على الطريق إلى الإدمان 5 : الحقيقة الغائبة ـ قصة : محسن العافي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse02041حين اشتعل المكان ،  وبدا ذلك اللهب من بعيد ، لم يكن للقيم والأعراف ،ولا التقاليد والعادات وجود في ذات المكان والزمان ، تعالت الكلمات الصادحة، تضرب مناحي الأزل البعيدة  المشبعة بثقل السماوات المحير ، ذلك النور الذي بدا شعاعه غريبا  عما تعوده كل الناس .
داست الكلمات التي دوى صداها كل شيء ، كل عظيم ، كل سامٍ .
لم يكن كل ما تحدثتُ عنه بالنسبة لهم شيئا يذكر ، فالبداية عندنا ليست كما هي عندهم ، وعالمي ليس كعالمهم .
البحث سار في كل الإتجاهات ،الأشلاء يصعب جمعها و تصنيفها ، ويعجز المختصون عن معرفة أولئك الذين تطايرت أجزاء كثيرة  من أجسامهم بعيدا ، كما تتطاير شرارات النار الملتهبة الحارقة .

آلات التصوير لم يكن منها  إلا أن تنقل ما حدث ، أخذ أصحابها سيرة أولئك الذين أثاروا الغضب ، قنينة الخمر بادية في يد أحدهم ، شاهــــدة على الأسبـــــاب ،ودالة على المستور .
بعد أن أنهى  مكالمة هاتفية  ،أمر أحدهم  بحذف تلك اللقطة، ،احتراما لقنينة النبيذ المقدسة ، فالخمر كان عندهم من الأشياء المهمة ،التي تزين الموائد ، وتؤنس الوحدة ، وتطلق للنفس العنان بعيدا عن هذا العالم المليء بالخطايا .
استبدلوها بلقطة أخرى، تعرِض كتابا مرميا في مكان الحادث ، فصراع اليوم  قائم منذ أمد بعيد بين الكتب المغذية للعقل والنفس والباسطة للطريق  ، و بين قنينات الخمــر المذهبــة له والعابثة بشتى الطرق  .   اعتُمد الخبر وحلّ محل القنينة ذلك الكتاب الذي  سمت معانيه  وبلغت مداها من هذا العالم .
 افتعلوا العبث بالحقيقة ،ولكني تعجبت من عدم نشر ما حاولوا  طمسها  به .
قال الذي وضعته من شخوص قصتي :
كنت هناك من بين المارة ، في ساعة متأخرة من  الليل ، وقد شككت بأمر أولئك المدمنين الذين كانوا يحملون عبوات أفزعتني، كانوا يتمايلون ثُمَّلا ، بعد أن ذهب بعقلهم الخمر وأشياء أخرى لا أعرفها ، وعبثوا وعاثوا فسادا في المكان ،فكان ما كان .
وقال آخر من الشخوص الإحتياطية التي كانت حاضرة في مسودة قصتي الأولــى :
 لم ينتبه أحد إلى بقايا الزجاج التي كانت مرمية إلى جانب ذلك الكتاب ،كنت أعرف أنها دليل شافٍ عن الحقيقة الغائبة .
جاء مخرج العرض ، وأزال لقطة الكتاب ،وردّ إلى مكان الحادث، تلك القطع الزجاجية الكبيرة التي تذكُر للحدث حقيقته ، أخذ لقطات أخرى لذلك السائل الأحمر الذي تفوح منه رائحة الكحول ،فاكتمل العرض ،بعودة الحقيقة إلى قصتي المبتورة ، التي قررت أن أعيد لها اعتبارها ،بمنع تمثيلها ، ثم رجعت إلى صدرها لأغير شخوصها بشخوص مسودتها .

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