أنفاسباتت السلفية الشغل الشاغل الآن للباحثين والدارسين والإعلاميين على حد سواء، خاصة لدى الدوائر الغربية ومراكز صناعة القرار بعد هذا الانتشار الذي لقيته والمد الذي تتسع رقعته بمرور الأيام.. وهو نفسه ما دفعني لكتابة هذا الموضوع إضافة إلى ما وجدته من تجافي أو قل (الهوة) بين الإعلاميين والباحثين من جهة وأصحاب ودعاة المنهج السلفي من جهة أخرى حول فهم "السلفية" كمنهج إسلامي.. فهي محاولة لتقريب الأفهام حول هذا التيار الأصولي الآخذ في التمدد، نقف من خلالها على معالم ومحددات المنهج السلفي كما يراه السلفيون.
تعريف: تمثل السلفية منهج محدد المعالم لفهم الإسلام بالتزام الكتاب والسنة وفق فهم "سلف الأمة" وهم أصحاب القرون الأولى من صحابة النبي والتابعين وتابعي التابعين، وأئمة الإسلام كالأئمة الأربعة، وسائر أصحاب السنن كالبخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي. حيث يقول أصحابها إن "السلفية" ليست من تأسيس بشر، وإنما هي الإسلام نقياً، لأنها تتلخص في التمسك بما كان عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه. وهو ما يشير إليه د. مصطفى حلمي ـ أستاذ الفلسفة الإسلامية بدار العلوم ـ بالقول: "إذا كان المسلمون يلتمسون اليوم طريقاً للنهوض فليس لهم من سبيل إلا وحدة جماعتهم، ووحدة الجماعة ليس لها سبيل إلا الإسلام الصحيح، والإسلام الصحيح مصدره القرآن والسنة وهذه خلاصة الاتجاه السلفي، عودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله".

الخلفية التاريخية:

ظهر مصطلح السلفية كمحصلة لأحداث تاريخية وأوضاع ألمت بالأمة الإسلامية بعد وفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالأمة على عهده لم يكن لها مسمى غير "الإسلام" وقد بقيت على ذلك في ظل حكم الخلفاء الراشدين، إذ أن الأغلبية المتمسكة بالكتاب والسنة ومنهج الصحابة كانت هي الأصل، والأصل لا يحتاج إلى سمة خاصة تميزه، ولم تكن التيارات والفرق المنشقة فيما بعد من الخطورة بحيث تحتاج إلى اتجاه محدد لمواجهتها.

