإسلامي المستمد من أحكام الشريعة الإسلامية و مقاصدها، و فرض نفسه على الساحة الدولية، إثر النجاح الملفت للمؤسسات المالية الإسلامية، في تخطي الأزمة المالية العالمية المذكورة ومواجهة تداعياتها. لتتنامى الدعوات لإدماجه في النظام المالي للسوق العالمية، و اعتماده بديلا مناسبا

 فصار تطبيق النظام المالي الإسلامي، مطلبا غربيا إن على مستوى المرجعية الدينية، بعد دعوة الفاتيكان إلى دمج مبادئ التمويل الإسلامي في النظام المالي([1])، أو على المستويين الرسمي و كذا الشعبي  بمختلف تلوناته([2])، خاصة في الدول التي تأخر فيها إدراج هذا النظام ضمن النسيج المالي والاقتصادي، كما هو الحال مثلا في فرنسا.

ليجد النظام المالي الإسلامي، طريقه إلى الجامعة الفرنسية والسوق المالي الفرنسي، فضلا عن التشريع المتصل بقانون الأعمال، في بلد يقدس العلمانية ويتسم بالحساسية المفرطة تجاه كل ما هو ديني، خاصة متى تعلق الأمر بالإسلام والشريعة الإسلامية. و لتلتحق فرنسا بذلك بركب الدول الغربية التي قطعت أشواطا ريادية في تطبيقات هذا النظام كبريطانيا و غيرها. فاتحة الباب أمام تشريعات وأسواق دول عربية وإسلامية، كانت ولعقود تصد الأبواب عنه وعن تطبيقاته، كما هو الشأن بالنسبة للتشريع المغربي([3]).

و إذا كانت التطبيقات المصرفية و المالية عموما، هي قنطرة عبور التشريع الاقتصادي الإسلامي، و جسرا للتواصل الاقتصادي بينه و بين الغرب الرأسمالي، و هي تطبيقات ميكرو اقتصادية، نالت من الدراسة و البحث ما تستحق، و تم تسليط الضوء عليها مهنيا و أكاديميا، في أغلب جوانبها العلمية و العملية، فإن حضور الجانب الفلسفي و الماكرو اقتصادي، لهذا التشريع من خلال عقيدته  و أخلاقياته و مبادئه النظرية، ظل محتشما و متواريا في أوساط هذه الدراسات العملية المعاصرة، مع أن المادة العلمية متاحة و مبثوثة في المصادر العامة و الخاصة، بالتشريع الإسلامي عموما و المالي منه على وجه الخصوص.

في هذا السياق تأتي هذه الدراسة لتسلط الضوء على أهم الخطوط العريضة للنظرية العامة للاقتصاد الإسلامي، عبر إبراز تجليات فلسفة الثروة في التشريع الإسلامي، و ما تتسم به من خصوصيات، من خلال الحديث عن أحكام المال و مقاصده في محورين، نخصص الأول للحديث عن مفهوم المال، و ملكيته واكتسابه. و الثاني  لإنفاقه وتداوله في التشريع الإسلامي.

المحور الأول: ملكية المال و اكتسابه  في التشريع الإسلامي.

اعتبارا لقيمة المال و أهميته في حياة الفرد و الجماعة، فقد نظر إليه الإسلام نظرة  تقدير و اعتبار، و عده شأنا دينيا و دنيويا، و اعتبره من أبرز نعم الله تعالى على خلقه، حتى أطلق عليه اسم الخير، فقال سبحانه وتعالى مخبرا عن الإنسان في علاقته بالمال:" و إنه لحب الخير لشديد" العاديات 8.

و اعترف بطبيعته في النفس البشرية، فقال الباري سبحانه و تعالى:" المال والبنون زينة الحياة الدنيا." الكهف 5. و حذر في الآن ذاته من الافتتان والتلهي به، فقال جل و علا:" إنما أموالكم وأولادكم فتنة." التغابن 15، و قال الباري عز من قائل:" لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله." المنافقون 9.

و مدحه و رفع من  قدره و شأنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم المال الصالح للرجل الصالح."([4])، و امتن به سبحانه وتعالى على عباده وخير خلقه، فقال عز وجل مخاطبا نبيه الكريم محمدا صلى الله عليه و سلم:" و وجدك عائلا فأغنى." الضحى 8. خلافا لبعض الأديان و الفلسفات، التي تنظر إلى المال نظرة تحقير و ازدراء. فقد جاء على سبيل المثال في إنجيل لوقا وإنجيل متى: " ما أعسر دخول ملكوت الله على ذوي المال، فلأن يدخل الجمل في ثقب الإبرة أيسر من يدخل الغني في ملكوت الله ".

و جعله من الضرورات الخمس التي عليها قوام الحياة البشرية، فحث على اكتسابه، و أوجب حفظه و جرم غصبه و منع تضييعه، حيث قال عز من قائل:" ولا توتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما" النساء 5.

و لما كان المال من الضرورات التي تقوم عليها حياة الإنسان، فقد كان من حكمته عز وجل، و هو خالق كل شيء و مالك كل شيء، أن خلق الثروات و سخرها بشكل يجعلها تحت تصرف الجميع ، دون أن يحرم من الانتفاع بها فرد أو فئة من الناس. فقعد الشرع الحكيم قاعدة في هذا الباب مفادها: أن المال- أي الثروة-: مال الله، وجد من حيث المبدأ ليسخر في خدمة الجماعة. و اعتبر ملكية الإنسان الخاصة له، ملكية نسبية، يحكمها طابع الاستخلاف.

و مقتضى الاستخلاف، النيابة في وضع اليد و التقيد بإرادة المالك الأصلي، و منهجه في تملك هذا المال و التصرف فيه تداولا و إنفاقا.

و سنحاول تسليط الضوء على أبرز معالم ماهية المال و اكتسابه في التشريع الإسلامي، من خلال فقرتين، نخصص الأولى للحديث عن ماهية و ملكية المال ، و الثانية للحديث عن اكتسابه.

الفقرة الأولى: ماهية المال و ملكيته في التشريع الإسلامي.

أولا: ماهية المال في التشريع الإسلامي.

