"ما هو علمي هو ما يمكن إثبات زيفه"
لفهم كيفية اشتغال العلم، عليك أن تقرأ كتب الفيلسوف لكارل بوبر 1902 -1994، والتي نُشرت لأول مرة باللغة الألمانية عام 1935، ثم باللغة الإنجليزية عام 1959. حتى لو كان الأمر صعبًا، فسوف تفهم سبب تأثير هذا العمل على فلسفة العلوم في القرن العشرين. لقد كانت حجته حول الدور المركزي لقابلية التفنيد تكمن في أن العلماء يختبرون نظرياتهم من خلال محاولة دحضها وقابليتها للتكذيب ومع ذلك، في التعامل مع طبيعة المعرفة، يفترض الناقد المعرفي الدراية بقوانين المنطق المعرفي والالمام بسلسلة كاملة من المنظرين.

لماذا يجد نيتشه في الرقصَ مجازا لازما للفكر؟ لأنّ الرقص يتعارض مع ألدّ أعداء زارادشت – نيتشه ، عدوّا يشير إليه بوصفه " روح الثقالة" esprit de pesanteur". إنّ الرقص هو قبل كلّ شيء صورة لفكر تخلّص من كل روح ثقالة. من المهمّ رصد الصور الأخرى لهذا التحرّر، ذلك أنّها تُدرِج الرقص ضمن شبكة مجازية متماسكة. هناك مجاز العصفور مثلا. يعلن زارادشت :" لأنّني أكره روح الثقالة التي ينبئني بها العصفور." هذا رابط مجازي أول بين الرقص والعصفور.أو لنقل ثمّة تولّد، ولادة راقصة لما يمكن أن نسمّيه العصفور الكامن في الجسد. وعلى العموم هناك صورة الطّيران. يقول زارادشت :" إنّ من يتعلّم الطيران يمنح الأرض اسما جديدا .فقد يسمّيها المجنّحة ". فعلا، قد يكون هذا تعريفا جميلا جدّا وذكيّا للرقص، فضلا عن كونه تسمية جديدة للأرض. هناك أيضا مجاز الطفل. إنّ الطفل يعني " براءة ونسيان و بداية جديدة، لعب، عجلة تتحرك ذاتيا، أول دافع و إثبات بسيط". يتعلّق الأمر في بداية زارادشت، بالتحوّل الثالث، فبعد الجمل المقابل للرّقص، والأسد الذي يشير إلى العنف ممّا لا يسمح بموجبه تسمية الأرض مجنّحة. وبالفعل علينا القول بأنّ الرقص، بوصفه عصفورا وطيرانا، هو أيضا كلّ ما يشير إلى الطفل. الرقص براءة لأنه جسد قبل الجسد. إنّه نسيان، لأنّه جسد ينسى إكراهه ووزنه. إنّه بداية جديدة، لأنّ الحركة الراقصة يجب أن تكون دوما كما لو أنّها ابتكرت بدايتها الخاصّة. وهو لعب بالتأكيد لأنّ الرقص يحرّر الجسد من كلّ محاكاة اجتماعية، من كلّ ما هو جدّي، ومن كلّ تلاؤم.وهو عجلة تتحرّك ذاتيا: وهذا تعريف جميل جدّا وممكن للرقص. ذلك أن الرقص هو بمثابة دائرة في الفضاء، ولكن دائرة لها مبدأها الخاصّ، دائرة لم ترسم من خارج، بل دائرة ترسم نفسها.