أنفاستجربة الحوار الكاثوليكي مع البلدان المغاربية تجربة متفرّدة، من ناحية تعويل الكنيسة على نتائجها ومقاصدها، ما جعل تلك التجربة واعدة من طرف واحد، من الجانب الكاثوليكي. فالطرف المغاربي، المفتقد لاستراتيجية علمية أو دينية، قد جُرّ جرّا إلى ما يسمّى بالحوار، على مدى أربعة عقود، ولم تنبع المثاقفة من مطلب أكاديمي أو استعداد مؤسّساتي له، بل كان استجابة للمواكبة والمجاراة. كان أوج تلك المثاقفة بتأسيس مجلة "إسلاموكريستيانا" المسماة بـ"إسلاميات مسيحيات" سنة 1975، بإشراف وتسيير لاهوتيين من الآباء البيض، حشِد لها رهط من الجامعيين من تونس بالخصوص، بغرض صنع وعي ديني ليّن وطيّع. غير أن الآباء البيض، الذين ارتبط منشأهم ودورهم بالكنيسة الاستعمارية، لم يوفّقوا في تجاوز الحوار العُصابي مع الإسلام، عبر ذلك التجمّع، الذي سعوا في تشكيله.
كان الطرف المغاربي ولايزال، يحسب الدخول في حوار مع الكنيسة "جلسة شاي"، يعرب فيها عن اعتداله وسماحته وتقبّله للآخر، يَجري فيها حديث عن الأخوة الإنسانية ووحدة العائلة الإبراهيمية. ولم يُدرَك حتى الراهن أن الكنيسة الكاثوليكية، لاتزال تنظر بعين الغيرية للإسلام والمسلمين، وأن الذي يجمعها أساسا هو بأتباع التوراة، بناء على مفهوم "الإخوة الكبار"، الذي اصطنعته وأزاحت منه الجانب الإسلامي، متجاوزة في ذلك الواقع الإناسي والأصول اللاهوتية في الدينين، والتأسيس التوراتي "لأباركنَّك –إبراهيم (ع)- وأكثرنّ ذرّيتك فتكون كنجوم السماء وكرمل شاطئ البحر، وترث ذريتك مدن أعدائها" التكوين(22: 18).
لمتسائل أن يتساءل عن مغزى التقارب الكاثوليكي من الإسلام المغاربي، أو بعبارة أدق مفاوضاته، التي لا يخفى ما ترنو له من استعادة للمواقع القديمة بعد رحيل الكنيسة الاستعمارية، وأرض المغرب تخلو من أهالي أصليين مسيحيين، وحتى إن تواجد أنفار من الناكصين مع تحوّلات العقود الأخيرة، فإن الكنيسة لا تجرؤ على عرضهم وخوض الحوار باسمهم ولأجلهم؟ فالكنيسة لتقريب المسيحية من الأهالي، سعت لاستبدال وكلائها في بلاد المغرب برجال دين مسيحيين عرب، المطران مارون لحام أسقفا في تونس، خلف الأسقف فؤاد طوال، وغالب بدر أسقفا في الجزائر، بدل الفرنسي هنري تيسيي. كل ذلك لإخفاء الطابع الغربي عنها، وتيسير تمرير الحوار التفاوضي عبرهم، الذي يدور حول نقطة محورية تدعو لانفتاح الواقع المغاربي، في تشريعاته وواقعه بحسب ما ترنو له الكنيسة، لا الحوار المعرفي.

أنفاسمما لامراء فيه أن اللغة ــ بصفة عامة ــ لها أهمية قصوى في تحديد الهوية للقومية لمجتمع معين من المجتمعات عبر عصور التاريخ . وذلك لما تتميز به من خصائص تشترك في تكوين بنيتها الدلالية والتركيبية  كما أن لها علاقة بنيوية مع الفكر . إذ أن الكيفية التي ينطق بها الإنسان  ويتواصل مع الآخرين هي تقريبا الكيفية التي بها  يفكر. وقد   قيل في هذا الصدد  إن الأسلوب هو صاحبه .
ولعل تساؤلات كثيرة تطرح نفسها هنا بإلحاح :
فما علاقة اللغة بالقومية ــ باعتبار أن اللغة بنية فوقية  ــ ولا تمس البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي هي أساس الوحدات القومية لأي مجتمع ؟
 ثم ما الفرق بين القومية  بمفهومها الواسع ، والقطرية بمفهومها الضيق ؟ وهل المجتمع الذي يدعو إلى تقزيم وحدته داخل القطر الواحد يحدث قطيعة  فعلية مع  المجتمعات التي يشترك معها في عديد من الخصائص ( مثل  اللغة ، التراث، التاريخ ، والجغرافيا ، ووحدة المصير ) ؟؟
هل القضية القومية ( وخصوصا العربية ) أصبحت في خبر كان . بعدما كانت الشغل الشاغل والمطلب الأساسي لكثير من التيارات الإيديولوجية في القرن الماضي  ؟؟
هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها الواقع المادي الملموس . فباستقرائنا للواقع العربي الراهن يتبين بالملموس أن المجتمعات العربية المعاصرة اختارت النهج القطري على النهج القومي لاعتبارات سياسية ومصلحية بالأساس .
 فالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في غالب الأقطار العربية اختارت سيرها وصيرورتها بمعزل عن الأقطار الأخرى .
فالبعض شرق .. والأخر غرب . ولاتجد نهجا بنيويا يربط دولة عربية بأخرى في سائر المجالات . بل نجد الهوة سحيقة بين نظام اقتصادي عربي وآخر متجاور . وبرزت إشكالية التقدم والتخلف  بين دولتين عربيتين متصلتين جغرافيا  ( السعودية مثلا واليمن . المغرب وموريطانيا. سوريا ولبنان. مصر والسودان وقس على ذلك )..

