عندما يتعلق الأمر بسياسات الدول الخارجية لا موجب للحديث عن دولة فاضلة وأخرى شريرة، أو عن دولة "الملائكة" في مقابل دولة "الشياطين". الرابط بين جميع الدول حول العالم هو وجود مصالح معينة، مع السعي الحثيث لتحقيقها بكافة السبل الممكنة، بما في ذلك الأساليب القذرة وغير الشريفة. وهذا مسلك تستوي فيه جميع دول العالم بلا استثناء الصغيرة منها والكبيرة، المسلمة وغير المسلمة، الديمقراطية وغير الديمقراطية. كما تتلاقى هذه السياسات في كون معظمها، وليس كلها طبعا، تتم في السر وتديرها شبكات متداخلة.
للتدليل على خطأ نظرة بعضنا لسياسة الدول، وسعي الكثيرين نحو المفاضلة الأخلاقوية المثالية بين مواقف وتصرفات الدول، وبناء مواقف ثابتة إزاء مسلكيات هي متحولة بشكل متواصل. للتدليل على ما قلنا يكفينا تقديم مثالين من عالمنا الاسلامي. يتعلق الأمر بتركيا والعربية السعودية. وهنا تبدو صورة السعودية في وعي أغلبيتنا على أساس أنها تمثل الشر كل الشر، بينما تظهر تركيا مدثرة بثوب الفضيلة والعفة. سنرى كيف أنه توجد مصالح وحسب. ولا وجود البتة لأشرار وأخيار في مجال سياسات الدول.