في الفلسفة اليونانية القديمة يوجد بعد يميزها، ربما أكثر من أي بُعد آخر، عن الفلسفة كما نفهمها اليوم، وحتى منذ نهاية العصور القديمة: فكرة الفلسفة كأسلوب حياة. لا وجود لهذا التصور، على الإطلاق، في جميع العصور أوعند جميع المؤلفين الفلاسفة. لكن بالنسبة للعديد من الفلاسفة القدماء، ووفقا لصورتها في الأذهان، لم تختزل الفلسفة في مجرد مجال بحث. كانت الفلسفة في العصور القديمة، كما كانت دائما منذ ذلك الحين، مجموعة من المشكلات التي تتحدى الذكاء، والأسئلة التي يجب تعميقها، شفويا أو كتابيا أو على النحوين معا، والمفارقات التي يجب حلها، والخلاصات التي يجب التصريح بها ودعمها بالحجج الفلسفية التي يجب أن تصاغ بدورها وتفسر، والنظريات البديلة والمنافسة، الخاصة بواضعها، والتي نشجعها ونرفضها لأسباب تنتقد من جديد او يقع الدفاع عنها ونقلها للآخرين.

ترقبوا وسَتَروْن؛ إنه الرئيس ماكرون يُلْقي خطابه، ونحن على علم بتفوقه في ذلك، لكنه بخصوص مشكلة الانعزالية [أو الانفصالية ] بالكاد سيتجاوز حد حسن السَّبك هذا.
كان من الواجب على الأوريلانيين Les orwelliens (نسبة إلى جورج أوريل) التفكير في الأثر الدلالي لكلمة انعزالية حتى يتم تَجنُّب استعمال عبارة النزعة الجماعاتية communautarisme، وتلك حيلة، موجَّهة لـ"السيار"، الذي حتى قبل أن يستمع إلى ما كرون، لن يعوزه وصم خطابه بالإسلاموفوبيا. فعناصر لغة تحمل رائحة النزعة الإسلامية- اليسارية تترصَّد وسائل الإعلام على أحرّ من الجمر تَرَصُّدَ القُراد لشعر الكلب.
وهي الفرصة التي لم يتم تفويتها، ففي غضون ربع ساعة تلت نهاية الكلمة الرئاسية، عبر مشيل سودي Michel Soudais من مجلة Politis عن أن النزعة الانفصالية [أو الانعزالية] هي على الخصوص واقع الأغنياء الذين لا يسلكون بكيفية جمهورية بتهربهم الضريبي في الملاذات والجنان الضريبية التي نعرفها. وفي حزب فرنسا الأبية ((LFI)، تم رفع العقيرة على نفس المقام، فمانون أوبيري Manon Aubry، النائب في البرلمان الأوربي من نفس التشكيل، ردَّدَ نفس اللاَّزمة قائلا: "لم يتحدث ماكرون عن الانفصالية والتماسك الجمهوريين: لم يتحدث سوى عن الإسلام، بكيفية استحواذية، وصْم المسلمين، ذلك هو حَلُّه الوحيد كي يحاول إخفاء تدبيره الكارثي للأزمة الصحية والاجتماعية". إلخ

فرنسا تواجه “أخطر أزمة صحية منذ قرن”، كما قال إيمانويل ماكرون في خطابه يوم الخميس 16 مارس الماضي. بعد الصين، توقفت العديد من الدول الأوروبية، بما فيها فرنسا. انهارت الأسواق المالية، في حين وجد جزء من السكان أنفسهم محاصرين بين أربعة جدران، معزولين في منازلهم، يعملون عن بعد أو في عطالة تقنية.
هل هذا الواقع بصدد تأييد أنصار الكولبسولوجيا (دراسة انهيار الحضارة الصناعية وما يعقبها) الذين يضعون نصب أعينهم – في كتاب “كيف يمكن أن ينهار كل شيء؟” لبابلو سيرفيجن ورافائيل ستيفنز – انهيار الحضارة الصناعية الحرارية؟ هل تؤشر أزمة فيروس كرونا على بداية هذا الانهيار، شريطة أن تُفهم على أنها جماع كل الأزمات: مناخية، بيئية، بيوفيزيائية، اقتصادية ، إلخ؟ ليس لدى دومينيك بورغ، الفيلسوف والأستاذ الفخري بجامعة لوزان، أي شك في ذلك. هذا ما نستشفه من الحوار الذي خص به موقعا إخباريا فرنسيا.

