anfasse08057الملخص
     شهدت بدايات القرن الحادي والعشرين، تقدماً هائلاً في مجال تكنولوجيا المعلومات، وحولت الوسائل التكنولوجية الحديثة العالم الى قرية كونية صغيرة. وانعكس هذا التطور في مجالات متنوعة كالتعليم؛ فظهرت أنماط وصيغ جديدة للتعليم ومنها الجامعات الافتراضية، التى انتشرت فى العديد من دول العالم، وحققت العديد من الإنجازات، وفى هذا المقال عرض لنشأة الجامعة الافتراضية، وخصائصها، وتطورها، ومجموعة من المقترحات حول كيفية تبنى تلك الصيغة فى التعليم الجامعى العربى.
*    *    *
     حتى سنوات قليلـة, لـم تكن مصطلحات الجامعة الافتراضية (Virtual University)، وجامعة الإنترنت (Online University) وغيرها شائعة في أوساط التعليم الجامعي والعالي، ولكنها ظاهرة حديثة تزامنت مع التنامي المتسارع في إمكانات تقنية المعلومات والاتصال خصوصاً تقنية الإنترنت وتطبيقاتها في أواسط وأواخر التسعينات الميلادية في القرن الماضي.
وتعرف الجامعة الافتراضية على إنها مؤسسة تُقدم خدمة تعليمية غير مباشرة تُلبِّي حاجات متعلمين ذوي رغبة في تعليم يُحاكي ما تقدمه الجامعات التقليدية،أولئك المتعلمون لم تتح لهم فُرصُ الالتحاق بها؛ نتيجة ظروفهم الحياتية، وتستند هذه الخدمة الافتراضية على التعلم الإليكتروني عن بُعد خلال بنية تكنولوجية متقدمة تُبَثُّ عبر الانترنتOnline  مُتخَطِّية حدود المكان و الزمان ، يحدث التفاعل والتحاور بين المتعلمين و المعلم، وبين المتعلمين أنفسهم وقتما شاءوا وحيثما كانوا.

anfasse22016   في عصر ما قبل الإنترنت، هيمنت فكرة رئيسية على مجريات السلوك البشري٬ حيث عزف معظم الأفراد عن التحدث في أمور السياسة وتدبير الشأن العام وحقوق الإنسان٬ سواء في الأماكن العامة أو في النطاق الأسري أو مع زملاء العمل. ولكن في عقب التطور الهائل لشبكة الانترنت٬ وطفرة تكنولوجيا الإعلام والاتصال٬ بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي من قبيل (فيسبوك-توتير...)٬ والمواقع الالكترونية الإخبارية والتفاعلية والمدونات وغيرها من تمظهرات التكنولوجيا الرقمية٬ أتيحت للأفراد والجماعات فضاءات شاسعة و مساحات حرة للتداول و  النقاش في كافة أمور الحياة و في مقدمتها القضايا السياسية، وبالتالي إعطاء الأقليات فرصة للتعبير عن آرائهم السياسية والفكرية بحرية مُطلقة بعيدا عن ضغوطات المجتمع والنظام السياسي الحاكم.
    وفي وقت تعصف فيه رياح التغيير بالعالم العربي منذ بداية 2011، أصبح رهان التغيير السياسي٬ ودعم الحريات٬ وتحقيق العدالة الاجتماعية٬ وإرساء أسس الديمقراطية٬ والقطع مع الممارسات القمعية والاستبدادية٬ مسألة وجودية للشعوب العربية، فإما أن تكون أو لا تكون. والأكيد أن ولوج تكنولوجيا المعلومات والاتصال ميدان  العمل السياسي، أدى إلى ميلاد  آليات وطرق عمل جديدة للتعبير عن الرأي٬ وممارسة الديمقراطية٬ وتحفيز المشاركة السياسية بكل أشكالها (مظاهرات سلمية- حملات انتخابية- مواقف سياسية وحقوقية...) ، فيما يمكن أن نصفه بديمقراطية تكنولوجيا الإعلام والاتصال، أو "الديمقراطية  الرقمية".