يطلق المال على كل ما يملك و ينتفع به من الأشياء - أي الثروة بشكل عام - سواء كان نقدا كالدرهم و الدينار، أو عينا كالذهب و الفضة، أو عقارا كالدور و الأرضين، أو منقولا كالثمار و الحيوان، أو حقا أو منفعة... . و العرف هو المرجع في أساس مالية الأشياء. فكل ما تعارفه الناس مالا، عد كذلك([5]).

و يقصد بالمال في اصطلاح جمهور الفقهاء :"  كل ما له قيمة يلزم متلفه بضمانه شرعا."، و بتعبير آخر، فالمال هو: " كل ما يمكن أن يملكه الإنسان، وينتفع به على وجه معتاد"([6]).

 فيشمل المال بهذا المعنى، الذوات و المنافع ، وكل الحقوق المحسوسة و غير المحسوسة. كما هو الشأن بالنسبة للحقوق المعنوية مثلا ([7]).

في حين يميز الأحناف بين المال و الملك، و يقتصر تعريفهم للمال، على ما يمكن حيازته وإحرازه والانتفاع به عادة. فلا يعتبر عندهم مالا إلا ما كان له مادة وجرم محسوس. و غير ذلك مما ينتفع ىه عادة فهو ملك، و ليس بمال. فيميزون بذلك بين الأموال و الأملاك، مع ما يوجد بينهما من عموم وخصوص.

 فيكون مفهوم الثروة عند الأحناف أعم من مفهوم المال. في حين يوازي مفهوم المال عند الجمهور مفهوم الثروة ، مع أن البعض لا يطلق المال إلا على ما تمت حيازته فعلا من الثروات. بخلاف ما لم يجز من الثروات السمك في الماء و الطير في الهواء مثلا. و التي يدخلها البعض في إطار الأموال غير المتقومة شرعا، إلى جانب الأموال غير القابلة للانتفاع و الأموال غير الطاهرة كالنجسات و المحرمات. اعتبارا لكونها متمولة عرفا.

إذ القاعدة عند جمهور الفقهاء أن العرف هو المرجع في أساس مالية الأشياء، لأن نصوص أئمة اللغة و الفقه تدل على أن كل ما تُموّل عرفا يعتبر مالا. و لذلك قيل: لا يعرف للمال حد في اللغة و لا في الشرع.

و مرد هذا، ارتباط المال بعرف الناس واعتباراتهم. فكل ما تعارفه الناس مالا، و تلحقه الإباحة الشرعية، عد من الأموال و سرت عليه الأحكام الشرعية.

ثانيا: ملكية المال في التشريع الإسلامي.

المال- بمعناه العام أي الثروة - في الشريعة الإسلامية، كما تقرر آنفا: مال مملوك لله تعالى. فهو: مال الله.

 و هو بذلك مال عام، الأصل فيه أن يكون مشاعا من حيث المبدأ. كما تشهد بذلك العديد من النصوص القرآنية، من قبيل قوله سبحانه وتعالى: "وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " النور 33.

و الإنسان مجرد مستخلف و نائب عن الله تعالى في هذا المال، والنصوص الشرعية صريحة بهذا الشأن، و من ذلك قوله عز من قائل: " و أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه " الحديد 7.

و قاعدة الاستخلاف والنيابة، تقتضي تقييد حرية مكتسب المال في مطلق تصرفاته المالية، و انصياعه لأوامر المالك الحقيقي، و هو الله عز وجل، وتنفيذ إرادته ورغبته في تدبيره وإنفاقه، فضلا عن ضوابط اكتسابه.

 فملكية المال بهذا المعنى مشاعة و جماعية.

 ولذلك يتعين من حيث المبدأ، أن تكون منفعته متاحة للعموم، و في متناول الكافة و تحت تصرف الجميع.إذ الخيرات والطيبات وكل الثروات الكونية، في أصل منشئها وخلقها، منسوبة ومسخرة للجميع، كما تدل على ذلك العديد من الآيات القرآنية.

فقد قال الله تبارك و تعالى في محكم التنزيل:" هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا" البقرة 29، و قال سبحانه و تعالى في الذكر الحكيم : "و سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا"الجاثية 13. كما قال الباري عز من قائل في الكتاب المبين:"وسخر لكم الأنهار و سخر لكم الشمس و القمر دائبين" إبراهيم 33، و قال عز و جل في الكتاب العزيز:"و الأنعام خلقها لكم" النحل 5، ...

و قاعدة التسخير للجميع تقتضي الانتفاع للجميع.

و هذا ما تدل على ذلك ألفاظ الجمع و صيغ العموم، المفيدة للاستغراق و الشمول، و التي جاءت بها النصوص الشرعية في هذا الباب.

و من ذلك قول الحق سبحانه و تعالى في الكتاب الحكيم:" كلوا من ثمره إذا أثمر وينعه "الأنعام 141، ونظير قول الباري جلت قدرته:" لتاكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها " النحل 14. و مثل قول الباري عز وجل: "لكم فيها دفء ومنها تاكلون " النحل 5، و كذا قوله تبارك وتعالى في الكتاب المبين: " كلوا مما في الأرض حلالا طيبا." البقرة 168.

وتأكيدا لهذا الطابع الجماعي لملكية المال، شرع الإسلام نظام الحجر على السفهاء من مبذري الأموال، ومن لا يحسن التصرف فيها. حماية لأموال هذه الفئة من جهة، وحفظا لحقوق الأفراد وكذا الحق العام للأمة في تلك الأموال من جهة ثانية، فقال العليم الحكيم في هذا الشأن:"و لا توتوا السفهاء آموالكم التي جعل الله لكم قيما." النساء 5.

كما أوجب على الشخص المليء أن يسد رمق الشخص المضطر، و اعترف للمضطر بأن يمد يده لمال الغير، يأخذ منه ما يسد به رمقه، دون أن يعد سارقا أو غاصبا، إذا لم يقم المالك بواجب سد الرمق. و هو ما يفسر تعطيل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، تعطيل حد السرقة في زمن المجاعة لانتفاء العناصر التكوينية لجرم السرقة.

فالمال في الشريعة الإسلامية إذن، مال الله، وجد من حيث المبدأ ليسخر في خدمة الجماعة.

