الاشجار الرّملية – شعر: عبد اللطيف رعري

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

في تلْكَ الَّلحْظَة الوشيكَة
بانْدحَار الأقْبيّة
هُنَاكَ انْهيَارَاتٌ بالجُمْلة
تَدَاعيَّاتٌ شَتَّى
هُناك يخبُو نُور الشمعة
وفي
عَمْياء
القَلْب
تَطأ أقْدَامُنا المُقدّسَ والمَحْرُوس
قُبُورُ السّادَة تتَعَرَّى
مَآذنُ الكَنَائس تَخَلّتْ عَنْ مَيْلهَا للمَعْنَى

القَدَرُ هَيّأ سَقْطَتي منْ رَحْم فَيْضيَات الالَه
هَا أنَا منْمُولٌ بعُزْلتي أصَفّفُ تُرَابَ الارْض
وأحْرقُ تَنهيدَاتي بوَابلٍ منَ اللّعْنَة
بمدْرَاريَّة القَحْط الّذي يُلوّنُ عُذْريّةَ السَّمَاء
بشُح المَطَر،
الّذي أنْهَى المَسَافَات بيْنَ الأفُق الوَهْمي،
وبدَايَة اسْتدْرَاج المَوْجَات ،
لقَعر البَحْر
هَا انَا وَاهبٌ للْبَحْر ملْحَهُ
واهبٌ للمٌلك تَاجُهُ
مانحٌ للفناء شهوة الاغترار بطلعة الدوام
النَّجْوَى تَنْمُو بيْنَ الكُفُوف
والنَّورُ لَا يَأتي منْ طلّ السُقُوف
ثمّة أخاديد تسقط الآن من وجوه مائية
أشْجَاري رَمْليَّة
تكْمَنُ رائحَةَ الّليْل في ذُرْوَة الامْتعَاض
وَمَا ذرَّتهُ الرّيحُ هُو الضَّوءُ فَوقَ الحَجَر
حَتْماً الرّيحُ لا تنَامُ في بَاحَة العُرْيان
فمَنْ اغْتَاضَ منَ القَمَر صَارَ أعْمَى
وَمنْ ارْتَابَ وتَحَيَّرَ فيه
فَليُصْرف للحُطام الشَّكْوَى
ويَحْفنُ منْ جَوْف القَلْب تُرابَ المَوت
.وَليَكْمشْ حَفْنَةَ نُورٍ منْ فَوْرَة البُرْكَان الاحْمَر
لتحْترقَ حَوْلَهُ المَتَاهَة
وَيُصَابُ المَعْنَى بالجُنُون
وَفي طَريق اللامَنْطق
خُذ الاغْصَانَ سُيُوفًا
و الاحْجَار حَبَّاتَ عشْقٍ
خُذ رَقْصَ المَوْج خُدْعَة للبُكَاء
خُذ لَهيبَ النَّار دُمْيةً
وامْسَح عَنْهَا اثَارَ الحُزْن
جَرّبْ قَطْعَ الحَبْل
وَقس المَسَافَات بعَينٍ مُرْمَدَةٍ
جَرّبْ رُكُوبَ الأطْيَاف
وألجمْهَا بقُمَاشٍ خُرُوقُه تَأوي الأيْتَامَ
أرْكُضْ خَلْفَ مَا تَشَاء
وَسَلّمْ صَدْرَكَ للرّيح
واعْدُرني
صَديقي
انْ اخْتَفَيْتُ وَرَاءَ حَائطٍ رَمْليٍّ بعْضَ الوَقْت
فَأنَا مُتْعَبٌ منْ تَجَاعيدي عَلَى حَافَة الأبَد
منْ أصْوَاتي الحَزينَة المُلقَاة علَى حبَال اللّاوَعْي
منْ نَظَرَاتي المَلْفُوعَة بشهَاب الاغْترَاب
منْ انْتمَاءَاتي حينَ تَغَنّيتُ بالخَيْبَة
منْ أفكَاري المُتَأججَة ضدَّ تمَرْئياتي لأصْلي
مُتْعَبٌ يَا صَديقي
منّي عَلَى خَرَاب الذّاكرَة
بجَسَدٍ نخَرَهُ حَدُّ المُسْتحيل
مُتْعَبٌ يا صَديقي
منْ ورْطَتي في رَدْغ المُحَال
وسُفُني الوَرَقيَّة تَمْخُرُ عُبَابَ اللامَعْقُول
لتَنجُو من هُراء القَول
وتَخْريف التَّاويل
مُتعَبٌ ممَّا مَضَى ومَا سَيأتي
منْ جُرْف ثلْجيٍّ يحْتَرقُ في زَهْر طَلعَتي
منْ طَيْفٍ خَابتْ في مَرْاهُ الألْوَان
منْ بحْرٍ ظلّتْ أبْوَابُهُ مُوصُودَة
وصُرَاخي يُفَتثُ منْ حَوْلي
الأغْنيّات
منْ تعَب الأيَادي المَكْلُومَة
وحَظّي في النّجَاة كَمنْ ينْثرُ ملْحاً في الرَّمْل
منْ كنَايَاتي التّي تسْخَرُ منْ حُرُوفي
وانَا أدُوبُ فَوْقَ ورَقَتي
وأنَا أجُرُّ الخُرَافَةَ منْ ذَيْلهَا
لأحْتَقر الرَّمْزَ المَغْشُوش قَبْلَ سَفر ي الأخير
السَّكينَةُ لا تَصْنعُ منّي يَا صَديقي
غيْرَ ثائرٍ شَريدٍ
غيْر قَلبٍ مَهجُورٍ
غَيرَ عَابر ينتَظرُ طُقُوسَ المَوت
أوْ مَيّتاً عَذّبَهُ طُولُ الانتظَار
تَصْنعُ منّي مَاشيًا بلَا حُدُودٍ
أحْملُ ثقْلَ الفَرَاشَات بيْنَ يَدي
ولَا أبَالي بنَزيف المَطر
تَصْنَعُ منّي كَليمًا باسْم الحَجَر
باسْم أنْثَى الشَّجَر
باسْم فُحُولُ الطّريق إلى
الطريق
باسْم الطَّامعينَ في جَنَّة الاله
السَّكينةُ لا تَصنَعُ منّي يا صَديقي
فَأنَا لا أنْحني لهَدْأتي
وَلا ألثُمُ مُؤخرةَ زَوبعَةٍ تَهيلُ تُرابي بمَاءٍ عَكرٍ،
وتُعيبُ النّهْرَ طَقْطَقَة الأحْجَار
مَشيئتي تدْعُوني للسَّهَر
قُرْبَ نَوَافذ المَتاهَة
بجَانب لَيْلٍ يَتَبَرَّأ من صَدْمَة النَّهْر
وهُو يلْصقُ تُهمَة العصْيان بالحَدائق المَنسيّة
وفْي مَهْوَاه أنَّهُ مُطَاردٌ لنَحْس الشّيْطان
وعُذر الارْواح
مَشيئتي تُقربُني إلى يَدٍ مَمدُودَة
إلى خَرَائطٍ مُفَصَلّة عَن الجُوع
الى سَكَاكينَ تَحجُمُ لَونَ الشّجَر
الى نَزيف الذّكْرَيات المَطْفُولة بالعَبَث
إلى مَواويل الحُزْن خَارجَ مَنْطق المَعنَى
لاطْيَافٍ
تبْعُدُ ألفَ عُزْلةٍ
منْ يَقْظة
الجَبل

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