الماء والمدينة الواحية بالمغرب : قراءة في نصوص تاريخية ـ خولة سويلم و وردية بلعيدي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse17025لعب المجال الواحي في تاريخ المغرب دورا هاما في الربط بين المغرب وبلاد السودان، وقد سمحت الظروف الطبيعية والمعطيات البيئية في قيام تجمعات بشرية في شكل مراكز تجارية وجماعات قصور، وبحكم موقعها كفضاء لانتقال القوافل، فإنها شكلت على الدوام مجالا لاستقرار الجماعات البشرية المختلفة.
تحتفظ نصوص بعض المصادر التاريخية وكتب الرحلات والجغرافيا بمجموعة من الإشارات المصدرية، حول واحات درعة وتافيلالت (سجلماسة) وفجيج وغيرها من واحات المغرب شبه الصحراوي، وعموما فقد كانت هذه الواحات تنتشر عبر الصحراء أو تمتد في شريط متقطع على طول الأنهار، حيث توجد المراكز النشيطة في مجالي الفلاحة والتجارة.

ومن خلال مختلف الإشارات التاريخية التي وصلتنا حول الواحات المغربية، فإنه من الواضح على أن  القصر يعتبر الوحدة السكنية الأساسية في الواحات، وهو عبارة عن قرى محاطة بسور، ويتواجد القصر دائما بالقرب من مصادر المياه، ويعمل سكانه على فلاحة الأرض المحيطة به، ولا يقتصر هذا النوع من السكنى على صد الهجمات الخارجية فقط، ولكنه أيضا نتيجة لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، فقد كانت القصور تتشكل من مجموعات  بشرية في شكل جماعة القصر التي تتضامن في توفير حاجياته  من الأمن والغداء...[1].

وفي الوقت الذي تتحدث فيه كتب الرحلات والجغرافيا عن عدد من المراكز والقرى المنتشرة بمنطقة الجنوب الشرقي المغربي، فإننا لا نعثر عن دراسات وأبحاث تعنى بما يمكن تسميته ب"المدينة الواحية"، ففي ظل ظروف الندرة في الموارد الطبيعية التي تعيش على إيقاعها هاته الواحات، فإن الحديث عن مدن بمعناها العام والواسع أي مدن بمرافق ومؤسسات وحياة حضرية توازي مدن أوروبا في العصور الوسطى أو على الأقل مدن المغرب الشمالي، يجعلنا أمام إشكالات تاريخية حول ماهية المدينة الواحية من خلال المصادر التاريخية؟ وحول دور عنصر الماء في نشأتها وتنظيم العلاقات الاجتماعية بها؟


وفي سبيل البحث في تاريخ العلاقة بين الماء والمدينة الواحية، تم الاعتماد على جملة من المصادر التاريخية وكتب الجغرافيا والرحلات وكذا بعض المراجع والدراسات الحديثة، ولعل كتابي وصف إفريقيا للحسن الوزان وإفريقيا لمارمول كربخال كانا أهم مصدرين استقينا منهما معلوماتنا حول مجموعة القصور والمراكز والقرى المنتشرة بالواحات المغربية، وقد ساعدتنا معلوماتهما كثيرا في رصد بعض مظاهر توفر المياه بالواحات وبعض المشاكل التي كانت تتسبب فيها نذرتها، من جهة أخرى استفدنا من المعطيات التي جاءت  في رحلة شارل دوفوكو في تغطية النقص الذي يعتري معلومات كل من الوزان ومارمول كربخال وإن كان بشكل نسبي، كما سمحت لنا معلومات هذا الأخير المتأخر زمنيا عن فترة كل من الحسن الوزان ومارمول كربخال في تتبع بعض مظاهر التنافس حول المياه بالمنطقة ومدى تأثرها بعامل الزمن.

تمت الاستفادة كذلك من بعض المونوغرافيات المنجزة حول مناطق الواحات في فهم وتتبع جانب من المعاملات الاجتماعية التي تطبع تدبير المياه بكل من درعة وتودغة وتافيلالت، ونذكر من بين الدراسات التي أطرت عرضنا هذا كتاب روس إ. دان  حول المجتمع والمقاومة بالجنوب الشرقي، والذي تضمن عددا من الإشارات الهامة حول تدبير الموارد المائية بكل من واحتي تافيلالت وفجيج، وشكلت معطياته ترجمة دقيقة لطبيعة العلاقات التي تنتظم حول الماء بالمنطقة، وقد استفدنا منها كثيرا في تأكيد استمرارية مظاهر النزاع  حول المياه كأحد السمات الأساسية في تدبير هذه المادة الحيوية.

وفي سبيل محاولة وضع تحديد لماهية المدينة الواحية فقد تم الرجوع إلى مؤلف المدينة الإسلامية لمحمد عبد الستار عثمان، والذي يعتبر مرجعا لا بد منه لكل باحث في تاريخ التمدن بالعالم الإسلامي، وقد ساعدنا كثيرا في الوقوف عند بعض تجليات المدينة الإسلامية وفي تحديد مجال ضمني للمدينة الواحية،  كما ساعدت معطيات هذا المؤلف إلى جانب معطيات مؤلف ابن أبي الربيع،  في وضع مقارنة بين شروط اختيار وتخطيط المدن وبين حال مدينتي "تيسنت" وسجلماسة كمدينتين واحيتين سمحت لنا المعطيات المتوفرة في البحث فيهما كنموذجين عن باقي المدن الواحية.

وتأتي محاولتنا من خلال هذا العرض للوقوف عند جملة من القضايا التي يطرحها موضوع المدينة المائية في علاقة مع عنصر الماء، وعليه تم تقسيم هذا العرض وفق المحاور الرئيسية الأتية:
المحور الأول: حول تعريف المدينة الواحية
المحور الثاني: أهمية عنصر الماء داخل الواحات
المحور الثالث: حول اختيار موضع المدن الواحية
المحور الرابع: حول تدبير المياه بالمدينة الواحية
المحور الخامس: الصراع حول الماء والتنظيم الاجتماعي بالمدينة الواحية

المحور الأول: حول تعريف المدينة الواحية:

يبدو أن سكنى القصور ظهرت خلال القرن 16م، اعتمادا على أخبار حسن الوزان الذي ذكر أنه حينما خربت مدينة سجلماسة وهدم سورها التجأ سكانها إلى الضواحي وبنوا قصورا خاصة بهم، و"كان عددها في بداية القرن السادس عشر ميلادي حوالي ثلاث مائة وخمسين قصرا بين كبير وصغير"[2]. كما نسجل نفس الملاحظة حيث وصف درعة على أنها "إقليم يبتدئ عند الاطلس ويمتد جنوبا على مسافة نحو مائتين وخمسين ميلا عبر صحراء ليبيا. وهذا الإقليم ضيق جدا، يقيم السكان على ضفاف النهر الذي يحمل نفس الاسم... وليس في قصور هذا الإقليم سوى القليل من مرافق الحياة الحضرية، بالرغم من وجود صناع، بالإضافة إلى صائغين يهود في طرف الإقليم المقابل لموريطانيا على الطريق الرابطة بين فاس وتمبكتو. إلا أنه يوجد في المنطقة ثلاث قرى أو أربع كبيرة، يقيم فيها التجار الغرباء عن البلاد والتجار الدرعيون، وتشمل دكاكين ومساجد تامة التجهيز"[3]. لم يشر الوزان إلى وجود مدن بمجالي تافيلالت ودرعة باستثناء مدينة سجلماسة التي نسب الإقليم كله إليها[4]، غير أن إشارته إلى تخريبها وتحول ساكنتها إلى سكنى القصور وحديثه عن قرى كبيرة بدرعة، يجعلنا نتساءل عن ماهية التجمعات السكانية بالواحات المغربية؟ وعن مدى إمكانية وجود مدن واحية بالمنطقة زمن الوزان؟ وأسباب اقتصار أوصافه لهاته التجمعات السكانية بالقصور والقرى الكبيرة عوض المدن الصغرى؟

