
تتوسط الحديقة كعروس في ليلة زفافها تتحدى الزمان والمكان، و تقول أبدا لن أموت ولن أذبل، أنا دوما أبدية عشت وعايشت و تألمت وفرحت، لن يهزني البرد ولا الحر أنا صامدة صمود الجبال و شموخها باقية أبدية سرمدية.
كانت تستقبل الضيوف ببهاء ورونق كشجرة نابتة جذعها في الأرض وغصنها في السماء تبهج الطفل والشاب والشيخ فالطفل يلهو والشاب يحلم والشيخ يرتاح. آه ما أجملك يا شجرة الجوز ما أحنك و ما أكرمك ، ما أعظمك و ما أطولك ، علقت فيك آمالي و تخيلت فيك أحلامي كم تسلقت أغصانك و علوت ثم علوت حتى قمتكن و تأملت الوجود من فوقك فسبحت في دنياك . تشابك و تعانق التفاف و اختراق التحام وافتراق، آه منك ومن دنياك.
كنت شاهدة على زارعك، شاهدة على ميلادك وعن فنائك، حملت أسراره و أسراري من بعده، لم تشتكي أبدا من شيء تحضنين الألم و الحب، الحزن والسرور، كنت أجد فيك ملاذي و أنيسي و ملهمتي بل أني يوما سمعت صوتا يناديني و أنا بين أغصانك لعلك أنت التي ناديتني فرحة بي باحتضاني فقد كان الوقت غروبا و خطرت لي فكرة تسلقك ربما لأهرب من بقايا يوم عنيف و أتنفس بين أغصانك نسمة خفيفة توارت هي الأخرى من لهيب يوم صيف حار.