سوف أهادن هذا الموت – شعر: بويا أحمد عبدالخالق

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

مرة أخرى.............، يتكسر بندول الزمن المرمري على قفصي الصدري المفتوح
هدير الأعاصير يداعب خصلات جنية عارية...........،
ترخي سدولها على متن " قصيد" مجروح
وعلى ظهر ريح صرصر عاتية أركب شامخا كالمدى................. كي لا أعود
و قد عاد الخريف....................،
حيث يثور الحرف المشاكس بين الحنايا.............. و تتحفز المرايا في معين لغتي
ناصيتي مشقوقة بالحناء والخزامى.......، وضلوعي يغشوها طمي مياه آسنة

أناملي التي تعرت من ثوب حشمتها صيفا................،
عادت ترشح غضبا في لجة "الفراغ المفضوح"

وما عساني أفعل حيال "نشوة الرجع"..................؟
ما عساني أستقل ..............لاجئا من هذا العدم المطروح ؟
*******
لم أعد أملك حبرا كافيا...............، يروي ظمأ الدفاتر البالية غير هذا النزيف
مرة أخرى................. ، يتوتر القلم من وقع عجزه المزمن أمام الورق
يتهاوى رجع الفؤاد شيئا فشيئا............ كأني أحتضر

أو كأنما يتعثر النبض في ممشاه .....وعلى حواشي الرصيف
تفاصيل القصيدة باتت، مثل ظهري، موشومة برسم غصن ذابل، هش....وضعيف
كأني "راقص باليه أعمى"............، أصبحت عاجزا عن الصمود على ركح من رخام
أختبئ بين الأطلال وبين ركام العظام ،
أعب شرابا طاقيا من غاز وفحم..........، كي أملأ الحناجر المذبوحة بالنقع والغبار الكثيف
فنجان آخر من زلال الزمهرير الخالص.......... يستتب على الخواطر و السرائر
فكأن عويل القبور يريح جوانحي المتعبة
أشباح وخفافيش غرائبية تراقص ظلي في جنح الظلام
تضمني إليها في حنين ولوعة وأسى..........، أنا وجثتا للموتى الضاحكين
فأنتفض متأبطا رميم الكلمات وبعض الحروف المنهكة جدا
أقفز فوق سطح بيت قصديري صدئ...........،
على متن "قارب شعري" دون مسامير
أتمايل متهاديا نحو سكرة الموت الزاهية............،
فكأني "ثورجي" يتسكع خارج متحفه القديم
يتسول، خلسة، حذاء ملطخا بالدماء وخوذة و بزة عسكري
أمد راحتي وما تبقى من عنقي المذبوح
إلى مقصلة من الورق المقوى...........أنثر بعضا من المنطق المضاد

وأسكب حبرا قانيا فوق الدفاتر المتلاشية- الأبعاد
هنالك عند جنازة "نضال مسروق"........، حيث يثور المقص الخشبي على جرأة المداد
أحرر الحرف المقنع حتى يطير إلى مداه
وأمسك بناصية المعنى المتمرد على معناه
*********
سوف أضحي بالنقاط والفواصل الشجية................. قربانا للسياق
فصدري لا زال مثخنا برصاص فوسفوري
أنثر البخار على الحروف الكاشفة عن سيقانها
وأحرر المعاني و الغواني من "لغة الخناق"
فلقد عدت أدراجي من "فرط غياب"،
خاوي الوفاض .......خاليا من "وجع الرفاق"
مسرع الخطى............، نافرا من زمن الفوضى و النفاق
أقف، مرة أخرى، على حافة الرصيف
جرائد مهترئة تتقاذف بين المنضدات والكراسي................. هنا وهنالك
و شظايا من المفردات الحارقة مبعثرة على طاولتي
فكأن جلمود العقل بدأت تمحوه عوامل التعرية
يستمر عشب الخواطر في الاحتراق
أتنفس تحت التراب عبقا لزجا وأريج صلصال فاخر
غبار كثيف يملأ المدى شعرا متحركا.............. و يبعثر الأوراق
*********
مرة أخرى ............،
أحاول خلخلة المكان المنحرف
ألملم شظايا الزجاج المكسور ...........أرتبها على المفردات
وهذا "المداد القاتم" ينحث شواهد للرموس على ملامحي ويعبث بالكلمات

غير أني ما زلت أقاوم شغف الوجد و لذة الغياب
فما بين الحنايا والضلوع ...............، تنتابني بضع دقات من نبضات دافئة
أنحث حرفا فولاذيا على سطر مائل،