لقد أشار البحث اللغوي - حسب الباحث عبد الستار عثمان-إلى  أن كلمة مدينة ترجع في الأصل إلى كلمة "دين"، "وأن لهذه الكلمة بهذا المعنى أصلا في الأرمية والعربية اي أنها ذات أصل "سامي". وعرفت المدينة عند الأكديين والأشوريين بالدين أي "القانون"، كما أن  "الديان" يقصد بها في اللغة الأرمية والعبرية "القاضي"، وإضافة إلى ذلك فإن مصدرها في الأرمية "مدينتنا" وتعني "القضاء""[5]، وهذه التفسيرات حسب الباحث نفسه توافق ما ورد في القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وما  تشير إليه المعاجم العربية[6].

فالمدينة في اللغة العربية إذن تعني المواضع التي يكون بها الحكام والملوك،  ويبدو أن المدن في الحضارة الإسلامية كانت تصنف حسب آدم ميتز إلى: أمصار، وهي البلاد حيث مقر الحاكم، ثم القصبات وهي عواصم الاقاليم، فالنواحي والقرى؛ وهي الملحقة بالمدن[7]. وفي نفس السياق يذكر المقدسي تدرج المراكز الحضرية من الكبيرة إلى الصغيرة، بقوله: "اعلم أنا جعلنا الأمصار والقصبات والمدين كالجند والقرى كالرجالة"[8].

هكذا إذن تكون المدينة في التعريف العربي مواضع وجود القضاء أو سلطة التقاضي والحكم، وتتدرج تبعا لأهميتها من مصر إلى قرية، وعلى هذا الأساس فهل يمكن فهم إشارة الوزان إلى وجود ثلاث قرى أو أربع كبيرة بمنطقة درعة على أنه يقصد مدنا صغيرة، يبدو  الأمر على هذا النحو صحيحا ودليلنا على ذلك  ما  يفهم من نص إشارة للوزان نفسه حيث  نجده يصف مدينة سجلماسة بأنها المدينة الرئيسية في الإقليم الذي يحمل اسمها فيقول: "سجلماسة إقليم يستمد اسمه من المدينة الرئيسية فيه..."[9]، ومما يؤكد ما ذهبنا إليه كذلك ما نعثر عليه عند مارمول كربخال والذي يأتي على ذكر بني صبييح وتنزولين وأكذز على أنها مدن بمنطقة درعة أكثر من ذلك أنه يشير إلى وجود حاكم عن سلطان مراكش ب"تيسنت"، والتي يصفها على أنها حاضرة درعة.

انطلاقا مما سبق يمكننا القول على أن واحات الجنوب الشرقي المغربي عرفت بروز عدد من التجمعات السكانية التي  يمكن نعثها بالمدن الواحية، كفكيك وتودغة وتيومتين[10]، ومن خلال أوصاف الجغرافيين والرحالة عن المنطقة وطبيعة السكن بها فإنه من الواضح أن جل هاته المدن كانت تتكون من مجموعة قصور مرتبطة فيما بينها بعلاقات اقتصادية واجتماعية كان الماء أحد أهم عناصر صياغتها، فكيف تجسد الماء بالواحات المغربية من خلال نصوص بعض المصادر التاريخية؟ وكيف كانت ساكنة المنطقة تدبر شؤونه من الناحية التقنية؟ وكيف انعكس الصراع حوله على المجتمع الواحي؟
المحور الثاني:  أهمية عنصر الماء داخل الواحات:

لاشك أن الماء ظل على الدوام عاملا أساسيا في خلق ظروف الاستقرار، ولا تخرج الواحة عن هذه القاعدة، بل أن ظهور الواحات نفسها حسب أحمد مزيان يرجع إلى عيون متفجرة أو أودية جارية، كما أن بقاءها يرتبط بمدى السيطرة على هذه الموارد المائية، وتعهد قنوات الري وتوزيع الماء واستغلاله[11].
1.   مصادر المياه في الواحات:

تتنوع مصادر المياه داخل الواحات بين المصادر السطحية كالأودية والسيول، وباطنية كمياه العيون والآبار ومياه الفيض[12]، وفي هذا الإطار تمدنا النصوص المصدرية بعدد من الإشارات الهامة في هذا الخصوص.

فقد جاءت تسمية درعة حسب البكري نسبة إلى نهرها، الذي يبلغ طوله حسب مارمول كربخال زهاء تسعين فرسخا، غير أن عرضه قصير، وعلى ضفافه أقيمت عدة قرى ومدن في الجهات المرتفعة عن مجراه، إذ أنه "يفيض طورا في الشتاء حتى كأنه بحر، ثم يجف طورا آخر في الصيف حتى يمكن عبوره على الأقدام. وعندما يفيض يسقي البلاد كلها، وإذا لم يحدث فيضان في أوائل أبريل تتلف الغلة كلها، وإذا حدث في ذلك الوقت كانت الغلة حسنة..."[13].كما أن إقليم سجلماسة والذي يحمل اسم عاصمته (سجلماسة)، يخترقه حسب أوصاف الرحالة "نهر زيز الذي ينصب من بين جبال الأطلس الكبير"[14]، ويمتد على مسافة أربعين فرسخا ونيف.

تعد العيون من بين مصادر الماء الأساسية إلى جانب الأودية في الواحات، فقد كانت تستخرج المياه الجوفية عن طريق الآبار، أو عن طريق الخطارات التي تجمع المياه ثم تحولها إلى السطح[15]، ففي مدينة تشيت التي نسبها الوزان إلى إقليم نوميديا يستخدم الآباء أبناءهم في عمر الثانية عشرة في ممتلكاتهم، "إما لاستخراج الماء من البئر للسقي، وإما لقلب الأرض"[16]. كما أن تيكورارين والتي تقع شمال توات تعرف وجود تربة رديئة للغاية، وقلما يجد السكان حسب مارمول كربخال "ما يصلح من الأرض للفلاحة، وإذا وجدوا ما يبتغون، فتكون الفلاحة عسيرة، إذ ينبغي عليهم جلب الماء من الآبار لسقي الأراضي المحروثة وتسميدها بالفضلات الحيوانية"[17].

لا شك أن الاعتماد على الآبار في الفلاحة كما تدل الإشارتين السابقتين يعود إلى ضعف أو غياب المياه السطحية ومياه العيون، وعكس ذلك نجد أن هذه الأخيرة في واحة فجيج كانت المصدر الأساسي للمياه وعليها مدار نشاطهم الفلاحي وحاجاتهم اليومية[18].

