أنفاسمن الأمور التي يكاد يجمع عليها الكل ، كون القراءة من الأنشطة المحورية والمهارات اللغوية ،التي تمكن المتعلم من التزود من حياض المعرفة، ناهيك عن تطوير قدراته العقلية والوجدانية مما يمكنه من استيعاب محيطه وفهم بيئته بشكل يسمح له بالتكيف السريع والاندماج السليم.
وكثيرة هي الدراسات التي تناولت مفهوم القراءة ، وعديدة هي المناهج التي قاربتها ، ولكن الأمر المتفق عليه ، أن القراءة ما عادت ذلك الإدراك البصري للرموز المكتوبة ،  وتحويل شفرة المكتوب إلى شفرة المقول ، بل هي عملية مركبة ، تستدعي جميع العمليات العقلية الإنسانية ، وينسجم فيها ما هو فكري ونفسي وبيولوجي ، من أجل فهم المقروء وتبين محتواه وترجمة دلالته .
ولعل الأمر الجوهري الذي يطمح إليه كل مدرس للمهارات القرائية ، تمكن المتعلم القارئ من التفاعل مع المقروء، وبالتالي انتقاله إلى مرحلة الوظيفية، حيث يستطيع توظيف ما تلقاه من خلال القراءة في مواجهة المشكلات التي يمكن أن تعترضه في حياته العملية . لكن  العائق الأكبر أمام هذا الطموح المشروع ،غياب الاهتمام بالقراءة لدى المتعلمين ، في ظل الغزو الفاحش لتكنولوجيا الإعلام  والاتصال ، حيث أصبح المجتمع برمته مجتمع صورة بامتياز ، وأضحى مدرس اليوم – دون كيشوت - زمانه  ، حيث النية صادقة ، لكن الزمن يأبى إلا أن يقف أمام مقاصده النبيلة ، وبات داخل فصله كمن يرقص للعمياء .
ومن أجل العودة إلى زمن القراءة الجميل ، أصبح من اللازم اللازب تنشيط رغبات المتعلمين واستثارة ميولا تهم القرائية ،وتحويل القراءة لديهم من مجرد مهارة آلية إلى وسيلة للمتعة ،يحقق فيها الفرد حاجاته النفسية .
إن إيمان المتعلم بجدوى القراءة ومساهمتها في تنمية الذات ، وتحقيق الإشباع النفسي ، ودورها في تشكيل الفكر ،وتربية الخيال والوجدان ، كفيل بتذليل المعوقات الكثيرة التي تقف حائلا أمام تعلمه المهارات القرائية . وكم سيكون الأمر أروع  لو تحملت الأسرة مسؤوليتها التربوية الحقيقية بغرس حب القراءة في نفوس الناشئة ،فرغم كوننا أمة  عادة ما تفخر بأن أول كلمة في دستورها المقدس هي ( اقرأ ) إلا أن التقارير المخجلة التي تأتينا من هنا وهناك ، تثبت بالإحصائيات والأرقام أننا أمة لا تقرأ ، وأصبحنا- ويا للأسف - أمة ضحكت من جهلها الأمم.
وحتى لا نبقى كذلك ، علينا البحث بجدية عن مسببات تدني المستوى المعرفي والقرائي للمتعلمين ، بالاستماع إليهم من أجل التعرف على ميولاتهم القرائية واستنباط العراقيل التي تحول دون استمتاعهم بما يودون قراءته .

أنفاسمرت اللقاءات التفسيرية المحلية الخاصة بتقرير المجلس الأعلى للتعليم كسابقاتها (منتديات الإصلاح) بسرعة ماراطونية وبطريقة استعجالية وفي مدة قياسية، لم تسمح لكثير من نساء ورجال التعليم من الإطلاع على تفاصيل ما جاء في التقرير، وتعرف أهم محاوره، حتى يتأتى لهم تقييم اقتراحاتهم العملية الملموسة (أما ملاحظاتهم حول التقرير فقد حسم فيها بالدعوة إلى تجنب إثارتها)، فترتب عن ذلك عزوف جل المشاركين في هذه اللقاءات عن المساهمة في نقاش أمور يجهلون أهم محاورها وخطوطها العريضة وبالأحرى تفاصيلها.
إن الكثير من أسرة التعليم ترى أن استشارتهم بهذا الشكل وبهذه الطريقة ما هي إلا عملية تزكية للتقرير وليس لمناقشته وإبداء الملاحظات والاقتراحات هذا من جهة، ولتناقص الثقة لدى أغلبيتهم من كثرة ما جمعوا وسئلوا ومن قلة ما أخذ برأيهم واقتراحاتهم من جهة أخرى، بل ذهب البعض إلى اعتبار هذه اللقاءات مجرد ديكور يتفنن المسؤولون في إخراجه مفاده أن الجميع يساهم في مسلسل إصلاح الإصلاح الذي لم ينته بعد، سيما وقد ظهر جليا نية الوزارة الوصية على القطاع تطبيق ما جاء في (مشروع البرنامج الاستعجالي دجنبر 2007) والذي هو سابق لتقرير المجلس الأعلى للتعليم، وهو ما تضمنته المذكرة 60 ودليل تحضير الدخول المدرسي 2008/2009 من إجراءات لتفعيل هذا البرنامج (قبل عقد هذه اللقاءات) مما يعطى انطباعا على أن هذه اللقاءات مجرد مسكنات وحبوب مطمئنة ولكن بجرعات وتواقيت غير مدروسة.
