أنفاسلعل التساؤل الأبرز الذي يدور بأذهان العديد هو لماذا أصبحت الميادين الرياضية مسرحا لأعمال العنف؟و هل ولى زمن شعارات الرياضة أخلاق أو لا تكون و الرياضة تحابب و تقارب؟ فهذه التساؤلات و غيرها مشروعة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الدور الذي تلعبه الرياضة اجتماعيا. لكن التساؤل الأبرز الذي يمكن طرحه هو: هل يكون اللجوء إلى العنف أمرًا مقصودًا من اللاعب أو المشجع؟ أم أنه نتيجة وضعيات صعبة وجد الفاعل نفسه محشورًا فيها؟
لقد أصبحت الرياضة و خاصة كرة القدم تعني الكثير لدى العديد من المشجعين,فهي ذلك الوهم الجميل الذي ينتظره طوال الأسبوع,و هي الشيء المتجدد الذي يعرفه في خضم ما يعيشه من ضغوطات الحياة اليومية: العمل,العائلة,الدراسة...لتصبح الرياضة متنفسًا لكل ذلك. و إذا كان البعض يأخذ الرياضة على أنها وسيلة من وسائل الترفيه,فإنها تصل إلى حد الإدمان لدى الكثيرين أو لنقل أنها تحولت إلى أفيون الشعوب الجديد. عندها لا تصبح مباراة في كرة القدم تدور يوم الأحد أو أي يوم آخر بل أنها تتواصل لتصبح جزءًا من المعيش اليومي,فترى المحب يتابع التمارين خلال أيام الأسبوع و يلاحق الأخبار المتعلقة بفريقه المفضل,فيصبح متعايشا معه في البيت أو في العمل أو في مكان الدراسة.و ما نريد توضيحه هنا هو أن الفريق الذي نشجع يتحول إلى جزء منا و المساس به يعني المساس بشيء له من القدسية الشيء الكثير, حتى أن التحضير للذهاب إلى الملعب يكون عبارة طقوس واجبة استعدادًا لهذا الحدث.فالعاطفة هي التي تسير أفعال المشجعين تمامًا "كالصفعة التي توجهها الأم لابنها لأنه كان لا يحتمل,أو اللكمة الصادرة من لاعب فقد السيطرة على أعصابه أثناء مباراة كرة قدم. و في جميع هذه الحالات الفعل يعرف ليس بالرجوع إلى الهدف منه أو لنظام قيم بل بالعودة إلى ردة الفعل العاطفية للفاعل المحشور في وضعيات معينة."
و سنحاول هنا تحديد هذه الوضعيات التي تؤدي غالبًا إلى الانفجار. فمن المعروف أن الجمهور الرياضي أصبح فاعلا رئيسيا في النشاط الرياضي بصفته الاقتصادية كمستهلك,لذلك ترى النوادي تسعى بشتى الوسائل إلى استمالته و حثه على حضور المباريات حتى و إن كانت المخادعة وسيلة لذلك كإيهامه بالقدرة على حصد الألقاب الواحد تلو الآخر,و القول بأن النادي ملك للجمهور و مصلحته من مصلحتهم أي أنه جزءا منهم. وإذا أضفنا إلى ذلك بعض الخطابات الصحفية و التي تعتمد المبالغة كوصف مقابلة بأنها ثأرية أو مباراة الأمل الأخير و غير ذلك من الأوصاف و التي تجعل المشجع يأخذ المسألة على أنها مصيرية أو لنقل قضيته الشخصية,فتراه واقفا في الصفوف بحثا عن التذاكر وتحضير مستلزمات الاحتفال ليأتي اليوم الموعود و تجد الجماهير نفسها أمام منغصات ترى أنها تحول دونهم و دون وهمهم المنعش و الذي قدموا من أجله.

أنفاسيرمي هذا الفصل إلى القيام بمسح للمساهمات العلمية التي توفرت بصدد الطوائف الدينية، ويحاول في الوقت نفسه، أن يقرأ، نقديا، مختلف محاولات علماء الاجتماع في السنوات الأخيرة لفهم هذه الظاهرة، وتشمل هذه القراءة مستويين: المستوى النظري والمنهجي، والمستوى الميداني. كل ذلك في أفق توظيف هذا التراث لمقاربة موضوع هذه الدراسة .
1- الاتجاهات التقليدية.