وهكذا إذن يتضح مدى التنوع الذي تشهده الواحات على مستوى مصادر المياه، بين المياه السطحية من أودية ومجاري عيون وجوفية برع الإنسان الواحي في البحث عنها واستخراجها عبر مجموعة من الوسائل والتقنيات، فما هي أهم هذه التقنيات؟ وما مدى أهميتها بالمجال الواحي؟
2.   أهمية التقنيات المائية بالواحات:

لما كان للبيئة الطبيعية دور هام في التأثيرعلى أشكال الإنتاج والحياة الاجتماعية والسياسية، فإن إنسان الواحات أبدع منذ قرون عديدة في خلق وسائل التحكم في مياه السقي وحسن استغلاله عن طريق حفر الخطارات والآبار لجر المياه الجوفية، وترشيد استغلال مياه الأنهار الجارية وتوزيعها على المستهلكين بشكل دقيق[19].

سبق لأحد الجغرافيين أن أشار إلى أن مستوى الفرشة المائية بالواحات ليس معطى طبيعي بل هو نتاج اجتماعي[20]، فقد جعلت قسوة الظروف البيئية والمناخية بالواحات ساكنتها مؤهلين أكثر من غيرهم لابتكار تقنيات متنوعة لاستغلال المياه الجوفية[21]، فحفروا الآبار وشقوا الخطارات على طول كيلومترات لإخراج المياه[22]، وقد دفع انتشار هذه التقنية بواحات المغرب الشرقي مثلا بعض الباحثين إلى إرجاع أصول خطارات مراكش ليهود الواحات الجنوبية[23].

وحول نظام الخطارة بواحة توات يقول ابن خلدون: "وفي هذه البلاد الصحراوية إلى ما وراء العرق طريقة غريبة في استنباط المياه الجارية. لا توجد في تلال المغرب وذلك أن البئر تحفر عميقة بعيدة المهوى وتطوى جوانبها إلى أن يصلب الحفر إلى حجارة صلدة فتحت بالمعاول  الفؤوس إلى أن يرق جرمها ثم تصعد ألف علة ويقذفون عليها زبرة من الحديد تكسر طبقتها عن الماء فينبعث صاعدا فيعم البئر ثم يجري على وجه الأرض واديا...وهذه الغريبة موجودة في قصور توات وتيكورارين ووركلان وريغ"[24]،  لا شك أن هذا النص يحمل في طياته العديد من الإشارات التاريخية فبقدر ما أنه يتوقف عند طريق حفر الآبار بمنطقة توات وتميزها عن المعمول به في "تلول المغرب"، فإنها ترصد مدى أهمية هذه التقنية في المنطقة ولا أدل على ذلك من شدة الفرح التي تأخذ صاحبها وذلك ما نستشفه من إطعامه الطعام والعطايا التي يبدلها.

ولا شك أن هذه الأهمية التي اصطبغ بها الماء داخل مجتمع الواحات، جعلت منه عنصر تضامن وتكافل  بين ساكنة القصور ومجموع المستفيدين منه، وهو ما ترجم في عدد من المشاريع المائية الكبيرة، والتي كانت تتطلب مجهودات مضاعفة أثناء الإنجاز أو عند الحاجة إلى الصيانة وأعمال الترميم، غير أن التقلبات المناخية وعامل التحولات الديموغرافية جعلت من الماء يتحول في أحيان كثيرة إلى عنصر منافسة ونزاع، إلى الحد الذي أضحى فيه النزاع  حوله إحدى مميزات المجتمعات الواحية.
3.   الصراع حول المياه:

يشكل الصراع حول المياه بالواحات إحدى الخصائص المميزة لتدبير الموارد المائية بشكل عام، وهذا ما تشير إليه العديد من الإشارات التاريخية، فرؤساء قصر بني صبيح أحد أهم قرى وادي درعة حسب الحسن الوزان، تعيش على إيقاع مجموعة من المنازعات والتي تشتد كلما احتيج إلى السقي[25].

يشير مارمول كربخال بدوره إلى قيام سكان المراكز الحضرية الثلاث بإقليم سجلماسة بأعمال تخريبية يتلفون على إثرها قنوات الماء وآلات السقي وقطع الأشجار، ففي كل المدن الثلاث الواقعة بإقليم سجلماسة (تنكنت وتبوعصامت ومأمون) حسب مارمول كربخال، "يوجد حاكم، لأن السكان متغطرسون، لا يحترمون الجار، ولا يخشون إلا القوة، وكثيرا ما يندفعون إلى العصيان، ويقومون بأعمال تخريبية، فيتلفون قنوات الماء، وآلات السقي، ويقطعون الأشجار، ينهبون بعضهم البعض بمساعدة الأعراب"[26].

ويبدو أن المشاكل والصراعات المائية كانت منتشرة بجل الواحات المغربية، وكانت تشتد عندما يقل الماء، وإذا كان النصين السابقين خير شاهدين على هذا الوضع خلال القرن السادس عشر، فإن هذا النوع من المشاكل قد استمر على الاقل إلى أواخر القرن التاسع عشر، فحسب إشارة لشارل دوفوكو فإن مشاكل ناتجة عن نقل الماء كانت تتسبب في نشوء أكثرية الاصطدامات التي تقوم بين بعض قصور دادس، و قد تدوم لفترات طويلة، " إلا أنها لا تكون عنيفة إلا خلال الأيام الأولى من اندلاع النزاعات"[27]، ويؤكد على هذا الأمر الباحث الفرنسي روس إ. دان في دراسته عن المجتمع والمقاومة بالجنوب الشرقي خلال الفترة الممتدة ما بين 1881- 1912، إذ يشير إلى أن "توزيع المياه كان مصدرا لكثير من التوترات والنزاعات المتكررة، وبالخصوص عندما يقل الفيضان، أو عندما تحاول إحدى الجماعات أن تأخذ أكثر من نصيبها"[28]، وقد تتوسع هذه المنازعات لتصبح قضايا ثأر بين المجموعات المختلفة كما هو الحال بالنسبة للقصور الفجيجية حيث يصعب إخماد الصراعات التي تنتج عن محاولة تغيير مجرى المياه أو تحويلها، كما هو الحال بالنسبة لمياه تزدارت[29]، والتي كانت "أساسا للثأر المتواصل بين زناكة والوداغير والعبيدات خلال معظم القرن التاسع عشر"[30].

لقد اعتبر الماء في المجال الواحي – حسب تعبير سعيد بنحمادة- حقا من "حقوق المواطنة"[31]، ونتيجة لأهميته في خلق الوحدات السياسية وتنظيم العلاقات الاقتصادية داخل المجال الواحي[32]، فإن القضاة المحليين يحكمون في القضايا المدنية، "ولكن الجماعة كانت تتدخل فيما يخص حقوق الماء، بدعوى أن ذلك يتعلق بالمصلحة العامة"[33]، فعامل الملكية الفردية للحصص المائية وعامل التشارك في مورد الماء الواحد (خطارة/ ساقية...) دفع بساكنة القصور إلى جعل تدبير شؤونه من الأمور الخاصة بالقبيلة أو جماعة القصر ككل.