anfasse25091لن أدّعي في هذا المقال الوجيز تشخيص واقع منظومتنا التعليمية، وإنما سأقتصر على التمهيد لبلورة الأسئلة التي يطرحها اليوم تطور المعرفة على تلك المنظومة. لنقل إننا سنحاول أن نتوقف قليلا عند الهزّة التي لحقت ميدان المعرفة والتحوّلات التي أصابت مجالاتها ووسائطها، وما يمكن أن يكون لذلك من وقع على مدارسنا وبرامجنا وطرائق تدريسنا.
لمدة غير قصيرة، ظلت المعرفة موسومة بالانغلاق، وبقيت حكرا على دوائر محدودة. فكانت محطّ أسرار جماعات محافظة، ولم تتحرر من ذلك إلا في عصور متأخرة حينما فرض التحوّل الديمقراطي مبدأ الانفتاح، فشَرّع الأبوابَ أمام فضاءات عمومية تُنشر فيها المعارف وتتناقل. وقد كان لظهور أدوات الطباعة والنشر دور مهم في إخراج المعارف، وجعْلها في متناول عدد متزايد من المستفيدين. وهكذا ولىّ زمن الدير والمساجد والبلاطات، ليبرز زمن المدارس والجامعات، ولتغدو المعرفة حقا من الحقوق الأساسية للمواطن.
إلا أن تطوّر الأدوات التقنية الذي نشهده اليوم، لم يكتف بتوسيع مجال نشر المعارف، وإنما خلق هو بدوره فضاءات جديدة لإنتاجها وتداولها، بله علائق جديدة بين منتجي المعرفة ومستهلكيها، هذا إن لم نقل إنه ألغى التمييز بين منتج ومستهلك وحَوّل طبيعة المعارف ذاتها، والدّور الذي تلعبه في سَنّ علائق بين الفرد والمجتمع.

attack-cyberفي الشهر الماضي استضافت هولندا المؤتمر العالمي للفضاء السيبراني (الإلكتروني) لعام 2015، والذي جمع ما يقرب من الألفين من المسؤولين الحكوميين والأكاديميين وممثلي الصناعات، وغيرهم. وقد توليت رئاسة لجنة من الخبراء لمناقشة الفضاء الإلكتروني والأمن، وقد ضمت اللجنة نائب رئيس شركة مايكروسوفت واثنين من الوزراء الأجانب. وكان هذا المؤتمر الذي ضم أطرافاً متعددة من أصحاب المصلحة هو الأحدث في سلسلة من الجهود الرامية إلى إرساء قواعد الطريق من أجل تجنب الصراع السيبراني.
إن القدرة على استخدام الإنترنت لإلحاق الضرر أصبحت الآن راسخة ثابتة. ويعتقد العديد من المراقبين أن الحكومتين الأميركية والإسرائيلية كانتا وراء الهجوم السابق الذي دمر أجهزة طرد مركزي في منشأة نووية إيرانية. ويقول البعض إن هجمة حكومية إيرانية دمرت الآلاف من أجهزة الحاسوب في أرامكو السعودية. وهناك من يتهم روسيا بشن هجمات "الحرمان من الخدمة" على إستونيا وجورجيا. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، عزا الرئيس الأميركي باراك أوباما الهجوم على شركة أفلام سوني إلى حكومة كوريا الشمالية.