ظهر الاهتمام بالحركات الدينية ذات الطابع الطائفي منذ الفترة الذهبية لعلم الاجتماع الديني حيث ظهرت أعمال الأباء المؤسسين لهذ ا الفرع من علم الاجتماع العام، وعلى الخصوص   في أعمال ترولتش  (Troeltsch) وفيير(Weber).
ففي إطار تصنيفه للكنائس والفرق الدينية السائدة  في  العالم المسيحي، رآى ترولتش  أن الطبقات الدنيا هي التي تكون منبع الاستقطاب بالنسبة للفرق الدينية، فالظلم الاجتماعي وعدم المساواة من الجوانب الأساسية في خلق الظروف السيئة للإنسان. لذلك فإن التوتر بين الكنيسة والفرق الدينية سوف يستمر طالما استمرت المسيحية في الوجود1.
أما فيبر، فركز ، تماما كما كان الشأن بالنسبة لترولتش، على الفروق التي أصبحت تميز بين الكنيسة والطائفة، فقد تحولت الكنيسة من مؤسسة تعمل في سبيل النعمة والخلاص، إلى مرفق للاستئمان يتلقى مساهمات أعضائه الإلزامية من حيث المبدأ، بدون أن يكون في وسعه إثبات شيء في ما يتعلق بفضائل أتباعه كما كان الأمر من قبل. وفي مقابل هذا التحول، تأسست الطوائف الدينية لتقوم مقام الكنيسة في تأدية واجباتها، بما هي تجمع طوعي وحصري معزول عن العالم يضم المنتسبين إليه دينيا في نظام أخلاقي شديد الصرامة2.
انطلاقا من هذا النموذج الإرشادي الذي يقابل بين الكنيسة والطائفة، تناسلت الأبحاث هادفة إلى بيان أثر هذا التقابل في الحياة الاجتماعية. وكانت النتيجة، السريان بهذا التقابل  إلى حدود قصوى وقع التمييز فيها، هذه المرة، بين الطائف والبينة الاجتماعية ككل، إذ غالبا ما نظر علماء الاجتماع إلى الطوائف الدينية على أنها مشكلة اجتماعية، من خلال مقابلتها مع البنية والحركة الاجتماعيتين، بحيث اعتبرت الطوائف الدينية بعيدة عن طرق العمل الديني المألوفة، وتمثل التوجه الذي يواجه البنية الاجتماعية . علاوة على ذلك، فإن الطوائف الدينية لا تتمتع بصفة الديمومة والاستقرار التي تتميز الهياكل المكونة للمجتمع. إنها ليست مجرد مظاهر موازية لأنماط التدين المألوفة، وإنما مؤشرات غير عادية على أوضاع اجتماعية غير عادية3.

أنفاسمن منا لا يريد أن يكون سعيدا؟ و لكن ماسبل تحقيق ذلك؟يبدو أن كل البشر تنتابهم رغبة في أن يكونوا سعداء ولكن المشكل أنهم عاجزون أن يحددوا بيقين تام ما يجعلهم سعداء بحق و يترتب عن هذا أن مشكلة تحديد الفعل الذي يجلب السعادة هي مشكلة لا حل لها فما هي أسباب ذلك؟
إن مفهوم السعادة بلغ من عدم التحديد مبلغا جعل كل إنسان يعجز عن أن يقول في ألفاظ دقيقة ما يرغب فيه لأن السعادة هي مثل أعلى للتخيل والعاطفة و ليست مطلبا عقليا أو غاية يمكن إدراكها إذ من الضروري أن يكون هناك حد أقصى ترتبط به فكرة السعادة و هذا الحد الأقصى يتغير من شخص إلى لآخر فهناك من يجعل البحث عن الحقيقة والمعرفة هي السعادة و هناك من يبحث عن كثرة الأضواء و الشهرة وفريق آخر لا يبغي من حياته سوى تجنب الشقاء و تحقيق الصحة الكاملة . لكن  رغم ذلك فإن هذه الأفعال وأهدافها لا ينتج عنها تحصيل السعادة ذلك أن تجارب الحياة تعلمنا أننا قد ننجز أهدافنا ولكن مع ذلك لا نبلغ السعادة بل تنقلب إلى نوع من السأم .  غير أن للمجتمع الإستهلاكي المعولم رأيا آخر في السعادة بل يرى أنه بامكانه تحقيق السعادة للإنسان . فهل حقا بمقدور هذا المجتمع  توفير السعادة للإنسان أم أن ما يعدنا به حول أمنية السعادة هي من قبيل  السعادة   الإيديولوجية الوهمية وهي مجرد أسطورة زائفة ؟ تستند فكرة السعادة في المجتمع الإستهلاكي إلى نقد الأنتروبولوجيا الفلسفية التي تمجد السعادة وتعتبرها خيرا أسمى وتعتبرها مجرد أنتروبولوجيا ساذجة تقوم على فكرة خاطئة عن الطبيعة البشرية إذ تعتقد أن الإنسان له ميل طبيعي للسعادة و تحصر السعادة في ما يلي : سعادة الجسم على حساب سعادة الروح وسعادة الفرد على حساب سعادة المجموعة . و مرجع هذا التصور للسعادة هو ليبيرالي إقتصادي من جهة و ديني ميتافيزيقي من جهة أخرى ز ففي المستوى الأول ترتبط السعادة بفكرة الرخاء و رغد العيش و الرفاه وفي المستوى الثاني ترتبط بالنجاة و الخلاص الفردي و تتراء لنا السعادة في المجتمع الإستهلاكي المعاصر ذات إشعاع كبير و تمتلك رونقا خاصا في النفوس تمارس تجييشا كبيرا وتؤدي وظيفة الدعاية والإستقطاب .

أنفاس1-عناصر أولية تمهيدية        
ثمة علاقة جدلية بين الفكر الغربي الحديث ، كفعل تنظيري بجميع ألوانه و تياراته ، و كيفية ممارسته لمفهوم السلطة ، كمفهوم ثقافي و عملي ، هذه الممارسة التي تجاوز بها هذا الفكر الطرح التقليدي و البسيط ، الذي كان سائدا و مهيمنا في الفترة السابقة عليه ، و المرتبط خصوصا بكل ما هو اقتصادي و إداري و سياسي ، في وقت ارتقى فيه هذا الطرح ، إلى مستوى أكثر فعالية و عقلانية و حداثية ، و ذلك بتحيين المنحى المنهجي  و المعرفي العميق لمفهوم السلطة ، و محاولة ربطه ربطا محكما ، بكل تجليات و تمظهرات جسد المجتمع ، كبنية متماسكة تعتبر وجوهها الرمزية و المخفية ، أهم و أخطر بكثير من واجهاتها المادية و الظاهرة .
و تجدر الإشارة ، إلى أن هذا التحول النوعي ، الذي شهده التعامل و البحث في مفهوم السلطة ، جاء نتيجة طبيعية لتضافر العديد من العوامل السوسيو اقتصادية و السياسية و الثقافية و الحضارية ، التي كان لها الدور الأساسي و الأكبر في تطور الواقع الغربي المادي المعيشي و الحضاري في جميع ميادين المجتمع الغربي ، سواء تعلق الأمر بالواقع الأمريكي أو الأوروبي ، ذلك التقدم التاريخي و الحضاري الهائل ، الذي كان له التأثير الإيجابي الكبير و العميق على المستوى الفكري و الفلسفي و العلمي ، الأمر الذي أدى إلى ظهور ، في أواخر القرن العشرين ، مجموعة من الأبحاث و الكتابات المتمردة ، على الطرح التقليدي الضيق لمفهوم السلطة ، و أسست لنفسها أفقا أكثر عمقا و عقلانيا .
 و يمكن اعتبار المفكر و الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو ، من أهم مؤسسي هذا الفهم الجديد لمفهوم السلطة ، و قد عرف باجتهاداته الهامة في مجال البحث الفلسفي الجذري ، خاصة في الطب العيادي و تاريخ الجنون ..، إلى جانب كل من ماكس فيبر و بيير بورديو في مجال الدراسات الاجتماعية و علم الاجتماع الانعكاسي ، و قد حاولت هذه الأبحاث العلمية ، من خلال روادها الأساسيين ، طرح سؤال المنهاج الشامل و الناجع ، و أدوات تحليل الظواهر الاجتماعية و السياسية و الثقافية، لهذا ستأخذ هذه الأعمال على عاتقها ، الانشغال أكثر و الاهتمام بعمق طبيعة العوامل الخفية غير المباشرة ، و المنظومة الرمزية المؤثرة بفعالية في أي مجتمع ، مهما كانت طبيعته و نوعية وضعه العام ، بجميع تجلياته و تشكيلاته .  و من خلال مفاهيمها الإجرائية و أدواتها المعرفية و المنهجية ، المتميزة بطابعها الشمولي ، و ببعدها النقدي ، ستحاول هذه الأبحاث الفكرية الغربية الحديثة ، إعادة قراءة العديد من المواضيع الهامة في المجتمع ، و التي يعتبر موضوع التعليم و التربية ، من أهم الأسئلة التي شغلت الكتاب و المنظرين في هذا المجال .