وأعلن تمرد الأنامل على عصياني الأزلي
أستجمع "رميم أشعار مهشمة" على وجه ممزق القسمات
وأنام ملء عيني.....................، على أنقاض المعاني و ركام الدلالات
هي لي تلك الدماء الدافقة...................، حين تعبر كل الشرايين الأطلسية
كماهي تمخر بحارا و تستكشف قارات
فأغدو مثل "ظل قزحي" دون هوية ............، دون وجه ودون بصمات
أفتقد بوصلة استيعابي المكتمل للإدراك
وفي لحظة انتشاء منطقي............، وأنا أتيه بين عبق "الهال" وطيب النكهات،
أصحو، ذات الفجر الأزرق السرمدي.................، على "نشيد وثني"

ورقص وتغنج وغناء............. تحييه "جنيات غجريات"
كأني " الاسكندر المقدوني" سقط من صهوة خيله،

باحثا عن آية تلهيه عن شهوة الموت
أو كأني " سيزيف" الأحمق.................،
أحمل ثقل التاريخ على ديدني

هو ذا "عبث الوجود" و "سؤاله"........... مرسومان في وجهي بثقوب على الفراغات
فلم يعد لي ما أخبئه على المكامن الموحشة
سأهدم أوثان المعاني وأقوض أطلال الذكريات
أكسر بمعول "اليراع المتمرد" خشب الرموز و العلامات
وعلى الزوايا و العقول المنغلقة.............، أهوي به مشحونا بالمتفجرات
لازلت أسبح ضد التيار المعاكس للنوايا
أحاول عبثا وقف النزيف
صائغا مشروعا للحبر البلوري الشفاف
أكتب به على ظهر السحاب العابر............ وعلى متن الغيابات
وعلى الجلد المجفف ............أحتفظ بورق ممزق و بكسرة رغيف
فربما أنزاح، يوما، مثل "نظم هلامي".................، ثم أتفتت مع الرماد
ليثني "نبي مدحور" من كوكب الخرافات
أنسج من خيط دخان..................، أكفانا للخطابات
أنا " فارس الحرف الثلاثي- الأبعاد"،
عدت لتوي من سفر الغياب ومن رجع الوجع،
دون رحل ودون خيل.................بل وحتى دون مقدمات
دون وطن يقبل بتمردي عليه................... وأقبل بالانتماء إلى طينه
فليثني أسود على أرض "للملائكة والجان "
حيث لا فرق بين هفيف الورد القرمزي وبين ظله القزحي
حتى أتمكن من طرد كل المنافقين والخفافيش والجلادين من "وطني"
أنفي إلى الفيافي البعيدة............. كل أفاعي القصور و الصالونات
أفضح جدران الغرف المخملية
وأدك ب"قلمي الجاف"...............، جدران المشعوذين وجحور الساحرات
أعتق رقاب الساعات من "عقارب" تحتكر "سقط الكلام"
ليثني أركب المجرات إلى سدرة المنتهى ،
أوقف الدقائق والثواني و أعيد ترتيب الأحلام
أعب من رحيق الأزهار القمحية و من شهد المحن
ليثني أمسك ببعض النفحات اللاجئة من قهوة المساء
حيث المدارات الشقية تتشح بسواد المعنى
وحيث حطام الهيكل الحجري يتحلل من بقاياه المتعفنة
فأنا الآن................، أشبه نيزكا عابرا للأذهان والفضاءات
إذ أرفض "حكم الفراغ" في موطني المشتعل
في ظل البحر..................، جنوب-شرق انحياز المدارات
شمس تغرب مبتلة على مرفأ شجي..........، هاربة من حرقة اللظى و من لفح السماء
كنت أصغي هنالك.................. مع الهدهد الغريب إلى همس الضعفاء
حيث "هدوء الفوضى" يقاوم "ضجيج الصمت"
أمد ورقا محترقا من الأسى، هنالك، بين أناملي الصفراء
وأحارب بحد سيفي الخشبي طواحين الهواء
فلا زلت أحاول تحرير "العدم" من جحيم "العبث" المتحكم في الفضاءات
ليثني "هرقل" أو ليثني "ابن بطوطة"......................،
فأغوص اليم بداخلي ........................و أجتاح أنهارا و أجوب محيطات
**********
دقت ساعة "الرجوع الجياش"...............،
أرخى المساء ستارته الحريرية
وقبل هنيهة......................، توقف نبض السفينة عن دقاته
فلم أجد لي مكانا..............، ولو على متن قواربها المجرورة
أنا الشاهد على أثر الأشجار المغدورة
لا زلت أقيم قداسا لشجر الصفصاف كل فجر
أذيب على تابوت " المعنى المغدور" قليلا من الكلس والملح
نقع و سموم تتناثر وبعض الفواصل الموجعة
كل الألعاب والدمى و الكراكيز كسرتها................. مثلما تكسر بندول الزمن المرمري
وحاولت أن أنام على صدغي المبتور...................... بضع "هنيهات مهدورة"
حاولت أن أحلم ب"شعر خرافي و عجائبي"،
أشكو فيه وجع الكتابة الذي يقض مضجعي
وألملم شتات بعض الأفكار الشاردة بين القضبان
"أرى كي لا أرى".
"أكتب كي لا أكتب ".
و"أعيش كي لا أعيش".
فكأني "ظل بلا جسد".....................،
أرفض تكبيل الأحلام و أكسر "رغبة الانكسار"
كأني "طائر رخ أسطوري"،
أخفي عورة الفضاء بورق للأغصان الذابلة
الائتلاف داخل الاختلاف = مجاز ميت أنا الساكن في المتحولات الجامدة
أنا المتحرك في صخب الركود
أنا التيار السياسي الكاسح للألغام
أنا شبه " نشيد وطني"......................،
حين تشدوني أصوات ضمائر ميتة .........هناك في "بر الأمان"
أنا الريح الجياشة في جنح وطن مثخن بالعثرات
الحائر بين حنين الكتابة وبين كتابة الحنين
أنا الغضب السائل مع ضجة الأمطار
سأكون رسما ل "تيفيناغ" يخدش حياء توبقال
أو وشما "أمازيغيا" يزخرف أوجاع الريف
أكتب بكامل حروف "الحرية" التي تعشق "الاعتقال"
سأصير شمعدانا يحرس باب الغابات الملتهبة
فلي يراع غير مهادن..................، يرفل في نعيم العصيان
في نفس العشي البارد..........................،
عاريا إلا من حريتي، وأنا أفترش حصى الزنازين
وأشرب قهوتي بطعم الزعتر والزعفران
شاهدت، هنالك، تكويني وأنا بعد جنين "عصي على الخيزران"
فحاولت أن أمد الحارس بما تبقى من حليب أمي وبطاقة هويتي التي مزقتها قرب الجدار
مثل نورس هجروه مرغما أرض المعركة،
ربما غرد بلا صوت ................خارج السرب و خلف الأسوار
و دون جدوى................ ،
حاولت أن أهاود تنزيل "الدستور" و أن أساير تفعيل "المسار"
لكنهم لم يقبلوا بطاقة دعوتي ورفضوا اعتمادي،
فسجنوا ريشتي المزعجة وحاولوا خنق مفرداتي في "نفس الإطار"
و حاولوا نحر كل حنجرة صدحت ضد القرار،
تغني أشعاري المستفزة جدا
فقئوا عين الحقيقة "كي لا ترى" شيئا
وحاولوا محو ما تبقى من وقع لي على الآثار
بالأمس والآن وغدا.........................،