facebook-dataنزلت وسائل التواصل الاجتماعي مثل هِبة سماوية على الباحثين في شؤون التسويق ومستطلعي الرأي ومتقصي قابلية المستهلك للمعالجة والتشكيل. هنا، يصرّح الناس بما يأكلون ويشربون، وأي ثياب يرتدون، وكيف يحبون أن يُخاطبوا؛ وهذه سانحة غير مسبوقة لدراسة أمزجتهم وأذواقهم ونزعاتهم في مجمعات كبرى من المعلومات، لم تكن متاحةً بالكم والعمق والسعة هذه في الماضي.
ويطور المستفيدون أدوات ومحركات بحث، للخوض في جبال المعلومات المتكدسة يومياً على مداخل الشبكة العنكبوتية، مثل أكوام النفايات التي جُمعت من أبواب المنازل تنتظر من يفرزها. لكنها ليست أكياس نفاياتٍ، يمكن النبش فيها لمعرفة أسرار أهل البيت، بل هي أشبه باستبيانات يعمل "أصحاب الحسابات" على الشبكات على ملئها يومياً بشكل طوعي، ومن دون أن يطلب منهم أحد. والأهم أن ملء الاستمارة يجري في ظروف استرخاء، وخلال حوار تلقائي مع العائلة والأصدقاء، إلى درجة أنها تكشف أكثر مما يحلم به أي محقق في أي غرفة تحقيق.
يقال عن مواقع التواصل الاجتماعي إنها تتيح التواصل خارج الإعلام والرقابة، وتكشف عن مواهب وغير ذلك، وقلما يجري التوقف، أيضاً، عند معنى كونها منجماً من المعلومات المفيدة في دراسة شؤون المجتمعات لغرض الرقابة عليها، والتحكّم بها والتأثير فيها. وهو منجم مصنوع ذاتياً، وكلما أفرغته امتلأ من جديد.

475-438bيندرج تحت مظلة "إنترنت الأشياء" العديد من التقنيات التي بات استخدامها أمراً اعتيادياً في حياة الإنسان اليومية، على غرار الأجهزة الذكية والأجهزة القابلة للارتداء، وغير ذلك من التجهيزات والأنظمة المنزلية الذكية المتصلة بالإنترنت التي تشهد ازديادا كل يوم.
وفي هذا الصدد، توقعت شركة أبحاث السوق "غارتنر" أن يصل عدد أجهزة "إنترنت الأشياء" الموجودة في الخدمة إلى 26 مليار وحدة بحلول عام 2020، دون أن يشمل هذا الرقم الحواسيب الشخصية واللوحية والهواتف الذكية، حيث تشهد صناعة "إنترنت الأشياء" اتجاهاً نحو ربط كافة الأشياء المحيطة بالإنسان بشبكة الإنترنت.
"مصطلح "إنترنت الأشياء" لا يعبر عن منتجات تقنية، بل عن مزايا يمكن دمجها في معظم المنتجات المحيطة بالإنسان،  "ولا يعبر مصطلح "إنترنت الأشياء" عن منتجات تقنية، بل عن مزايا يمكن دمجها في معظم المنتجات المحيطة بالإنسان ما لم يوجد سبب يمنع ذلك، وفقا لرئيس هيئة الإلكترونيات الاستهلاكية غاري شابيرو، وهي هيئة غير ربحية تهتم بتنظيم معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في مدينة لاس فيغاس الأميركية في يناير/كانون الثاني من كل عام.