أنفاستقديم عام: التبرّع بالأعضاء من رهانات العلم إلى رهانات الثقافة
إنجازات علميّة، طبيّة، وتقنيّة تقاوم أسباب الأمراض المميتة، إطار قانوني يضع الشروط الإنسانية والأخلاقيّة للتبرّع بالأعضاء. فتاوى دينيّة تجيز اِستقطاع الأعضاء البشريّة، حملات تحسيسيّة عبر مختلف وسائل الإعلام بضرورة التبرّع ولكن يبقى الإقبال دون المأمول  مما حدا ببعض الباحثين إلى اعتبار أن ’’أزمة زرع الأعضاء هي أزمة معقدّة‘‘  وتظلّ الأسئلة مطروحة: مَنِ المتبرّع؟ لماذا ترفض عائلة الميت التبرّع؟ ما سبب ذلك؟ كيف السبيل لتجاوز العوائق إزاء التبرّع؟
أمام هذه الأسئلة القلقة تصبح المقاربة الانثروبولوجيّة ـ السوسيولوجيّة ملحّة وأكيدة لأنّها ستحاول البحث في الأسباب العميقة للمواقف الاجتماعية وممارساتها تجاه حساسيّة التبرّع بالأعضاء وفق مقاربة شاملة تعطي للثقافة ولتاريخ الذهنيّات أهميّة. ومن المفارقات العجيبة أن العلم تطوّر وغايته الأساسية هي خدمة قوى الحياة ولكنه في نفس الوقت عليه أن يواجه تيارا عارما من المواقف التي تريد أن تتصادم معه بدل أن تتعاون معه. فالتحوّلات التي شهدها العالم اليوم، فجّرت قضايا مستجدة مختلفة الأنواع وفي كلّ المجالات ولم تتناول بصورة مباشرة وأصبحت هذه المشاكل تحتاج من العلوم الاجتماعية أن تضعها في مخبر اِهتماماتها. 
وتهدف هذه المقاربة إلى دراسة مسألة التبرّع بالأعضاء وما يحفّ بها من ردود أفعال المجتمع: بين القبول والرفض. ذلك أنّها تحاول رصد الأسباب العميقة للرفض. وعليه تقترح حلولا تراها مناسبة للحثّ على التبرّع بالأعضاء. كما أنّ دراسة أثر التغيّرات على القيم والطقوس والمعتقدات لا يمكن أن يكون مجديا إلاّ من خلال اِختبار مسألة من المسائل التي تشغل المجتمع مثل موضوع التبرّع بالأعضاء. وبإيجاز تضع هذه الدراسة في اِعتبارها رهانات أساسيّة هي منطلق توجهاتها:
1.رفض التبرّع له أسباب عميقة: فليس من الهيّن الإحاطة بها جملة وتفصيلا بل هي تحتاج إلى دراسات معمّقة تتضافر فيها الاختصاصات وتتعدّد فيها المناهج. كما أنّ تغيير المواقف يتطلب حيزّا زمنيا كافيّا. فضلا عن ذلك لا تكفي الدراسات الكميّة التي تنطلق من أرقام ومتغيّرات وجداول إحصائية لاستطلاع الرأي العام وسبره بل لا بدّ من دراسات كيفيّة تتعمّق في المعاني والمقاصد التي تتناول مواقف المجتمع بما يعطيه للأشياء من رموز ودلالات.

أنفاسنحن نعيش الموت البطيء لكوكب الأرض. إنّها تموت استخراجا وحرقا وتلوّثا وتسمّما وهي اليوم تصفّي حساباتها بعد أن امتدّت يد البشر إلى عمق أعماقها تخريبا وإهدارا.
هذه الأرض تتصحّر وتترمل ولعلّ هذا التعبير الذي يدلّ على هجوم كثبان الرّمل يعبّر عن حالة الأرض: إنّها أرض أرملة فقدت من يرعاها ويعشقها بعد أن عوّض المستثمر الفلاحي المزارع.