ومما آثار حفيظة واستغراب كل الحاضرين لهذه اللقاءات غياب كل الفاعلين التربويين بدون استثناء مرورا بهيئة التأطير والمراقبة التربوية إلى النقابات التعليمية إلى جمعيات المجتمع المدني إلى الجماعات المحلية، وكأن موضوع الإصلاح لا يهم إلا هيئة التدريس.
وهنا لابد من إبداء مجموعة من الملاحظات التالية:
-  إقرار التقرير في الإختلالات المسجلة دور البنيات التحتية المتدهورة للمؤسسات التعليمية، وعدم توفر التجهيزات والوسائل التعليمية والمعدات الديداكتيكية، وهذا الأمر لا يهم مؤسسات العالم القروي وحدها بل حتى الكثير من المؤسسات بالوسط الحضري، وهي ملاحظات ما فتئت هيئة التدريس تنبه لخطورتها على السير العادي للعملية التعليمية التعلمية في كل المنتديات السابقة.
-  فصل التقرير إختلالات المنظومة التربوية عن باقي الإختلالات في مختلف القطاعات الحكومية وعلى جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكأن قطاع التربية والتعليم يعيش وسط جزيرة معزولة عن محيطها.

أنفاسمقدمة:‏
إذ كانت التربية كما يعرفها جان بياجيه" (j.Piage) بأنها مجموعة عمليات النمو والتكيف مع البيئة لحل المشكلات القائمة "فإن التربية المدنية بمفهومها الشامل لا تخرج عن إطار هذا التعريف. فقد كان علم التربية المدنية معنياً في الماضي بعلم الأخلاق وسياسة المدن ولكنه امتد في عصرنا الحالي إلى تناول موضوعات مستحدثة أوجدها التطور التقني والصناعي بما أحدثه من تغيرات في نسق الحياة بكل جوانبه، وما أدخله من عادات وأساليب تعامل لم تكن معروفة من قبل.‏
إن زيادة العبء التقني والفني في مواد الدراسة ومناهجها لم يغير الهدف الأسمى للتربية وهو إعداد المواطن الصالح. فالطبيب والمهندس والاختصاصي بأي مجال من المجالات قد يكون خطراً ووبالاً على المجتمع والدولة إذا لم يكن مواطناً صالحاً بالدرجة الأولى قبل أن يكون مهنياً، وهذا ما يجعل إعداد المواطن من أولى الأولويات في عملية التربية.‏
ولا شك في أن وسائل التربية والتعليم والتعامل مع المعطيات الاجتماعية والثقافية، والاقتصادية المعاصرة تتطلب تطويراً في الأساليب والوسائل حتى يتمكن الإنسان في مواجهة كل هذه التغيرات بأن يفرض تعاملاً متوازناً معها، فلا يشعر بالعجز عن التكيف مع متطلبات الحياة الجديدة، وعدم القدرة على تحقيق أهدافه.‏
لذلك لا يمكن معالجة مسألة التربية المدنية إلا في الإطار الزمني والحضاري اللذين يتحكمان بالإنسان فيمليان عليه ما يجب تعلّمه وممارسته حتى يعيش بتوازن عاطفي وعقلي مع محيطه. هذا ما يدعونا إلى تسليط الضوء على موقع التربية المدنية في تاريخ الحضارة الإنسانية حتى نتمكن من تحديد مضمونها في عصرنا الحالي في ضوء متطلبات الإنسان المعاصر. فالتربية المدنية ترمي إلى تكيف الإنسان مع متطلبات عصره، ومحيطه الاجتماعي. هذه المتطلبات لا يحددها الفرد من منطلق نظري بل يجد نفسه بمواجهتها، فهي متطلبات الواقع التي أفرزتها عوامل مختلفة ومتداخلة تفاعلت فيما بينها، فأوجدت الوضع الاجتماعي الذي يتهيأ الإنسان لدخولـه والتعامل معه، وعلى الفرد التكيف معه هذا الوضع حتى يدخل محيطه الاجتماعي ويمارس دوره فيه(1).‏
ويمكن للإنسان أن يمارس تأثيره في مجتمعه بوساطة الدور الذي يؤديه، فيحدث التغيرات الإيجابية أو السلبية وفقاً لطبيعة هذا الدور. فكما أن الإنسان يتأثر بمحيطه فإنه يؤثر فيه أيضاً لذا فإن بناء حضارة عالمية إنسانية، يستلزم إعادة بناء الإنسان بناءً تمثل القيم الخلقية صلبه وجوهره. وإعادة بناء الإنسان هذه هي في صلب مهمة التربية بل هي أصلها وجوهرها"(2). حيث تقع على التربية مسؤولية إعداد الإنسان للحياة الاجتماعية الناجحة كعضو في مجتمع معين، ثم كعضو في المجتمع الإنساني، فالتربية تشكل عقول الأجيال وتنمي لديهم قيم العمل والخير والسلوك الاجتماعي والعدل والديمقراطية والحرية وجميع القيم الفاضلة التي تحول الكائن البشري إلى كائن اجتماعي ومواطن صالح.‏

