ألا إن صيانة لغة الضاد من خطر الامحاء هي صيانة للهوية العربية ، و صيانة للأمن القومي : عبد السلام المسدي
ما من شك في أن المعنيين بالشأن اللغوي من المثقفين العرب لم يتوانوا ( منذ القرن التاسع عشر ) عن إثارة الانتباه للمكانة المحورية التي تحتلها اللغة العربية في الكيان الحضاري العربي ، و الدور الذي يمكن أن تطلع به في مضمار النهوض التنموي الشامل . و من تحصيل الحاصل التذكير بأن لغة الضاد واجهت ألوانا من المحن بالغة الخطورة ، و في أكثر من محطة في مسيرة العصر العربي " الحديث " ، أقلها الحصار الذي ضرب عليها أثناء الاستعمار الأجنبي للقبائل / الأقطار العربية ، و ثقل اللهجات المحلية و مواجهة الامتداد الكاسح للغات الأجنبية ، مما حدا بالمؤسسات الرسمية و الأهلية المعنية بالقضية اللغوية ، و بمعية عدد غير قليل من الباحثين و علماء اللغة المجتهدين ، إلى المساهمة الجادة في بلورة ، و اجتراح حلول كفيلة بإنقاذ العربية من مآل الانقراض .
***

نفترض أنك ترغب بمشاهدة فيلم، في التسعينيات ستقوم -وهو الحل الوحيد والأرخص ثمنا- باقتناء شريط فيديو، حاليا تستطيع الجلوس بالقرب من مقهى ومشاهدة الفيلم بالمجان عبر تقنية ال Wi-Fi. مضمون الفكرة هو الاستفادة من خدمة مجانية، وهو الأمر الذي لم يسبق حدوثه بتاريخ الاقتصاد؛ وهو أيضا ما يميز اقتصاد القرن 21 عن اقتصاد القرن 20. حيث الخدمات المجانية لاقتصاد التكنولوجيا والشبكات الافتراضية تكتسح اقتصاد الصناعات الثقيلة.
لو أنك اليوم تفكر بمشروع حول وضع تطبيق للتعارف مقابل دفع العملاء 1 دولار لتسجيل حساب، فهذا يعني إما أن لديك مشكلة بدماغك أو أنك نصاب! لأنه كيف يعقل أن تستثمر في خدمة بالدفع هي بالأصل مجانية ولن تصل بمستواها لخدمات شركات كبرى كفيس بوك وإنستاغرام وسنابشات بخدماتها المجانية؟ وما يميز اقتصاد الخدمات المجانية أن أرباحه تفوق أرباح اقتصاد الصناعات الثقيلة!

ارتبط المفهوم التقليدي للأمن والسيادة الوطنية لقرون وعقود مضت بعوامل تقليدية لها صلة وثيقة بالجغرافيا، ومع تطور الاتصالات في الربع الأخير من القرن العشرين حتى الآن، حدثت تغيرات هائلة في مفهوم السيادة، ولاسيما ما يتعلق بعولمة الاتصالات وتبادل المعلومات وسهولة انتقالها بشكل عابر للجغرافيا، وبات من الصعب القطع بفكرة السيطرة المطلقة على المعلومات في ظل الارتباط والاندماج بالشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت).
وهكذا شهد مفهوم الأمن الوطني تطوراً ذا صلة وثيقة بعصر المعلومات، وبرز مفهوم "السيادة السيبرانية"، التي تؤطر معايير السيادة في عصر المعلومات، ولاسيما بعد تفاقم خطر التهديد السيبراني والحروب السيبرانية، وتشكيل الدول المتقدمة قيادات عسكرية متخصصة في التخطيط لصد وشن حروب الكترونية ضد منافسيها وخصومها الاستراتيجيين.
مفهوم "الأمن السيبراني"ليس جديداً في النقاشات البحثية، ولكنه يبرز في بعض الأحيان ارتباطاً بأحداث ووقائع ذات صلة بهذا المجال، ومن ثم فقد عاد إلى الواجهة الإعلامية مجدداً في الآونة الأخيرة على خلفية انتشار فيروس "الفدية"الذي انتشر عالمياً بسرعة قياسية وتسبب في خسائر مادية تقدير بمليارات الدولارات.وبحسب تقديرات شركة "ميكروسوفت"فإن الهجوم الالكتروني لفيروس "الفدية"قد ضرب نحو 150 دولة حول العالم، حيث يسيطر هذا الفيروس الخبيث على ملفات المستخدمين ويحجبها ويطالبهم بدفع فدية لاستعادة المقدرة للدخول إليها مجدداً.