سوف أنهي هذا الجدل المقيم خلف الستار
أهدي شهادة ميلادي إلى حراس زنزانتي المتفجرة

و إلى الرقيب الساهر على أمن الهواجس و على سلامة الأفكار
ضد كل الاختيارات البديلة و وعيا بجمود الاستقرار
سوف أهادن هذا الموت ...........،
"لأني لا أستحق الحياة"
إذ لا جسر للعبور أركبه في أمان
وهذا قراري الأخير ....................، أبلغه لجميع التيارات :
" سأظل، بعد موتي، كما أردت كاسرا
مخفيا أو ظاهرا..................، ساكنا في ضمائركم أو حتى عابرا
سأظل حبرا ينضح بالدماء وبملوحة العبرات
سأظل كما أريد أنا.................. مجنونا أو قلما شاعرا
كأي حظر .......كأي غياب.............وكأي نفي
كأي لجوء..........كأي موت............. أو كأي انتحار ".

تعليقات (1)

This comment was minimized by the moderator on the site

صبيب من نفح الكلم الطيب....و معين فلسفي لا ينضب

شاعر مغربي مجدد و خارج عن إطار المألوف

نتابع ابداعاتك الجميلة والمجنونة منذ عهد ....مسيرة حاشدة بالتميز و العطاء

عبدالله زويتن
لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