في مختلف اللّغات اللاّتينيّة ترمز كلمة تصحّر (désertification) إلى الهجر والفراق.
في سنة 1957 قام الصحافيّ Fruk Hubert بزيارة لمنطقة Florence بالولايات المتّحدة الأمريكيّة للقيام بتقرير عن المخطّط الحكومي لمقاومة هجوم كثبان الرّمل لكنّه عاد من مهمّته منبهرا بجمال هذه الكثبان. في سنة 1965 أصبح Hubert من بين الكتّاب المعروفين والمختصّين في الخيال البيئي والعلمي وقد نشر كتابه الشهير "دورة الكثبان" التي تنبّأ فيه بمستقبل مظلم للكرة الأرضيّة.
في سنة 1932 ضربت عاصفة « Dust Bowl » الهضاب الممتدّة بجنوب الولايات المتّحدة الأمريكيّة وذلك على مدى عشر سنين.
في 9 ماي 1934 انطلقت عاصفة رمليّة من منطقة مونتانا وحملت معها 318 مليون طنّا من التربة.
في سنة 1938 بلغت كمّيّة التربة المهدرة مليارا من الأطنان. في سنة 1939 حملت عاصفة رمليّة بمنطقة أوكلاهوما كمّيّة من التربة قادرة على تغطية مساحة 2,5 مليون هكتارا وبسمك 30 سنتمترا. تكتسح كثبان الرمل الحقول والمزارع وتمتدّ الواحدة على طول 500 مترا وبعلوّ 7 أمتار. تضرّرت المزارع ووقع القضاء على 30 مليون هكتارا هجرها المزارعون وقد بلغ عدد النازحين 3,5 مليون مواطنا. عرفت هذه الفترة كوارث طبيعيّة عديدة كالجفاف والأعاصير وعواصف الحجر وتغيّرات المناخ...
حسب بعض العُلماء المختصّين في المناخ والذين درسوا دورات الجفاف في الولايات المتّحدة الأمريكيّة على مدى ألفَيْ سنة فلقد كانت فترات الجفاف التي عرفها القرن العشرون الأقسى والأخطر.

أنفاستتجلّى أمام عالم اجتماع الأديان اليوم تمظهرات شتّى للدّين، متمثّلة في حركات دينيّة جديدة، وأصناف مختلفة من التشدّد الدّيني، ونماذج متنوعّة من التوليفية والمسكونية، وأيضا علاقات متوتّرة بين الأديان، مع ارتفاع المناداة بهويات مميّزة عرقية وسياسية في عديد البلدان، وكذلك أنماط من التديّن العلماني، وتمازج بين الدّين وادعاءات الإشفاء، مع تطوّرات نحو أشكال من الاعتقادات الليّنة والنفعية (الدّين الجاهز)، تشهد كلّها بشكل أو بآخر على ديمومة الأهمية الاجتماعية للدّيني حتى داخل المجتمعات العَلمانية الذّائعة الصّيت.
الحركات الدّينية الجديدة:
لقد شدّ انتباه عديد علماء الاجتماع، خصوصا البريطانيين منهم، مثل إلين باركر وجيمس. أ. باكفورد وبريان ولسون، ظهور تجمّعات دينيّة جديدة، ذات مرجعيّات تراثية شرقية، في قلب المجتمعات الغربية ذاتها، محبّذين تجاوز نعتها بكلمة نحل إلى تسميتها بالحركات الدّينية الجديدة. يمكن أن تكون التّسمية محلّ تساؤل، فهل توجد بحقّ ظواهر مستجدّة؟ وهل تنبع كلّها من الدّيني؟ فلكل من تلك الحركات ينبغي طرح تلك التساؤلات على حدة.
ولكن لابأس من المحافظة على تلك التسمية لنعت، ولو بصفة إجمالية، الشّتات المتنوّع للوقائع الاجتماعية الدّينية التي تطوّرت في مجتمعات شتى خلال العقود الأخيرة. وحتى وإن ضُخِّمت الظاهرة من طرف الإعلام فإن هناك اتفاق بشأنها، فقد احتلّت مجموعات حيزا في الفضاء الغربي وغير الغربي، نذكر أمثلة ثلاثة على ذلك: كنيسة العلمولوجيا -Scientologie، والسوكا جاكاي –Soka Gakkaï-، وما أطلقت عليه فرانسواز شمبيون "الكوكبة الصوفية الغيبية".
