رسائل فلسفية بين ابن باجه وابن الإمام : قراءة في كتاب لمؤلفه جمال راشق - عبد الصمد البلغيثي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

ابن باجه (460ه533ه/1066م1139م) فيلسوف أسس فلسفته على المنطق والرياضيات وترك لنا الكثير من المؤلفات في الطب والأدوية والنبات والطبيعة والحيوان والفلك والنفس...، أغلبها فُقد وضاع، تشهد على ذلك قوائم تواليف الرجل بفهارس المخطوطات وكتب التراجم والطبقات.

وقد حظِيَت مؤلفات ابن باجه بالمتابعة والإهتمام الأكاديمي في المغرب من طرف بعض الدارسين، منهم الباحث جمال راشق أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاضي عياض بمراكش، الذي بلور ذلك في إطار مشروع علمي تميز بالحرص على قراءة نصوص المتن الباجي وتحقيق المخطوط منه، وتتبع صورة الفيلسوف قصد إزالة الغموض عن بعض سُوءِ فَهمٍ لقضايا في فلسفته، وجوانب من سيرته.

في هذا الإطار يأتي صدور كتاب بين الحكيم والوزير رسائل فلسفية بين ابن باجه وابن الإمام عن دار النشر فضاء أدم بمراكش سنة 2017، والذي اشتغل فيه الباحث على دراسة وتحقيق الأقوال الفلسفية لإبن باجه، الموجودة بمخطوطة أكسفورد(بكوك206) ما بين الورقتين 120ظ والورقة 138ظ، وهي ثلاثة عشر قولا.

ويحمل اختيار الباحث لعنوان كتابه أطروحة مفادُها، أن هذه الأقوال الفلسفية هي عبارة عن مراسلات بين الفيلسوف ابن باجه وتلميذه الوزير ابن الإمام الإشبيلي(توفي بعد547ه/1152م) وذلك لأسباب أهمها: وجود عبارات في هذه الأقوال تفيد المخاطبة والمراسلة، كما أن أغلب تواليف ابن باجه الثابتة النسبة هي رسائل مع ابن الأمام، ثم قول ناسخ المخطوط في أحد هذه الأقوال: "وهو أخر ما وجد من قول الحكيم فيما دار بينه وبين الوزير".  ولقب الوزير صفة يستعملها ابن باجه في مخاطبته لتلميذه في جميع تواليفه الأخرى، وهذا دليل على أن بعض هذه الأقوال التي لا يتفق مضمونها مع فلسفة الرجل هي مراسلات من الوزير ابن الأمام.

ويستمد الكتاب أهميته من أنه يعيد فتح النقاش حول نسبة الأقوال الفلسفية لإبن باجه، وهو نقاش يعود الفضل في إثارته لأول مرة إلى الباحث المرحوم جمال الدين العلوي (1992/1945م) الذي شكك في نسبتها للرجل واعتبرها غريبة في مضمونها ولغتها عن فلسفته ذات المنحى الأرسطي المشائي، وهو موقف تابعه  فيه المرحوم محمد ألوزاد حيث اعتبرها مجرد إضافات منحولة لا صلة لها بابن باجه، أما الباحث ابراهيم فيومي فقد نسبها للفيلسوف ورفض التشكيك فيها من خلال حجج وأدلة ضمنها في كتابه تاريخ الفلسفة الإسلامية في المغرب والأندلس.

وقد جاء كتاب جمال راشق موزعا إلى مقدمة ذكر فيه بسياق اشكالية البحث، ثم دراسة في صحة نسبة الرسائل لإبن باجه، ووصف لمحتويات مخطوط أكسفور، وتحقيق لتقديم ابن النضر ناسخ المخطوط، وبعدها تحقيق لثلاثة عشر قولا مرتبة حسب المخطوط، وفهرس للأعلام و المفاهيم والكتب الواردة في هذه الأقوال، وفي الأخير دراسة باللغة الفرنسية بعنوان:de l’authenticité des épîtres attribuées a ibn bagga.

