anfasseقل اي عطر تستعمل .. لأقول لك من أنت "  كان  هذا تعبيرا ساذجا من إحدى الفتيات التي استغرقها الخطاب الإشهاري استغراقا واضحا وصار يشكل مقياسا موجها لخياراتها و سلوكياتها ، وهنا تكمن خطورة الخطاب الإشهاري أي  عندما يتجاوز  وظيفته الأولى التي من المفروض أن تكون وظيفة ترغيبية تعريفية  ليصبح شكلا من أشكال التربية الذوقية و الجمالية بل و الأخلاقية كذلك، تربية تجد قناتها من خلال السمعي-البصري الذي أصبح ينفي المكتوب شيئا فشيئا و يأخذ  مكانته  بالتدريج ، لأننا في مطلع القرن الواحد و العشرين نعيش ثورة إيقونية تحكم واقعنا الثقافي ، ثورة ارتبطت بالتقدم التكنولوجي الكبير في مجال البصريات ، فتطور العدسات المصورة في مجالات الفنون (السينما – التصوير الفوتوغرافي....) و المجالات العلمية (في الفيزياء  حيث يعد  رهان العصر  هو تطوير عدسة مصورة  قادرة  على مسايرة سرعة الإلكترون داخل الذرة  حيث تحدد مساره و سرعته) سيطرح إمكانية تأسيس وعي إنساني للعالم لا يقوم على المنطوق و المكتوب فقط ، بل يتجاوزه  إلى المصور ، خاصة أن هذا الأخير يكتسب طابعا اقتصاديا ذاتيا  في قيامه بتعريف العالم و تقريبه للإنسان و تعزيز  خبرته، و ليست القيم الجمالية و الذوقية التي تحدثنا عنها إلا نتاجا لخبرة إنسانية بالعالم ، لذلك تعد الصورة هي العمود الفقري في الخطاب الإشهاري الذي صار يتحول في أيامنا هذه شكلا من أشكال المعرفة و ليس التعريف فقط، بل و اخطر من ذلك أصبح آلية للتربية على القيم الاستهلاكية التي تنحو بحكم ظروف سياسية دولية منحى إيديولوجيا  .

Moonlightملخــص  البحث:
تحاول هذه الدراسة أن تقدم عناصر للتفكير في المناهج المستخدمة في بحوث العلوم الاجتماعية، وعلوم الاتصال تحديدا،  في المنطقة العربية، وتختصرها في المناهج الكمية والكيفية. وتحاول أن تقدم بعض الأجوبة عن سبب قلة استخدام البحث الكيفي في بحوث الإعلام والاتصال.
وتؤكد أن الاختلاف بين البحث الكمي والكيفي لا يكمن في الجانب الإجرائي: التكميم باستخدام الترسانة الإحصائية، الذي يقرَّب العلوم الاجتماعية من العلوم الطبيعية، والابتعاد عن عملية التكميم  لاستجلاء الجوانب النوعية في المواضيع المدروسة.
وتستعرض  التباين بين المقاربة الكمية والنوعية على المستوى الفكري والابستمولوجي انطلاقا من تباين الرؤية للعناصر التالية: غائية البحث، موضوعية البحث، أدوات قياس البحث، ودور القيم في التحليل العلمي.
إن النزعة الدائمة لتكميم  الظواهر المدروسة لا تفقد البحث العلمي حصافته ودقته، دائما، بل تقوده ، في الغالب، إلى الاهتمام بما هو عام،  كما تبرزه الاحصائيات، لكنها تطمس ما هو خاص ونوعي.
فالذين يؤكدون على أن الاختلاف بين البشر ليس بيولوجيا بل ثقافيا، يؤمنون بضرورة الكشف عن بعض جوانب الخصوصية في المنتج الثقافي أو الإعلامي  وفي طرائق التعرض له أو " إستهلاكه".
تأسيسا على هذه الفكرة، تقدم هذه المداخلة جملة من الأطروحات التي تعتقد أن البحث الكيفي يفتح أفاقا جديدة للبحث العلمي الإعلامي في المنطقة العربية، خاصة ذاك الذي يهتم بالإعلام الجديد.