و هذا لا ينفي اعتراف الإسلام بالملكية الخاصة للمال،  كما تدل على ذلك العديد من النصوص الشرعية في القرآن و السنة و التي تنسب المال للأفراد، و الاعتراف بحق انتفاع الأفراد بهذا المال، و استغلاله و التصرف فيه و استهلاكه.

غير أن ملكية الإنسان الخاصة للمال تبقى من حيث المبدأ، ملكية نسبية، يحكمها طابع الاستخلاف، أي النيابة في وضع اليد و التقيد بإرادة المالك الأصلي، و منهجه في تملك هذا المال و التصرف فيه تداولا و إنفاقا.

الفقرة الثانية: اكتساب المال في التشريع الإسلامي.

لما كان الإنسان مجبولا على التملك وحب المال، مصداقا لقوله اللطيف الخبير: "وتحبون المال حبا جما" الفجر20، و قوله عز وجل:" وإنه لحب الخير لشديد" العاديات 8، فإن الشريعة الإسلامية اعترفت بهذه الطبيعة الغريزية، بجانب إقرارها لقاعدة المال مال الله وما تقتضيه من الاشتراك و الشيوع.

  فحث الإسلام على اكتساب المال وفتح أمامه باب الإباحة، تشجيعا للملكية الخاصة، و لم يقيده سوى بالضوابط الشرعية، جاعلا الأصل في اكتساب المال هو الإباحة.

 فلم تؤمم الشريعة من الأموال، إلا الماء و الكلأ و النار، وفق ضوابط تعترف بالملكية الخاصة في إطار الملكية العامة. لقوله صلى الله عليه و سلم فيما رواه الإمام أحمد وغيره:" المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار.". ([8])

و من جهة أخرى، وضع الشرع قواعد التملك والاكتساب، و صنف الحلال والحرام، وبين الطيب والخبيث، مراعاة لحقوق الله تعالى ومصالح العباد.

 فحرم اكتساب الخبائث وأحل تملك الطيبات، فقال عز من قائل:" و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث." الأعراف157.و قال عليه الصلاة السلام: "إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع"([9]).

و تميز التشريع الإسلامي في هذا الباب بالمزاوجة بين القاعدة القانونية من خلال الأحكام العملية، و القاعدة الدينية و الأخلاقية، من خلال الأحكام الاعتقادية و السلوكية، بما يرسخ هذه الضوابط و يضمن تفعيلها و التقيد بها. اعتبار لخاصية الشمولية التي تطبع التشريع الإسلامي، الذي ينظر لتصرفات الإنسان باعتبارها كلا لا يتجزأ، مصداقا لقوله تعالى:" قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين." الأنعام 162..

عموما فإن اكتساب الثروة في الإسلام تحكمه قاعدة الحلال و الحرام أو الطيب و الخبيث. و هو ما سنحاول الوقوف عليه من خلال الحديث على الحث على الكسب الحلال و النهي عن الكسب الحرام.

أولا: الحث على الكسب الحلال و ضوابطه.

حثت الشريعة الإسلامية على العمل و الكد، و السعي في اكتساب الخيرات و الطيبات، فقال الله عز وجل:"ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم" البقرة 198، و قال الباري سبحانه و تعالى مخاطبا رواد المساجد:"فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " الجمعة 10.

 و قال النبي صلى الله عليه وسلم، حين  سُئلَ : أي الكسب أطيب؟  مجيبا: " عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور". ([10])، كما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ:" مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ"([11]).

كما فتح الشرع المجال أمام المبادرة الفردية الحرة، ,  و الاهتمام بالبيئة و المحيط،  فقال النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: " من أحيى أرضا مواتا فهي له." ([12]). و روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة." ([13]).

و من جهة أخرى ذم الإسلام البطالة والتواكل وعدم الأخذ بالأسباب، فعن الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه َقالَ: '' لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ ''([14]).

و لأجل هذه الغاية، شرعت العقود الكفيلة بتداول الأموال و المنافع و الخدمات، و بالتالي اكتسابها بطريقة مشروعة ، في شتى المجالات الفلاحية و التجارية و الصناعية و الخدماتية.

 فشرع البيع و السلم، و المقايضة و الصرف، و الكراء و الإجارة، و الاستصناع و الشركة و المضاربة، و المساقاة و المزارعة و المغارسة و ما في حكمها من عقود الحوالة و الرهن و الكفالة و الوكالة وغيرها... . و أفرد لها الشرع أحكاما جزئية تفصيلية.

و علاوة على الأحكام الجزئية التفصيلية، وضع الشرع للاكتساب و للمبادلات، قواعد كلية إجمالية و ضوابط نوعية دقيقة، تحقيقا للعدل و القسط في المعاملات؛

 فجعل الخراج في مقابل الضمان، فقد روت عائشة أم المومنين رضي الله عنها: « أن رجلا ابتاع غلاما فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد به عيبا فخاصمه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرد عليه، فقال الرجل: يا رسول الله قد استغل غلامي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-." الخراج بالضمان." ([15]).

 فيكون الحق في الحصول على العائد أو الربح ، بقدر تحمل التكاليف و المخاطر، أي بقدر الاستعداد لتحمل الخسارة. و هذا ما يؤدي إلى التلازم بين الربح المستفاد و الخسارة. أي التلازم بين النماء والدرك. وهو ما يعبر عنه الفقهاء بالقول: الغنم بالغرم .

و هو ما ينتهي في المحصلة إلى تحقيق العدل في المعاملات، و التوازن بين المزايا و الحقوق المكتسبة من جهة، و  الواجبات و التبعات المتحملة من جهة ثانية.

و هذه القاعدة و نظائرها، تشكل قطب رحى كل المعاملات الشرعية، و الأساس الذي تقوم علىه المشاركات و المعاوضات. حيث يكون لكل طرف فيها حقوقا تقابل أو تعادل ما عليه من واجبات، سواء تعلق الأمر بالتزام بمال أو التزام بعمل أو التزام بضمان. 