biblio numeriqueالكتابة الرقمية ظاهرة فرضها التطور الهائل الذي شهدته وسائط الاتصال في العصر الحديث بفضل الثورة التكنولوجية التي جعلت من العالم "قرية كوكبية صغيرة". وقد أسهمت المنابر الإلكترونية عامة ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص في خلق حراك اجتماعي شمل مختلف مناحي الحياة. وهو ما نجم عنه تحول عميق في الحياة المعاصرة على جميع الأصعدة والمستويات. لكونها شكلت فضاء حرا لتدفق المعلومات والتعليق على الأحداث.
وقد اتخذ هذا التحول تجليات مختلفة أبرزها الواقع الافتراضي الذي أدى إلى تغيير كبير في أساليب التعبير وأدوات التواصل كما يكشف عن ذلك فضاء الانتاج الالكتروني الذي يتشكل من علامات ضوئية ونصوص أثيرية ورسائل لغوية وغير لغوية سابحة في الفضاء الالكتروني وجوالة في عوالم افتراضية غير مادية. وهو ما جعل الجميع يوقن بأن هناك عالما جديدا آخذا في التشكل اساسه الحاسبات الذكية والبرامج المعلوماتية وشبكات الاتصال الضخمة. إنه عالم يضج بالكائنات الافتراضية التي لا تعترف بالحدود والمسافات، حيث يجري البث في الواقع الافتراضي من مكان إلى آخر بسرعة الضوء وبصورة فورية تجعل حدود المكان بالمفهوم التقليدي تتآكل وتتضاءل.
لقد أصبح من الواضح تماما أن الكتابة على الجدران الافتراضية أسهمت بدور فعال في التحولات التي شهدتها المجتمعات العربية المعاصرة. وقد تأكد ذلك بالملموس عندما رأى الناس الثورات التي غيرت معالم الوطن العربي تنطلق من المواقع الالكترونية والشبكات التفاعلية. إذ برز "شباب الفيسبوك"، كما أطلق عليهم، فاعلين حقيقيين يدعون إلى التغيير وينخرطون فيه من خلال النزول الى الشارع والالتحام بالجماهير التواقة إلى الحرية والمشاركة في صنع مصيرها.

التكنولوجيا التي تدعونا للتساؤل ـ يحيى البوبلي  على الرغم من أن اليوم هو عيد ميلاد سعاد، فقد كانت تشعر بالحزن؛ لأن ثلاثة وأربعين فقط من أصدقائها على الفيسبوك (الذين يزيد عددهم عن الألف بقليل) قد كتبوا لها التمنيات بعيد ميلاد سعيد على حائطها.

بعد عدة أيام قررت سعاد أن تغير ال“بروفايل بكتشر”. أعطت الآيفون لصديقتها، وقفت في حديقة منزلهم، وضعت يدها اليسرى على خصرها، دفعت بصدرها قليلاً للأمام، زمّت شفتيها المطليتين بالروج زهري اللون، وتم التقاط الصورة. شعرت سعاد بالرضى لأن صورتها الجديدة قد حصدت ما يفوق المئة “لايك” بعد مضي ساعتين على وضعها. إلا أن شيئاً ما كان يزعجها، فزميلها في الجامعة ( الذي تكن له مشاعر الحب بالسر) لم يضع “لايك” للصورة، على الرغم من أنه قد شاهدها بالتأكيد. هو لم يعبّرها يوماً، لا ب“لايك” ولا “كومنت” ولا غيره، هي أصلاً من عملت “آد” من البداية، وهو قد قبلها بعد مرور عدة أيام.

facebook1111في زمن الشفهي والكتابي كان الكتاب والأدباء يتزعمون المشهد الثقافي.. وكان الجميع يتطلع إلى تتبع أخبارهم وأحوالهم. لكن مع ظهور الصورة كأثر وفعل، أجبر من كانوا يسمون بالمثقفين التقليدين على الانخراط طوعا داخل زوايا الصورة، كالتلفاز أو الانترنت. ومن خلال هذه السطور سنتتبع تحركات بعض الفئات المثقفة في المغرب، كالكتاب والأدباء والسينمائيين والإعلاميين الصحافيين، على أساس موقعهم الموازي في تفعيل التأثير الوسائطي، ممثلا في الفايسبوك.

لكن أولا، لنعرج سريعا بسياق الانخراط والصراع القائم بين النخبوي والشعبي؛ أي بالذين ارتموا بين أحضان المجتمعات الافتراضية، وعبروا من خلالها عن آرائهم وتفكيرهم وأحدثوا أثرا حول مختلف القضايا. وقد كان هذا بادئ الأمر في عيون "المثقفين التقليديين" كانتهاك لدور المثقف وتمثيليته لجل القضايا المطروحة. إذ أصر، حينها، معظمهم على ضرورة المحافظة على أصالة الثقافة، كي لا تضييع وسط التمييع و"التفاهي". وهو حال فكّـكه الناقد عبد الله الغذامي في كتابه عن سقوط النخبة وبروز الشعبي.