هكذا إذن يكون الماء في الواحات مركز الثقل السياسي والاقتصادي، وجوهر التنظيم الاجتماعي، وعلى ما يبدو فإن التوزيع الجغرافي للتجمعات السكانية داخل فضاء الواحات قد ارتبط بعنصر الماء وطبيعة تواجده بها، وعليه فلا يساورنا أدنى شك في أنه احد أهم عوامل نشأة وازدهار ما يمكن تسميته بالمدن الواحية، فكيف تجسد ذلك على أرض الواقع؟ وما هي أهم معالم ارتباط عنصر الماء بهذه الأخيرة؟

المحور الثالث: اختيار موضع المدن الواحية:

تتعدد المحددات الجغرافية لاختيار مواضع المدن، وتبعا لبعض الاعتبارات التي وضعها عدد من الجغرافيين والإخباريين العرب فإن المبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها عند اختيار مواقع المدن هي؛ سعة المياه المستعذبة، إمكان الميرة المستمدة، اعتدال المكان وجودة الهواء، القرب من المرعى والاحتطاب، تحصين منازلها من الأعداء والذعار، أن يحيط بها سور يعين أهلها[34].
فوجود الماء إذن إلى جانب المحراث الطيب، والمحطب القريب، والسور الحصين،تعتبر شروطا أساسية في اختيار مواضع المدن حسب الجغرافيين العرب، وعلى ما يبدو فإن اعتبار وجود الماء يأتي في مقدمة هذه الشروط، إن لم نقل من أهمها على الإطلاق إذ ليس بالإمكان تشييد مدينة في غياب عنصر الماء، ولا يختص هذا الأمر أو الشرط بالمدن العربية فقط بقدر ما أننا نجده من ضمن الأسس التي قامت عليها المدن الأوروبية كذلك وهذا ما نستشفه من نظرية كارل وايت فوجل (karel wittfogel)[35].
يبدو أن مدن واحات المغرب قد استجابت لبعض شروط تأسيس المدن التي أشرنا إليها سابقا، وبالرغم من أننا لا نتوفر على نصوص واضحة حول ظروف اختيار مواضع هذه المدن، إلا أن ما نتوفر عليه من إشارات حول مدينتي "تيسنت" وسجلماسة، كمدينتين واحيتين يفيد على أنهما قد استجابتا لبعض هذه الشروط.

كانت "تيسنت" حسب مارمول كربخال"عاصمة إقليم درعة، ويرجع الفضل في تشييدها إلى البرابر النومديين... شهدت رواجا تجاريا هاما مع السودان والأقاليم البربرية المجاورة وغيرها من المناطق"[36]، فهي إذن مدينة سابقة على ما يفهم من نص الإشارة للوصول العربي الإسلامي للمغرب، وحسب أوصاف شارل دو فوكو الذي زار المغرب في الفترة ما بين 1883 – 1884م، فهي إحدى الواحات الكبرى لصحراء المغرب، توجد في "قعر وهدة جوانبها جبل باني من جهة ومن جهة أخرى حزام تلال صخرية عند الجنوب ورملية عند الشرق والغرب وسط هذه الدائرة يمتد سهل من رمال بيضاء: هنا توجد الواحة، إنها غابة من نخيل يخترقها نهر جميل وبها قصور بارزة عند حاشية المغارس"[37]، ومن خلال هذه الأوصاف يمكن القول على أن المدينة استجابت بالفعل لشرط وجود الماء إذ بها "نهر جميل"، ومحراث رطب كما يستفاد من عبارة "حاشية المغارس"، وقد أهلها موقعها وسط الصحراء في التحول إلى مركز تجاري هام، وهذا ما دفع بالسلطة المركزية إلى تعيين حاكم عسكري بها، إذ حسب مارمول كربخال كانت "تيسنت" "مقر الوالي الذي عينه ملك مراكش، ووضع تحت تصرفه، حامية للسهر على سلامة السكان وحمايتهم من هجمات الأعراب الذين كانوا من قبل، يفرضون عليهم إتاوة هامة"[38].

لا شك إذن أن شرط وجود الماء قد روعي في اختيار مدن الواحات، بل أن ضفاف كل من نهر درعة وزيز وغريس شكلت نقط جذب للاستقرار البشري، فعلى ضفاف درعة مثلا يتوالى حسب الوزان عدد كبير من "القرى والقصور المبنية بالحجر الغير المنحوت والطين..."[39]، كما أن "بجوار النهر على مسافة خمسة إلى ستة أميال عدد لا يحصى من بساتين النخل التي تنتج تمرا غليظا من النوع الممتاز، يمكن أن يدخر سبع سنوات في مستودع دون أن يفسد..."[40]، وعليه فإن شرط وجود الماء والمحرث الطيب وما تشكله أغصان اشجار النخيل من محطب إلى جانب ما تمثله سكنى القصر من تحصين تؤكد على التزام مدن واحات درعة ببعض الشروط التي حددها الجغرافيون العرب للاختيار الأمثل لمواضع المدينة. ولا شك أن مدينة "تيسنت" لم تخرج عن هذه الأوصاف التي حدد بها الوزان التجمعات السكنية بدرعة، وإن كانت تزيد عليها بأهميتها التجارية كنقطة وصل بين بلاد السودان و المغرب، بل وبالتمثيل المخزني كما أشار مارمولكربخال.

يصف ابن حوقل مدينة سجلماسة فيقول: "مدينة حسنة الموضع، جليلة الأهل، فاخرة العمل، على نهر يزيد في الصيف كزيادة النيل في وقت كون الشمس في الجوزاء  والسرطان والأسد، فيزرع بمائة حسب زروع مصر في الفلاحة، وربما زرعوا سنة عن بذر وحصدوا ما راع من زرعه وتواترت السنون بالمياه، فكلما أغدقت تلك الأرض سنة عقب أخرى حصدوه إلى سبع سنين بسنبل لا يشبه سنبل الحنطة ولا الشعير  بحب صلب المكسر، لذيذ المطعم، وخلقه ما بين القمح والشعير، ولها نخيل وبساتين حسنة واجنة، ولهم رطب أخضر من السلق في غاية الحلاوة، وأهلها قوم سراة مياسير يباينون أهل المغرب في المنظر والمخبر مع علم وستر وصيانة وجمال واستعمال للمروءة وسماحة ورجاجة، وأبنيتها كأبنية الكوفة إلى أبواب رفيعة على قصورها مشيدة عالية"[41]، ومن خلال هذا النص تتضح أهمية موضع مدينة سجلماسة وأهمية الماء في ازدهار النشاط الفلاحي بالمدينة، وهذا ما يستشف من نص للعمري حول المدينة، إذ ذكر أن المدينة تتوفر على واحة من النخيل تنتج عددا كبيرا ومتنوعا من التمر الذي يتم تصديره في كل المغرب ... كما كانت لها حقول خاصة بالخضر، وبالرغم من ضعف التربة وعجز السكان فإن القمح كان يعطي سبعة محاصيل خلال سبع سنوات متتالية وباستعمال عملية واحدة فقط[42].