أنفاسيرى جورج جورفيتش G.Gurvitch سوسيولوجيا القرن التاسع عشر، إذا كانت، ربما تتميز بأحادية البعد فإن سوسيولوجيا القرن العشرين وقبل كل شيء متعددة الأبعاد، إنها سوسيولوجيا، العمق(1). وليس مصادفةً أن تتعدد ميادين السوسيولوجيا، لتعدد الظواهر الاجتماعية وتعقد المشاكل المعاصرة، التي صاحبت التطور الحضاري والصناعي للمجتمع البشري، وأضحت السوسيولوجيا علماً متعدد الاختصاصات ومن بين هذه الاختصاصات تحتل سوسيولوجيا التربية مكاناً مهماً لدورها الكبير في إعداد مستقبل المجتمعات الإنسانية. قال البروفيسو Jean Fourastié سنة: 1958 «Un pays sous développé est un pays sous-enseigné» معلناً بذلك الرباط القوي بين التربية والتقدم الحضاري، ويضيف أن البحث في التربية هو رأس مال مصير الإنسانية، والأطفال الذين يعتبرون حالياً الساكنة التعليمية يتم تحضيرهم لأعمال المستقبل من خلال التربية إلا أن أهميتها الاقتصادية تظهر للبعض الآن كميدان غير مربح، وتقدم التعليم لا يتوقف فقط على العوامل الديمغرافية، بل أيضاً على الظروف الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية والتي تعتبر فعلاً موضوع تحليل سوسيولوجيا التربية.‏
من هذا المنطلق أصبح ضرورياً الاحتفاظ لسوسيولوجيا التربية بدراسة مختصة ومحددة كسوسيولوجيا الاقتصاد، السياسية والدين وغيرها... وقد عرف بعض المتخصصين الأمريكيين هذا الميدان بكونه يبحث في تحديد طبيعة المجال الاجتماعي والسيكولوجي المكون من طرف المدرسة وقياس مدى تأثير هذا المجال على التلاميذ في كل مراحل تكوينهم: التحصيل المعرفي، تحسين السلوك أو تحضيرهم قيميا، وتقوم أيضاً بدراسة منظمة للعوامل المؤثرة خارجياً على المدرسة نفسها، آخذة منابعها سواء من خلال متطلبات مختلف المهن أو المتطلبات الحالية للمجتمع(2). كما أن هذه التربية المأمولة والتي تهدف إلى تعليم الطفل كيفية العيش والحياة والاندماج في المجتمع أكثر من تعليمه كيفية العمل الملقن داخل المدرسة، تظهر الآن، غير قادرة على أداء هذا الدور المنوط بها، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المضمون الثقافي والاجتماعي الذي من خلاله يمكن أن يكون البناء فعالاً، وكل بحث علمي يجب أن يحدد موضوعه بدقة، رغم أن الخطاب العلمي المعاصر لم يعد أكثر صرامة حين يتعلق الأمر بالقطيعة الإبستمولوجية بين الفعل والمعرفة، وسوسيولوجيا التربية هي الميدان الأكثر ملائمة لدراسة ما نحن بصدده، وتتضمن مستويين: الأول: يحلل وظيفة المدرسة في إطار المجتمع والعلاقات التي توجد بين المدرسة والمجتمع، والثاني: يحلل المؤسسة التعليمية بصفتها مجتمعاً مصغراً، ويحاول إيجاد روابط العلاقات بين هذا المجتمع المصغر والمجتمع الكلي انطلاقاً من مشاكل مجسدة في المؤسسة المدرسية.‏

أنفاستعد النزعة الإنسانية من أهم الحركات الفكرية التي توّجت عصر النهضة وفجرت ينابيعه الفكرية والأدبية، وقد قدّر لها أن تجسد بأنساقها الفكرية رؤية ثورية في طبيعة الإنسان قوامها التأكيد على الجوهر الإنساني بما ينطوي عليه من معاني الحرية والإرادة والعقلنة والقدرة على تحديد المصير، واستطاعت أن تعبّر عن رؤية فلسفية جديدة تنطلق من الإنسان تستلهمه وتسعى إليه، فكان لها أن تشكل في عصرها ثورة فكرية شاملة أدت إلى تصدع كبير في بنية المنظومات الفكرية التقليدية وتكويناتها السائدة في العصر الوسيط.‏