Pub-anfasseكانت استراتيجيات التواصل الإشهاري حتى الثمانينيات من القرن الماضي تعتمد على ثنائية: مقاولة-مستهلك. وكان لزاما على المستشهرين تطوير هذه الوضعية التواصلية، لأن الإشهار لا يمكن أن يستمر في تجاهل ثقافة المقاولة الإشهارية ومحيطها الخارجي، كما أن الأزمة التي عرفها الإشهار فيما بعد، أي في التسعينيات من القرن ذاته، فسحت المجال أمام المستشهرين لإعادة التفكير في العلاقات القائمة بين المقاولة و مجمل شركائها، لأن الإفراط في إغراء المستهلك يقتل الإغراء ذاته.
إن استراتيجيات التواصل المفتوح[1] الذي دشنته المقاولة في الغرب جعلها تنسج علاقات جديدة مع محيطها. وكذلك تبينت أن الأزمة التي عرفها الإشهار ظاهرة تنضاف إلى تغييرات بنائية:اقتصادية واجتماعية وتواصلية. ويقدم التواصل المفتوح مفهوما جديدا للمقاولة الإشهارية التي أصبحت تعتمد في تصريف الخبر على تواصل داخلي وآخر خارجي هو (محيطها الاجتماعي). إن الصعوبة الأساسية التي تواجهها هذه المقاولة وغيرها في الوقت الراهن ترتبط بالسؤال الخاص بمشروعيتها، كما ترتبط بأهمية معرفة البعد الاجتماعي لأنشطتها. إن رهانها الأساس يمر، إذن، عبر مأسسة التواصل."كما أن تدبير مشروعية تنظيم ما انطلاقا من تقويم مشروعه يمر عبر التحليل الثقافي المكمل للتحليل الاستراتيجي."[2] وهكذا تصبح المقاولة في منظور التواصل المفتوح مكانا للتقاطع بين «الداخل» و«الخارج».إنها فضاء اجتماعي أكثر من كونها نظاما لتبادل السلع والمنتوجات والأخبار.

anfasseينبني هذا  العمل المتواضع على معاينة تتبعية تستمد منها شرعيتها بشكل كبير. فمما لاشك فيه أن مضمون هذه المعاينة يتحدد في أن ثمة تراكما معرفيا من الأهمية بمكان؛ يثير فضولا علميا، حصل منذ أمد في الممارسة الفكرية، وكذا السوسيولوجية، لأستاذنا الدكتور محمد جسوس.
والحال أن هذا التراكم المعرفي، وهذه الحصيلة من الكتابات، والخلاصات، والاستنتاجات الأساسية الغنية في مبناها معناها لم يواكبها؛ في تقديرنا، قراءات تركيبية مقصدها استيعاب هذا الاجتهاد في حيثياته؛ وخطوطه العريضة، واستعراض المحاور الكبرى والطروحات المركزية للعمل السيوسيولوجي لدى الأستاذ محمد جسوس؛ وما وسمه من معاناة مبعثها قلق البحث وحرارة التساؤل...
من هذه المعاينة إذن تتأسس مشروعية محاولتنا هاته وتنبني معها هذه المساءلات:
أية زاوية تقدرنا على الإطلالة على فكر محمد جسوس السوسيولوجي؟
هل بوسع إسهام متواضع كهذا رسم صورة منصفة؛ إن لم نقل موضوعية، لمفكر، وباحث، وموجه، ومناضل من حجم محمد جسوس يؤكد بانتظام بأن العمل الثقافي لن يكون كذلك إلا إن أحدث قطيعة مع الأحلام، والإنشائيات المكتبية، والرومانسية ليضحى التزاما مبدئيا، ومعاناة  حبلى بهموم اليومي؟