و إلى جانب هذه الأحكام و الضوابط العملية، أحاط الشارع الحكيم الاكتساب بأحكام و ضوابط اعتقادية و سلوكية. و هي ضوابط من شأنها أن تشيع الطمأنينة و الراحة النفسية ، و تكبح الجماح، و تحيط التنافس بضوابط أخلاقية، تمنع الحسد و الأحقاد و الضغائن بين طبقات المجتمع. تحقيقا للاستقرار و تثبيتا للأمن الاجتماعي و الاقتصادي. و مراعاة للبيئة و المحيط، مصداقا لقول الله تعالى : " وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ .".

ففي الجانب الاعتقادي قرر قاعدة تقدير الأرزاق منذ الأزل،و ربط اكتسابها بالأسباب المادية، فقال الباري سبحانه و تعالى:" إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين." هود 6،  و قال سبحانه جل و علا:" قل من يرزقكم من السماوات و الأرض قل الله.". و قال أصدق القائلين:" و ما بكم من نعمة فمن الله." النحل 53. و قال الخالق عز من قائل: "و ما من دابة إلا على الله رزقها." هود 6. و قال الباري عز وجل :" و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا." لقمان 34.

كما قرر الشرع الحكيم ، مبدأ التفاضل في الأرزاق، و دعا إلى الرضا بالمقدر للشخص منها، فقال الله سبحانه وتعالى:" و فضلنا بعضكم على بعض في الرزق." النحل 71، و قال الباري عز من قائل:" و لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض" النساء 32.

و في الجانب السلوكي قرر قواعد للتوسط في طلب الكسب، و اليسر و السماحة في المعاملات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله رجلا سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى سمحا إذا اقتضى."([16]).

 و قال الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنه: "أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، خُذُوا مَا حَلَّ ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ"([17]).

ثانيا: منع الكسب الحرام.

في مقابل الحث على الكسب الحلال، منع  الإسلام كل طرق الاكتساب الحرام، فحرم الربا مطلقا، فقال تعالى:"وأحل الله البيع وحرم الربا" البقرة 275.

و في هذا التحريم تنبيه و إبراز للوظيفة التبادلية للنقود، واعتبارها مخزناً للقيم وأداة للوفاء ، و عدم اعتبارها سلعة تباع و تشترى و تنتج أرباحا في حد ذاتها؛

و فيه إشارة و تأكيد على عدم اعتبار أي قيمة زمنية للنقود، إلا من خلال ارتباطها بالتعامل بالسلع الاقتصادية. لا بإقراضها، بغض النظر عن يسر أو عسر المقترض، وعن طبيعة القرض، إنتاجيا كان أم استهلاكيا، وبغض النظر عن طبيعة أطراف القرض، أشخاصا طبيعيين أم اعتباريين كانوا، أفرادا أم مؤسسات أم دولا.

 و توعد القرآن الكريم على الربا بأشد أنواع العقاب فقال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مومنين، فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون." البقرة 275. كما حذر من عواقب و مآلات التعامل بالربا، فقال  العليم الحكيم:" الذين ياكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس." البقرة 275.

و منع الشرع الميسر و المقامرة بالأموال، فقال سبحانه و تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" المائدة الآية 90، تأكيدا لحرمة أكل أموال الناس بالباطل من جهة، و تحريما للمجازفة و المغامرة و المخاطرة الغير مأمونة العواقب من جهة ثانية.

 كما حرم الغرر، و كل صوره المعروفة في بيوع الجاهلية كبيع الملامسة و المنابذة و حبل الحبلة، و المحاقلة و المزابنة ، و نهى عن البيعتان في بيعة و عن اجتماع البيع و السلف([18])، و نهى عن كل البيوع التي تقع على المعدوم، و تلك التي تقع على المجهول مطلقا، أو على ما جهل قدره أو صفته أو جنسه.ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة، أن النبي صلى الله عليه و سلم:"  نهى عن بيع الحصاة و بيع الغرر."([19]).

 وفي هذا التشريع منع للجهالة، و تأكيد على خاصية الوضوح والشفافية و المعلومية، التي يتعين أن تطبع المعاملات التجارية و الاقتصادية عموما.

كما حرم الغبن الفاحش و الغش والتدليس في المعاملات، تأكيدا لمبدأ الرضائية الحاكم في المعاملات، لقول المصطفى صلى الله عليه و سلم :" إنما البيع عن تراض." ([20]). و قوله سبحانه و تعالى :" إلا أن تكون تجارة عن تراض" النساء 29. و قد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم، أنه مر على رجل يبيع صبرة طعام، فأدخل عليه الصلاة و السلام يده فيها، فأصاب البلل أصابعه فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم :" ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله قال :"أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ، من غش فليس مني" ([21]).

و جرم الإسلام جميع أساليب النصب والاحتيال، تأكيدا لحرمة مال الغير و أخذه من غير حق، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه و سلم:" كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه." ([22]).

و كان مما قاله عليه الصلاة و السلام في خطبة حجة الوداع: "إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم عليكم حرام."([23])، تأكيدا للحكم المقرر في قوله جل وعلى: " و لا تاكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم." النساء 29.

و حتى يربط الإسلام المعاملات المالية بالأنشطة الاقتصادية الحقيقية، بشكل يضمن قوة و سلامة النسيج الاقتصادي و نجاعته، نهى عن بيع ما لم يقبض، و عن ربح ما لم يضمن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما: " لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك "([24]).

المطلب الثاني: إنفاق المال وتداوله في الإسلام

اعتبارا لوسطية الإسلام، فقد أحاط الإنفاق الاستهلاكي للمال، بأحكام وضوابط تحقق المقصد الشرعي من رواج الأموال دون إفراط أو تفريط، تضبط الإنفاق و ترشد الاستهلاك. ليقعد الإسلام مبدأ الوسطية والاعتدال، و الترشيد في الإنفاق والاستهلاك.

و تأكيدا لوظيفته الاقتصادية، دعا الإسلام إلى كسب المال و استثماره و توظيفه، و ترويجه و تنميته بالطرق المشروعة، في الخيرات و الطيبات.

 فحث على السعي في طلبه و تحصيله، و أرشد إلى ذلك جنبا إلى جنب مع دعوته و حثه على العبادة . و حرم في المقابل اكتسابه بغير الطرق المشروعة، حفظا لأموال الناس، ومنعا لأكلها و غصبها بالباطل.

