قراءة في كتـــاب النقـد المـزدوج لصاحبه عبد الكبير الخطيبي "القسم الثاني من الكتــاب" ـ ياسين إيزي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse08012إن هذا المقال حدد لنفسه هدفا هو استخراج مضامين القسم الثاني من كتاب النقد المزدوج/Double Critique، و بها وعليها سنسير لاكتشاف المحتوى الفلسفي لفكر عبد الكبير الخطيبي، الذي وبالرغم من تصنيفه في عداد السوسيولوجيين، إلا أن فلسفــته تقوم على مرتكزات فلسفية صلبة، وبذلك سنسعى إلى تفكيك خطابه من أجل تبين هذه الأسس كما فعل هو ذاته من خلال تفكيك التراث الذي انطلق منه معظم المفكرين العرب عموما والمغاربة خصوصا من أجل الكشف عن أسسه الميتافيزيقية واللاهوتية، وعليــه فإن محـاور هذا العرض ستعرض بشكـل مقتضب ومركز فيما يخص أهم الأفكــار الواردة في القسم الثاني "علاقة ماركس باليهود، الماركسية ضد الصهيونية، وسوسيولوجيا المغرب والعالم العربي".

1-القراءة الماركسية و الفرويدية للمسألة اليهودية من منظور الخطيبي:
"إن اليهودي لن يتحرر إلا بعد تحرره من اليهودية"
كارل ماركس، المسألة اليهودية

بعد أن فكك د. الخطيبي التراث العربي أو ما يسمى بالأنــا وبين أن الوحدة والأصـل في ما يسمى الهوية العربية مجرد مفهومان ميتــافيزيقيان يستندان تارة علنا (الأصولية) وتارة ضمنيا (التاريخانية) لأساس لاهوتي هو النص القرآني، يذهب الآن إلى تفكيك خطــاب الوحدة والأصل لدى الآخر الذي ندعوه الغرب ممثلا في المسـألة اليهودية/La question juive ، معتمدا على المنظور المــاركسي و الإختلافي على حد سواء، فقد نجد نقطة تماس ما بين فلاسفة الاختلاف والماركسيين فيما يسمى بالمسألة القومية عمــوما، وعليه فإن أهم خلاصة نظرية يجب أن نتلمسها بعد الإنتهاء من هذا المحور هي: لمــاذا تطرق الخطيبي بالذات للرؤية الماركسية والفرويدية؟