 يشهد العالم راهنا تقدما مدهشا في الميدان التكنولوجي ، إلى حد يعجز فيه المرء عن ملاحقة ما يصدر و بشكل سريع  ، من ابتكارات جديدة و متطورة . و يعرف مجال النشر الثقافي انعطافة مفصلية لم يشهد الإنسان لها مثيلا من قبل ، فأصبحنا أمام منافسة شديدة بين كل من الكتاب الورقي التقليدي و الكتاب الإلكتروني الجديد . فما هي الاستراتيجية المثلى و الكفيلة بجعلهما أداة كفيلة بإنجاز مهمة التوعية الراقية لدى القارئ الشغوف بعالم الثقافة ؟
فعلى صعيد المضمون يمكن القول بأن كلا منهما يهدف إلى تحقيق وظائف نبيلة ، تتمثل تحديدا في نشر الوعي و المعرفة ، و الرفع من مستوى الذوق الفني و الثقافي لدى القارئ ، كما أنهما يتطلبان قدرا كبيرا من الاهتمام و العناية و التركيز ، من أجل إدراك أبعادهما و محتوياتهما الدلالية و القيمية ، و كل منهما يصاغ نسبيا بأدوات لغوية محكمة البناء و نسق منهجي مخصوص ، لإيصال رسالته الإنسانية إلى المتلقي المتعطش إلى المزيد من التبصر بقضايا الإنسان و العالم و الكون ، مهما اختلف الكتابان ورقيا  و إلكترونيا ، من حيث الأشكال التعبيرية  من أدب و فكر و علوم و دين و سياسة ..
بيد أنهما يختلفان كثيرا على مستوى الصوغ الشكلي ، فلئن كان البحث عن المعلومة في المؤلف الورقي يستدعي بعض الوقت و التنقيب في رفوف المكتبات و فهارسها ، فإن الولوج إلى عالم الفكر و المعرفة في عصر الكتاب الإلكتروني أضحى غاية في البساطة ، و في متناول كل من يصبو إلى جني ثمار الإبداع البشري الرفيع ، كما أن الإبحار في محيط المؤلف الإلكتروني ، يمنح المرء كما هائلا من المعارف القديمة  و الحديثة و بالصوت و الصورة عالية الجودة ، شريطة أن نحسن استعمال الأدوات التكنولوجية الحاملة للكتب و المؤلفات العديدة ، مثل الكومبيوتر و الهواتف المحمولة  و الألواح الإلكترونية المختلفة الأشكال و الأحجام ، حتى نتجنب كل الآثار السلبية التي قد تعود بالشر على الصحة الجسدية و النفسية للقارئ .

يعالج كتاب “أيديولوجيا شبكات التواصل الاجتماعي وتشكيل الرأي العام”، كما يبدو من خلال المصطلحات المفتاحية الأربعة المسطورة في العنوان؛ باعتبارها دالَّة على محتواه، تأثيرات المنصات الاجتماعية في صناعة الرأي العام الإلكتروني، والآليات والأساليب التي تُستخدم في تكوينه. ولئن كان هذا الموضوع شكَّل مجالًا لأبحاث جامعية ودراسات إعلامية كثيرة منذ نهاية تسعينات القرن الماضي، ثم تناسلت هذه الأبحاث في سياق التحوُّلات التي عرفها المجال العربي منذ العام 2011، فإن المقاربة التي يعتمدها الكتاب تستند لرؤية توليفية؛ تكمن في دراسة الأطر المرجعية التي تُحدِّد دينامية هذه الشبكات بوصفها وسيطًا أيديولوجيًّا؛ يُنْشِئُ السياقات (العوالم الافتراضية) التي تجعل المستخدمين يحتكمون إلى الاهتمامات السائدة فيها، فتصبح هنا الوسيلة أو المنصَّة في ذاتها مُؤَدْلَجَةً، وليس المحتوى وحده، خلافًا لما دَرَجَتْ عليه الدراسات والنظريات الإعلامية التقليدية التي تربط جوهر أو طبيعة الوسيلة بمضمون الرسالة الإعلامية. ويُثير هذا الطابع؛ أي: أيديولوجية الوسيلة، إشكالًا فلسفيًّا بشأن “جوهرانية”* شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها؛ التي تُجسِّد رؤية معينة وتصوُّرًا مخصوصًا للعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وتُكَوِّنُ المظاهر العامة أو نمط الحياة؛ حيث لا يمكن الفصل بين الوسيلة والغاية.