و إبرازا لدوره الاجتماعي، جعل الشارع المال، مناطا للعديد من الحقوق و الالتزامات ، فأوجب فيه الزكاة  وعدها ركنا من أركانه، و حقا من حقوق الفقراء و المحتاجين.

 كما سن الكفارات المالية ، و ندب إلى التبرع و الإحسان، وحث على القرض الحسن و رغب فيه للتنفيس عن الكربات، و إعانة المحتاج، و حض على التيسير على المعسرين ، و أرشد إلى اغتنام أعظم منافع المال وطلب أسمى غاياته ومراميه، متمثلة في الأجر و ثواب الآخرة.

فزاوج التشريع الإسلامي بذلك بين الوظيفتين الاقتصادية و الاجتماعية المال ، مؤكدا على تلازم هاتين الوظيفتين، تنبيها على تلازم النشاط الربحي و غير الربحي في الدورة الاقتصادية. بشكل يضمن حد الكفاية لكل أفراد المجتمع و يكفل الأمن الاقتصادي و الاستقرار الاجتماعي.

كما زاوج بين القاعدة القانونية من خلال الأحكام العملية، و القاعدة الدينية و الأخلاقية، من خلال الأحكام الاعتقادية و السلوكية، بما يرسخ هذه الضوابط و يضمن تفعيلها و التقيد بها. اعتبارا لخاصية الشمولية التي تطبع التشريع الإسلامي، الذي ينظر لتصرفات الإنسان باعتبارها كلا لا يتجزأ، مصداقا لقوله تعالى:" قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين." الأنعام 16. و بما يضمن سلامة البيئة و المحيط مصداقا لقول الله سبحانه و تعالى: " وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ." القصص 77.

وهذا ما سنحاول الوقوف على أبرز معالمه، من خلال الحديث عن إنفاق المال و تداوله، في فقرتين:

الفقرة الأولى: إنفاق المال

أباح الإسلام التمتع بالخيرات  و الطيبات من الأموال، باعتبارها نعما من نعم الله تعالى على خلقه ، فقال عز و جل :" قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق." الأعراف 32، و ندب إلى ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"([25]).

واعتبارا لوسطية الإسلام أحاط الإنفاق الاستهلاكي للمال بأحكام وضوابط تحقق المقصد الشرعي من رواج الأموال دون إفراط أو تفريط، تضبط الإنفاق و ترشد الاستهلاك. و تراعي البيئة و المحيط.

فشدد الشارع الحكيم في ذم المبذرين والإنكار عليهم، فقال تعالى: "ولا تبذر تبذيرا، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" الأعراف 31.

 و نهى عن الإسراف في التمتع بالطيبات، فقال عز وجل:"وكلوا و اشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" الحديد 24 ، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده :" كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة"([26]). و عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تلبسوا الحرير و لا الديباج، لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة. "([27]).

كما أحاط الاستهلاك بضوابط، تمنع الإضرار بالبيئة و المحيط، فقال سبحانه و تعالى: " كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثَوْا في الأرض مفسدين". البقرة 60.

وفي المقابل ذم الإسلام البخل والبخلاء، في قوله جل شأنه:" الذين يبخلون و يامرون الناس بالبخل" النساء 37، و توعدهم الباري عز وجل في قوله سبحانه و تعالى : " وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " آل عمران 180.

و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا. "([28]).

 ليقعد الإسلام بذلك مبدأ الوسطية والاعتدال، و الترشيد في الإنفاق والاستهلاك، مصداقا لقوله تبارك و تعالى: " و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " الفرقان67 ، وقوله سبحانه و تعالى: " و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما مدحورا" الإسراء 29.

الفقرة الثانية: تداول المال و رواجه.

تشكل أحكام تداول المال و رواجه في التشريع الإسلامي مرآة تعكس فلسفة الوظيفتين الاقتصادية و الاجتماعية للمال من المنظور الإسلامي ، و تلازم هاتين الوظيفتين، تأكيدا لتلازم النشاط الربحي و غير الربحي في الدورة الاقتصادية.

 و سنحاول في هذه الفقرة، الوقوف على أبرز معالم هاتين الوظيفتين و التلازم القائم بينهما.

أولا: الوظيفة الاقتصادية للمال .

تحقيقا للوظيفة الاقتصادية للمال، نظم الشارع الحكيم القواعد العامة لرواج المال وتداوله، و جعل الرواج أهم مقاصده في الأموال، فحرم الاكتناز وتوعد المكتنزين بالعقاب، فقال سبحانه و تعالى:" و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم." التوبة 34.

و منع الشرع اتخاذ الذهب و الفضة قنية و أثاثا، تأكيدا لوظيفتهما المالية، فقال صلى الله عليه وسلم: " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة... "([29]).

و لكي يؤدي المال وظيفته الاقتصادية، حث الإسلام على توظيفه و استثماره، و حث على الاتجار حتى في أموال اليتامى و المحجورين، مع ما يحمله الاتجار من معاني المخاطرة و احتمال الربح و الخسارة، فقال صلى الله عليه و سلم:" اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة "([30]).

وشرع صيغا متنوعة للاستثمار على كافة المستويات و القطاعات الاقتصادية، بما يكفل رواج الأموال و تداولها. كالبيع و المقايضة و الصرف و الكراء و الإجارة، و السلم و الاستصناع و الشركة و المضاربة، و المساقاة و المزارعة و المغارسة([31]) و غيرها .

كما سن العديد من العقود الكفيلة بتيسير  هذه المعاملات، و ثباتها و توثيقها، و الحد من النزاعات التي قد تطرأ بشأنها، و ترفع الأضرار التي قد تنشأ بمناسبتها. بعد أن دعا الشارع الحكيم إلى الوفاء بالالتزامات و احترام العهود و العقود فقال عز من قائل:" يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" المائدة 1.

 و شرع  الإشهاد، فقال سبحانه و تعالى :" و أشهدوا إذا تبايعتم " البقرة 282 ، و ندب إلى الكتابة و التوثيق فقال عز من قائل:" يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " البقرة 282.

