حوار فلسفي مع الدكتور عبد الحكيم صايم ـ أجرا ه نورالدين علوش

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

abstrait-eteمرحبا بكم على هذا الموقع
بداية من هو الدكتور عبد الحكيم صايم؟
أستاذ بجامعة وهران منذ 1989 ساهم في تأسيس قسم الفلسفة مع الأستاذ القدير البخاري حمانة و الأستاذ الفاضل عبد اللاوي محمد و الزملاء زرارقة عطاء الله ـ رحمه الله ـ وبن مزيان بن شرقي و سواريت بن اعمر. و هذا إنجاز مهم لأن منذ أستقلال الجزائر احتكرت عاصمة الوطن أي الجزائر بعض التخصصات، و مثل هذا الإجراء أي تأسيس قسم الفلسفة بوهران أعاد الإعتبار لمادة الفلسفة التي كان يدرسها أساتذة من تخصصات أخرى كعلم النفس و علم الإجتماع و العلوم الإسلامية .


و في التسعينيات ساهم مع هؤلاء الأساتذة بالإضافة الى المفكر الشيخ بوعمران و الإعلامي بختي بن عودة ـ رحمه الله ـ في تأسيس الجمعية الفلسفية الجزائرية في 4 نوفمبر 1990 و لكن الظروف التاريخية كانت أقوى من إرادة المعرفة فقدمت استقالتي ككاتب عام في ديسمبر 1994 و سلمت العهدة للأستاذ عبد اللاوي عبد الله ، ومع ذلك ساهمنا في تكوين جيل من المشتغلين بالفلسفة من أمثال محمد شوقي الزين و قواسمي مراد والسيدة بن دودة مليكة و الأنسة بلحانفي جوهر و بن معمر عبد الله و عبد القادر بودومة و ابراهيم أحمد و بن دوبة شريف الدين... وغيرهم من الأساتذة الجدد في مختلف الأقسام الفلسفية و بصفة خاصة بناحية الغرب الجزائري
مهمة التأسيس دائما صعبة، و مع ذلك استفدنا من منحة تكوين جزائرية ـ فرنسية بجامعة باريس الثامنة طورت وعينا الفلسفي بالحوار والقراءة و المشاركة في الندوات فنشرنا مقالات في مجلات الحداثة و رواق عربي و أوراق فلسفية و الكلمة و مجلة الجمعية الفلسفية المصرية و أنجزنا كتبا جماعية حول التثاقف و التواصل و التسامح و ادورنو و التغييرو الثورة و أصدرنا كتاب ابن طفيل و الدرس الإبستيمولوجي المعاصر عن مخبرالأبعاد القيمية و هواجس فلسفية في التراث و الفكر المعاصر عن مؤسسة كنوز الحكمة و لدينا أعمال قيد الإنجاز، و مؤخرا ساهمنا في تاسيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية يوم 25 جوان 2012 و كلف برئاستها الدكتور عمر بوساحة
باعتباركم من الباحثين في المجال الفلسفي ,مارايكم في المشاريع الفلسفية المطروحة ( مشروع الجابري رحمه الله وحنفي وطه عبد الرحمان..)؟
المشروع الذي لا ينتج مؤسسة ينتهي بوفاة صاحبه ، و بالرغم من الإجتهادات المتميزة للفكر الفلسفي بالمغرب منذ السبعينيات و التي تعود الى الأب الروحي للفكر الفلسفي المغاربي محمد عزيز الحبابي رحمه الله لأن الجابري كان من طلابه و كذلك معظم أساتذة الفلسفة بالرباط مثل محمد وقيدي و عبد الرزاق الداوي و سالم بن حميش.. فقد ظلت جهودا فردية لم ترق الى مستوى الحلقة أو المدرسة و في هذا السياق نقول بأن زمن الرشدية اللاتينية ولّى، لأن تأثير الخطاب الفلسفي بعد التحولات الإقتصادية و الإجتماعية الجديدة صار محدودا و صوت المشتغل بالفلسفة محكوم بوظيفة الأستاذ و ليس بوظيفة الفلسفة. فالأستاذ الجابري رحمه الله رغم انتصاره للخطاب الإبستيمولوجي فجاءنا بمواقف ايديولوجية في مذاكراته و رغم انتمائه الأمازيغي فقد سقط في أحادية لغوية تجاهلت شخصانية أستاذه محمد عزيز الحبابي بخطابه حول الفكرالعربي و لعل مثل هذا التهافت يكرر السجال التاريخي بين الغزالي و ابن رشد في صور جديدة لاينعكس منطقها إلا بين جدران الجامعات بينما الحقائق تتطور خارج تلك الأسوار. و في هذا السياق لا معنى لدعوة القطيعة الإبستيمولوجية بين المشرق و المغرب عند الجابري و طه عبد الرحمن مع العلم أن المشرق ساهم في تكوين الفكر الفلسفي في بلاد المغارب من خلال زكريا ابراهيم و نجيب بلدي.. و حسن حنفي.. و الحق أن إعتراف محمد المصباحي ولاحقا كمال عبد اللطيف بدور المؤسس في استنهاض الوعي الفلسفي بقولهما بعد ابن رشد جاء الحبابي يؤكد قيمة الجذور في تطوير شجرة الفكر.