بدأت النزعة الإنسانية بداية أدبية تجلت في إبداعات فكرية وفنية وأدبية غايتها النهوض بالروح الجمالية والفنية عند الإنسان، فأطلق المؤرخون على هذه الحركة تسمية "الهيومانيزم Humanisme" أي النزعة الإنسانية، ثم أطلقوا على روادها تسمية "الهيومانيست Les Humanistes" أي رواد النزعة الإنسانية. وقد أطلقت هذه التسمية لأن أصحاب هذه النزعة، وقد وجدوا في الآداب والفنون المثال الأعلى للإنسانية، فآمنوا بأهمية إعادة بناء الإنسان في عصرهم وفقاً لهذه الروح الأدبية الإنسانية الجديدة.‏
فالأدب القديم يبحث في ماهية الإنسان، ويحاول أن يرسم قضاياه واهتماماته ويبلوهما، وأن يرتفع به ويسمو روحياً ونفسياً وأخلاقياً. وكان ذلك حال الآداب القديمة التي كانت تبعث في النفس هذه الطاقة الإنسانية الملهمة فتحركها في اتجاه تجسيد قيم الحق والخير والجمال والفضيلة. فالفن والأدب كما يذهب أنصار هذا الاتجاه يسموان بالإنسان، وبالتالي فإن النزعة الإنسانية تسعى إلى تحقيق هذا السمو الجمالي والروحي بحثاً في ماهية الإنسان واستجواباً لمعانيه الإنسانية، وسعياً إلى تحريره، وإعادة الاعتبار لإنسانيته المقهورة آخذة به إلى مراتب الكمال.‏
وكانت إيطاليا في بداية النهضة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر مهد النهضة الفنية والأدبية لأصحاب النزعة الإنسانية في أوربا. ومن أبرز رواد هذا الإبداع الإنساني يشار إلى ليناردو دافنتشي ومايكل أنجلو ورافاييل وهم من أبرز رواد النهضة الفنية في إيطاليا.‏
ويعد الأديب المشهور دانتي آليغايري (1265-1321م) رائد حركة النهضة الإنسانية الأصيلة في إيطاليا. وهو مبدع الكوميديا التي أطلق عليها المعجبون بها "الكوميديا الإلهية". وتتضمن هذه الكوميديا وصفاً أدبياً رائعاً لأحوال العصر الذي عاش فيه. كان دانتي هذا شغوفاً بآداب الأقدمين وكان تقديره وحبه للثقافة اليونانية يفوق الحدود والوصف. وكانت أعمال دانتي تقع في دائرة ما يسمى بالنزعة الإنسانية الحقّة المبكرة التي كانت منطلقاً جديداً للعناية بالإنسان كجوهر إنساني وإعادة النظر نقدياً في التصورات السيكولائية الصرف التي حرمت الإنسان من معانيه الخلاقة وجوانبه الإنسانية المشرقة.‏

أنفاسإزاء مظاهر العنف المرعب، والكوارث الدموية، التي تشهدها المدرسة في مختلف أنحاء العالم المعاصر تطرح المسألة التربوية نفسها موضوعاً للبحث والمناقشة في خضم التحديات الكبرى التي يواجهها العصر الذي نعيش فيه. فمما لاشك فيه أن ظاهرة العنف التربوي تستحق مزيداً من المحاولات العلمية والبحثية التي يمكنها أن تحدد لنا طبيعة هذه الظاهرة وخلفياتها الفكرية والمجتمعية. وفي إطار البحث عن خلفيات هذه الظاهرة يجري التركيز اليوم على مسألة اللا مساواة الاجتماعية دورها الكبير في إحداث الخلل وتغييب الأمن المدرسي بصورته المعنية.‏
ومن أجل أن نضع إشكالية العنف التربوي في سياقها المجتمعي يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الخيارات التربوية لا تأخذ طابعاً حيادياً، لأن الخيارات القائمة في التربية هي خيارات سياسية في أغلبها. وبالتالي فإن هذه الخيارات تتحدد وترتسم هويتها في طبيعة التجاوب التربوي مع الغاية الإنسانية للتعليم والتربية. فالسؤال الكبير الذي يطرح نفسه بقوة عبر تاريخ التربية هو: ماذا ننتظر من التعليم وما غايته؟ وبالطبع فإن الإجابة عن هذا السؤال الوجودي للتربية تتحدد بمتغيرات عديدة، وتتنوع بتنوع الوضعيات الاجتماعية والفكرية. فالإجابة التي تُعطى لهذا السؤال ترتسم بمنظومة من العوامل الذاتية التي تتعلق بالدور والموقع الذي يشغله الفرد في دائرة الحياة الاجتماعية، وتتحدد في ضوء التجارب التي يعايشها وتتأثر بالانطباعات الشخصية التي ترتسم في وجدانه، وبالحاجات الأساسية التي يمكن للتعليم أن يفي بها عبر دورته التربوية. وهنا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أيضاً العوامل المجتمعية التي تتعلق بالانتماء الاجتماعي والجنس والعرق والقومية والطبقة الاجتماعية واللغة ومكان الإقامة والسكن. وغالباً ما يركز الباحثون، في مجال العلوم الإنسانية، على أهمية العامل الطبقي بين مختلف العوامل المجتمعية الأخرى، وذلك لأن الطبقة الاجتماعية، كما يجري الاعتقاد، تلعب دوراً محورياً في عملية الخيار التربوي، وفي ترسيم الإجابة عن السؤال المركزي الذي يُطرح حول وظيفة التربية وغاياتها الكبرى.‏
فالطبقات التي تهيمن وتسود في الساحة الاجتماعية تنظر إلى الغايات التربوية من منظورها الطبقي وفقاً لمصالحها الاجتماعية، حيث ترى أن التربية يجب أن توظف في المحافظة على الأوضاع القائمة للحياة الاجتماعية، لأن هذه الأوضاع تجسد الأبعاد الاجتماعية لحياة الطبقات السائدة في المجتمع، وهكذا فإن التعليم يوجه توجيهاً طبقياً لخدمة مصالح هذه الطبقة التي تهيمن أو تلك التي تسود(1). فالتعليم الإلزامي على سبيل المثال يشكل أداة هذه الطبقة في عملية الإنتاج وإعادة الإنتاج الثقافي والاجتماعي، وتأسيساً على هذا المنظور الطبقي يمكن تحديد أسباب أربعة لأهمية هذا التعليم في منظور الطبقة البرجوازية.‏
-إنه يشكل أداة تنشئة اجتماعية حيوية في المجتمع حيث يتعلم الناس كيف يعيشون ويتمثلون القيم الاجتماعية الضرورية للحياة والاستمرار في مجتمع محدد(2).‏

أنفاسلقد باتت المدرسة المغربية عملة مزيفة غير قابلة للتداول على أرض الواقع مهما بالغنا في عمليات التجميل والإغراء أمام غياب شروط التحفيز التي تشد إليها المتعلم وتجعله ينساق إليها بدون إكراه مادي أو معنوي، فكما يقال في حقل التربية : يمكن أن نجر الحصان إلى الماء ولكن لا يمكن أن نجبره على الشرب.
فالمتعلم خاصة والمجتمع عامة  ـ بحكم نسبة الأمية المرتفعة بين أفراده ـ يطرح السؤال حول الغاية من التعلم ،والقيمة المضافة التي سيستفيدها المتعلم من التعليم ، وتجعله يحقق الرفاهية الاجتماعية بين أقرانه الذين اختصروا الطريق وحققوا الثراء المادي رغم الفقر المعنوي  .
  فالمتعلم يلاحظ أفواج خريجي الثانويات والجامعات قد ضيعوا زهرة شبابهم في التحصيل والتكوين لينتهي بهم المطاف في الشارع وقد تقدم بهم العمر حيث لا يمكنهم تعلم حرفة جديدة تضمن لهم حياة كريمة ، فتنتابهم مشاعر الغبن والحيرة والضياع قد يصل إلى اليأس الذي يمهد الطريق نحو الانحراف .
وها نحن إذن أمام مدرسة تحولت إلى قاعة الانتظار يملأ بها التلميذ الفراغ ويتربص بأول فرصة تمكنه من الظفر بشغل أو هجرة نحو الخارج تجعله ينجو من شبح البطالة ، فتفشت مستويات الهدر بكل أشكاله :هدر تربوي ناتج عن غياب الاهتمام بالمواد المدرسة وبالتالي تدني المستوى الدراسي،وهدر مادي جعل المدرسة تستنفذ أمولا طائلة وتحقق نتائج مخيبة ،وهدر أخلاقي يشجع على الانحراف أمام فقدان الثقة في جدوى العملية التربوية، فباتت المدرسة عقيمة تغيب فيها الشروط المحفزة للرغبة في التعلم والإقبال عليه.
فكم من متعلم يشتغل في ميادين لا علاقة لها بتخصصه أو يقبل بوظيفة أو شغل متواضع دون مستواه الفكري والعلمي  لضمان لقمة العيش ، وكل ما تعلمه في سنواته الدراسية ألقاه في مزبلة التاريخ، بل منهم من أعاد التكوين والتعلم من جديد حتى يحصل على  الشغل  .
فما الذي يجذب المتعلم إلى المدرسة إذا كانت بهذه ألآفاق السوداوية ، حتى أصبح الانضمام إلى  الجامعة مخجلا ومحرجا للطلبة ،لا يلجها الطالب إلا عندما تغلق في وجهه كل الأبواب التي تحمل بصيصا من الأمل .ونحن الذين كنا نرى الطالب يتباهى بانضمامه للحرم الجامعي ، ويحظى بالاحترام والتقدير.