أنفاسلم تبدأ نهضة أي شعب من شعوب الأرض  من الصفر،  ولم ينجز أي شعب نهضته بالانغلاق عما أنجزته ثقافات وحضارات سبقته في التاريخ أو في التقدم. أو بالادعاء انه يملك في موروثاته الثقافية أوالدينية كل ما يلزمه للتقدم العلمي أو الاقتصادي او الفكري أو التكنلوجي .
العلوم الانسانية والطبيعية لا هوية قومية أو دينية لها.حتى لو حملت أسم مكتشفها . بمعنى ان اكتشاف العالم الانكليزي اسحق نيوتن لقانون الجاذبية ، لم يجعله قانونا بريطانيا لا يسقط التفاح بموجبه الا على رؤوس البريطانيين.. والعالم الألماني ألبرت أينشتاين ، الذي وضع النظرية النسبية ، لم يحصر النسبية بالفكر والعلوم الألمانية فقط ..  والعالم والطبيب العربي ابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية في جسم الانسان ، لم يوقف هذه الدورة على أجسام العرب فقط..وتاريخ الثقافات مليء بالتفاعلات والنقل والتطوير ، وكل محاولات حصر الثقافة او العلوم  بأسبقية في هذه الثقافة ألقومية أو الدينية أو تلك ، هي محاولات تقترب من التهريج الفكري والغباء المطلق.. لكل مكتشف قيمته ومكانته في تاريخ العلوم وتاريخ تطور المجتمعات البشرية. ولكل علم اختصاصه غير المقيد بدين وثقافة وقومية.. ومقابله نجد التبرير غير العقلاني للتخلف ، والتمسك به ... في جميع مجالات الحياة ، وهذا يبرز بشكل جوهري في عدم تطبيق العلوم الانسانية والطبيعية والتقنيات عالية الدقة وتطوير مناهج التعليم .
صحيح ان عصورا مختلفة قدمت شخصيات احتلت مكانة عظيمة في التاريخ . وهذا نجده في مثلا في الثقافة الاغريقية ، في الثقافة الرومانية ، في الثقافة الفرعونية في الثقافة الفارسية وفي الثقافة الاسلامية.. وبالطبع هناك ثقافات وحضارات أخرى أثرت مجمل العقل الانساني والمجتمعات البشرية  في انجاز التقدم  ... وقد أحدثت كل ثقافة دفعة حضارية واصلت فيها ما أنجزته ثقافات تاريخية متعددة وبالغة الاتساع.

أنفاسفي وقت يبحث فيه البابا راتسينغر عن لمّ شمل الكنيسة ورص صفوفها، بالسعي لإعادة المنشقين لبيت الطاعة، أفرادا كانوا أم جماعات، جراء ما يتهدّد المؤسّسة من تحلل قسري، ينفرط العقد مجدّدا بمجرّد تجميعه. فلا شك أن البابا الحالي في سعي دؤوب، لإقناع الجميع أن التحدّيات والمخاطر التي تواجه الكاثوليكية، هي تحديات تتربص بالجميع وليس بإكليروس روما وحده. فتحلّل الهوية المسيحية في قارة أوروبا العتيقة، وفي مقابلها حضور تكتل إسلامي نشيط بيولوجيا، يعد بنشاط حضاري ثقافي في المستقبل القريب، صار من الكوابيس الثقيلة. وأحداث الضواحي الباريسية في السنوات القليلة الماضية، كشفت تلك المصائر التي تسير نحوها أوروبا، باستفاقة الجموع الوليدة في الغرب عن هوياتها المغتصبة، في غرب يرنو لطحن المغاير داخل مطحنته الحضارية، من خلال سلبه حتى أبسط رموزه الثقافية.
حدثان بارزان يلخّصان محنة الكنيسة في عصر راتسينغر. فقد سعى البابا للقاء المنشقين فرادى وجماعات, وبادر في ذلك منذ اعتلائه كرسي الحبرية، كان ذلك مع منظّر اللاهوت النقدي، هانس كونغ، حيث دعاه للكفّ عما يسببه من نزيف، هو في نظر اللاهوتي إصلاح، لما يدعو إليه من ضرورة خوض حركة إصلاحية داخل المؤسسة الفاتيكانية، والخروج من باراديغمات القرون الوسطى، التي تهيمن على رؤية الكنيسة للعالم. والتي تتلخص في مسائل أساسية: دونية المرأة داخل الكنيسة (الراهبة لا تتمتع بأية حقوق على مستوى الرواتب أو المعاش على شاكلة رجال الدين) ورفض ترقيتها لاهوتيا، معارضة الكنيسة لعديد المحاور العلمية، مثل التخصيب المصطنع وموانع الحمل، خصوصا في البلدان التي يتهدّدها مرض فقدان المناعة، عدم مواكبة الكنيسة للعصر من خلال إصرارها على العزوبة، وهو ما سبّب نزيفا في جيش الكهنوت الأوروبي خصوصا. مع ذلك، فلازالت مجالس الكرادلة وتجمعات رؤساء الأساقفة والأساقفة من البيض أساسا، برغم التطورات الهائلة للكنيسة في إفريقيا. في مقاله المنشور في عدة صحف غربية، في منتهى الأسبوع الماضي، والمعنون بـ"لو كان راتسينغر مثل أوباما"، يقطع كونغ شعرة معاوية التي تربطه بزميله في التدريس في جامعة توبنغن راتسينغر. فقد عدّ اللاهوتي هانس كونغ البابا الحالي بوشا آخر، لما يشتركان فيه من تضييق على الحريات وحقوق الإنسان. تلك إحدى نماذج محن البابا مع أفراد صاروا رموزا.