يقول جمال الدين العلوي: »والملاحظ أن رسائل هذا القسم تثير مسائل جديدة بالنسبة للمنظومة الباجوية المعروفة، بل ربما أمكن إعتبارها متعارضة والمنحى العام الذي اتخذه تفكير ابن باجه. «(الرسائل،ص18.)

يقول محمد الوزاد: »...تشكك فيه شذرات نسبت لابن باجه في ثلاث ورقات من مخطوط أكسفورد...نعتقد أنها مجرد إضافات منحولة لا صلة لها بابن باجه وان استعملت فيها بعض التعابير والألفاظ المضللة. «  (القول الإنسي،ص 39.)

يقول محمد ابراهيم فيومي: »ليس في الرسائل مخالفات فاضحة لا في موضوعها، ولا في مفاهيمها، أو في مضمونها، أو في رؤيتها الفلسفية، توجب على الباحث الشك فيها وتوجب على الباحث البحث عن أدلة شكية تنفي نسبتها عن صاحبها. « (تاريخ الفلسفة الإسلامية،ص385)

يقول جمال راشق: »إن وضع هذه الأقوال محير بالفعل، إذ يصعب علينا من جهة أن نسلم بأنها لابن باجه، كما يتعذر علينا من جهة أخرى أن نرفض نسبتها له، لأن فيها فعلا ما يؤيد هذا الطرف ويشهد له وينفي الطرف الأخر ويدفعه، وفيها أيضا ما يذهب مذهبا أخر.. « (بين الحكيم والوزير،ص31.)

جدول للباحثين الذين إشتغلوا على هذه الأقوال ومواقفهم منها:

الباحث

موقفه من الأقوال

المصدر

م.ص.المعصومي

يوظف هذه الأقوال ولا يشكك فيها

-ibn bajjah on the human intellect، Islamic studies،5،1965، pp. 121-136.

-ibn bajjah on the agent intellect، journal of Asiatic society of parkistan، v5، dacca، 1959، pp 20-34.

ج.د.العلوي

ينفي نسبة الأقوال لإبن باجه

-رسائل فلسفية لأبي بكر ابن باجه، تحقيق وتقديم، دار الثقافة بيروث، دارالنشر المغربية الدارالبيضاء، 1983. ص.21.

م.ألوراد

ينفي نسبتها لابن باجه

-القول الانسي، مطبعة الأندلس، الدارالبيضاء، 1994. ص.39-40.

م.ا.فيومي

يثبت نسبتها لابن باجه

-تاريخ الفلسفة الإسلامية في المغرب والأندلس، دار الجيل بيروت، 1997. ص.385.

Dunlop M. Duglas

يوظف هذه الأقوال ولا يشك فيها

-remarks on a text of avempace، studi in mor di francesco Gabrieli nel suo attentesimo cumpleano، unversidad de roma، la sapienza de la studi oriental، roma، 1984، pp. 291-300.

Lomba، j.f

يعتبرها لإبن باجه

-Ibn Bayya، Abu Bakr، en enciclopedia de al-andalus ; diccionario de autores y Obras andalussies، Granada، 2002، Vol 1، pp. 623-624.

ج.راشق

يعتبرها مراسلات بين ابن باجه وابن الإمام

- بين الحكيم والوزير رسائل فلسفية بين ابن باجه وابن الإمام، عن دار النشر فضاء أدم بمراكش، سنة 2017. ص44.

مراجع ومصادر:

- راشق (جمال)  بين الحكيم والوزير رسائل فلسفية بين ابن باجه وابن الإمام، عن دار النشر فضاء أدم بمراكش، سنة 2017. ص44.

- العلوي (ج.د) رسائل فلسفية لأبي بكر ابن باجه، تحقيق وتقديم، دار الثقافة بيروث، دارالنشر المغربية الدارالبيضاء، 1983. ص.21.

- الوزاد (محمد) القول الانسي، مطبعة الأندلس، الدارالبيضاء، 1994. ص.39-40.

- فيومي (م.ابراهيم) تاريخ الفلسفة الإسلامية في المغرب والأندلس، دار الجيل بيروت، 1997. ص.385.

-Rachak، (j)، De l’authenticite des fragments (al-aqwal) d’Ibn bagga، in philosophia (E.journal of philosophy and culture)، march، 7/2014.

 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