أنفاسلم تلاق التربية العلمية في تاريخ البشرية اهتماماً قدر ما تلاقيه في الوقت الراهن في المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية، وقد تعددت مسارات هذه المجتمعات في معالجة وإدارة التربية العلمية. لذلك لا يمكن القول أن هناك مجتمعاً مهما كان تقدمه انه وصل للمستوى المطلوب من التربية العلمية لمواطنيه، وربما كان الدليل على ذلك ما ينشر بين الحين والحين من كتب لكبار المفكرين ورؤساء الدول ينبهون من خطورة تدنى مستويات المواطن في القدر اللازم له من التربية العلمية لكي يعيش هذا العصر بكل ما يحمله من تغيرات متسارعة ومتغيرات متعددة تفرض على المسئولين عن تربية المواطن وتربيته العلمية بصفة خاصة بذل ما في وسعهم لملاحقة المتغيرات والتطورات العلمية التي تتدخل في الحياة اليومية لكل مواطن.
ولربما كان تعليم العلوم في الماضي أمراً سهلاً نسبياً لا يتطلب مشقة فقد كان التركيز بالدرجة الأولي ينصب على إعطاء الطلاب قدراً من المعلومات والحقائق المحددة في مجالات العلوم مثل الكيمياء والفيزياء وعلوم الحياة وغيرها، لذلك فإن مستويات تعليم العلوم في ذلك الوقت كانت مسايرة إلي حد ملحوظ للمستويات العالمية وليست بينها فجوة كبيرة تحتم إعادة النظر فيها وتطويرها، ويرجع السبب الأكبر في ذلك إلي وجود بعض النظريات التربوية والنفسية التي كانت سائدة حينئذ، والتي كانت تنظر إلي العلوم في المدرسة على أنها مجرد قدر من الحقائق المحددة يجب على كل طالب أن يستوعبها بغض النظر عن قيمتها الوظيفية في حياته، لذلك كانت الفجوة سحيقة بين ما يتعلمه الطلاب في المدارس وتصرفاتهم في شتي نواحي الحياة اليومية، وهذا أمر لا يمكن أن يستمر في عصر العلم والتكنولوجيا الذي أصبح كل مواطن يعيش فيه في حاجة ماسه إلي قدر من العلم وطرق التفكير لكي يعايش المتغيرات السريعة التي تحدث كل يوم.
ولقد كشفت نتائج العديد من الدراسات التقويمية لواقع تعليم العلوم إلي أنه لا يزال يركز جل اهتمامه بإكساب الطلاب للمعرفة العلمية والتي تتسم في الغالب بصعوبة وجفاف محتواها، وغالباً ما لا ترتبط بحياتهم ومشكلاتهم الحقيقية حتى أصبحت هذه المعرفة هدفا أساسيا في حد ذاتها.
وقد ترتب على ذلك ظهور العديد من المشكلات التي تهدد تحقيق تعليم العلوم لأهدافه المنشودة، ولعل من أهم هذه المشكلات عزوف الطلاب عن دراسة العلوم حيث تتناقص أعداد الطلاب الدارسين للمواد العلمية وخاصة الفيزياء سنة بعد أخري، فقد أكدت نتائج عدد ليس قليل من هذه الدراسات أن كثيرا من الطلاب عازفون عن دراسة الفيزياء والرياضيات بدرجة تفوق عزوفهم عن دراسة الفروع الأخرى للعلم.

أنفاسالمتتبع للعملية التربوية بالمغرب يقف متعجبا أمام تركيبتها السريالية التي تجمع بين أرقى الطرق البيداغوجية في التدريس وأحدثها وبين التدني في الحصيلة التعليمية على مستوى المردودية والنتائج المخيبة والمحبطة، فأين الخلل إذن ؟
هل نحن في حاجة إلى المزيد من البرامج والمناهج ؟ فقد وصلنا حد التخمة بها، ومع ذلك لا نزال نشكو الضعف والهزال إلى حد الوهن والاحتضار. 
يكفي أن نلقي نظرة على عناوين المذكرات الوزارية التي تنهض بالعملية التعليمية التعلمية لنجدها في المضمون تصل إلى حد الانبهار والمثالية أحيانا ،وهذه حقيقة تؤكدها ترسانة من التوجيهات والتعليمات والمستجدات التربوية ويكذبها الواقع التعليمي التعلمي الذي وصل بنا التأسف عليه إلى حد الحنين إلى أيامه الخوالي التي عز فيها قلم الحبر الجاف وغاب فيها الدفتر والمقرر ولكن كان حاضرا المعلم والمربي القدوة الذي يتحدى النقص الحاد في التجهيزات والإكتظاظ الذي كان يصل إلى خمسين تلميذا في الفصل الواحد ويعطي ما لديه من معرفة بكل إخلاص وتفان ،وكلنا الآن يقف مستغربا أما تهافت الآباء والأجداد على اقتناء سلسلة "إقرأ" لأحمد بوكماخ كذكرى نسترجع بها أمجاد التعليم المغربي ،وهيبة المعلم الذي كان يتتبعنا حتى في الشارع والأزقة وما أن نصادفه حتى نهرع لتقبيل يده وفاء وتبجيلا ، فهو الأب وهو الأخ وكلنا كان يتمنى أن يكون معلما في المستقبل احتذاء بقيمه النبيلة وشرف رسالته السامية.فأين الخلل إذن؟ .