 
المحور الرابع: حول تدبير المياه بالمدينة الواحية:

لقد جعل ابن الربيع سوق الماء العذب إلى المدينة من بين الاعتبارات التخطيطية التي يجب على الحاكم إتباعها عند تخطيط موضعها[43]، فتسهيل وصول الماء العذب إلى سكان المدينة مرتبط في الأساس بتخطيط شبكة توصيل الماء إليها، وذلك عبر حفر القنوات وشق السواقي أو بإنجاز الخطارات وغيرها، حسب نوعية مصدر الماء وقربه أو بعده[44]، وعلى ما يبدو فلم تخرج مدينتا "تيسنت" وسجلماسة عن هذه القاعدة، بالرغم من أن هذا الأمر لم يكن خاضعا بالضرورة لوجود السلطان.

يبدو أن كل من مدينة "تيسنت" وسجلماسة قد استفادت من المياه السطحية في شكل جريان أودية درعة بالنسبة لـ "تيسنت"، وزيز وغريس بالنسبة لسجلماسة، هذا إلى جانب استغلال مياه الفرشة الباطنية عبر حفر الآبار وشق الخطارات.
فحسب شارل دوفوكو تتوفر "تيسنت" على موارد مائية مهمة، إذ "بها نهر كثير الماء خلال جميع فصول السنة، هذا الماء مالح، يفضل الناس شرب مياه الأمطار والتي تحفظ في حفر بعض صخور الجوار، ليس للسكان صهاريج لحفظ مياه الأمطار، يحتوي النهر على كثير من الأسماك، هذه الأسماك وهذه المياه الغنية هي مصدر عدة خرافات"[45].
وعلى ما يبدو فإن المدينة عرفت مجموعة من التقنيات لاستغلال الموارد المائية، وهو ما يظهر جليا من خلال النص التالي لشارل دوفوكو " وقبالة أكدير يحجز المياه سد يتكون عند هذه النقطة خزان طويل الشكل وعميق، تنطلق من هذا الخزان مجموعة سواقي لا تحصى لري كل بقعة أرض... عند كل خطوة نقطع قنوات صرف المياه، يصل عرض عدد كبير من هذه القنوات حتى 2م ويتراوح عمقها ما بين 40 و 50 سم"[46]، ومن خلال هذا النص يمكن الحديث عن عدد من التقنيات المستخدمة لاستغلال المياه بالمدينة، والمتمثلة أساسا في كل من: سد، خزان، سواقي وقنوات لصرف المياه.

ومن جهتها فإن مدينة سجلماسة حسب مارمول كربخال "كان يجلب لها الماء من النهر بواسطة ناعورات خشبية"[47]، وحسب لحسن تاوشيخت فإن المدينة استفادت من مصدرين أساسيين للمياه؛ المياه السطحية، والمتمثلة في جريان وادي زيز وغريس اللذان يستمدان مياههما إما من الأمطار أو من الثلوج التي تسقط فوق جبل العياشي قرب مدينة ميدلت، مياه جوفية والمتمثلة في الفرشة الباطنية الغنية[48].

ويظهر من وصف الحسن الوزان للمدينة على أنها كانت بها سقايات ونواعير تحمل مياه وادي زيز نحو قنوات توصله إلى المدينة[49]، وهو ما يؤكده مارمول كربخال بقوله: "وفي كل حي كانت تتدفق المياه في النافورات والسقايات، وكان الماء يجلب إليها من النهر بواسطة ناعورات خشبية تدور، فتمتلئ أوعيتها بالماء، ثم تصبه في قنوات تفرغه بدورها في مستودعات مرتفعة، ومنها يصب في قنوات أخرى تمر عبر المدينة"[50]، ومن خلال هذه الإشارات يتضح تنوع الأساليب والتقنيات المستعملة في جلب وتصريف المياه بالمدينة، من قبيل السقايات، الناعورات والقنوات ومستودعات للتوزيع.

لم تشر أي من النصوص السابقة لأي تقنية من تقنيات استغلال المياه الجوفية بمدينتي "تيسنت" وسجلماسة اللتين اتخذناهما نموذجين للمدينة الواحية، غير أن ما يختزنه المجال الواحي من بقايا تقنيات مائية، يجعلنا نفترض استعمال عدد منها داخل هاتين المدينتين. وتعتبر تقنيات الخطارات والآبار و"أغرور" من أبرز تقنيات استغلال المياه الجوفية والتي عرفت انتشارا واسعا في المجال الواحي بالمغرب، وليس من المستبعد أن تكون قد استعملت في تزويد المدن الواحية بالماء.

المحور الخامس: الصراع حول الماء والتنظيم الاجتماعي بالمدينة الواحية:

لقد سبق وأشرنا إلى أهمية الماء في حياة المجتمعات الواحية بشكل عام، وكذا دوره في صياغة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية داخل جماعات القصور المشكلة للمجال الواحي[51]، ولعل أبرز مظهر لارتباط الماء بالحياة الاجتماعية في الواحة هو الصراع حوله وما يترتب عليه من قضايا اجتماعية أخرى كالثأر وتخريب القصور... ويبدو أن المدن الواحية بدورها شهدت نفس المشكل.

نظرا لقلة الموارد المائية بمدينة "تيسنت"، حسب شارل دوفوكو فإن الماء شكل أحد أهم أسباب النزاعات والصراعات ما بين القصور الخمسة التي تتكون منها الواحة وهو الأمر الذي نستشفه من خلال النص التالي: "...في بعض الأحيان تنشأ بينهم بعض الخصومات: مسائل حول الماء في كثير من الأحيان"[52]، لا تسمح لنا هذه الإشارة بالوقوف عند شكل هذا الصراع وعوامله، وكيفية تجاوزه من طرف السكان، غير أن ما سبقت الإشارة إليه من خلال إشارات روس إ. دان حول النزاعات المائية بواحة فجيج[53] يسمح لنا بافتراض أن تكون أسباب النزاع حول الماء بمدينة "تيسنت" هي ذاتها نفس العوامل التي تقف وراء الصراعات القائمة حوله بفجيج، والتي اختزلها في:

ـ    الاشتراك في مياه العيون أو الخطارات بين أكثر منم قصر واحد.
ـ    التوزيع غير العادل للماء.
ـ     التزايد الديموغرافي وتزايد الحاجة للماء وما يسببه في محاولة البعض الرفع من حصته المائية[54].

وبدورها شهدت سجلماسة على غرار باقي الواحات صراعات حول المياه، بل أنه ليس من المستبعد أن يكون هذا الصراع من العوامل التي أدت إلى اندثار ما بقي من المدينة بشكل نهائي سنة 1818م[55]، وظهور سوق أبو عام كوريث لنشاطها التجاري، فوجود المدينة في مجال صحراوي تنذر فيه الموارد المائية، جعل من المنافسة حوله أحد أهم مظاهر الحياة الاجتماعية بالمنطقة، فنظرا لمحدودية الموارد الطبيعية وبخاصة المياه، فإن المنافسة كانت تتحول حسب روس إ. دان إلى نزاع مفتوح لا يمكن تهدئته إلا بتدخل طرف ثالث من الوسطاء[56].

وعن أسباب النزعات المتكررة حول المياه يذكر روس إ. دان على أن توزيع المياه يشكل مصدر الكثير من النزاعات، خاصة عندما يقل الفيضان، أو حين تحاول إحدى الجماعات أخذ أكثر من نصيبها، وفي هذا السياق يقول: "ففي سنة 1894، مثلا، قام خليفة تافيلالت بحركة تأديبية، لمنع سكان المقاطعة الشمالية للسيفا من بناء سد على نهر زيز كان الغرض منه تحويل معظم الفيض إلى مجراهم الخاص"[57].