أنفاسيلاحظ المتابع للشأن العربي الإسرائيلي هيمنة الرؤية السياسوية، في تفسير كل ما يتعلق بمبحث الفكر اليهودي، مما خلّف مقاربة محدودة وقاصرة ألحقت ضررا بالرؤية العلمية العربية، وأعمت عن تناول الموضوع خارج هذه الأطر الضيّقة. لذلك نرى غيابا لدراسة الفكر الديني اليهودي بشكل موضوعي، القديم منه والحديث، واختزالا لإسرائيل في محددات سياسية لا غير. وبرغم نشأة عديد ما يسمى بمراكز الأبحاث، في بلدان عربية، تتولى الشأن الإسرائيلي، فإن هناك غيابا لافتا لإيلاء اهتمام للجانب الديني العميق، الذي تستند إليه إسرائيل.
آن الأوان للعقل العربي أن يؤسّس علم يهوديات، أو كما أطلقنا عليه الاستهواد، حتى يمسك بخيوط ظواهر متنوعة في غاية التشابك.
المترجم
***
لقد أثارت التحوّلات السوسيوسياسية التي شهدها العالم اليهودي منذ القرن الثامن عشر تساؤلا جذريا حرجا، وذا صبغة مربكة للعقول المفكّرة: ضمن أية حدود يتواجد أو يغيب التواصل الأصيل بين العهدين، الماقبل والمابعد انعتاقي؟ سؤال مصيري، لأنه يحشر ضمن سياقه، مسألة المدلول العميق للمصير اليهودي المعاصر، وانخراطه ضمن مسار التاريخ الممتد. لأن التفسيرات المتعاضدة توفّر انسجاما متينا فيما بينها، فليس من المستغرب معاينة مقاربتين متضاربتين، ترتاد كلّ منها وبصفة دائمة سوق الأفكار. فالجدل الذي حرّك عديد المجالس الفكرية اليهودية خلال الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية للثورة الفرنسية، وفّر صورة جد حية عن الأمر.
من ناحية، أولئك الذين يقدّمون أنفسهم بكونهم "جمهوريين" وينوّهون بترقي اليهود إلى مرتبة المواطنة الفردية –وهو تقدير في غاية الإيجابية-، والتي ضمنت لهم الخروج من الغيتو، حيز الانغلاق، واكتساب الحريات الشخصية، التي منحت اليهود بشكل ما، أشكال كرامتهم الإنسانية. فالثورة بحسب هذا التمشي دشّنت حقبة جديدة، دفعت خلالها اليهود باتجاه الحداثة.