إن أول ما ينطلق منه الخطيبي في هذا الصدد هو مســاءلة مـا إذا كان كارل مـاركس مناهضا لليهود، فعلى غرار المسيح وفرويد تعتبر الإيديولوجية الصهيونية ماركس من اليهود الخونة، وهي فكرة قد سبق وأن أشـار إلبها اسحــاق دويتشر في كتابه "اليهودي اللايهودي" بتصنيفه لعديد من الشخصيات البارزة التي يعتبرها الصهاينة من اليهود الهراطقة و هم اسبينوزا، هاين، ماركس، روزا لوكسمبرغ، تروتسكي وفرويد[1]، ويعتمد الخطيبي في نقده لهذه الوحدة الوهمية بالسخرية، فهذه الأخيرة في نظره السلاح النقدي الوحيد الذي تمقته الوثوقية الدينية، فكما يقول الخطيبي فهو يستقبل فكــرة أحد منظري الصهيونية " روبير مسراهي" والقائلة بأن ماركس أجرم في حق اليهود وأسهم في اضطهاد ونقولها تجاوزا العرق اليهودي من طرف النازية ، وعليه فإن بداية إجرام ماركس بحسبه بدأت بإصداره لكتــاب "المســألة اليهودية" والذي عالج فيه وضعية اليهود من خلال المنظور الطبقي، وهو المنظور الذي سار الخطيبي على دربه، فالاستعمـــال التعسفي لهذا النص من طرف مسراهي بحسب الخطيبي نــاتج عن الاستلاب المولد للإيديولوجية الصهيونية، فهذه الأخيرة هي الوعي الشقي لليهودية ومفهوم الوعي الشقي مفهوم مركزي في تحليلات الخطيبي إذا لا بد من الوقوف على هذا المفهوم الهيجيلي الوارد في كتاب فيمينولوجيا الروح بمعنة الاغتراب/الاستلاب من حيث هو تساند الوظيفي بين السلب والمعرفة ، والسلب والحرية[2]، إذ أن هذا الوعي  " يكبح الوعي الذاتي ملاذه أو لا يبالي بها حينما يكشف عن الحرية البسيطة لذات " فالروح المستلب هو الذي يجعل طبيعة وعي الإنسان دو طبيعة منقسمة ومجزأة و مجرد كائن متضاد.[3] من هنا كان عدم تجـــاوز هذا الوعي يؤدي بلغة ماركسية إلى انعطافة يمينية، ويقف الخطيبي مدافعــا عن مـــاركس بــاعتباره تجــاوز هذا الوعي الشقي وذلك بتجنبه للذاتية في معالجة المسألة الدينية التي تشكل جوهر المســـألة اليهودية خصوصا في نقد فلسفة الحق لهيجل ولا عجب أن نجد أن كلا النصيين "المسألة اليهودية ونقد ف .الحق" نشرا في عام واحد، والأطــروحة في كلا النصين كانت وفية لنظرية الصراع الطبقي، باعتبــار الدين هو ذاك الوعي المقلوب الذي يمثل زفرة الانسان المضطهد أي أفيونه، وبحسب الخطيبي فإن نقد ماركس للدين ولما يسمى العرق اليهــودي جعل الصهيونية تكرهه بالتالي فإن الإيديولوجيا الصهيونية ستقوم كمناهض رئيس لنظرية الصراع الطبقي بما هي أســاس ذلــك النقـــد، فهذه النظــرية هدمت هذه الكلية الوهمية بمـــا هي فكـــرة ميتافيزيقية، والتصور الميتافيزيقي يجب استيعابه هنا أي في هذا السيــاق ماركسيا باعتباره لا علميا أي لا جدليا وهذه هي الفكرة الرئيسة على اعتبار أن التحليل الجدلي يستوعب المتناقضــات والتغير بالتالي فهو لا يقوم على مفاهيم الهوية، الأصل، الوحدة والكل المتجانس، فإذ ماركس ينطلق من تحليل ونقد علمي للمجتمع والاقتصاد بهدف هدم الوعي الزائف/المقلوب أي تجاوز الاستيلاب فهو إذ يضع الديانة اليهودية بمصاف باقي الديانات والبنى الفوقية فهو لا يقيم لها تميزا، هذا التميز الذي تنادي به الصهيونية، ومثلمـا هو الحال مع ماركس فكذلك الحـال مع فرويد في كتـــاب موسى والتوحيد بكشفه عن الأسس النفسية لتشكل الديــانة اليهودية والتي تمثلت في العصاب وكذا نزع الهوية العبرانية عن موسى وكشفه لأصله المصــري، فلقد ظل فرويد وفيا لنظريته التي تنطلق (من معالجة موضوعية) لا دخل للتصورات والمعتقدات اليهودية فيهـا، من كان فرويد بالنسبة للخطيبي قد حذا حذو ماركس في نزعه للصورة الميتافيزيقية/التقديسية عن الديانة اليهودية وإن كــان قد أخذ بمنهج التحليل النفسي. أمـــا الآن فسننتقل مباشرة إلى المحور الثــاني.
 
-المـــاركسية كمهدم للإيديولوجيا الصهيونية:

بالرغم من أننا تلمسنا في المحور السابق ولو جزئيا جوهر الإشكال الذي تطرحه الإيديولوجيا الصهيونية، فإن تبيان الخطيبي لنقض الماركسية للصهيونية سيكــون له أيضا تبعـات على مستوى المســألة الفليسطينية. والتصور الميتـــافيزيقي لهـــا أيضا من حيث اعتبـــارها لدى الأصوليين قضية عقائدية أو لدى القوميين قضية وطنية، فكلا الطرفين يشتركان في نقطة الوحدة والأصل والمركـز، فالخطيبي يؤكــد تتبع التسلل المنطقي لنظرية الماركسية الثورية يؤدي بنا بالضرورة إلى هدم البنيات الصهيونية والضاء على دولة إسرائيل فهو  يقـــول:

 