الأمور بدأت تتضح وتتضح أكثر عندما نتتبع مصير المذكرات الوزارية وما تتضمنه من توجيهات وتعليمات تذيل بوجوب التنفيذ والسهر على تطبيقها ولكن من ينفذها ومن يسهر على تطبيقها فكل من مركز مسؤوليته يتخلص من المذكرة ويكتب تقريرا يحصن به نفسه من المساءلة فأصبحت الاجتماعات واللقاءات التربوية تعقد بطريقة صورية مبتذلة وفقا للتوجيهات الرسمية ،وينتهي  مفعول المذكرة بانتهاء الاجتماع أو اللقاء. فمن يتتبع التنفيذ ويحاسب عليه ومن ينصت للآباء وهمومهم مع التعليم العمومي الذي أصبح كابوسا يقض مضجعهم وخاصة الذين لا حول ولا قوة لهم لتوجيه فلذاتهم إلى التعليم الخصوصي حتى ينعموا بتعليم مريح . فالتعليم الابتدائي العمومي الذي يعتبر أساس العملية التعليمية يعيش آخر أنفاسه وينقرض بالتدريج أمام اكتساح التعليم الخصوصي  وخاصة في الوسط الحضري ، فلننطلق من بيت الداء ونطرح السؤال لماذا التعليم الابتدائي الخصوصي يعطي نتائج طيبة وجيدة رغم انعدام التكوين التربوي عند أطره التعليمية وهزالة الأجور التي يتقاضونها مقارنة مع  المجهود المضني المبذول ؟ في حين نجد أطرا تربوية لها ما لها من الكفاءة التربوية والخبرة والتجربة بينما عطاءها لا يشرف أحدا ، وكم من المجهود الذي يبذله المعلم مع تلامذته في التعليم العمومي فتجده يشكو الإرهاق والإجهاد للتهرب من حصص الدعم  التطوعية.

أنفاس المقدمة
إلى زمن ليس بالبعيد، سيطرت على النشاط المدرسي نزعة الاختيار والانتقاء: فالمدرسون اقتنعوا بان عملهم لن يكون مثمرا إلا مع أقلية تكون منتقاة بدقة بواسطة مناخل مترادفة لبنى التعليم، على خلاف من ذلك كان شغلهم الأساسي هو تصنيف التلاميذ وترتيبهم داخل سلم متدرج( النقط المدرسية)ن وإقصاء الرديئين، والأغبياء، حتى يتمكن الموهوبون، والنبغاء والمتفوقون من التقدم ، والصعود إلى الهرم المدرسي.والحامل المفهومي لهذا الانتقاء، ومرجعيته ، منحنى الناقوس الشهير، والذي دخل مع بداية القرن من طرف ( غوص) Gauss في دراسة الفروق الفردية.
إن الأمر يتعلق بالفعل بتمثيل مبياني لقانون الصدفة، والذي من خلاله تجزأ خاصيات ما ساكنة تماثليا حول القيمة المركزية، حيث إنه ينتج دائما 70% من المتوسطين، و13% من الجيدين، و13% من الناقصين، بالإضافة إلى 2% من المتفوقين، و2%من المتأخرين.
حتى أدوات تشخيص القدرات الإنسانية كانت هي أيضا معيارية، خدمة لهذا النموذج التوزيعي، العادي. الشيء الذي يجعل تصنيف كل فرد ممكنا داخل صنف من الأصناف الخمسة التي حددها الجرس: المتفوقين- الجيدين- المتوسطين- الضعاف- المتأخرين( الضعاف جدا) .
هذا النموذج الإحصائي كان له تأثير مهم في جميع المجالات. ففي التربية كان هو مصدر ما أطلق عليه دولاندشير De landsheere( 1971) مقولة: << خطورة أسطورة منحنى غوص>>، والتي تضمن خلطا ما بين الأهداف الانتقائية لروائز المواقف، والأهداف التكوينية للتكوين والتعليم: << في قسمه المدرس يتبع هدفا مختلفا كليا، مثاله أليس أن يتعلم كل التلاميذ القراءة، والحساب، وبطريقة عامة، وان يتحكموا جيدا في كل المعارف التي تقرر بأنها أساسية، أو ضرورية من طرف المجتمع. فالتعليم ليس هو الانتقاء. بالعكس هو إجهاد النفس كي ينجح الكل. فهو إذن محاربة منحنى غوص الذي اتخذ كنموذج للانتقاء>>( دولاندشير، 1971، ص: 211).