كما شرع الرهن و الكفالة، و الحوالة و الوكالة، و القسمة و الشفعة([32]) ، وغيرها من العقود و التصرفات الكفيلة بضمان استيفاء الحقوق و رفع المضار و درء النزاعات.

وتوزيعا للثروة و ضمانا لتداولها شرع الميراث، بما يكفل توزيع الثروة وتداولها حتى لا تتكدس الأموال في أيادي طبقة محدودة ، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى:" كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" النور 33.

 وتأكيدا على مقصد الرواج، و هو أبرز مقاصد الشريعة في الأموال، وتسهيلا لتداول الأموال ، منع الشرع الاحتكار، فقال عليه الصلاة و السلام: " المحتكر ملعون."([33]). و في رواية أخرى عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " لا يحتكر إلا خاطئ "([34]). و نهى عن بيع النجش، و تلقي الركبان، و بيع الحاضر لباد([35])، و غيرها من البيوع المنافية لقواعد السوق المفتوحة. ففسح المجال بذلك أمام الشفافية و التنافسية و المبادرة الحرة، التي لم يقيدها الشرع الحكيم إلا بقيود المصلحة العامة حال التعارض، إعمالا لمبدأ تقديم المصلحة العامة على الخاصة، اعتبارا لتضمن المصلحة العامة للمصلحة الخاصة بالضرورة و التبع.

ثانيا: الوظيفة الاجتماعية للمال.

حتى تؤدي الثروة وظيفتها الاجتماعية التي من أجلها خلقت وسخرت، جعل الإسلام المال المكتسب بطرق مشروعة، مناطا للعديد من الحقوق والواجبات العامة و الخاصة.

 ففرضت الزكاة، و اعتبرت أحد الأركان التي يقوم عليها هذا الدين، فقال الله سبحانه و تعالى: " و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة " البقرة 43. و قال الباري تبارك و تعالى: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها" التوبة 103، و قال الخالق عز من قائل:"وآتوا حقه يوم حصاده" الذاريات 29 ، و قال الفاطر سبحانه و تعالى: " وفي أموالهم حق للسائل والمحروم" الحشر 07.

كما سن الإحسان التبرعي، فقال تبارك و تعالى "وأحسن كما أحسن الله إليك" القصص 77، وقال سبحانه و تعالى: "وآتوهم من مال الله الذي آتاكم" البقرة 219، بعد أن كان الأصل في صدر الإسلام هو إنفاق العفو من الأموال- وهو الزائد منها عن حاجة المالك- ، في قوله سبحانه و تعالى: " يسألونك ماذا ينفقون، قل العفو" الإسراء 26.

و شرعت الوصايا والأوقاف ، و أقرت العمرى، و الرقبى، و النحلة([36]) ، وغيرها من التبرعات، تأكيدا على تلازم النشاط الربحي و النشاط غير الربحي، في تأمين حاجيات المجتمع الاقتصادية.

و هو ما من شأنه أن يحقق التوازن بين فئات المجتمع، و يؤمن حد الكفاية، أي الحد الأدنى من الحاجات الاقتصادية لكل فرد في المجتمع، و يكفل الأمن و الاستقرار الاجتماعي؛

 و من شأنه أن يرسخ واجب التضامن الاجتماعي، و يوطد أواصر التكافل  والأخوة بين الإنسان وأخيه الإنسان. مصداقا لقوله سبحانه وتعالى:" إنما المومنون إخوة." الحجرات الآية 10. و قوله صلى الله عليه و سلم:" لا يِؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه." ([37]). و قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث المتفق عليه:" مثل المومنين في توادهم و تراحمهم  و تعاطفهم،كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى." ([38]).

و تأكيدا لهذه الوظيفة الاجتماعية، و لتلازم الأنشطة الربحية و غير الربحية، شرع الإسلام الصدقة الجارية و ندب إليها، فقال صلى الله عليه وسلم:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"([39]).

و روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً نشره أو ولدًا صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهراً أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته "([40]).

كما حث الشارع على القرض الحسن و رغب فيه تنفيسا للكربات، و إعانة المحتاج، و حض على التيسير على المعسرين  فقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم  " رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَاب الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا: الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ"، قَالَ: لِأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ ، وَ الْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ"([41]). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة." ([42]).

و الأصل في القرض أن يقوم على أسس التكافل و التعاون، فلا يقف عند حدود رد الأصل فقط، بل قد يصل إلى تطبيق مبدأ الإنظار عند الإعسار، بل قد يمتد ليصل إلى التصدق وإعفاء المدين المعسر استجابة لقوله تعالى:" وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة، وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون " البقرة 280.

و قال الله تعالى : " وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ .".

خاتمة

على هذا النحو المسطر في مباحث هذه الدراسة الموجزة، يتضح أن  تنظيم الثروة في ظل هذا النظام الرباني البديع، هو تنظيم محكم، يدل على ما تتميز به نظرة الإسلام إلى المال، على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي، من واقعية و شمولية و وسطية و اعتدال، مفهوما واكتسابا وإنفاقا وتداولا.

 فهذا النظام، نظام اقتصادي متوازن، وسطي بين السيطرة و النفع العام في اقتصاديات الهيمنة، وبين التسيب و تعظيم الربح في اقتصاديات السوق. يطبعه التوازن بين المصلحة العامة و الحق العام من جهة، و مصالح و حقوق الأفراد من جهة ثانية، بما يخدم مصالح الجميع في المحصلة و النهاية؛

 و هو نظام اقتصادي اجتماعي ، يحقق التوازن بين النشاط الربحي و النشاط غير الربحي، من خلال التلازم بين الوظيفة الاقتصادية للمال و نظيرته الاجتماعية؛

 و هو نظام اقتصادي إنساني، يتيح تأمين حد الكفاية، و الاستجابة للحاجيات الاقتصادية الأساسية لكل فرد. و يحقق الأمن و الاستقرار الاجتماعي؛

و هو نظام اقتصادي أخلاقي، تحكمه قواعد الحلال و الحرام، و الطيب و الخبيث، و النفع و الضرر. بما يراعي حقوق الفرد و مجتمعه و بيئته و محيطه و خالقه.