"فكمــا أن المــاركسية الثورية تأخذ على عاتقها تحطيم التشكيلة الرأسمــالية-الإمبريالية وتقضي عليها كي تحقق أهدافها هي، فإن التحليل المنطقي يؤدي بنــا إلى هد البنيـــات الصهيونية والقضاء على دولة إسرائيل، ولا يتعلق الأمر أبدا بإبادة الشعب اليهودي وإنما بتحطيم نظــام سيطرة سياسية وعسكرية."[4]
وهو قول سنقوم بقسمه إلى قسمين  وإن كان ارتباطهما جدليا، أما القسم الأول فهـــو أن التتبع للتسلل المنطقي للمــاركسية يؤدي إلى تحطيم دولة إسرائيل فذلك لتناقض الماركسية مع الإمبريالية تنــاقض أساسه النظر إلى التاريخ من حيث هو صراع طبقات ومادامت الرأسمالية ذات طابع دولي من حيث هي نظام اقتصادي فإن الصراع الطبقي يكون أيضا على المستوى الدولي ولا يخص دولا معينة في حد ذاتها، أمــا القسم الثاني فهو عدم تعلق الأمر بإبادة الشعب اليهودي بل بنظام اقتصادي مما يعني أن هذا الشعب بدوره خاضع لمقولة الصراع الطبقي، وهو ما سيتناقض مع مقولة أن القضية الفلسطينية قضية عقائدية أو وطنية، وخصوصا العقائدية، إذ أننا إذا عممنا بحسب الخطيبي هذا الصراع لا يجب استثناء الشعب الفلسطيني، من هنا كان تصور القضية الفلسطينية قضية عقائدية يقابل نظرة ميتافيزيقية بنظرة ميتافيزيقية أخرى، فاليهودي الذي يتبنى الماركسية يجد نفسه مناهضا لدولة إسرائيل، والمسلم إذا ما تبنى المــاركسية يجد نفسه مناهضا لإبادة اليهود أو القذف بهم في البحر، فلا يمكن مواجهة نظرة ميتـافيزيقية بنظرة أخرى مساوية لها "الشعب المختــار، وخير أمة أخرجت للناس".

يقــول د. الخطيبي:

"إن القضية التي سأدافع عنها هي أن تعميم الصراع الطبقي في الشرق الأوسط هو وحده الكفيل بأن يخلص الصهيونية و الفلسطينيين معا من المشكلة الوطنية. و هذه هي الأطروحة التي دافع عنها تروتسكي و هي التي يدافع عنها اليوم دويتشر"[5]
من هنا يتبيـــن بجــــلاء نقد الخطيبي المزدوج ودعوته لتجـــــــاوز الجــــوانب الميتافيزيقية اللاهوتية في التراث كان غربيــا أو  عربيـــا، من حيث هي جوانب لا علمية أي لا تقـــرأ من حيث تــاريخيتها وتغيرها بل تقـــرأ من حيث هي تشكـــل هوية وأصلا ومركزا كمـا في قراءة العروي الإيديولوجية على حد قول الخطيبي وقراءة الجـــابري.

3-خلاصة المحورين النظــــرية:

يجب فهم قراءة الخطيبي المـاركسية للمســألتين اليهودية والفلسطينية من منظوره الإختلافي الذي يمــارسه دون أن يعلن عنه، فمقولة الصراع الطبقي قـــادرة على احتـــواء القضية القومية والدينية فهي لا تقوم على اعتبارات معيارية أخلاقية تعلي من شأن قومية على حساب قومية أخرى، بل تنظر  من منظور أممي يعي القوميات المضطهدة، قد يتســاءل ســائل ويقول: أوليس تعميم الصراع الطبقي بدوره يسقط في الكلية الميتافيزيقية التي أشار إلها الخطيبي؟ إن الخطيبي يعي جيدا خطــابه، فتعميم الصـــراع الطبقي "البرجوازي-البروليتاري" منبثق من تعميم  نمــط الإنتـــاج الرأسمــالي بما هو نمط الإنتــاج المهيمن تتواجد إلى جانبه أنماط إنتاج أخرى غير مهيمنة،  فهذا التعميم يخص مرحلة تاريخية معينة من هنا كــانت نظرية الصراع الطبقي تعي تاريخيتها وتغيرهـا، وقد نسمع تساؤلا آخر قائلا: أوليس الصراع الطبقي من حيث هو محرك التاريخي قولة ميتافيزيقة تحكم بنظرة شمولية؟ إن في هذا السؤال مغالطة كبيرة بحيث أن الصراع الطبقي هو محرك تاريخ المجتمعات الإنسانية لا التــاريخ، فالشرط الأولي لوجوده هو وجود طبقات إجتماعية وشرط وجود طبقات إجتمـاعية هو وجود المجتمع وشرط وجود المجتمع هو وجود أنماط إنتاج، أي انتاج جماعي وتدبير لذاك الإنتاج، من هنا نسبية الصراع الطبقي. من جهــة أخرى فإن رفض الخطيبي ميتافزيقية التراث لا يعني بتاتا إقصاء التراث أو طرده أو عدم دراسة الميتافيزيقا بل يقصد بذلك إعتبار ذلك التراث يشكل هوية معينة ووحدة متجــانسة، إن هذه الرؤية بحسب الخطيبي تؤدي إلى إما إحداث قطيعة معه بشكل نهائي في سبيل الوصول حداثة الآخر أو التعاطي معه كموطن لحداثة أخرى خاصة أو انتقاء الجوانب الصالحة، إن كل هذه القراءات تقوم بشكل ضمني وعلني بالتأكيد أصل واحد، فحين أن طرد اللاهوت من التراث أي طرد الوحدة يعني التعامل معه في تاريخيته ونسبيته كجزء من تراث التاريخ البشري ساهم فيه الكل، فلا وجود لمركز أو لأصل أو هوية صـــافية نقية، إن الآخر يشكل جزءا منا ونحن نشكل جزءا من الآخر بفهم جدلي، إن رفض ديريدا لما يسمى الوطنية هو ما يرفضه الخطيبي بالضبط، فقراءة التراث بالثالوث الميتافيزيقي الوحدة الأصل الهوية الصافية من أجل الوصول إلى الحداثة أو الحفاظ على الوضع الحالي يقع على حساب هويات أخرى، من هنا السقوط في ما يسمى صراع القوميات والحضارات وعدم تقبل الآخر أو عدم تقبل الأنا. ونستحضر هنا لتعزيز قول الخطيبي مقتطفا من الإلياذة:

يابن توديوس: لم تسأل عن نسبي؟
فنسب البشر متعدد تعدد نسب أوراق الشجر
والريح تبعثر الأوراق على الأرض، لكن الشجر الحي
يكتسي بالورق من جديد عند عودة الربيع
وهكذا ينبت جيل جديد من البشر مع موت جيل قديم...[6]

أمـــا الآن فننتقل إلى المحور القادم الذي يتناول سوسيولوجيــا الخطيبي.

4-حول السوسيولوجيا بالمغرب والعالم العربي:

وجب العلم أن الكتابة السوسيولوجية من حيث هي ممارسة بالنسبة للخطيبي ما هي إلا الوجه العملي لنقده المزدوج،  ففي نظره تتمثل المهمة الأساسية للسوسيولوجيا في العالم الثــالث في التفكيك، تفكيك الكليات الميتافزيقية بحيث يقول:

أ‌-   تفكيك المفهومات الناتجة عن المعرفة السوسيولوجية والكتابة السوسيولوجية اللتين كانتا تتكلمان باسم العالم العريي ويغلب عليهما الطابع الغربي وايديولوجيته المتمركزة على الذات.
ب‌- وفي الوقت ذاته نقد للمعرفة والكتابة السوسيولوجية اللتين أنجزتهما مختلف مجتمعات العالم العربي حول ذاتها.

 

مفاد ذلك هو نقد كافة الكتابات والمعارف السوسيولوجية التي تنطلق من الإنغلاق على الذات واعتبار هذه الذات قائمة بذاتها، إننا كما رأينا في المحاور السابقة فالخطيبي يؤكد على النسبية التاريخية وتقبلنا لهذه النسبية يعني بالضرورة عدم الانطلاق من مركز أصل غرب/عرب، إن الوعي بهذه النسبية والتغير التاريخيين هو  سيجعل السوسيولوجيا تحيط على أحسن وجه بالفرضيات العلمية.[7]  فحتى مفهوم نمط الانتاج الآسيوي الذي يطرحه ماركس بالنسبة لبعض المجتمعات  ما قبل الاستعمار ، يعتبره الخطيبي مفهوما مبهما غير دقيق وهذا لا يعني رفضه بل السير في الدرب العلمي بالتدقيق والتحديد إنطلاقا من تفكيك أنساق الصراع في هذه المجتمع وتحديد النسق المهيمن دون نكران الأنساق الأخرى ففي المغرب على سبيل المثال يذكر الخطيبي عدة أنساق من بينها: النسق الأبوي، القبلي، الرأسمالية الحرفية، نسق الأسياد، النسق المخزني وهذا الأخير هو المهيمن، إن الواجب على السوسيولوجيا لكي تسير  بخطوات ثابتة نحو العلمية هو رفضها لميتافيزيقا الكليات المؤدية لصراع الذوات مثـال  تعتبر بعض الدراسات الغربية أن الغرب ذات،أصل، مركز  في مواجهة  آخر، فرع، هامش،  والشيء ذاته بالنسبة لبعض الدراسات العربية تعتبر أن العرب ذات، أصل، مركز في مواجهة آخر، فرع، هــامش