هكذا إذن يتضح أن الماء قد شكل أحد العناصر الأساسية في رسم خريطة العلاقات بين قصور الواحات سواء بدرعة أو تافيلالت أو فجيج، وعليه مدار الحياة بها، وإن كنا لم نعثر على ما يكفي من الإشارات التاريخية التي تسمح لنا بالوقوف عند مختلف أشكال تدبير هذه المادة الحيوية داخل كل من مدينتي "تيسنت" وسجلماسة، فإن ما نصادفه من إشارات هنا وهناك في مختلف المصادر والدراسات التي اهتمت بتاريخ الواحات الشرقية يجعلنا نعتقد في عدم استثناء هاتين المدينتين الواحيتين ("تيسنت" وسجلماسة)، من هذا الوضع، والذي يبدو فيه الماء محركا لكل شيء من أبسط مظاهر الحياة اليومية إلى مظاهر النشاط الاقتصادي وتقلبات المشهد السياسي.

فقد كانت مسألة توزيع نسب الماء - حسب روس إ. دان- حاضرة في سائر العلاقات بين الناس، والعشائر، والقصور، بل وكان لها تأثير قوي في العلاقات السياسية داخل مجتمع الواحة. وفي حين أن القضاة المحليين يحكمون في القضايا المدنية،  فإن الجماعة كانت تتدخل فيما يخص حقوق الماء، بدعوى أن ذلك يتعلق بالمصلحة العامة[58]،  وبدوره يشير أحمد البوزيدي إلى أن التفاوت الحاصل في توزيع مياه وادي درعة بين ساكنة العالية وسافلة الوادي كانت تطرح عدة مشاكل ترجمت إلى صراعات ونزاعات اختلفت حدتها من وقت إلى آخر[59]، وبالتالي طلب وساطة الصلحاء ورجال الفقه للفصل فيها، كما تم الاهتداء إلى وضع قواعد عرفية لتنظيم توزيع مياه النهر بين الطرفين.
يشكل الصراع حول المياه إذن أحد أبرز مظاهر التنظيم الاجتماعي لمورد الماء بالواحات، وهو بقدر ما يعكس أوضاعا مناخية واقتصادية، فإنه يكشف عن مجموعة من  النظم العرفية والعلاقات الاجتماعية، والتي لا يستبعد أن تكون قد عرفتها كل من مدينتي "تيسنت" وسجلماسة.
 
خاتمة:
خلاصة القول، وفي ضوء إشارات مجموعة من المؤرخين كابن خلدون والرحالة الجغرافيين كالوزان ومارمول كربخال فإنه يمكن الحديث عن مجموعة من المدن الواحية كسجلماسة وتيسنت إلا أن هذه المدن تتميز عن نظيراتها من المدن الأخرى نظرا لظروفها المناخية القاسية التي حتمت عليها تنظيما خاصا عكس ما كانت تمتاز به المدن الواقعة بشمال البلاد.

بالرغم من قلة الإشارات الواردة حول هذه المدن الواحية وخاصة فيما يتعلق بظروف اختيار موقعها فإنه ومن خلال بعض الإشارات المتوفرة يمكن القول:
ـ    أن المدن الواحية كنظيراتها من المدن الإسلامية روعي في تأسيسها توفر مورد مائي ( أودية، عيون، مياه جوفية، مياه الفيض).
ـ    أن هذه المدن عرفت مجموعة من التقنيات لتدبيير الموارد المائية حيث عمل ساكنتها على خلق نظام إنتاجي محكم يتميز بالليونة ليضمن استقراره واستمراريته وليواجه مختلف الأخطار والمشاكل التي يمكن أن تحذق به حيث ابتكر تقنيات خاصة لاستغلال مياه العيون والوديان والمياه الجوفية فأقام السدود لتحويل المياه الجارية إلى السواقي لري حقولهم وقاموا بحفر الآبار وشق الخطارات.
ـ     أن الماء ونظرا لقلته كان مصدرا لمجموعة من الصراعات والنزاعات بين سكان المدن الواحية الشيء الذي حث المجتمع الواحي على خلق مجموعة من الأعراف التي تنظم توزيع واستغلال الماء بين السكان.

وهكذا فإن التحكم في الثروات المائية وتنظيم استغلالها أتاح لسكان المدن الواحية (سجلماسة وتيسنت) أن تتعاقب أجيالهم  لقرون عدة إلى اليوم وجعلها تكتسي أهمية خاصة في تاريخ المغرب نظرا للدور الفعال الذي لعبته في ازدهار اقتصاده باعتبارها كانت ممرا للقوافل التجارية. 
 
لائحة المصادر والمراجع:

المصادر:
-      ابن أبي الربيع شهاب الدين أحمد بن محمد،  سلوك المالك في تدبير الممالك، دراسة وتحقيق: ناجي التكريتي، بيروت، منشورات تراث عويدات، ط1، 1978.
-      ابن خلدون عبد الرحمان، العبر وديوان المبتدأ والخبر أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ج7، بيروت، دار الفكر، ط 1981.
-      العمري ابن فضل الله، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، باريس، المطبعة الشرقية، 1927.
-      مارمول كربخال، إفريقيا، ترجمة محمد حجي محمد زنيبر محمد الأخضر أحمد التوفيق  أحمد بنجلون، الرباط، دار المعرفة، 1988-1989.
-      المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم، تقديم وفهرسة: محمد مخزوم، بيروت ، دار إحياء التراث العربي، 1957.
-      النصيبي أبي القاسم بن حوقل، صورة الأرض، بيروت، منشورات دار مكتبة الحياة،  1996.
-      الوزان الحسن، وصف إفريقيا، ترجمة؛ محمد حجي ومحمد الأخضر، ج2، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط2، 1983.

المراجع:
-      احدى امحمد، الإنسان والبيئة بالجنوب الشرقي المغربي من خلال الوثائق والأعراف المحلية، ضمن ندوة: البيئة بالمغرب معطيات تاريخية وآفاق تنموية: منطقة درعة نموذجا، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط 2005.
-      أحمد مزيان، استغلال الماء في الواحات فجيج (فكيك)، ندوة الماء في تاريخ المغرب، الدارالبيضاء، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق، 1999م.
-      أحمد مزيان، تدبير الماء عند سكان الواحات الصحراوية، مجلة دعوة الحق، ع 392، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الرباط، مطبعة الأمنية، 2009.
-      بن حمادة سعيد، أثر البنية القبلية في تدبير النزاعات على الماء بالمغرب والأندلس "المحددات والتجليات"، هيسبريس تمودا، ع 44، 2009.
-      البوزيدي أحمد، التاريخ الاجتماعي لدرعة (مطلع القرن 17- مطلع القرن20) دراسة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال الوثائق المحلية، الدار البيضاء، آفاق متوسطية، 1994.
-      تاوشيخت لحسن، واحة تافيلالت بين الأمس واليوم، المجال والمجتمع بالواحات المغربية، مكناس، سلسلة ندوات 6 جامعة المولى إسماعيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 1993.  ص ص 7-34.
-      روس إ. دان،  المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881- 1912)، ترجمة أحمد بوحسن، منشورات زواية، 2006.
-      شارل دوفوكو، التعرف على المغرب 1883-1884 الرحلة 1، ترجمة المختار بلعربي، الدار البيضاء، دار الثقافة ط1، 1999.
-      الشرقاوي أحمد، المصطلحات الخاصة بأنظمة السقي بسهل تافيلالت، مجلة البادية المغربية: الماضي – الحاضر- المستقبل، ع4 –السنة الرابعة 2011، ص ص 121-127.
-      عبد اللوي علوي أحمد: مدغرة واد زيز إسهام في دراسة المجتمع الواحي المغربي خلال العصر الحديث، ج1، المحمدية، مطبعة فضالة، 1996.
-      علوي حسن حافظي، سجلماسة وإقليمها، الرباط، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1997.
-      علوي حسن حافظي: مادة تيومتين، معلمة المغرب –ج8-، المعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 2003.
-      علوي محمد  أمراني، تافيلالت: التاريخ، الإنسان، المجال،  منشورات مؤسسة الأمين للتنمية، الراشيدية، مطبعة الودغيريون، ط1، 2011.
-      محمد عبد الستار عثمان، المدينة الإسلامية، الكويت، عالم المعرفة، ذو الحجة 1408هـ/أغسطس- أب 1988م.
-      ميتز آدم، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ترجمة  محمد عبد الهادي أبو ريدة، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الخامسة. 2000.
 