و بالجملة و المحصلة، فهو نظام اقتصادي اجتماعي و إنساني و أخلاقي و عادل و متكامل. و ما ذلك إلا من طبيعة هذا الدين الذي يؤطره، و المتسم بالتكامل و الشمولية، و المزاوجة بين الجوانب العقدية و السلوكية و العملية.

 و هذا ما يفسر تزايد المطالب الغربية الملحة على كافة الأصعدة و المستويات، باعتماد هذا النظام و إدراجه ضمن النسيج المالي و الاقتصادي.

و هو ما يفسر التنامي المطرد للصيغ المالية و المؤسسات المالية الإسلامية، و أعداد المتعاملين معها و وفق صيغها، و أرقام معاملاتها و حجم أرباحها، في العديد من العواصم الاقتصادية الغربية.

فيكون بذلك النظام المالي الإسلامي، ذلك البديل الذي يمكن أن يجيب عن الأسئلة الاقتصادية الحقيقة التي يدور حولها الجدل في الساحة العالمية من قبيل: ما البديل المناسب لاقتصاد السوق المحررة من القيود؟ وما الأساليب المناسبة لترويض الرأسمالية وللانتفاع في الوقت ذاته من قواعدها الضرورية لرفع مستوى الرفاهية؟ وما القواعد الضرورية لازدهار الاقتصاد والديمقراطية في آن واحد([43])؟ ؛

و ليكون البديل الذي يمكن أن يشكل الطريق الآخر، و البديل الذي يرنوا إليه العالم دون أن يكون لحد الآن قادرا على رسم صورة دقيقة له، بعد ما أصابه من ويلات و أزمات النظام الرأسمالي القائم، و بعدما جرب النظام الاشتراكي الفاشل، بشهادة أحد المنظرين الاقتصاديين الألمان الذي كتب بعد تداعيات الأزمة المالية العالمية الأخيرة، قائلا: " يتزايد عدد المواطنين الذين يمنون أنفسهم بالتحول إلى نظام آخر، وإن كانوا غير قادرين على رسم صورة دقيقة للنظام الذي ينشدونه، إنهم يحلمون بانتهاج طريق ثالثة تقع بين الرأسمالية والاشتراكية، تضمن لهم حريتهم وتحقق لهم في الوقت ذاته، مساواة أكبر و أمانا و استقرارا أكثر." ([44]).

هذا العالم الذي يرنو في أعماقه إلى شريعة تنظم حياته، وتجيبه عن أسئلة قد لا يكون قادرا على صياغة عباراتها، إلى أن يعيش أجوبتها، في المدخل الاقتصادي المتعدد الأبعاد لهذه الشريعة الغراء، التي انتشرت منذ قرون خلت، في الكثير من بقاع العالم، بفضل هدي باريها في المعاملات التجارية، و أخلاق التجار الملتزمين بتعاليمها.

و هو ما تنبأ به منذ عقود خلت الاقتصادي الفرنسي جاك أوستري حين قال : “إن طريق الإنماء الاقتصادي ليس محصورا في النظامين المعروفين، الرأسمالي والاشتراكي، بل هناك مذهب اقتصادي ثالث راجح هو المذهب الاقتصادي الإسلامي، وسيسود عالم المستقبل لأنه طريق للحياة المعاصرة ([45]).

       انتهى بحمد لله، الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله و سلم و بارك، على المبعوث رحمة للعالمين، و على آله و صحبه أجمعين، و من استن بسنته، و اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

    البشير عدي([46])

 

([1]) انظر صحيفة:l’osservatore romano  ، الناطقة الرسمية باسم البابا، العدد الصادر في: 04 مارس 2009. وشاهد برنامجا لقناة الجزيرة الإخبارية، في الموضوع على الرابط: https://www.aljazeera.net/programs/behindthenews/2009/3/29/، و تقريرا مترجما لقناة: 3sat الألمانية، على اليوتوب، عبر الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=0PNDwgkbSXc

([2])  على المستوى الرسمي دعا مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المالي الإسلامي للنظام المالي الفرنسي، و على الصعيد الشعبي تصاعدت دعوات العديد من الأكاديميين و المهنيين و المهتمين، بضرورة فسح المجال لتطبيقات النظام المالي الإسلامي، فنجد على سبيل المثال السيد " بوفيس فانسون"، رئيس تحرير مجلة:"Challanges" الفرنسية، يكتب في افتتاحية العدد الصادر في عز الأزمة العالمية في سبتمبر2008، موضوعا تحت عنوان: " البابا أو القرآن"، مما جاء فيها:" أظن أننا بحاجة أكثر إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا و بمصارفنا، لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات، و ما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري، لأن النقود لا تلد النقود."؛ )انظر موقع المجلة على شبكة الانترنيت، العدد الصادر في2008/09/11  (،كما نجد رئيس تحرير صحيفة " Le Journal de finances" الفرنسية، السيد" رولاند لاسكين" في افتتاحية العدد الصادر بذات التاريخ، يطالب بضرورة تطبيق الشريعة في المجال المالي والاقتصادي، في مقال افتتاحية الصحيفة تحت عنوان:" هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة؟". )انظر موقع المجلة على شبكة الانترنيت، العدد الصادر في 2008/09/28.(.

([3]) عرف النظام المالي الإسلامي طريقه نحو الجامعة و السوق المالي المغربيين ، كما عرفت أحكامه طريقها نحو التشريع من خلال العديد من فروع قانون الأعمال، كما هو الحال بالنسبة للقانون رقم12.103  المتعلق بمؤسسات الائتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها، والمنظم للبنوك التشاركية، و القانون رقم 06.33 المغير والمتمم بمقتضى القانون رقم17.69، المتعلق بتسنيد الأصول، و المنظم لشهادات الصكوك ، والقانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات والمغير والمتمم بمقتضى القانونين رقم 13.59، و رقم 17.87 ، المنظمين للتأمين التكافلي، و غيرها من التشريعات ذات الصلة كالقانون الضريبي.

([4]) مسند الإمام أحمد، الحديث رقم: 17096.