أنفاس نتمهاد الموضوع
يعد التواصل من بين أهم الموضوعات المطروقة اليوم، لما أصبح يفرضه العالم المتنامي من  تفعيلٍ لهذه الأداة الإنسانية الفعالة في الربط بين الحضارات والثقافات، وتقريب الهوة بين الشعوب والبلاد. ولهذا لم يعد التواصل لفظا ومفهوما عاديا كباقي المفاهيم السيارة بين الحقول المعرفية المتعددة؛ بل أمسى علما مستقلا بذاته، له أصوله وقواعده ومناهجه، والأدوات التي نستند إليها في ابتغاء التواصل الفعال بعيدا عن كل المعيقات التي يمكن أن تعترضه وتشوش المبتغى الأسمى منه، أي الوصول إلى الرهانات المختلفة في جميع مناحي الحياة؛ فأن نتواصل معناه أن نصل إلى الأنا أو الغير أو الآخر جملة وتفصيلا.
تعريف التواصل
لا يمكن البتَّةَ أن نعثر على تعريفٍ جامعٍ مانعٍ لمفهوم التواصل، لأنه لم يعد يستقيم على حال، ونجده في جميع الحقول المعرفية المختلفة كهندسة الطيران والرياضيات والإعلام والاقتصاد والطب والسيميائيات واللسانيات وهلم جرا، كما تتجاذبه كل مظاهر الحياة الإنسانية النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها. إن التواصل موضوعة، بمعناها الفلسفي، لا تقف عند تعريف بعينه.
وبالرغم من هذه المعضلة التعريفية يمكن أن نسلم بأن التواصل لغةً هو الإيصال، والعبور، والنقل، والإفهام، والإخبار، والإبلاغ، والوصول يكون بالأساس لغويا، وقد يكون باعتماد اللغة غير اللفظية. وترجع كلمة (Communication) إلى الأصل اللاتيني (Communes) الذي يُقْصَدُ به (Common)، أي عام أو مشترك. ومنه فكلمة التواصل في اللغة العربية أو في اللغات الأجنبية تصير إلى المدلول نفسه: العلاقة الإبلاغية الناظمة بين البشر من أجل الإيصال والتشارك والتفاهم.

artiste-peintreتوطـئـــــة:
تقوم الدّراسـة مثـلمـا يشيــر إلى ذلك العنـوان على مقولتين اثنتين أساسيتين: المدينـة و المواطنــة, وبين اللفظين وصـل أداتــه حرف العطف "الواو".
تقـدم ذكر المدينـة على المواطنـة قصدا على أسـاس أنـهـا إطـارهـا و فضـاؤهـا. و المواطنة بهذا المعنى صفة المديني أعني ساكن المدينة.
نعترف بداية بأن العنوان إشكاليّ إلى حد بعيد و يثير تساؤلات أولية مشروعة منها على سبيل الذكـر:
-         ما هي مبررات اعتبار المدينة مثلما تذهب إلى ذلك الدراسات الحديثة المجال الذي يحقق مواطنة الفرد ؟
-         ما هي خصوصية العيش في المدينة بحيث تنسحب صفة المواطنة على ساكنيها ؟
-         ألا يعتبر ساكنو القرى والأرياف مواطنين ؟
قد يكون من السابق لأوانه مباشرة هذه التساؤلات ولكن نشير إلى أن المواطنة مفهوم مركب  
ومتعدد الأبعاد, ومعناه ملتبس بدوره بالثقافة التي إليها ينتسب وباتجاهات التفكير و الحقب التي إليها ينتمي. وعليه فإن هذه المقولة لا دلالة لها دون محتوى (un contenu) يحدده    ( مثل: معرفة تاريخ المجتمع/حرية التعبير عن الرأي /ممارسة الحقوق السياسية / أداء الضرائب و التكاليف العامة...).
إنّ المواطنة على ضوء هذه الإشارة تفيد الاهتمام بالشأن العمومي (la chose publique) أي بما ييسر على الجمـاعة المدينيّة "العيش معا" (vivre ensemble) وبقبول قواعد العيش الجماعي.فالمواطن هو الذي يحترم الآخرين فيحترمونه والاحترام يتجاوز مجرد كونه قيمة أخلاقية ليغدو علاقة مدنية تتركز على قبول الاختلاف وعلى الوعي بجملة من المسؤوليات المدنيّة ذلك إن المواطنة كما يعرّفها دومينيك شنابر Dominique schnapper هي "أصل الترابط الاجتماعي" [1] "la citoyenneté est la source du lien sociale "