هل تتفقون مع الذين يقولون بأننا نعاني من أزمة منهج وليس أزمة مشاريع فلسفية؟
المشروع الذي لا يبدع منهجا لا يستحق أن ينعت بالفلسفي ، فالفيلسوف ديكارت كتب مقال حول المنهج فأنتج ديكارتيون جدد و كانط بمنهجه النقدي انتج كانطيون جدد و هيجل بمنهجه الجدلي انتج هيجليون و هكذا كان تاريخ الفلسفة منذ اليونان حيث تميز أرسطو عن استاذه أفلاطون بمنهجه و تميزت الفلسفات المعاصرة بمناهجها كالوجودية و الماركسية و البنيوية ..


سيدي الكريم بعد الربيع العربي المبارك ,ما هو دور الفلسفة اليوم؟
الربيع العربي .. لنفكك هذا المفهوم : الربيع فصل من فصول السنة ، هل يمكن أن تزهر الطبيعة بدون امطار الشتاء ؟ هل الربيع يرتبط باقليم معين أم هو قدر الإنسانية ؟ ربيعنا في العصور الوسطى كان بيت الحكمة وفي قرطبة في زمن الأندلس و في تيارت ـ و بالتحديد في المغارة التي كتب فيها المقدمة ـ في زمن ابن خلدون .. كتبت في الملحق الثقافي لجريدة الجزائر نيوز مقالة موضوعها تساؤلات حول الربيع العربي بعد العام الجديد من منطلق فلسفي يعود الى بعض أعمال الفيلسوف عبد الرحمن بدوي الذي كتب ربيع الفلسفة و خريف و شتاء الفلسفة و اعتمادا على تاريخ الفلسفة اليونانية ميزنا بين فلسفة الكينونة و فلسفة الصيرورة و بعبارة أخرى بين المحافظين و القائلين بالتجديد، لنقول بكيفية أو أخرى بأن ربيعنا هو تجاوز الإستقلال السياسي الى الإستقلال العلمي و الإقتصادى .


بعد نجاح الثورات العربية في إسقاط الأنظمة الاستبدادية, فهل نحن قادرون على بناء دول ديمقراطية تعددية.؟
ينبغي ضبط المفاهيم التالية : الثورة ، التمرد ، الإنقلاب ، الإنتفاضة و لا ينبغي تعميم وصف معين على مختلف الأقطار العربية لأن بؤس الإطلاقية عادة ما يتجاهل القراءة الموضوعية للحدث.. هل يمكن أن نتخيل مستبدا في جزيرة حي بن يقظان ؟ هل تعلم أن مؤتمر الديمقراطية في الوطن العربي انعقد في قبرص ؟ هل تعلم أن الهند لم تمنعها القوميات و لا الأديان و لا اللغات من النهج الديمقراطي بعد استقلالها ؟

لكن سيدي الكريم هل من الممكن قيام دولة ديمقراطية بدون ثقافة سياسية حداثية ,تؤمن بقيم الاختلاف والتعددية؟
في غياب المجتمع السياسي ، هل يمكن أن نتحدث عن الديمقراطية ؟ هل سمحت الدول الديمقراطية للأحزاب اليسارية أن تظهر في مجتمعاتها ؟ و هل رخصت الدول اليسارية للأحزاب الليبرالية ان تنشط في مجتمعاتها ؟ الديمقراطية كلمة مطاطة لأن توظيفها كاختراع سياسي يخضع لإزدواجية المعايير . في كتابه ، الغدية :العالم الثالث يتهم ، يقف الحبابي عند مغالطات المجتمع الدولي و لهذا من الحكمة أن نختار الفلسفة التي تفيدنا و لا نغترب في قيم لا تناسبنا ، فنعيش أوهام النخبة على حد تعبير المفكر المعاصرعلي حرب .


في الأخير سيدي الكريم هل دخلنا في طور حضاري جديد ؟
في مقالة الحوار و الثورة في فلسفة المتوسط نشرت في مجلة الحداثة (بيروت العدد 139/140 شتاء2011) تساءلت متى نتحرر في البحر الأبيض المتوسط ، فتقوم الرحلات البحرية على طريقة ابن بطوطة من طنجة إلى الجزائر إلى تونس إلى طرابلس إلى الإسكندرية إلى غزة إلى اللاذقية إلى بيروت ؟ و لعل هذا الوجود الدراماتيكي يجعلني متشائما لأن عصبية ابن خلدون مازالت تفسر هويتنا على نقيض شخصيته المغاربية التي من روحها تنشأ الصداقات بين الأفراد و تنتصر لمحبة الإنسان الذي يتكلم لغتي أويتفاهم معي بلغة الإشارة أو يتواصل معي بلغة العمل ،لأن الأصل هو الحوار و ثقافة التفاهم و ليس الانغلاق الطائفي و فكر الإقصاء . لقد انتقلنا من العالم الثالث أو التالف على حد تعبير استاذنا البخاري حمانة الى العالم التاسع لأن مجموعة الثمانية هي نموذج لكل تنمية او حضارة و بالتالي بقية العالم كلها في رقم تسعة لأن لا اهمية للترتيب بعد ذلك ، في حين وجدنا مجموعة البركس باللغة الإنجليزية أوالأبريك باللغة الفرنسية تقدم نموذجا للتطور الاقتصادي و الاجتماعي ، فأين نحن من هذه التجارب ؟

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