أنفاسهل هناك حدود لحرية الفكر والرأي ؟  ما هو الفكر ؟ ما هو الرأي ؟
أسئلة بديهية ، ولكنها تبدو أشبه بالمسائل الفلسفية الكبرى في الثقافة العربية. هل تطورت في مجتمعاتنا العربية ثقافة الحوار أم تسيطر ثقافة اللاحوار ؟
هل نحن مجتمع مدني ، ام ان المدنية أضحت من البدع اتي يجب قمعها؟
هل هناك من فكرة مقدسة لا يمكن نقدها او التطرق البحثي لمضامينها ؟
ما هو الفرق ما بين الحرية في التفكير  وبين التحرر من التفكير ؟  وهل يمكن القول ان رفض الحوار هو حالة من حالات الحرية أيضا ؟
وما الفرق بين الرأي والقدح والذم ؟
هل تحتاج الحرية الى فكر ونظام .. أم هي فوضى عارمة - تحررية  ؟
اذن لماذا نكتب ؟ ولمن نكتب .. اذا كان كل موقف يعبر عنه أصحاب الرأي ولا يكون متوقعا من القارئ يجر على كاتبه الويلات والشتائم السوقية والتهديد بالذبح أحيانا ؟
كثيرا ما يدور الهجوم حول مواضيع لم يُضمنها الكاتب قي مقاله ، وتطرح بشكل لا يتفق مع فكر الكاتب .. ومع ذلك تُلصق به عنوة . ترى هل المشكلة في فهم المقروء ، ام هي وجهة نظر مسبقة معادية بغض النظر عما جاء في النص ، خاصة وأن أبرز العدائيين حدة ، يختبؤون وراء صفات ثقافية وأكاديمية  ؟

أنفاستكاد تتزامن الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر سركون بولص  مع تهجير أكثر من ألف عائلة مسيحية من الموصل، تحت وابل التهديد والعنف السياسي اللذين يجتاحان العراق، ومثلما رافق وفاة سركون بولص سيلٌ من المقالات، منها ماكان صادقاً ومنها لكُتّاب مراثٍ يشحذون أقلامهم كلما مات مبدعٌ، وتصبح لهم ذكريات معه وتواصل ومكالمات هاتفية من نسج خيالاتهم، رافق وما يزال سيل مقالات تشجب وتستنكر ما يجري لمسيحيي العراق، خصوصاً وأن إلغاء المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، قد سبق القتل والتهجير، الذي جاء بضغط واضح من جهات تريد الاستيلاء على كل شيء، بالروحية ذاتها التي كانت لدى سابقيهم في الحكم، ناهجة نهج الإقصاء والتهميش أولاً، ومن ثم توزيع الفضلات تحت تسميات المكرمة والدفاع عن مكونات الشعب العراقي، مثبتين أن العقلية التي اتهموها بتهميشهم، هي عقليتهم، لأنهم أبناء حاضنة ثقافية لا تؤمن بالتنوع إلا إذا كان حسب مقاساتهم.
سوف نستعرض بعض ماكتب عن رحيل سركون بولص، وعن إلغاء المادة 50، وإجبار المسيحيين على ترك الموصل، وكذلك بعض الحوادث الأخرى، وسوف يكون كلامنا أحياناً عن أدبيات ظهرت قبل هذا الوقت، وعن نقاشات وجدل في وسائل الاعلام، لِنُبَيّن وجهة نظرنا القائلة إن الشفاهية والإشاعة مع العقل البدوي الإقصائي ( بجناحيه السهلي والجبلي) ساهمت في بلورة  نزوع ٍ إلغائي أناني لا وطنيّ، يحذو حذوَ ظالميه ومَن يشتكي منهم، حذو الحافر للحافر، ومَن يغرد خارج السرب، فهناك رزمة  من تلفيقات واتهامات مهيأة لإلقائها عليه، حتى لو أعلنَ بين جملة وأخرى براءته مما ينسب له، بل وهجومه على ما يريد البعض إلباسه إياه، لأنه ببساطة لايؤمن بالعقلية التي يؤمنون بها ويرفض الحاضنة الثقافية التي تسببت في خرابنا المزري.