يبدو أن عنوان المقال يثير الفضول من الوهلة الأولى حول “برامج التقنية” و كيفية تحولها إلى “عرافة إلكترونية”علما أننا اليوم في عصر التقنية التي طغت على مناحي الحياة اليومية للإنسان و الطبيعية حيث أصبحت العقل الجديد للكائن البشري الذي يفكر به، يتأمل به، يحس به، يأكل به، ينام به ... بل حتى الذي يموت به أحيانا ! إنها كل شيء راهنا .
وعلى ضوء هذا الهامش التقني- الأداتي الذي سوف نتفلسف حوله و الذي نجده قد حل محل كل شيء سواء الديني، السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، والفني  ... حيث لم تستبدل التقنية محل الدين وفقط  كما يرى الفيلسوف الألماني هيدجر، بل أصبح “عالم الثقافة”  كما أطلق عليها هيدجر اليوم تتواجد و تتداخل في كل شيء .
إن التقنية اليوم تعتبر سلطة من نوع جديد، أداة للسيطرة و التحكم كما يسميها  فلاسفة      و مفكرو مدرسة فرانكفورت الألمانية النقدية التي أصبحت "ذاتها سيطرة على الطبيعة    و على الإنسان سيطرة منهجية، علمية، محسوبة ... "(هابرماس العلم والتقنية كايديولوجيا، ترجمة حسن صقر، منشورات الجمل، كولونيا ألمانيا 2003، ص45) .
وبالإضافة كذلك فالتقنية في معناها العام عقل تقني جديد للسيطرة و الاستلاب المادي       و الروحي الذي يفقد الإنسان معناه و الطبيعة معناها، بالرغم مما تقدمه للإنسان بشكل ايجابي في مناحي الحياة اليومية إلا أنها تظل تسلب الإنسان صفته الإنسانية كما تحاول طمس فكرة تقدمه و فكره وتشوه كذلك العقل من خلال عقلها التقني- الأداتي الايديولوجي بلغة هابرماس .

تغيرت حياتنا مع الانترنت، نعم حقيقة يلمسها كل من اقتحم أغوار هذا العالم الفسيح المليء بالأخبار والأحداث والمتاهات، من منا لا يتذكر أيام الألفة والدفء حين كنا نجتمع حول مائدة واحدة نتجاذب أطراف الحديث، قبل هبوب رياح الانترنت والهواتف النقالة، نعيش الحياة بحب وامتنان متحدين مجتمعين، يمزح كل منا مع الآخر في جو عائلي جميل يريح النفس ويقوي أواصر المحبة والإخاء، نقهقه فرحا إذا دعا إلى الأمر داع أو بادر أحدهم بنكتة طريفة، نبتسم في وجه المتحدث ونثمن قوله، نتفقد الغائب ونسأل عنه، نقدر الحاضر ونسعد به، نتحدث عن ماضينا ومستقبلنا وما يدور في ذهننا، عن يومنا كيف قضيناه، وأسبوعنا كيف طويناه، نعبر عن ما نختلجه في صدورنا من مشاعر وأحاسيس خصوصا ونحن أمام آذان صاغية أمينة، وقلوب صافية بريئة، تعيش بجوارحها معنا لحظة بلحظة كل كلمة تخرج من أفواهنا.
أما وقد اقتحمت التكنولوجيا بيوتنا دون استئذان من كل باب ونافذة، وغزا الوايفي كل غرفة ومائدة، وظهر إدمان جديد من نوع خاص يضاف لقائمة السلوكيات البشرية المدمرة، أصبح من الصعب جدا بل من المستحيل أن تعود الحياة كما كانت من قبل وأن يعود الحب كما جاء برداء الصدق والدفاء، فحيثما حل بك الحال وقادتك قدماك، إلا وتجد كائنات غريبة منزوية في ركن من أركان المقهى أو المطعم أو أي مكان آخر يقصده العامة، تعبث في صمت بأجهزتها الالكترونية مختلفة الأحجام و الألوان، لا تتحرك إلا إذا أشارت للنادل بطلب مشروب، ولا تلتفت إلا بحثا عن مكان مناسب تعمل فيه إشارة الاتصال بشكل أفضل، تفضل الانفراد بنفسها لتعيش عالمها الخاص المحاط بهالة من الغموض والتركيز.