[1]- روس إ. دان، المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي (المواجهة المغربية للأمبريالية الفرنسية 1881- 1912)، ترجمة أحمد بوحسن، منشورات زواية، 2006. ص 44.
[2]- الوزان الحسن، وصف إفريقيا، ترجمة؛ محمد حجي ومحمد الأخضر، ج2، بيروت، دار الغرب الإسلامي، الرباط، الشركة المغربية للناشرين المتحدين،  1983. ص 121.
[3] - الوزان الحسن، وصف إفريقيا، المرجع السابق، ص 127.
[4]- أطلق على نفس المجال اسم "تافيلالت" وأقدم إشارة بهذا الخصوص تعود حسب محمد امراني علوي، إلى عبد الرحمان ابن خلدون، في مؤلفه العبر  وديوان المبتدأ والخبر، ج6، ص 77- 87- 89، بالرغم من أن الرواية الشفوية حسب نفس الباحث تعود بهذه التسمية إلى فترة مبكرة لقدوم المولى الحسن بن القاسم إلى المنطقة، والذي قدم للسكان المحليين طرق جديدة لتنمية إنتاج فلاحتهم، مقابل منحه ربع الإنتاج، غير أنهم نقضوا الاتفاق "فقال لهم "أوفوا" فكان جوابهم "لالا"، وعند تركيب الكلمة أعطت "أوفو لالا"، وحتى تتلاءم والنطق الأمازيغي اضيفت لها التاء في البداية والنهاية لتصبح "تافيلالت" (انظر؛ علوي محمد  أمراني، تافيلالت: التاريخ، الإنسان، المجال، ص ص 8-9) غير أن الاستاذ حسن حافظي علوي، يذكر رواية أخرى ترجع اصل كلمة تافيلالت إلى  منطقة "فيلال" بالجزيرة العربية، وأن استعمال هذه الكلمة قد شاع مع قدوم الهلاليين إلى بلاد المغرب بفضل عرب الصباح الذين استقروا في منطقة تيزيمي والجرف بإقليم سجلماسة، بعد أن رافقوا الهلاليين في طريقهم نحو الغرب. ( انظر؛ علوي حسن حافظي، سجلماسة وإقليمها، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الرباط، 1997، ص90).
[5]- محمد عبد الستار عثمان، المدينة الإسلامية، سلسلة عالم المعرفة، ع128- ذو الحجة 1408هـ/أغسطس- أب 1988م، ص 17.
[6]- محمد عبد الستار عثمان، المدينة الإسلامية،  نفس المرجع السابق، ص17.
[7]- ميتز آدم، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ترجمة  محمد عبد الهادي أبو ريدة، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الخامسة، 2000. ص 268
[8]- المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم، تقديم وفهرسة: محمد مخزوم، بيروت ، دار إحياء التراث العربي، 1957. ص 54.
[9]- الوزان الحسن، وصف إفريقيا، المرجع السابق، ج2، ص120.
[10] -  تيومتين: حاضرة درعة وقاعدتها في القرن الخامس (11م)، كانت مبنية على مشرف من الأرض حتى لا تأتي عليها فيضانات وادي درعة في فصلي الشتاء والربيع، وهي عاصمة إدريسية حكمها علي بن أحمد بن غدريس بن يحيى بن غدريس الأزهر، وبها مسجد جامع وأسواق ومتاجر حسب ما ذكره البكري (أنظر علوي حسن حافظي: مادة تيومتين، معلمة المغرب –ج8-، المعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 2003. ص 2769.
[11]- مزيان أحمد ، استغلال الماء في الواحات فجيج (فكيك)، ندوة الماء في تاريخ المغرب، منشورات  كلية الآداب والعلوم الإنسانية،عين الشق، الدار البيضاء، 1999م. ص 118.
[12]- هي الفترة التي يكون فيها واد زيز في حالة فيضان بعد تهاطل الأمطار في عاليته وتكون السواقي والأودية الفرعية المنحدرة منه مملوءة، وهي تدخل ضمن المياه العامة وتوزع بشكل منظم باعتماد مبادئ الشريعة الاسلامية في إطار حق العالية على  السافلة، كما يمنع بناء أي سد تحويلي إضافي ولا الرفع من مستواه...( انظر؛ الشرقاوي أحمد، المصطلحات الخاصة بأنظمة السقي بسهل تافيلالت، مجلة البادية المغربية: الماضي – الحاضر- المستقبل -ع 4-، 2011. ص ص121-122).
[13]- الوزان، وصف إفريقيا، المرجع السابق، ص 118.
[14]- كربخال مارمول ، إفريقيا-ج3-،ترجمة محمد حجي محمد زنيبر محمد الأخضر أحمد التوفيق  أحمد بنجلون،الرباط، دار المعرفة، 1988-1989. ص 152. وحسب الوزان فقد بنيت المدينة في سهل على واد زيز، والذي يضيف أنها خربت بشكل تام  وتفرق سكانها في القصور. (انظر؛ الوزان الحسن، وصف افريقيا، المصدر السابق، ج2، ص ص 127- 128).
[15]- روس إ. دان، المجتمع والمقاومة...، المرجع السابق، ص 93.
[16]- الوزان الحسن، وصف إفريقيا، المرجع السابق، ج2، ص 116.
[17]- كربخال مارمول ، إفريقيا ج3، المرجع السابق، ص 163.
[18]- مزيان أحمد ، تدبير الماء عند سكان الواحات الصحراوية، مجلة دعوة الحق، ع 392، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الرباط، مطبعة الأمنية،  2009. ص 69.
[19]- مزيان أحمد،  تدبير الماء عند سكان الواحات الصحراوية، المرجع السابق، ص 67. (ص ص 67-77)
[20]- احدى امحمد، الإنسان والبيئة بالجنوب الشرقي المغربي من خلال الوثائق والأعراف المحلية، ضمن ندوة: البيئة بالمغرب معطيات تاريخية وآفاق تنموية: منطقة درعة نموذجا، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط 2005.ص 199. نقلا عن: .Attia (H) , Au cours des journées sur l’Afrique, Grenoble, 1971
[21]- عبد اللوي علوي أحمد: مدغرة واد زيز إسهام في دراسة المجتمع الواحي المغربي خلال العصر الحديث، ج1، المحمدية، مطبعة فضالة، 1996، ص 102.
[22]- احدى امحمد، الإنسان والبيئة بالجنوب الشرقي المغربي من خلال الوثائق والأعراف المحلية، المرجع السابق. ص 199.