أو إذا قمنا بخلط الأوراق نقول: دراسات عربية تعتبر أن العرب ذات، فرع، هامش في مواجهة آخر ،أصل، مركز وهكذا، وعليه فإن الخطيبي يعرض الفكرة نفسها عند ديريدا بخصوص الإثنولوجيا بضرب نموذج  علم اثنولوجي أوروبي منغلق على الذات، من هنا كان هذا المثال يؤكد الحاجة إلى تفكيك هذا التراث وليس توحيده إنطلاقا من كليات ميتافيزيقية مثـــال اعتباره تراثا عربيا إسلاميا أصيلا، إن مثل هذه التسميات يجب تجاوزها وإن ظلت فيجب أن تظل على مستوى الإسم للتمييز  وليس كمنطلق هوية للقراءة، أما الفرضية الثانية التي ينطلق منها الخطيبي هي اعتبار الكتابة السوسيولوجية كتابة للتــاريخ والعلم والإيديولوجيا، فيجب أن تراعي الكتابة الوقائع المادية في تاريخيتها وبالنسبة للمؤسسات الاجتماعية، العلم بحيث تحاول أن يكون لها أساس ولغة مستقلة لها منطقها الخاص في سيرها وتغيرها وتحولها، والإيديولوجيا من حيث أن كل كتابة علمية تكون معها إيديولوجية موازية.[8]

5-خلاصـــة عـــامة:

إن أول خلاصة وجب الخروج بها هي إمكـــانية تكــامل مناهج الدراسة، فلقد عبر بحق الخطيبي كيف يمكن للمنهج التفكيكي أن يتكامل مع المنهج الماركسي في الدراسة السوسيولوجية ويقومه علميا حتى لا يسقط في الكليات الميتافيزيقية، من جهة أخرى فإن قراءة الخطيبي تنحو نحو الوصول إلى المنظور العلمي على مستوى الدراسة وتنحو إلى نزع المركزية عمن يمركز ذاته طوعا للتـأكيد على حضور القوميات الأخرى، غير أن الجميل في قراءة الخطيبي هي أن دفاعه الهامش الأقليات المضطهدة لا ينحو نحو جعلها مركزا وجعل من يدعي المركزية هامشيا بل يذهب إلى المســاواة من هنـا يمكن أن نتلمس أمميته على غرار ديريدا، إن مســـألة المركز والهامش المقدس والمدنس من بقايا الفكر القروسطية اللاهوتية التي أتى العلم وطرح بها بعيدا، إن الخطيبي يقدم نقدا مزدوجا نقدا يمهد الطريق للكونية لا لخصوصية على حساب خصوصية أخرى أو خصوصية باعتبارها ندا لخصوصية أخرى.
 
ياسين إيزي، جــــامعة مولاي إسماعيل، المدرسة العليا للأساتذة-مكناس

[1] - دويتشر إسحاق، اليهودي اللايهودي، ترجمة ماهر كيالي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر-بيروت، ص10
[2] http://www.ssrcaw.org/ar/print.art.asp?aid=70203&ac=2
[3] Ibid.
[4] الخطيبي عبد الكبير، النقد المزدوج - دار العودة، بيروت- الفصل الرابع: الماركسية ضد الصهيونية- ص 131
[5] - المرجع السابق، ص 118
[6] الإلياذة. هوميروس. الترجمة العربية ص 163
[7]  الخطيبي عبد الكبير، مرجع سابق ذكره، ص158
[8] - الخطيبي عبد الكبير، مرجع سابق ذكره، ص160

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