  يظل السؤال النقدي المُلِح، الخاص بتراجع مكانة الشعر، مطروحا على الساحة الأدبية والثقافية، وقد يفسر ذلك، تساؤل المهتمين به، على غياب الوهج الشعري بألقه التعبيري الذي كان يشد القارئ العربي، عندما كانت القصيدة تروي ذائقته إمتاعا وتشحن نفسيته حماسا، وكانت منابر الشعر تملأ الميادين العربية.
أرجع بعض المتتبعين للشأن الثقافي سبب تراجع القصيدة عموما إلى التطورات التكنولوجية التي غزت الحياة الاجتماعية، بداية بظهور فن السينما إلى انتشار أجهزة التلفاز مرورا باكتشاف جهاز الحاسوب، ثم عالم الإنترنت. ويرى أن هذه الفنون «البصرية» تكون قد خطفت أنظار المتلقي العربي، وحولت ذوقه نحو البصريات الخاطفة، بدل السمعيات الرتيبة من أدب وشعر وغيرهما من الفنون التي تعود عليها المتلقي العربي، حتى النصف الثاني من القرن الماضي.
نؤكد بداية أن هذا الطرح ليس دقيقا، وأن التكنولوجيا الحديثة بمختلف وسائطها ما هي إلا أداة يمكن أن يُطوِّعها الإنسان حسب إرادته – لخدمة أي فن من الفنون، بما في ذلك فن الأدب، وسوف نعرض في حديثنا التالي للخدمة البصرية الجديدة التي قدمتها التكنولوجيا الرقمية لعالم الشعر بالذات.
تنبغي الإشارة إلى أن الحديث عن عالم الشعر في مواجهة التكنولوجيا الحديثة، قد يُحيلنا إلى أمرين أساسيين، الأول منهما هو معرفة كُنْه الشعر وطبيعة تركيبته كَبَوْح إنساني نفسي ووجداني. والثاني هو إمكانية التعرف على تشكيلة عناصر التكنولوجيا، ومدى تأثيرها على الحس الإنساني ومدركاته الجمالية المتفاعلة، وعند تَفهُّم تركيبة المصطلحين، ببعديهما الإنساني والعلمي، يمكن لنا أن نتصور النتيجة المتأتية من إسقاط التكنولوجيا على فن الشعر، والمحصلة الجمالية من ذلك.

لكل دولة حكومة قوانين يتوجب على المواطنين احترامها والالتزام بها، من المتعارف عليه أن الحكومة تقوم على ضبط زمام أمور الدولة،  وتعمل على ملاحقة المجرمين والخارجين عن القانون والفارين من العدالة، مع تطور الاتصالات وظهور التقنيات وتوسع تكنولوجيا المعلومات نبتت فكرة الحكومة الإلكترونية لتقليل الوقت والجهد والكلفة.

تعريف الحكومة الالكترونية: وسيلة تعتمد عليها الحكومات لتقديم الخدمات لمواطنيها والمقيمين فيها، من خلال استغلال الشبكات الإلكترونية والتقنيات الحديثة، وتعتبر نقطة تحول من العالم الورقي إلى العالم الإلكتروني، والجسر الواصل بين الحكومة والمواطنين.