صحيح أن الأبحاث التجريبية أكدت التوزيع والتجزيء القار للمواقف الإنسانية على شكل هذا المنحنى الذي يشبه الجرس.
هذه الثبوتات كان لها تأثير هام جدا. إلى حد أنها فرضت استراتيجية التعليم: فكل اهتمام المدرسين تركز على الثلث1/3 من القادرين، تاركين1/3 الضعاف يتدبرون أمرهم، وإقصاء 1/3 العاجزين.
وكما سطر ذلك بلومBloom (1971، ص:47) هذا الموقف هو الأصل في أهم << ضياع بيداغوجي للمدرسة المعاصرة>> : << المظهر الأكثر تضييعا، والأكثر تدميرا لنظامنا التربوي الحالي، هو موقف الانتظار المقابل لتطور التلاميذ. وهو موقف لكل مدرس في بداية موسم دراسي جديد أو دورة جديدة.

أنفاس المقدمة :
كان العرب الأوائل يتعلّمون اللغة على السليقة ، وكان منهم الخطباء والشعراء وأهل الأقوال المأثورة . وكان الشعراء منهم يقفون في سوق عكاظ ، يؤلفون في الحال ويلقون عشرات الأبيات من الشعر عن ظهر قلب ، وهم لا يعرفون القراءة والكتابة . وكانوا قد ألّفوا خير ما ألّفوا من قصائد شعرية في هذه الفترة العصيبة . ويكفيهم فخرا أن المعلّقات السبع ألّفت في هذه الفترة بالذات . فما احتاجوا إلى قواعد اللغة ، فالقواعد تضيّق النفوس والآفاق ، وهم أهل الصحراء الشاسعة . فلم يضيّقوا نفوسهم بهذه الشروط والقوانين والمحدّدات ، وما كان لهم أن يفعلوا ذلك ، وما وجدوا أنفسهم بحاجة إليها . وإذا ما أراد الحضّر منهم أن يعلّموا أولادهم فصيح اللغة أرسلوه إلى البادية ليتعلّم من أهلها أحسن الكلام وأفصحه وأبلغه . وكان نبيّنا محمّد (ص) بين من أرسل إلى البادية ، فتعلّم اللغة على خير وجه . وقد انعكس ذلك على أحاديثه وكانت قد سبكت خير سبك . وما هذه الأحاديث المسبوكة إلا خير دليل على فعّالية مثل هذه الطريقة من التعلّم .  
وبفضل نشر الإسلام إلى العالم احتكّ العرب بغيرهم من غير العرب . لقد دخل إلى الإسلام أول ما دخل من غير العرب العجم . ولأن العربيّة ليست لغة أمهات الأعاجم فقد لقوا صعوبة شديدة في تعلّمها . فأرادوا أن يحصروا كل ما يقال من فصيح اللغة بقوانين وقواعد محدّدة لأنهم أهل حضارة ساسانية سابقة . لم يكن للعرب عهد بهذه القوانين والقواعد التي ما فتأت تنتشر حتى أضحت لها مدارس مختلفة . وليس من غريب الأمور أن يكون فطاحل قواعد اللغة العربيّة من غير العرب .
لقد تغيّرت الأمور كثيرا نتيجة هذا الاختلاط بسبب الإسلام الذي ساوى بين العربي وغير العربي وجعلهم كأسنان المشط يشدّ بعضهم أزر البعض الآخر لقد اعتنقت الإسلام قوميات أخرى غير العجم . ولأن الإسلام دين المساواة فتزاوج المسلمون من قوميّات شتى ، وأضحى بمرور الأيام من غير العرب من هم أهل الحول والصول ونتيجة لهذا الاختلاط فقد لكن العرب كغير العرب . وهم يعيشون اللكنة اليوم كغيرهم من غير العرب . وظنّوا أنهم إنما يقوّمون ألسنتهم كغير العرب بقواعد اللغة . فخاب ظنّهم ، واصبح العرب كغير العرب ، وحتى أكثر لكنا من غيرهم في بعض الحالات . 
واليوم تعطي أهمية خاصة لتعلم قواعد اللغة في التربية والتعليم في كثير من الدول العربية . وفي واقع الحال إن تعلم قواعد اللغة صعب وخاصة بالنسبة للأطفال . والقواعد بحد ذاتها لا تعلم اللغة ، بل تعزف الأطفال عن التعلم . إنها تحدّد كل شئ بقوانين لا يجوز الخروج عليها البتّة . وأينما كانت القوانين كان الابتكار محدّدا إلى درجة كبيرة . كما يمكن تعلم اللغة بشكل صحيح بدون تعلم قواعد اللغة . ومثال ذلك أن الأطفال إنما يتعلّمون لغة الأم بدون أخذ دروس خاصّة في القواعد .