[23]- يذهب مولان (Molin)- حسب ما ورد عند حسن حافظي علوي -إلى أن ظهور تقنية الخطارة بالمغرب يعود فيه الفضل إلى العنصر اليهودي، وذلك أن عبيد الله بن يونس، اسم انفرد به المسيحيون واليهود دون المسلمين، وأن هذه التقنية لم تكن مستعملة بالأندلس على نطاق واسع, وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بأن يونس يهودي وليس نصراني، وأنه جلب هذه التقنية من مناطق الصحراء،لأن قبائل التوارك يستعملون كلمة إيفليك مقابل لكلمة خطارة، ويوجد بتوات وكوارة عدد منها، وهذا ما يؤكد أنها دخلت مراكش وتافيلالت عن طريق يهود هذه المناطق. (انظر؛ حسن حافضي علوي، سجلماسة وإقليمها، مرجع سابق، ص76)، ونفس الأمر يذكره هنري كوبلوا (Goblot Henery) في مؤلفه:
-les quanates, une technique d’accusation de l’eau, Mont on édition, Paris, le Hay, New Yourk, P. 152.
[24]- ابن خلدون عبد الرحمان، العبر وديوان المبتدأ والخبر أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ج7، بيروت، دار الفكر، 1981. ص ص 77-78.
[25]- الوزان الحسن، وصف افريقيا، المصدر السابق، ج2، ص119.
[26]- كربخال مارمول ، إفريقيا، المصدر السابق، ج3، ص 152.
[27]- شارل دوفوكو، التعرف على المغرب 1883-1884 الرحلة 1، ترجمة المختار بلعربي، دار الثقافة الدار البيضاء، ط1، 1999، ص 289.
[28]- روس إ. دان، المجتمع والمقاومة...، المرجع السابق، ص 94
[29]- تزدارت تعتبر من أكبر عيون واحة فجيج، توجد في الحافة العليا من الجرف غرب الوادغير حسب روس إ. دان، المرجع السابق، ص 106.
[30]- روس إ. دان، المجتمع والمقاومة..،المرجع السابق، ص 107
[31]- بن حمادة سعيد، أثر البنية القبلية في تدبير النزاعات على الماء بالمغرب والأندلس "المحددات والتجليات"، هيسبريس تمودا،ع 44، (2009)، ص 42.
[32]- روس إ. دان، المجتمع والمقاومة...،المرجع السابق، ص 105.
[33]- نفسه،  ص 105.
[34]- ابن أبي الربيع شهاب الدين أحمد بن محمد،  سلوك المالك في تدبير الممالك، دراسة وتحقيق: ناجي التكريتي، بيروت، منشورات تراث عويدات ، ط1، 1978، ص 118.
[35] - وفحوى هذه النظرية أن نشأة المدينة ارتبطت بالحاجة إلى تنظيم استغلال الماء، وتنظيم أعمال الري، وقيام مشروعاته التي تحتاج بدورها إلى إدارة تنظم هذه الأعمال، وعلى قيام إنشاءات لاستغلال الماء في الزراعة، وتطلب هذا الأمر منجهة أخرى اهتماما بالتقويم، وكان هذا التقويم مرتبط بتوقيت صدور الماء، وتعززت هذه النظرية بنشأة الحضارات القديمة في أحواض الأنهار في الصين والعراق ومصر وغيرها. (انظر؛ محمد عبد الستار عثمان، المدينة الإسلامية، المرجع السابق، ص 49).
[36]- كربخال مرمول، إفريقيا، المرجع السابق، ج3، ص147.
[37]- دوفوكو شارل، التعرف على المغرب...، المرجع السابق، ص 161.
[38]- كربخال مارمول، افريقيا، المرجع السابق، ج3، ص 141.
[39]- الوزان الحسن، وصف افريقيا، المرجع السابق، ج2، ص118.
[40]- نفسه، ص119.
[41]- النصيبي أبي القاسم بن حوقل، صورة الأرض، بيروت، منشورات دار مكتبة الحياة، 1996. ص 92.
[42]- العمري ابن فضل الله، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، باريس، المطبعة الشرقية، 1927. ص 210.
[43]- ابن أبي  الربيع،  سلوك المالك في تدبير الممالك، المرجع السابق، ص 154.
[44]- عبد الستار عثمان، المدينة الإسلامية، المرجع السابق، ص 112.
[45]- دوفوكو شارل، التعرف على المغرب، المرجع السابق. ص ص 161-162.
[46]- نفسه، ص 162.
[47]- كربخال مارمول ، إفريقيا، المرجع السابق، ج3، ص 154.
[48]- تاوشيخت لحسن، واحة تافيلالت بين الأمس واليوم، المجال والمجتمع بالواحات المغربية، سلسلة ندوات 6 جامعة المولى إسماعيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مكناس، 1993، ص 10.
[49]- الحسن الوزان، وصف إفريقيا، المرجع السابق، ج2، ص 127.
[50]- كربخال مارمول، إفريقيا، المرجع السابق، ج3، ص 154.
[51]- فمثلا يعتبر روس إ. دان على أن الصراع حول مياه عين تزادرت قد سيطر على العلاقات بين القصور طوال القرن التاسع عشر. (انظر؛ روس إ. دان، المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي، المرجع السابق، ص ص 106-107).
[52]- دوفوكو شارل، التعرف على المغرب، المرجع السابق، ص 169.
[53]- تشبه وضعية الموارد المائية بواحة فكيك مثيلتها بمدينة "تيسنت" حيث أن كل منهما تتواجد في منحدر محاط بوحدات تضاريسية مرتفعة عنه من جهات ثلاث، كما أنهما تستفيدان من مياه العيون إلى جانب مياه أودية درعة بالنسبة لـ"تيسنت" وزوزفانة بالنسبة لفجيج. (انظر؛ شارل دوفوكو، التعرف على المغرب، المرجع السابق، ص 161، بالنسبة لـ "تيسنت" وروس إ. دان المجتمع والمقاومة بالجنوب الشرقي...، المرجع السابق، ص 100، بالنسبة لفجيج).
[54]- روس إ. دان،  المجتمع والمقاومة، المرجع السابق، ص ص 105-111.
[55]- روس إ. دان،  المجتمع والمقاومة، المرجع السابق، ص 117.
[56]- نفسه، ص 98.
[57]- نفسه، ص94.
[58]- روس إ. دان،  المجتمع والمقاومة، المرجع السابق، ص 105.
[59]- البوزيدي أحمد، التاريخ الاجتماعي لدرعة (مطلع القرن 17- مطلع القرن20) دراسة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال الوثائق المحلية، الدار البيضاء، آفاق متوسطية، 1994. ص ص 34-35.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