([5]) المال في اللغة : من المول ، يقال: مال الشخص يمول مولاً ، ومؤولاً : أي كثر ماله و صار ذا مال. و جمعه أموال، و هو مما يذكر و يؤنث.انظر : لسان العرب لابن منظور، والمصباح المنير للفيومي، ومختار الصحاح للرازي، ، و القاموس المحيط للفيروز آبادي، و المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية.

([6]) الأستاذ داود الخمار: قواعد في اكتساب المال وإنفاقه في القرآن الكريم. منشورات وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية المغرب. ط1/2012.ص23. ويوضح الأستاذ الخمار، تعريفه هذا بالقول: " والمراد بالإمكان: الإمكان المادي، بمعنى الإحراز على الشيء المالي بوسائله. والإمكان الشرعي، بمعنى الإباحة الشرعية للتصرف في الشيء المتصف بالصفة المالية والتعامل به. و المراد بالانتفاع المعتاد: أن يكون متعارفا وذا قيمة مالية. و أن لا يكون اعتياده معارضا للنص الشرعي.".

([7]) و هذا ما أقره مجمع الفقه الإسلامي، في قرار له في الموضوع جاء فيه:" إن مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق 10-15 كانون الأول/ديسمبر 1998م، بعد إطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع الحقوق المعنوية ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولا : الاسم التجاري والعنوان التجاري ، والعلامة التجارية ، والتأليف والاختراع أو الابتكار ، هي حقوق خاصة لأصحابها ، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها ، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً ، فلا يجوز الاعتداء عليها . ثانيا : يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ، ونقل أي منها بعوض مالي ، إذا انتفى الغرر والتدليس والغش، باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً . ثالثاً : حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها ، ولا يجوز الاعتداء عليها. والله أعلم ."

([8])  مسند الإمام أحمد /5364، سنن أبي داوود ، كتاب البيوع، باب منع الماء.

([9])صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة على اليتامى.

([10]) مسند الإمام أحمد 4/141.

([11]) صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب كسب الرجل و عمله بيده.

([12]) موطأ الإمام مالك، كتاب الأقضية، باب القضاء في عمارة الموات.

([13]) صحيح البخاري، كتاب المزارعة، باب فضل الزرع و الغرس إذا أكل منه.

([14]) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب الاستعفاف

([15]) سنن أبي داود،:كتاب الإجارة، باب: في من اشترى عبدا فاستعمله فوجد به عيبا.

([16]) صحيح البخاري ، كتاب البيوع، باب السهولة و السماحة في الشراء و البيع ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف.

([17]) سنن ابن ماجة، كتاب التجارات، باب الاقتصاد في طلب المعيشة.

([18]) انظر في بيان هذه المصطلحات، مصادر و مصنفات الفقه الإسلامي.

([19]) صحيح مسلم : كتاب البيوع ، باب بطلان بيع الحصاة و البيع الذي فيه غرر.

([20]) سنن ابن ماجة: كتاب التجارات، باب الخيار.

([21])صحيح مسلم : كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه و سلم: من غش فليس مني.

([22]) صحيح مسلم ،كتاب الحج باب:تحريم ظلم المسلم وخذله....

([23]) صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لاترجعوا بعدي كفارا

([24]) سنن أبي داوود، كتاب الإجارة، باب قي الرجل يبيع ما ليس عنده.

([25]) سنن الترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

([26]) صحيح البخاري: كتاب اللباس، باب قول الله تعالى:" قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق".

([27])صحيح البخاري: كتاب الأطعمة، باب الأكل في إناء مفضض.

([28]) صحيح مسلم : كتاب الزكاة، باب في المنفق و الممسك.

([29]) صحيح البخاري: كتاب الأطعمة، باب الأكل في إناء مفضض.

([30]) موطأ الإمام مالك: كتاب الزكاة، باب زكاة أموال اليتامى و الجارة لهم فيها.

([31]) انظر في بيان هذه المصطلحات، مصادر و مصنفات الفقه الإسلامي.

([32]) انظر في بيان هذه المصطلحات، مصادر و مصنفات الفقه الإسلامي.

([33]) سنن ابن ماجة، كتاب التجارات ، باب الحكرة و الجلب.

([34]) صحيح مسلم: كتاب المساقاة، باب تحريم الاحتكار قي الأقوات.

([35]) انظر في بيان هذه المصطلحات، مصادر و مصنفات الفقه الإسلامي.

([36])  انظر في بيان هذه المصطلحات، مصادر و مصنفات الفقه الإسلامي.

([37])  صحيح البخاري كتاب الأدب باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

([38]) صحيح مسلم : كتاب الوصية باب ما يلحق المسلم بعد وفاته.

([39]) صحيح مسلم : كتاب البر و الصلة باب تراحم المومنين و تعاطفهم و تعاضدهم.

([40]) سنن ابن ماجة: المقدمة، باب معلم الناس الخير.

([41]) سنن ابن ماجة : كتاب الصدقة، باب القرض.

([42]) تمام الحديث كما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، " و من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه". صحيح مسلم ،كتاب : الذكر و الدعاء و التوبة و الاستغفار، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن و الذكر.

([43]) اوليرش شيفر: انهيار الرأسمالية: أسباب إخفاق السوق المحررة من القيود. تعريب: د عدنان عباس علي. منشورات كتاب عالم المعرفة العدد 371 يناير 2010،ص30

([44]) اوليرش شيفر: انهيار الرأسمالية: م س، ص 30.

([45]) انظر: مفهوم الاقتصاد في الإسلام: د. محمود الخالدي، ص: 29.

([46]) – أستاذ بكلية الحقوق جامعة ابن زهر أكادير؛

- تقني محاسب و منتدب قضائي إقليمي سابق؛

- شهادة  التقني في المحاسبة : المعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية أكادير  1997؛

- شهادة التكوين التأهيلي في التسيير التجاري :  المدرسة الوطنية للتجارة و التسيير أكادير 2001  ؛

- شهادة الدكتوراه في الشريعة تخصص فقه المعاملات:  كلية الشريعة، جامعة القرويين أكادير    2012؛

- شهادة التأهيل الجامعي في القانون، تخصص القانون الخاص:  كلية الحقوق، جامعة ابن زهر أكادير 2018 ؛