- كنيسة العلمولوجيا: تمّ بعث هذه الكنيسة سنة 1954، من طرف الأمريكي رون هوبّارد (1911-1986)، وقد انشغلت بالديانتيك، وهو علاج إشفائي يعرض بصفته علما حديثا للصحّة العقليّة. تمّت بلورته مع الكاتب المذكور سنة 1950، انطلاقا من العلاج النفسي، والذي تحوّل لاحقا إلى ديانة. وقع التشكيك فيه منذ سنة 1950، من طرف جمعية علماء النفس الأمريكيين. وبحسب الاعتقاد العلمولوجي، تواجدت قبل خلق الكون أرواح مطلقة العلم وخالدة، تسمّى ثيتان، وجرّاء الأصل الرّوحي للإنسان فهو ثيتان حلّ في جسد، مرّ عبر ألوف الكيانات البشرية. وعبر الإصغاء الديانتيكي، والعلاج العلمولوجي، يصبح الإنسان مهيّأ للتحرّر والتحوّل إلى ثيتان إجرائي، أين يعثر بداخله على الحرية وعلى الثيتان الكامن فيه.

أنفاسفي الحقيقة ينظر ماكس فيبر (عالم الاجتماع الشهير) للاخلاق الإسلامية في الفترة التي سبقت نشأة الدول الوراثية الرئيسية. أي أن فيبر كان يعتبر القرن السابع هو الفترة الحاسمة لتطور الدوافع الإسلامية. وهو في ذلك يرى أن الإسلام قبل الهجرة إلى المدينة كان مفهوماً توحيدياً نقياً يمكن أن يكون قد أنتج زهداً دنيوياً ولكن الإسلام كان قد اختلف عن هذه "الأخلاق التحولية" إذا ما استخدمنا عبارة ايزنشدات Eisenstadt  بفعل قوتين إجتماعيتين. الاولى: المحاربين البدو الذين كانوا كما يدعي فيبر وهم من حملوا إجتماعياً وعلى نحو أساسي الإيمان الإسلامي والذين حولوا الإسلام الى دين شهواني يقوم على التكيف والامتثال Accommodation and Conformity  والثانية الطرق الصوفية التي رفضت ملاذ العالم الإسلامي وخلقت عالما عاطفياً أخروياً للعامة. وكانت النتيجة أن الإسلام إحتوى بداخله على أخلاق للمتعة المحسوسة وأخلاق تقوم على رفض العالم ولم يستطع كلا من المقاتلين أو الصوفية أن ينتجوا مجموعة من الدوافع التي تناسب احتياجات الرأسمالية العقلانية، وقد يكون من الضروري نقد كلا من هذين التفسيرين للإسلام.
لقد رأى فيبر أن "رغبة المقاتلين في هزيمة العالم" هي التي اعطت الإسلام نظرة مميزة خاصة ومجموعة من النظم. وفي تبني وحدانية محمد (ص) القرآنية للمصالح الإجتماعية الإقتصادية لأسلوب حياة المقاتلين، أعيد تفسير طلب الخلاص في ضوء فكرة الجهاد من أجل السيطرة على الأرض. وكانت النتيجة هي تحويل الإسلام إلى "دين قومي للمحاربين العرب" و "كدين مقاتلين" فإن فكرة الخلاص الداخلي لم توضح قط. أما العقيدة التقليدية واليقين الداخلي فكانتا أقل أهمية من العضوية في هذا المجتمع وقد انعكس هذا الموقف في فكرتي: دار الإسلام ودار الحرب وأصبح الإلتزام بالطقوس والشعائر الخارجية للدين ونظم المجتمع المحلي أكثر أهمية من الارتداد الشخصي (Personal - conversion) "فالإسلام القديم كان يقنع بإعلان الولاء لله ولرسوله مع بعض الممارسات والطقوس كأساس للعضوية". وفي الحقيقة أن مصلحة المحارب في الغنائم والإنتصار قضت على أي دفعة دينية للردة الجماعية حيث أن المسلم المرتد يستطيع دفع ضرائب باهظة كزميله الذي بقي على دينه والإسلام "كدين للسادة" على الرغم من جذوره اليهودية والمسيحية" "لم يكن قط دين خلاص".