abstrait-1تقديم عالم :
يستعمل العنف وفق مفاهيم مختلفة مما أدى إلى ظهور جدل حول ما يميّز المشروع من اللامشروع. ونظرا لكونه بدأ يكتسح الحياة اليومية في مختلف مظاهرها الأكثر تعقيدا والتباسا فإنّ الدراسات الكميّة والإحصائية[1]  التي تركّز في معرفة النسب والمتغيّرات (الجنس،السنّ،الجهة....) على أهميتها في حصرها وضبطها فإنّها تبقى غير قادرة على فهم الأسباب العميقة للعنف التي تختفي وراء بنى لاواعيّة عرفتها البشريّة منذ وجودها وهي تغذيها الأساطير والمعتقدات والرموز أي أنّها مرتبطة بالمخيال الجماعي اللاواعي. ولفهم ذلك يمكننا أن نستعين بالمقاربة الظواهرية لمكانتها إذ‘‘طرحت المسألة من منظور جديد ثري بمعطياته وآفاقه.'' وتنطلق هذه المقاربة من ‘‘دراسة التجربة الذاتية للإنسان في تفاعله العلائقي مع الآخرين فالعنف كغيره من أشكال السلوك هو نتاج علائقي أو بأكثر دقة، نتاج مأزق علائقي''[2]  أي دراسة مقاصد من ينتج عنه العنف وما يثير تساؤلنا أكثر من أي وقت مضى هو ما لاحظنا من مظاهر عنف ذات أسباب لامرئيّة[3] (قتل فتاة من قبل المشعوذ لأنّه أراد استخراج الجنّ من جسدها، قتل صبيّة لاستعمال أعضائها في استخراج كنز، قتل من أجل الثأر لأنّه دنس شرف العائلة، حسد العين يؤدي إلى القتل..القتل الرحيم لإيقاف ألم لا يرجى شفاؤه) وغيرها من العبارات التي يعود بعضها إلى ماض بعيد مترسب في المخيال الجماعي[4] كان قد أشار ابن خلدون إلى البعض منه في مقدمته[5].

gnawaيعتبر الجسد خزانا رمزيا ، عبره تبلور الذات الإنسانية إنجازاتها حسب السياقات التي تتحرك في كنفها، و تمسرح لغاتها بأشكال و صور متعددة التمظهر كالإشارات أو الإيماءات أو الحركات، أو عبر اللمس أو النظر و الصراخ أو الغناء، أو بواسطة الرقص و مختلف التعابير الجسدية المعبأة بحمولة ثقافية ما، كما نلمس ذلك في طقوس جماعة كناوة بالمغرب،حيث تقيم في ثنايا إشاراتها الراقصة أسئلة؛ من قبيل الهوية و الوجود و الاستغلال و العبودية و التهميش و أشياء أخرى ، يمررها الجسد المقنع بألوان من الألاعيب الطقوسية و الإيقاعات الموسيقية التي لا يتم تمثل علامتها إلا عبر قراءة إيحائية  لمختلف تعابير هذه اللغة  الجسدية الباذخة، فما هي إذن المعاني والدلالات التي تسكن في عمق لغة الجسد المتداولة في طقوس الليلة الكناوية ؟

1 -   دلالات تعابير الجسد بين الرقص الموجه والجذبة:
إن الخطوة الأولى في مقاربة تعابير الجسد، في طقوس الليلة الكناوية، تكمن في التمييز بين مرحلتين تمر منهما تعبيرية الجسد الراقص: ويتعلق الأمر بمرحلة الفرجة الدنيوية ومرحلة الشطحات الروحانية ذات الطابع الامتلاكي، وفي ضوء ذلك يمر الجسد الكناوي بإيقاعات حركية راقصة وموجهة، وأخرى ارتجالية غير موجهة هي أقرب إلى الشطحات الصوفية أو الجذبة.