تمهيد:
" الكلمة الأساسية التي تتوافق مع الخيال ليست صورة، إنها متخيلة. تُقاس قيمة الصورة بمدى هالتها المتخيلة. بفضل المخيال، أصبح الخيال في الأساس مفتوحًا ومراوغًا."
لا تكمن أهمية غاستون باشلار في التجديد الابستيمولوجي الذي أحدثه ضمن مسار الفلسفة الوضعية ودعوته الى التخلي عن المعرفة العامية واعتماد العقلانية العلمية والمعرفة الموضوعية والابتعاد عن الواقع العيني وإعادة بناء الواقع بغية بلوغ الواقع المبني الحقيقي وحرصه على التطبيق في الجانب المعرفي النقدي من خلال القيام بتجديل العلاقة بين العقل والتجربة فقط وانما أيضا في الإضافات الكبيرة التي أحدثها ضمن مسار النظرية الأدبية والشعرية والتحليلية النفسية للأحلام وميله الى التصوف وتمييزه اللافت بين الخيال والمخيال.

تنطوي لفظة "هيرمينوطيقا" على معان متنوعة، وليست جميعها قابلة لأن تتناغم فيما بينها؛ فمن جهة، إنها تحيل على علوم صريحة طبيعتها النظرية، ومن جهة أخرى، تحيل على علوم محض تقنية، مثل تفسير الكتاب المقدس، والممارسة القانونية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تـُؤخذ كما لو أنها فن تنهض قواعده على التجربة التفسيرية، ومن جهة أخرى- وذلك منذ القرن التاسع عشر- كأنها نظيرة منهج علمي يمكـّننا من الحديث عن علوم هيرمينوطيقية. إن المصطلح قديم، ولديه تاريخ طويل، ولو أن تعميم استعماله الحالي، يحمل المرء على أن يحسبه مصطلحا جديدا. إن تعقّد المستويات المعرفية، و فشوّ الارتباك داخل المجال الدلالي للمصطلح ذي التطبيقات التقليدية؛ علاوة على تطبيقات أخرى حديثة العهد، يفسح المجال للالتباس فيعقد التقييم الفلسفي للهيرمينوطيقا.

في عام 1590، عين السلطان السعدي أحمد المنصور الجندي الإسباني جودار باشا لقيادة حملة في غرب إفريقيا. بفضل هذا الفتح، نجح السعديون في السيطرة على طرق تجارة الذهب والملح.
كان السلطان السادس من عائلة الملوك السعديين، أحمد المنصور (1578 - 1603) مهتما بالحفاظ على علاقة سلمية مع أوروبا. بدلاً من محاولة إعادة احتلال الأندلس التي كانت قد سقطت إماراتها الإسلامية منذ عام 1492، اختار توسيع منطقة نفوذه إلى الجنوب باتجاه إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وبهذه الطريقة نجح أولا في السيطرة على منطقة تداول الذهب، وبالتالي الفوز على نظرائه الأوروبيين. وسيعهد بهذه المهمة إلى جودار باشا قائد الجيش الذي قاد الحملة في الجنوب الشرقي باتجاه مالي بأوامر من السلطان.
وُلد جودار باشا عام 1550 في مقاطعة ألميريا تحت اسم دييغو دي جيفارا، ويُدعى أيضا جواد باشا أو جؤذر باشا، وكان أسيرا لدى السعديين (1554 - 1636). أصبح عبدا في سن مبكرة، وسرعان ما تم تجنيده في خدمة السلطان بعد تحرير رقبته. في عام 1590، عينه أحمد المنصور لقيادة فتح سونغاي (القرن الخامس عشر - القرن السادس عشر). هذه الإمبراطورية العظيمة في غرب أفريقيا، حيث كانت تمبكتو عاصمة تجارية، مزقتها الحرب الأهلية.